صوت التغيير من قلب الانتخابات الأمريكية.. جيل «Z».. من الهامش إلى الصفوف الأمامية

برز خلال الأعوام الأخيرة، ما يُعرف بجيل «Z» – وهو اختصار لفئة الشباب المولودين بين منتصف التسعينيات ومنتصف العقد الأول من الألفية الثانية – كلاعب رئيسي في تحريك المشهد الاجتماعي والسياسي في الولايات المتحدة، ولعل الإنجاز الاستثنائي والمفاجئ لهذا الجيل تجلّى في دعم القضية الفلسطينية، وخصوصا الحرب في غزة، ويتميّز هذا الجيل بتنوّعه الثقافي والعِرقي، ما يعزِّز من قدرته على التّفاعل الفعّال مع قضايا حقوق الإنسان والمساواة. وقد تجسّد تأثيره بشكل واضح من خلال المظاهرات الطلابيّة في الجامعات الأمريكية وحركات المقاطعة التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وفي ظل هذه التحوّلات، يُطرح تساؤل محوري: ما مدى قدرة جيل «Z» على التّأثير في مسار الانتخابات الأمريكية المقبلة؟

=== أعدّ الملف: حميد سعدون – سهام سوماتي – منير بن دادي ===

“الجيل الرقمي” أو “الجيل Z”، هو الجيل الذي جاء بعد جيل الألفية، وتُحدّد بيانات الديمغرافيين فترة ميلاد أفراده بين أعوام 1997 و2012، ويتميّز هذا الجيل بأنه لا يرى أيّ فوارق بين حياته الواقعية والرقمية، فقد نشأ في عالم أصبحَت الإنترنت والهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزّأ من الحياة اليومية للناس.

يمتلك أفراد الجيل «Z»، مهارات تكنولوجية مُتقدمّة، فهم يشعرون بالراحة في استخدام الأدوات الرقميّة في مختلف جوانب حياتهم، كما أنّ وجودهم المُكثّف على وسائل التواصل الاجتماعي جعلهم أكثر وعيًا بذواتهم، وهو ما وضعهم تحت ضغوط اجتماعية أكبر مقارنة بالأجيال السابقة.

هذا التعرّض المبكر والمستمر للتكنولوجيا أدّى إلى تشكيل توقّعاتهم وسلوكهم، فقد أثّر ازدهار وسائل التواصل الاجتماعي بشكل نفسي على جيل «Z»، إذ باتوا يولون أهمية كبيرة للمظهر الشخصي ويستخدمون هذه المنصّات لبناء شعور عميق بالانتماء وتعزيز علاقاتهم الاجتماعية.

ويُوصف جيل «Z» بأنّه الأكثر تنوُّعًا – عرقيًّا وإثنِيًّا – وهو يشكِّل حوالي 20% من سكّان الولايات المتحدة الأمريكية، بواقع نحو 70 مليون نسمة، كما أنه شديد النّفور من النظام الأمريكي، إذ يعتبره نظامًا عنصريًّا تغلغلَت في مؤسساته الممارساتُ التمييزية، ما قد يعزِّز الاستقطاب داخل البلاد.

يتوقّع “جيسون ديل جانديو” – أستاذ الاتصالات ومؤلِّف كتاب “الخطابة للمتطرفين”  (Rhetoric for Radicals)- أن الجيل «Z» سيشبه في نهاية المطاف نشطاء الستينيات، مشيرًا إلى أنّ الفترتين الزمنيتين اتّسمتا بالاستقطاب السياسي.

مجلّة “ذي هيل” الأمريكية، كشفَت أنّ أكثر من ثلث الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 21 و30 عاما، أيّدوا بعد وقت قصير من هجمات الـ 7 من أكتوبر في فلسطين، عملية “طوفان الأقصى”، بينما كان المواطنون الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاما، أكثر دعما للمساعدات الأمريكية بالأسلحة للحرب “الإسرائيلية” في غزّة، بأربع مرات، مقارنة بالجيل الأصغر سنًّا المذكور آنفا، وفق استطلاع أجراه مركز “بيو” للأبحاث.

وقد أكّدت المجلة أنّ حملات المقاطعة ضد الكيان الصهيوني في الولايات المتحدة، تكتسب زخمًا متزايدا، وسط موجة من الاغتيالات التي ينفِّذها “الجيش” الإسرائيلي، وتزيد تأجيج التوتر في الشرق الأوسط واحتمال تجدُّد الهجمات من قبل إيران وحلفائها. وأشارت المجلة إلى وجود اتّجاه وصفته بــ “المقلق” بين الأمريكيين الأصغر سنًّا، الذين أصبحوا غير متعاطفين بشكل متزايد مع الكيان الصهيوني.

