تشعر شريحة واسعة من الناخبين الأمريكيين بعدم الرضا حيال احتمالية تنافس الرئيس الحالي جو بايدن، والرئيس السابق دونالد ترامب في الرئاسيات المقبلة عام 2024، وتُظهر استطلاعات الرأي تدني مستويات الاهتمام بالسباق الانتخابي الذي سيكون نسخة طبق الأصل لرئاسيات 2020، في حال قرر الحزب الجمهوري أن يمثله ترامب، ومضى الحزب الديمقراطي في اعتماد بايدن كمرشح له.
وبينما يخوض الرئيس السابق، دونالد ترامب، عدة معارك قضائية، ويتحضر الرئيس الحالي، جو بايدن، لمواجهة تحقيقات في الكونغرس تهدف لعزله من منصبه، أظهر استطلاع جديد للرأي أجرته وكالة “أسوشيتد برس” ومركز “نورك” لأبحاث الشؤون العامة، أن عددا قليلا من الأمريكيّين متحمسين بشأن إعادة المنافسة التي جرت في انتخابات 2020 بين الرجلين، في رئاسيات الـ 5 نوفمبر 2024.
وقال معظم البالغين في الولايات المتحدة (56 ℅) – بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية – إنهم غير راضين “جدا” أو غير راضين “إلى حد ما” عن بايدن باعتباره المرشح الديمقراطي للرئاسة في عام 2024. وقال 58 ℅ من البالغين إنهم غير راضية جدا أو إلى حد ما عن ترامب باعتباره مرشح الحزب الجمهوري، فيما قال ما يقرب من 3 من كل 10 بالغين أمريكيين، أو 28℅ من المستجوبين إنهم سيكونون غير راضين عن أن يصبح كل من ترامب وبايدن مرشحين لحزبهما.
على الرغم من أن عددا أكبر من الجمهوريين قالوا إنهم سيرحبون بترامب كمرشحهم، أكثر من الديمقراطيين الذين قالوا الشيء ذاته عن بايدن، إلا أن نسبة الرضا عن المرشحين تبقى ضئيلة، وتأتي هذه اللامبالاة الواضحة من جانب الناخبين في الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الوقت الذي يواجه فيه كل من بايدن وترامب مصاعب لتأمين ترشيحات حزبيهما في العام المقبل.
وقال حوالي واحد من كل خمسة ديمقراطيين إنهم سيكونون “غير راضين” عن بايدن كمرشح للحزب الديمقراطي، بينما قال حوالي نصف المستجوبين إنهم سيكونون راضين للغاية أو راضين إلى حد ما إذا أصبح بايدن مرشح الحزب لعام 2024. وعندما يتعلق الأمر بترشيح الحزب الجمهوري، فإن الحماس أعلى بالنسبة إلى المرشح الجمهوري الأوفر حظا دونالد ترامب، حيث قال ثلثا الجمهوريين إنهم راضين عن ترامب باعتباره المرشح الجمهوري لعام 2024، وقال الربع إنهم غير راضين، فيما قال 9 ℅ من الجمهوريين إنهم محايدين بشأن قضية ترشيح الرئيس السابق لتمثيل الحزب الجمهوري في الرئاسيات المقبلة.
المواجهة “المُعادة” بين بايدن وترامب لن تكون سابقة!
على الرغم من أن الوقت لا يزال مبكرا جدا، إذ تبدأ أول الانتخابات التمهيدية التي يتحدد من خلالها مرشحي الحزبين الديمقراطي والجمهوري، في الـ 5 مارس المقبل، وتنتهي في منتصف شهر سيبتمبر من عام 2024، مع وجود انتخابات تمهيدية بمختلف الولايات في الفترة الممتدة بين التارخين سابقي الذكر، إلا أن هناك فرصة لأن تبدو الانتخابات الرئاسية لعام 2024 – إلى حد كبير – مثل الانتخابات الرئاسية لعام 2020 التي جمعت بين ترامب وبايدن.
وفي حال فاز كلٌ من بايدن وترامب بترشيح حزبهما وأصبحا المرشحين المنتخبين لتمثيلهما في رئاسيات 2024، فإن السباق لن يكون الأول منه نوعه في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، فالبلاد ومنذ نشأتها شهدت خمس رئاسيات مشابهة، حيث تنافس جون آدمز وهو الرئيس الثاني للولايات المتحدة، مع توماس جيفرسون وهو أحد الآباء المؤسسين للبلاد، ومحرر إعلان الاستقلال والرئيس الثالث للولايات المتحدة، في رئاسيات عام 1796، وتوجها مجددا في رئاسيات سنة 1800.
السيناريو ذاته تكرر في رئاسيات عام 1836 ورئاسيات سنة 1840، التي خاضها مارتن فان بورين، أحد المهندسين الرئيسيين للحزب الديمقراطي ضد الجنرال المتقاعد ويليام هنري هاريسون، ورغم فوز فان بورين بالرئاسةعام 1839، إلا أن أداء هاريسون جلب له شهرة كبيرة، وبعد خوضه حملة انتخابية تميزت بابتكارات كانت جديدة في ذلك الوقت، مثل الشعارات، والمسيرات الجماهيرية، واستحداث ما يُسمى اليوم بـ ” العلاقات العامة” فاز هاريسون بالتصويت الشعبي بفارق 6 نقاط مئوية، وتغلب على فان بورين بشكل حاسم في المجمع الانتخابي، في رئاسيات 1800.
كذلك الأمر بالنسبة إلى رئاسيات 1888 و1892، التي شهدت تنافس جروفر كليفلاند ضد بنجامين هاريسون، حيث فاز كليفلاند بالسباق الأول، وانهزم أمام هاريسون في المرة الثانية، وقيل إنه عندما غادر هذا الأخير البيت الأبيض، خاطبت زوجته الموظفين قائلة “عليكم الاعتناء جيدا بجميع الأثاث والزخارف في المنزل… لأنني أريد أن أجد كل شيء كما هو الآن عندما نعود مرة أخرى بعد أربع سنوات من اليوم”، وعلى الرغم من أن كليفلاند بقي بعيدا عن السياسة في البداية، إلا أنه بحلول عام 1891 كان ينتقد علنا إدارة هاريسون وأداء الكونغرس الذي كان يسيطر عليه الجمهوريون، لرفع معدلات التعريفة الجمركية وزيادة المعروض النقدي من خلال صك المزيد من الدولارات الفضية. وفي العام التالي، فاز بسهولة بإعادة الترشيح، وهزم هاريسون، وكما توقعت زوجته، عاد إلى البيت الأبيض.
وشهدت الولايات المتحدة الأمريكية – كذلك – منافسات مُعادة بين كل من ويليام ماكينلي وويليام جينينغز بريان، عام 1896 وعام 1900، وبين دوايت د. أيزنهاور وأدلاي ستيفنسون في رئاسيات عام 1952 ورئاسيات سنة 1956، حيث هزم أيزنهاورالذي قاد جيوش الحلفاء إلى النصر في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية مرتين على ستيفنسون الذي عينه فيما بعد الرئيس جون آف كينيدي بعد انتخابه سفيرا للبلاد لدى الأمم المتحدة، وخدم في هذا المنصب من 1961 إلى 1965.