تلعبُ “المقاطعة” ـ وبجدارة ـ دور السلاح الناجع والفعّال في إعادة التوازن والاستقرار إلى السوق، وكبح جماح الارتفاع الجنوني وغير المبرّر لأسعار مختلف المواد والسلع واسعة الاستهلاك.
وتعتمد “المقاطعة” ـ بشكل مباشر ـ على التحكّم في قانون العرض والطّلب والذي يعني أنّ السّلعة إذا نقص عليها الطّلب انخفض سعرها، وإذا زاد عليها الطّلب، ارتفع السّعر، وهي الفكرة المنتشرة لدى اليوم الكثير من الشّعوب، للدفع باتجاه خفض الأسعار، وقد آتت أكلها في أغلب الحالات، باعتبار أن ثقافة المقاطعة سلوكً رقابي يمارسه عدد كبير من المستهلكين، كلّما أدركوا أنّ هناك ارتفاعًا كبيرًا في أسعار أيّ من المنتجات المعيشية اليومية ـ بسبب شجع بعض التجار ـ دون مبرر أو غياب الرقابة.
وفي هذا الصدد، يقول المنسق الوطني للمنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك فادي تميم، إن “المقاطعة” هي واحدة من بين أهمّ الطرق الناجعة لضبط الأسعار وإعادة الاستقرار إلى السوق، والمستهلك الجزائري اليوم أصبح بحاجة إلى ترسيخ هذه الثقافة واستخدامها بالشكل المطلوب وذلك يحتاج إلى مزيد من العمل والمتابعة.
وتابع تميم في تصريح لـ”الأيام نيوز”: “نحن كمنظمة جزائرية لإرشاد وحماية المستهلك، قمنا بتوظيف واستخدام أسلوب “المقاطعة” في العديد من المرات، وفي كل مرة كنا نحرص على ألا تتحوّل إلى قضية مميّعة، بل يجب إبقاؤها في إطارها الذي وضعت فيه، وهو كسر جنون الأسعار غير المبرّر ومنع أي تعدّ على حق المستهلك البسيط”.
في السياق ذاته، أشار المتحدّث، إلى أن المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك تعتبر أن حملات المقاطعة هي بمثابة السلاح رقم واحد في يد المستهلك الجزائري إذا ما أحسن توظيفها واستخدمها بسلاسة بعيدًا عن أي خلفيات، ذلك أنه من غير المنطقي ـ يسترسل تميم ـ “شنّ أي حملة مقاطعة دون وجود أسباب حقيقية لذلك، فاستخدام أسلوب (المقاطعة) ليس متاحًا دائمًا، وإنما يرتبط بوجود سلعة تجاوز سعرها الحدود المعقولة أو طالت مدة ذلك بشكل أثر سلبًا على جيب المستهلك، في هذه الحالة فقط يمكن اللجوء إلى المقاطعة كحل ناجع من أجل إعادة الاستقرار إلى السوق الوطنية”.
في سياق ذي صلة، أبرز الأمين الوطني لمنظمة حماية المستهلك، أن أغلب حملات المقاطعة تنطلق من الفضاءات الافتراضية ومواقع التواصل الاجتماعي، فيما تختلف نسب نجاحها على أرض الواقع، إلا أن استمرار نجاح حملة مقاطعة ما، يستدعي بالضرورة العمل بجدية أكثر من أجل الحفاظ على ذلك المسار، حتى لا تتغيّر نظرة المستهلك إزاء هذا الأسلوب.
وفي ختام حديثه لـ”الأيام نيوز”، أكدّ فادي تميم على ضرورة أن يبادر المستهلك بمقاطعة اقتناء أي سلعة استهلاكية بمجرد ارتفاع سعرها غير المبّرر، ويقوم بذلك من تلقاء نفسه، لأن “المقاطعة” هي ثقافة مجتمع، ليس فقط ضدّ غلاء الأسعار، ولكن أيضا ضدّ الفساد وأسبابه ووسائله.
وعلى أرض الواقع كانت حملة “خليها تصدّي” من بين أكبر حملات المقاطعة التي شهدتها الجزائر، وكانت تحث على مقاطعة شراء “السيارات”، وجاءت على خلفية الأسعار الجنونية التي عرفتها أسواق السيارات الجديدة منها والقديمة، والتي بلغت أرقاما قياسية في سابقة هي الأولى من نوعها.