وربطت المجلة هذه الاتجاهات بالتفاوتات بين الأجيال في ذاكرة “الهولوكوست”، والسِّياق التاريخي، وختمت “ذا هيل” بالتأكيد أن سلطة الكيان الصهيوني تعيش اليوم في “مياه سياسية غير معروفة”، وأن الأمريكيين الأصغر سنًّا ينظرون إليها من خلال عدسة العدالة الاجتماعية، وفي إطارٍ واسعِ النّطاق من القمع والمظالم.

تأثير متزايد لجيل “Z” على السياسة الأمريكية تجاه الكيان

موقع “Responsible Statecraft” نشر مقالا يتحدّث عن رأي الأمريكيين في الجيل «Z» في الدعم الأمريكي غير المشروط للكيان الصهيوني السلبي، وذكر كاتب المقال – وهو جورجيو كافييرو – أن تميّز الأمريكيين من جيل «Z» بآراء فريدة في السياسة الخارجية ليس بالأمر الجديد، لكن الاحتجاجات الأخيرة التي قادها الطلاب ضد حرب الإبادة على غزّة، سلّطت الضوء على الاختلافات بين الأجيال في هذا البلد، وقد تُنذر بإبعاد سياسي مستقبلي للولايات المتحدة طويل الأمد عن عميلتها التقليدية “إسرائيل”، منذ زمن.

وقد تكون بعض المؤشِّرات مُثيرة للقلق بالنسبة إلى الولايات المتحدة، فبصرف النظر عن إظهار الجيل «Z» المزيد من الدعم لصالح موقف إطلاق النار في غزّة مقارنة بفئاتهم الأكبر سنًّا، فإنَّ أغلبية من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاما -بحسب ما ورَد في المقال – برّروا عملية 7 أكتوبر بمظالم الفلسطينيين، وذلك في استطلاع للرأي أجرته جامعة “هارفارد” سابقا.

وفي مقاله، عاد “جورجيو كافييرو” إلى بيانات استطلاع رأي أجرته صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية، أظهر في أفريل من هذا العام، أن “15% فقط من جيل «Z» قالوا إنهم أكثر تعاطفا تجاه الإسرائيليين، مقارنة بـ40% من جيل طفرة المواليد الذين وُلدوا بين عامي 1946 و1964″، وقال إنّ 24% من جيل «Z» رأوا أن هذه قضية رئيسة من شأنها أن تؤثّر في أصواتهم مقابل 11% للناخبين الذين تزيد أعمارهم على 65 عاما.

في الشهر ذاته، أفاد استطلاع للرأي أجراه مركز “بيو” للأبحاث أنّ “ثُلث البالغين تحت سنّ 30 عاما يقولون إن تعاطفهم إمّا كليًّا أو معظمه مع الشعب الفلسطيني، بينما يقول 14% إن تعاطفهم يكمن كليا أو معظمه مع الشعب الإسرائيلي”، وفق ما جاء في مقال موقع “Responsible Statecraft”.

وفي نوفمبر من العام الماضي، أفادت مؤسسة “بروكينغز” الفكرية الأمريكية، أنه “حتى قبل 7 أكتوبر، كانت هناك اختلافات واضحة بين الأجيال في مواقف الأمريكيين تجاه (إسرائيل)”، مضيفة أنّ “41% فقط من أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاما لديهم وجهة نظر إيجابية تجاه (إسرائيل)، مقارنة بـ 69% من الجيل الأكبر سنًّا لديهم وجهة نظر إيجابية تجاه (إسرائيل)”.

وأكد “كافييرو” أن “إسرائيل” لم تعد قادرة على التحكّم في تدفّق المعلومات والرسائل، وباتت العديد من المواقع الشبكية تتجاوز وسائل الإعلام التقليدية من خلال تقديم المعلومات مباشرة للأشخاص الذين يستخدمون الشبكات الاجتماعية. مثلا، على تطبيق “تيك توك”، حصل وسم #freepalestine على 31 مليار مشاركة مقارنة بـ 590 مليون مشاركة لـ #standwithisrael.

في الآونة الأخيرة – يضيف الكاتب – تطرّق السيناتور “ميت رومني” (جمهوري من ولاية يوتا) ووزير الخارجية “توني بلينكن”، إلى التأثير السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي على استدامة الخطاب المؤيّد للكيان، كان هذا هو السبب وراء تصويت الكونغرس على حظر “تيك توك”.

