استقبلَ العديد من أنصار ترامب من اليمين المتطرف، الاتهامات الجنائية التي وُجهت له، على خلفية احتفاظه بوثائق سرية في مقر إقامته بمار لاغو في ولاية فلوريدا، بدل تسليمها إلى الأرشيف الوطني، بردود فعل صاخبة وعنيفة، بلغت حدّ توجيه اتهامات إلى الرئيس جو بايدن والمدعي العام ميريك جارلاند بتسيس القضية، والتهديد بالنيل منهما.
كما دعا البعض ـ من أنصار ترامب ـ بمن فيهم سياسيون بارزون إلى شن “حرب أهلية” وهددوا باستخدام السلاح للدفاع عن الرئيس السابق، في مشهد يعبّر عن الانقسام الواسع الذي ظهر بشكل أكبر في المجتمع الأمريكي بعد وصول دونالد ترامب إلى الحكم، وزاد عمقه بعد خسارة هذا الأخير لرئاسيات 2020.
يشعر أنصار ترامب اليمينيون بالسخط ويستخدمون “خطابا عنيفا” للتعبير عن استيائهم من المتابعات القضائية التي تطال الرئيس السابق دونالد ترامب، فبعد أن وجّهت له هيئة محلفين اتحادية كبرى ـ الخميس ـ اتهامات جنائية، بسبب احتفاظه بوثائق قيل إنها تتضمّن معلومات سرية للغاية عن الأمن القومي، كان قد نقلها من البيت الأبيض إلى مقر إقامته في مار لاغو في فلوريدا، بدلاً من إيداعها في الأرشيف الوطني.
واحتشد أغلب الجمهوريين بمن فيهم منافسو ترامب في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري للدفاع عن الرئيس السابق، والقول بأن وزارة العدل قامت بتسييس القضايا لصالح الديموقراطيين، لكن الأمر لم يتوقف عند التنديد بالمتابعات القضائية التي طالته، بل بلغ حد تهديد البعض بالزج بالبلاد في حرب أهلية.
العين بالعين
وفي حين اكتفى أغلب الجمهوريين بما فيهم منافسو ترامب في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري بالتعبير عن دفاعهم عن الرئيس السابق، والتأكيد على أن الاتهامات لا تعدو كونها تسييس للملفات من قبل وزارة العدل لكبح طموحات ترامب السياسية، وقد سبق وأن ندد رون ديسانتيس ومايك بنس بهذه الخطوة باعتبارها ذات دوافع سياسية.
كما قرر بعض الجمهوريين المحسوبين على الرئيس السابق ـ أو كما يلقبون في الولايات المتحدة الأمريكية بالـ”MAGA Republicans” وهم أتباعه الحاملون لشعاره “Make America Great Again” (اجعل أمريكا عظيمة مجددا) المختصر بـ”MAGA” ـ التصعيد، حيث قال عضو الكونغرس الجمهوري، ممثل ولاية أريزونا، آندي بيغز في تغريدة على حسابه الرسمي على موقع تويتر “لقد وصلنا الآن إلى مرحلة الحرب.. العين بالعين”.
وأطلقت كاري ليك، التي تعد من أبرز منكري الانتخابات بعد أن خسرت انتخابات حاكم ولاية أريزونا 2022، تحذيرا قويا لإدارة بايدن بشأن لائحة اتهام دونالد ترامب، وقالت ليك إن أولئك الذين يرغبون في ملاحقة الرئيس السابق دونالد ترامب، سيتعين عليهم البدء بها وبجميع أولئك الذين صوتوا لصالحه في انتخابات 2020، والمُقدر عددهم بـ75 مليون ناخب، مضيفة أنها مع المصوتين لصالح ترامب يحملون بطاقات اشتراك في “The National Rifle Association” أو الجمعية الوطنية للبنادق، في إشارة واضحة إلى امتلاكهم لسلاح سيستخدمونه إن اضطر الأمر للدفاع عن الرئيس السابق.
وأشارت ليك في خطاب أمام أنصار الحزب الجمهوري في ولاية جورجيا، أن التحذير الذي وجهته إلى إدارة بايدن والصحافة التي وصفتها ـ على طريقة ترامب ـ بـ”المزيفة” إلى أن ما تقوله ليس تهديدا، بل بيان مصلحة عامة.
هذا وسبق للجمهورية الترمبية كاري ليك، أن طلبت من الصحافة تلقيبها بالنسخة الأنثوية للرئيس السابق دونالد ترامب، وفي حين لم يحدّد هذا الأخير من سيكون رفيقه في الحملة الانتخابية ويصبح نائبا له إذا فاز بالرئاسيات، يتحدث متابعون للشأن الأمريكي، عن طموح ليك في الفوز بثقة ترامب لتكون أول نائبة رئيس جمهورية في تاريخ البلاد.
هل تتحوّل التهديدات إلى عنف حقيقي؟
كشف تقرير لـ”Advance Democracy Inc” وهي منظمة غير ربحية، أن أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب الذي ترشح لانتخابات 2024، يستخدمون خطابا عنيفا، ويوجهون تهديدات ردا على لائحة اتهام ترامب، بمن في ذلك منشورات تحتوي على تهديد باستهداف عائلة المدعي العام ميريك جارلاند”.
وبعد مراقبة المنشورات الخاصة بالرئيس السابق دونالد ترامب، على منصات للتواصل الاجتماعي، من بينها “Truth Social” (تروث سوشال) التي يملكها ترامب ومنصة “4chan” (فور تشان) وهي منصة يستخدمها الشباب ما بين 18 و24 سنة، قالت المنظمة من خلال التقرير الذي نشر تفاصيله موقع إنسايدر، إنها وبعد تتبع المنشورات، اعتبارا من 8 جوان 2023، توصلت إلى أن المنشورات استخدمت لغة عنيفة، ولكنها حسب التقرير، لم تظهر أي خطط من المستخدمين للانخراط في عنف حقيقي.
وتجدر الإشارة إلى أن قضايا دونالد ترامب القانونية لم تنته بتوجيه اتهامات جنائية فدرالية، بشأن الإحتفاظ بوثائق سرية، بل ينتظر الرئيس السابق نتائج تحقيقات قضيتين، الأولى تتعلق بتدخله المزعوم لتغيير نتائج الإنتخابات الرئاسية عام 2020 في ولاية جورجيا لصالحه، والقضية الثانية تتعلق بإثبات أنه لعب دورا في أحداث الشغب التي طالت مبنى الكونغرس في الـ6 جانفي 2021، وحاول خلالها أنصاره تعطيل المصادقة على النتائج التي أثبتت فوز خصمه الديموقراطي جو بايدن بالانتخابات الرئاسية.
وعلى الرغم من عدم تسجيل أحداث شغب من قبل مناصري ترامب، منذ أحداث الكونغرس قبل أكثر من سنتين، إلا أن حالة الانقسام والاستقطاب السياسي الواسعة، تضع الأجهزة الأمنية وقوات إنفاذ القانون في حالة تأهب، لمواجهة أية انزلاقات أمنية مع اقتراب موعد رئاسيات 2024، في صورة تسيء للولايات المتحدة الأمريكية، وتحولها من دولة ديمقراطية يحكمها الصندوق، إلى دولة يُطعن في انتخاباتها، ويصعب فيها التداول على الحكم دون عنف.