يقول لنا التّاريخ إنّ الشّعوب الحرّة والمتحرّرة من الاستعمار تقف دومًا مع المناضلين من أجل الحريّة، فالطّرفان ضحايا لهمجية الاحتلال والاستعمار، فالاستعمار لا يفرّق بين الشّعوب، فهو دومًا يلهث خلف مصالحه مستخدمًا كلّ وسائل القتل والتّدمير، غير عابئ بالقيم السّماوية أو الأرضية. أمّا الشّعوب المستعبدة التي تعيش تحت نير الاستبداد فلا تعرف للأسف معنى الحرية، وتبقى تتفرّج على ضحايا القتل والتّدمير.
منذ أن بدأت الهجمة الصّهيونية وقف زعماء وشعوب كثيرة في القارّة الأمريكية الجنوبية مع مناضلي فلسطين، فنزويلا والبرازيل وكولومبيا وبيرو وغيرها أعلنت من البداية أنّ ما يحصل في غزّة جريمة، وأنّ من يقف مع المجرم هو مكرّم مثله، فانضمّت كولومبيا إلى جنوب إفريقيا في الدّعوى المرفوعة ضدّ الكيان ورفعت دعوى ضدّ ألمانيا التي سمحت لنفسها وهي ضحية النّازية أن تقف مع القاتل.
إنّ شعوب أمريكا اللّاتينية والوسطى تعرّضت لاستعمار بغيض اجتثّ شعوبها الأصلية ورمى بكلّ القيم وراء ظهره، وأنكر حقّ تلك الشّعوب في حياة كريمة، فجعلها شعوبًا ناقصة الأهلية، واستخدم التّمييز العنصري ضدّها، ولم يكتف بذلك بل نصّب عليها العسكر المتآمر على الشّعوب، ولكنّها انتفضت وتخلّصت من الاستعمار والعسكر، وأصحبت أممًا حرّة تضرب للنّاس المثل في أنّ الحرية لا تأتي إلّا بالنّضال ومقاومة المحتل.
إنّ المشتركات كثيرة بين الشّعوب الحرّة وتلك المناضلة، هذه المشتركات هي القيم الإنسانية التي دفعت شعوب وأنظمة تلك الدّول للوقوف مع غزّة وقفة الأخ مع أخيه. رغم بعد الشقّة واختلاف الدّين واللّغة والعرق، فتجاوزت الاختلافات وتبنّت المقاومة بكلّ شجاعة، وقف مثقّفوها وأدباؤها وساستها مع فلسطين فكانوا مثالًا يحتذى في نصرة المظلوم.
والعار على الأنظمة والشّعوب التي تزعم أنّها عربية ومسلمة تجمعها العروبة والدّين والعادات والتّقاليد ولكنّها اختارت أن تصمت وأخرى وقفت مع القاتل العنصري دون شعور بالخجل أو العار.
هذه الشّعوب لن تغفر لها القوى المتصهينة هذا التّقاعس والتّآمر، ولن تكون بمنأى عن جرائم ذلك العدو.
إنّ من واجبنا أن نشكر كلّ من وقف مع شعب فلسطين وأن ننكر على من صمت وتخاذل وتآمر على الأحرار والمناضلين.
فتحيّة لكلّ الشّعوب الحرّة في كلّ العالم وخاصّة في أمريكا اللّاتينية وإفريقيا وآسيا.