وأشار “جورجيو كافييرو” إلى أنّ أعضاء الكونغرس لا تعجبهم حقيقة أن 50% من الشباب الأمريكيين يثقون في الأخبار الواردة من وسائل التواصل الاجتماعي بقدر ما يثقون في وسائل الإعلام القديمة، وأن المزيد من الطلاب المحتجّين يعتمدون على وسائل الإعلام غير الأمريكية، وأحيانًا العربية، لمعرفة أخبار الحرب على غزّة، وأضاف: “يبدو أن الأمريكيين الأصغر سنًّا يتساءلون أكثر عن سبب وجود علاقة غير مشروطة مع الكيان الصهيوني”.

من القلق إلى الوعي السياسي

ونظرًا لتوافر المعلومات اليوم، فإنّ الشباب الأمريكيين – وفق رأي كافييرو – لا يمكنهم أن يجهلوا حقيقة أنّ “إسرائيل” أبعد ما تكون عن كونها مُستضعَفة، فهي تمتلك أسلحة نووية، ولديها أحدث “جيش” في المنطقة، وتحصل على تفويض مطلق من “واشنطن” عبر ما يقرب من 4 مليارات دولار من المساعدات العسكرية كل عام.

وأحاط “كافييرو” بالتحدّيات الاجتماعية والاقتصادية، إذ يعاني أبناء الجيل «Z» من مستويات عالية من الاكتئاب والقلق، فهم يشعرون أنّ فُرص عملهم محدودة، وأنّ الحلم الأمريكي بعيد المنال، كما أنّ هناك المزيد من الأخبار القاتمة: تبلغ ديون أمريكا ما يقرب من 35 تريليون دولار، أي أكثر من 100 ألف دولار لكل مواطن، وتمّ مؤخّرًا خفض تصنيف سنداتها إلى AA+، وارتفعت تكاليف الاقتراض، وتضاعفت تكاليف الفائدة على الديون تقريبًا لتصل إلى 659 مليار دولار على مدى عامين.

بالإضافة إلى ذلك، يؤكد الكاتب أنّ الضمان الاجتماعي يتحمّل التزامات غير مموّلة تبلغ نحو 66 تريليون دولار، ويقترب من الإفلاس، وربما يستنزف احتياطياته بحلول عام 2033. ثم هناك ديون القروض الطالبية بقيمة 1.75 تريليون دولار. وتبدو الأمور قاتمة بالنسبة إلى الاقتصاد الأمريكي ككلّ.

وختَم “كافييرو” مقاله بدعوة الجمهوريين والديمقراطيين على حدٍّ سواء، إلى التفكير في دعمهم غير المشروط لسلطة الكيان الصهيوني، خاصة وأن هناك فجوة واضحة بين مُثُل “إسرائيل” المعلنة والحقائق على الأرض، وعليه يشعر العديد من الطُلّاب بـ “الواجب الأخلاقي” لدعم الفلسطينيين وقد لا يكون من السهل ردعهم، خصوصًا أن المزيد من اليهود الأمريكيين يتظاهرون ويطالبون بوقف إطلاق النار في غزّة.

“ترامب” يتفوّق على “هاريس” بين ناخبي الجيل «Z»

وللعلم، كان استطلاعُ رأيٍ قد أظهر أنّ المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأمريكية، “دونالد ترامب”، يتفوّق على منافسته الديمقراطية، “كامالا هاريس”، في بعض الفئات العمرية، ما يشير إلى تحوّل مّهمٍّ في توجّهات النّاخبين الشباب. وكشف الاستطلاع، الذي أجرته “SurveyUSA” على مستوى الولايات المتحدة في الفترة من 2 إلى 4 أوت من هذا العام، أنّ “ترامب” يتقدّم بأربع نقاط مئوية بين الناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عامًا، وهي فئة تشمل جيل “Z” وبعض أفراد جيل الألفية، حسبما نقل موقع “نيوز ويك”.

وبيَّنت النتائج أنّ 50% من هذه الفئة العمرية يدعمون “ترامب”، بينما أعرب 46% منهم عن دعمهم لـ “هاريس”. في المقابل، لم يحسم 4% من هؤلاء الناخبين قرارهم بعد، أو قالوا إنهم يفضّلون التّصويت لمرشَّحٍ آخر. من ناحية أخرى، أظهر الاستطلاع أنّ “هاريس” تتفوّق على “ترامب” بنسبة 10% بين الناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 35 و49 عامًا، كما تفوّقت عليه بفارق 1% بين الفئة العمرية من 50 إلى 64 عامًا، وبنسبة 4% بين الناخبين الذين تزيد أعمارهم على 65 عامًا. وقد شمل الاستطلاع 1950 شخصًا بالغًا، منهم 1668 تمّ تحديدهم كناخبين مُسجَّلين، وكان هامش الخطأ (+/-) ثلاث نقاط مئوية.

وفي محاولة للتّواصل بشكل أفضل مع الناخبين الشباب، ظهر “ترامب” في مقابلة على قناة “IMPAULSIVE” التابعة لـ “لوجان بول” على موقع يوتيوب، والتي تضمّ أكثر من 4 ملايين مشترك. وبدا هذا الظهور مُوجّهًا لإبراز “ترامب” على أنه أكثر قُربًا من جمهور الألفية وجيل “Z”. بالإضافة إلى ذلك، تعاون “ترامب” مع “آدن روس” في “رقصة ترامب”، ضمن خطوة تهدف إلى تعزيز ارتباطه بالناخبين الشباب. وقد حقّقت هذه المقابلة أكثر من 2.4 مليون مشاهدة على “يوتيوب” خلال أسبوعين فقط، وأكثر من 100 مليون مشاهدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وفقًا لتغريدة “ترامب” على منصّة “إكس”.

هذه الاستراتيجيات تشير إلى أنّ “ترامب” يسعى بنشاطٍ لكسب دعم الأجيال الشابة، وهي فئة تُعتبر حاسمة في الانتخابات القادمة. بينما تتّجه الأنظار إلى المعركة الانتخابية المقبلة، يبدو أن قدرة “ترامب” على جذب انتباه هذه الفئة العمرية قد تلعب دورًا مهمًّا في تحديد نتائج الانتخابات.

وفي محاولة لاستمالة الناخبين الشباب من الجيل “Z”، اعتمد “دونالد ترامب” على مساعدة نجله الأصغر، “بارون ترامب”، البالغ من العمر 18 عامًا، الذي كان له دور أساسي في توجيه والده نحو منصّة التواصل الاجتماعي للبثّ المباشر. فوفقًا لموقع “بيزنس إنسايدر” الأمريكي، أقنع “بارون” والده بالمشاركة في مقابلة مباشرة مع المؤثِّر الشهير “آدن روس”، البالغ من العمر 23 عامًا، وهو شخصية مُؤثِّرة بين الشباب.

المقابلة التي جرَت في مقرِّ إقامة “ترامب” بمنتجع “مارالاغو” بولاية “فلوريدا”، استقطبت جمهورًا كبيرًا، حيث بلغ عدد المشاهدين بين 400 ألف و580 ألف شخص، معظمهم من الذكور المحافظين. وبدأ “ترامب” المقابلة بالإشارة إلى أنّ ابنه “بارون” كان من المعجبين الكبار بـ “آدن روس”، ممّا أضفى طابعًا شخصيًّا على مجريات اللقاء.

وخلال الحوار، أعرب “ترامب” عن تقديره لاهتمام أبنائه بعالم البث المباشر، إذ أخبروه عن شهرة “روس” الكبيرة بين الشباب. من جانبه، “روس” وصف “بارون” بأنه “رائع”، وأظهر دعمه لـ “ترامب” بارتداء قبّعة “ماغا” التي ترمز إلى حملة “لنجعل أمريكا عظيمة مُجدّدا”.

“ترامب” يستغل شعبية “تيك توك” للوصول إلى جيل “Z

وبالمناسبة، حاول “روس” تعريف “ترامب” بتفاصيل عالم البثّ المباشر ومصطلحاته، والتي تُعدّ جزءًا لا يتجزّأ من حياة الجيل “Z”. كما قدّم “روس” هديتين إلى “ترامب”، كانت الأولى ساعة رولكس ذهبية، التي وصفها “ترامب” بأنها “جميلة ورائعة”، وعرضها بفخر على الكاميرا وسط تصفيق الجمهور الجالس خلفهما.

هذه الخطوة تعكس جهود “ترامب” لتقديم نفسه كمرشّحٍ قريبٍ من الشباب ومُتفهِّمٍ لقضاياهم واهتماماتهم. باستخدام منصّات التواصل الاجتماعي المؤثّرة وبدعمٍ من نجله، يسعى “ترامب” إلى بناء جسرٍ من التواصل مع جيل جديد من الناخبين الذين قد يلعبون دورًا حاسمًا في الانتخابات المقبلة.

في ختام المقابلة، أخذ “آدن روس” الرئيس السابق “دونالد ترامب” إلى الخارج ليقدّم له هدية خاصة، وهي شاحنة “تسلا – سايبرترك” مُزيّنة بصورة “ترامب” الأيقونية التي التُقطت خلال محاولة اغتياله في تجمّع انتخابي بولاية “بنسلفانيا” في جويلية من هذا العام. وعند رؤية السيارة، تعرّف “ترامب” فورًا على أنها من إنتاج شركة “تسلا”، التي يملكها الملياردير “إيلون ماسك”، وعلق قائلاً: “هذه من إيلون ماسك”، ووصفها بأنها “مذهلة”.

ويتمتّع “آدن روس” بقاعدة جماهيرية واسعة تضم 4.45 مليون متابع على “يوتيوب” و1.35 مليون على منصة “Kick”. وقد استضاف سابقًا شخصيات مثيرة للجدل، وتعرّض إلى العديد من الانتقادات بسبب عرضه لمحتوى إباحي خلال البث المباشر. وتُعتبر هذه المقابلة جزءًا من جهود “ترامب” المستمرة لجذب الناخبين الأصغر سنًّا، وهو هدف يسعى إلى تحقيقه منذ فترة. فرغم دعوته السابقة لحظر تطبيق “تيك توك” الصيني، إلا أنه يسعى الآن إلى دعمه واستمراره في الولايات المتحدة.

وفي جوان من هذا العام، انضمّ “ترامب” إلى “تيك توك”، المنصّة المُفضّلة للجيل “Z”، وقد جمع حتى الآن أكثر من 9.6 مليون متابع. وفي الشهر نفسه، أجرى “ترامب” مقابلة مع المُؤثِّر “لوغان بول”، الذي يُعدّ من الشخصيات المثيرة للجدل على وسائل التواصل الاجتماعي، وروّج لهذه المقابلة عبر حسابه على “تيك توك”.

في المقابل، لم تقف المرشحة الديمقراطية “كامالا هاريس” مكتوفة الأيدي، بل قامت هي الأخرى بمحاولات لجذب الناخبين الأصغر سنًّا. فقد عملت “هاريس” على تجديد قوي لحسابات حملتها على وسائل التواصل الاجتماعي، في محاولة لتعزيز حضورها بين الشباب الذين قد يشكّلون قوة انتخابية مؤثِّرة في الانتخابات المقبلة.

يظهر من خلال هذه التحرّكات أنّ الطّرفين يعلمان أهميّة التواصل مع الجيل “Z” عبر منصّات التواصل الاجتماعي، وهو ما قد يشكِّل عنصرًا حاسمًا في الانتخابات الرئاسية المقبلة. ومع استخدام “ترامب” لوسائل مبتكرة لجذب الناخبين الشباب، تبقى المنافسة مفتوحة بينه وبين خصومه الديمقراطيين على كسب قلوب وعقول الجيل الجديد.

قوة داعمة..

جيل “Z” يرفع صوت الحق الفلسطيني عالياً

أبرز ممثل الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بالجزائر محمد الحمامي،  أنّ الحراك الطلابي الذي شهدته الجامعات الغربية، بما فيها الجامعات الأمريكية، أزعج الساسة الصهاينة من حكام “إسرائيل” والولايات المتحدة الأمريكية، الذين وصفوا هؤلاء الداعمين للحق الفلسطيني، بأنهم مُعادون للسامية ومشجعين للإرهاب، هذه الرواية التي روّج لها الغرب والماكنة الإعلامية الصهيونية التي لطالما عملت على شيطنة الشعب الفلسطيني وانتفاضاته بوجه الاحتلال الإسرائيلي، والترويج للرواية الصهيونية الخرافية التي تتحدث عن حق “إسرائيل” في الأرض  الفلسطينية، وأنهم يعيشون وسط غابة من الوحوش وأنهم دعاة للديمقراطية ولحقوق الإنسان.

وفي هذا الصدد، أبرز الأستاذ الحمامي في تصريح لـ “الأيام نيوز”، أنّ هذه الرواية الكاذبة انكشف زيفها أمام وعي الأجيال الجديدة في العالم الغربي وبشكلٍ خاص في الولايات المتحدة الأمريكية، بفضل طُلابٍ من دول أمريكا اللاتينية، إفريقيا، وبعض الدول العربية، هؤلاء الطلبة الذين تمكّنوا من تغيير المفاهيم لدى الشباب في العالم الغربي، من خلال ثورة السوشيل ميديا، لتكون هذه أول ثورة طلابية نشهدها بعد حرب فيتنام في نهاية الستينات ومنتصف السبعينات، وهذا دليل آخر على وعي الجيل الجديد “جيل Z”، الذي لم تعد تنطلي عليه رواية الاحتلال الصهيوني المزيفة، بعد أن أدرك يقيناً أن الشعب الفلسطيني هو صاحب الحق والأرض بلا أدنى شك.

في السياق ذاته، أشار محدثنا، إلى أنّ ما يشهده قطاع غزة من حرب إبادة جماعية وتطهير عرقي، وما يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي من مجازر مروعة بحق الأبرياء والعزل في القطاع، كشف أكاذيب الغرب وادعاءاتهم الواهية التي تتحدث عن الدفاع عن حقوق الإنسان والقيم الإنسانية وغيرها من الشعارات الغربية الرنانة التي سقطت في الماء أخيراً، ووقف الجميع على حقيقتها وأنها مجرد خزعبلات للاستهلاك الإعلامي لا أكثر ولا أقل.

على صعيدٍ متصل، أفاد ممثل الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أنّه وعلى الرغم من صوت الرصاص والقنابل في قطاع غزّة، إلا أنّ صوت الطوفان البشري والطلابي وصل صداه إلى الشعب الفلسطيني المكلوم ورفع من معنوياته، بعدما شاهد أن قادة العالم الغربي هم سبب المأساة التي يعيشها شعبنا الفلسطيني، هناك منهم من يقفُ في صف الحق ويدعمون القضايا العادلة، وأنّ هذه الدولة الإمبريالية الكبيرة أمريكا هي التي تغطي هذه الجرائم وتُعطي الاحتلال الضوء الأخضر للتمادي أكثر في حربه الشعواء ضد الأبرياء والعزل في غزّة.

مُشيراً إلى أنّ هذا الوعي الجديد لدى الأجيال الصاعدة واللاحقة سينتقل باتجاه حشد المزيد من الدعم لحقوق الشعب الفلسطيني وسيواجه هذا الجيل الماكنة الإعلامية الغربية الصهيونية، فبعد الآن لن تنطلي هذه الأكاذيب والروايات المزيفة على أيّ أحد كان.

وأردف محدث “الأيام نيوز” قائلا: “إنّ عالمنا اليوم تحوّل إلى قريةٍ صغيرة، وبفضل ثورة التكنولوجيا والسوشيل ميديا والدور الكبير الذي لعبته الجاليات الفلسطينية في دول أمريكا اللاتينية وإفريقيا وغيرها، نجح هؤلاء في نقل الصورة الحقيقية لمعاناة الشعب الفلسطيني على مدار 76 عاما من القتل والتشريد ومن الدمار، وانكشفت حقيقة الرواية الصهيونية الزائفة القائمة إمّا على استعباد الشعب الفلسطيني، الذي يرفض أن يكون عبدا لهذا الاحتلال المجرم وإمّا من خلال قتله وإبادته أو تهجيره قسراً عن أرضه”.

وأضاف: “اليوم وبعد مرور نحو إحدى عشر شهرا من الحرب الوحشية الدامية بحق شعبنا الفلسطيني الأعزل، لا زال عُمقنا العربي والإسلامي صامتاً لا يُحرك ساكناً، وأقصى ما فعله هو إصدار بيانات الشجب والتنديد التي تدعو إلى وقف إطلاق النار في القطاع، هذه البيانات التي لا تساوي حتى الحبر الذي كتبت به، حيث لم تلجأ هذه الأنظمة المطبعة إلى استخدام عناصر القوة لديها، بما في ذلك قطع جميع علاقاتها مع هذا الاحتلال المستبد، ودعم وإسناد شعبنا الفلسطيني ومواجهة كل المخططات الرامية إلى تصفية حقوقه المشروعة”.

ودعا ممثل الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، إلى ضرورة استمرار الانتفاضة والثورة الشبابية والحراك الطلابي في العالم الغربي، وبالأخص في الولايات المتحدة الأمريكية، طالما أنّ الحرب الشعواء التي يشنها الاحتلال الصهيوني مستمرة، وأن تتوسع الانتفاضة والثورة الشبابية أكثر لتنتقل إلى مختلف بقاع العالم دعما وإسنادا لحقوق الشعب الفلسطيني، وأن تنتفض كل الجماعات خاصة في الدول العربية، وأن يتحرك الشباب الذي يعتبر عصب أي مجتمع لنصرة الحق الفلسطيني، خاصةً وأن العالم كله اليوم أصبح قريبا من بعضه البعض من خلال منصات ومواقع التواصل الاجتماعي، لافتاً في السياق ذاته إلى أهمية قيام الشباب العربي والاتحادات الشبابية العربية بدورها الكامل والبارز باتجاه الدفاع عن مظلومية الشعب الفلسطيني أمام هذا الاحتلال الوحشي الغاشم، الذي يستهدف كل شيء ينبض بالحياة في فلسطين.

هذا، وأكّد محدثنا أنّ هذا الحراك الطلابي والوعي الجديد لدى الجيل الجديد هو مؤشر مهم لانتصار حقوق الشعب الفلسطيني، وانتصار آخر لمعركة طوفان الأقصى البطولية التي أعادت وهج القضية الفلسطينية وأرجعتها إلى مسارها الحقيقي، في ظل المخططات التي كانت تُحاك في الظلام من أجل طمس الهوية الفلسطينية ومحو كل ماله علاقة بالشعب الفلسطيني، واليوم ومن خلال هذا الحراك الشبابي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني سنشهد إعادة لرسم المشهد في العالم باتجاه دعم وإسناد الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة التي لا تقبل القسمة على اثنين.

خٍتاماً، أبرز الأستاذ الحمامي، أنّ الشعب الفلسطيني مصمم على التمسك بأرضه والدفاع عن مقدساته الإسلامية والمسيحية في وجه هذا الاحتلال الجائر، وبالتالي فالمطلوب من الجميع دعم وإسناد وإغاثة شعبنا الفلسطيني بعد محو كل شيء في قطاع غزة وتحويلها إلى صحراء قاحلة أمام مرأى ومسمع العالم أجمع، هذا الأمر معيب جدّا للدول العربية وللأنظمة العربية الصامتة والساكتة عما يحدث من مجاز وحرب إبادة بحق شعبنا الفلسطيني الأعزل، في الوقت الذي تنتفض فيه شعوب العالم في الدول الغربية وفي الولايات المتحدة الأمريكية، بوجه الأكذوبة والدعاية الإسرائيلية التي روجت إلى أنّ الشعب الفلسطيني هو شعب إرهابي، والحقيقة أننا دعاة للسلام ونعشق الحياة لكن مستعدين لأن ندفع الغالي والنفيس فداءً لفلسطين في وجه هذا المشروع الذي لا يستهدف فقط الشعب الفلسطيني بل يستهدف المنطقة برمتها، وهذا ما يجب أن تفهمه الشعوب العربية والأنظمة العربية، حتى يدركوا أنهم معنيون بدعم وإسناد الشعب الفلسطيني في وجه هذه الغطرسة وهذا الإرهاب الصهيوني الفاشي النازي.

 جيل “Z” يقود التحولات الكبرى في المشهد الانتخابي الأمريكي

أفاد الباحث المصري في الشؤون السياسية والاستراتيجية، علي الطواب، أنّ من يُتابع المشهد في الولايات المتحدة الأمريكية ومُجريات السباق الانتخابي الذي بدأ مبكرا على غير العادة، بين كامالا هاريس نائبة الرئيس والمرشحة الديمقراطية وخصمها الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب، يُلاحظ أنّ هناك حالة من تسخين الأرض، بمعنى المزيد من الأصوات، المزيد من التكتلات الشبابية أو حتى التكتلات الاقتصادية في مواجهة السياسة بمعنى أنّ الاقتصاد سوف يخدم على السياسة هذه المرة وليس العكس.

وفي هذا الشأن، أوضح الأستاذ الطواب في تصريح لـ “الأيام نيوز”، أنّ هناك مزيداً من الأصوات في السباق الانتخابي الأمريكي، وتحديداً بين جيل الشباب، أو ما يعرف بجيل “Z” مواليد منتصف التسعينيات والألفية، وأهمية اكتساب هذه الأرضية التصويتية التي يُعتدُّ بها في الولايات المتحدة الأمريكية دولة عظمى وقوة اقتصادية رهيبة، وبالتالي حينما تقود المشهد العالمي فهي تقدّم نموذجا لابدّ أن تتم دراسته ويُتابع من قبل الأوساط الانتخابية والسياسية عبر مختلف مناطق ودول العالم.

في السياق ذاته أشار محدثنا، إلى أنّه وحسب أحدث تقرير صادر عن عملية التصويت في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المزمع تنظيمها نوفمبر الماضي، فإنّ هناك حالة من الاستنفار، استنفار سياسي، استنفار انتخابي، جيل “Z” لا يُستهان به، هو جيل مؤثر وفعّال في العملية الانتخابية الأمريكية، خاصةً وأنّ أحدث التقارير أشارت إلى أنّ دونالد ترامب ربما يكون الأكثر حظا بهذه الأصوات الشبابية على حساب كامالا هاريس، التي ربما يكون لديها بعض التحفظات، أو بعض الاعتراضات على الإدارة الحالية الحاكمة في الولايات المتحدة الأمريكية.

هذا، ولا يزال الحزب الديمقراطي في صورة رئيسه الضعيف الهزيل “جو بايدن” الذي تتساقط منه الكلمات والعبارات وحتى أسماء رؤساء الدول، لا توجد هناك حالة مؤكدة تشير إلى أنّ الرجل بصحة عقلية وصحة نفسية ممتازة، كل هذه الأمور والمعطيات لابدّ أن نأخذها بعين الاعتبار.

أمّا عن دونالد ترامب الذي يعود بقوة إلى السباق الرئاسي، أبرز الخبير في السياسة، أنّ حملته الانتخابية قد استدعت بعضا من أصوات جيل “Z”، خاصة وأنّ آخر استطلاعات الرأي أشارت إلى أنّ المرشحة كامالا هاريس تتفوق عليه في بعض المناطق، فيما يفوز الرجل بكثافة في بعض المناطق الأخرى، ونتحدث هنا عن ولايات ذات خبرة تصويتية هامة في العملية الانتخابية الأمريكية، حيث نجد أنّ هناك بعض الأطياف على غرار طبقة رجال المال والأعمال، طبقة المثقفين، طبقة الإعلام، فترامب يمتلك شبكة رهيبة من العمل الإعلامي والمنصات، كما أنّه على اتصال دائم وقوي بصناع العمل المتعلق بشبكة الأنترنت وما إلى ذلك.

على صعيدٍ متصل، أوضح الباحث في الشؤون الاستراتيجية، أنّ الاعتماد على جيل “Z” هو اعتماد كلي وجزئي، بمعنى أنّه لا أحد يستطيع أن يُنكر هذه الأصوات في الشارع الأمريكي، وبالتالي هناك حجر زاوية سوف يُلقى ويُستغل في هذا السياق، وفي هذه الانتخابات التي بدأت مُبكراً، فهذا الجيل استطاع أن يثبت للجميع أنّه محرك سياسي ومحرك اجتماعي مهم جدّا داخل الولايات المتحدة الأمريكية، وخير دليل على ذلك ما حدث فيما يتعلق بالاحتجاجات التي شهدتها عدد من المدن الأمريكية دعماً للقضية الفلسطينية، واستقالة بعض أعضاء هيئة التدريس بجامعة جورجيا، اعتراضا على القمع الذي تعرض له هؤلاء فقط لأنهم عبّروا عن رفضهم لحرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزّة.

وفي هذا السياق، أبرز محدث “الأيام نيوز” قائلا: “أنّ قمع الشرطة الأمريكية للحراك الشبابي المؤيد للحق الفلسطيني، إنما هو ينم عن المزيد من الغباء سواء الغباء السياسي أو الفكري أو السلوكي من جانب الإدارة الأمريكية التي تُسوّق نفسها للعالم على أنها إدارة ديمقراطية وتؤمن بحق الشعوب في تقرير مصيرها، وهذا الجيل تحديدًا لا تصلح معه هذه الطريقة في التعامل، لأنه جيل متنوع ثقافياً وعرقياً، وهنا لا بدّ أن نضع مائة خط تحت هذه الكلمة، حيث أنّ هناك تنوعات واختلافات ثقافية وعرقية عديدة في المجتمع الأمريكي”.

إلى جانب ذلك، أفاد الأستاذ الطواب، أنّ هذا التنوع العرقي والثقافي لدى الجيل الجديد من شأنه أن يجعل هناك حالة من التفاعل حول مختلف قضايا حقوق الإنسان في المجتمع الأمريكي، فالاحتجاجات والمظاهرات الحاشدة التي عرفتها مختلف العواصم الغربية بما فيها أمريكا والداعمة للحق الفلسطيني كان وراءها شباب، الأمر الذي لم تشهده حتى بعض عواصمنا العربية، وبالتالي فإنّ الطبقة الشبابية ستكون هي المحرك الرئيس للعملية الانتخابية الأمريكية، حتى انّها ستكون الوقود البشري لهذه العملية، فالجيل الجديد قوّة لا يُستهان بها.

وفي هذا الإطار، أكّد الباحث في السياسة، على أهمية وضرورة الاعتناء بهذه الفئة من المجتمع وبطموحاتهم وأفكارهم، وحتى بتحركاتهم لأنهم يستطيعون وبدون أدنى مبالغة، قلب الأمور رأساً على عقب من خلال احترافيتهم المُطلقة في استخدام مختلف منصات ومواقع التواصل الاجتماعي والسوشيل ميديا بشكلٍ عام، هؤلاء يستطيعون بكبسة زر واحدة على جهاز الكومبيوتر أن يحركوا عشرات الآلاف من الناس، وتوجيه الرأي العام، وهذا الأمر في غاية الخطورة، فهذا الجيل يمتلك أداةً مهمة من أدوات توجيه الرأي العام، من خلال القدرة على التحكم في أدوات صنع المحتوى، وصنع حالة من الزخم السياسي حول مرشح بعينه.

في ختام حديثه لـ “الأيام نيوز”، أبرز الباحث المصري في الشؤون السياسية والاستراتيجية، علي الطواب، أنّ هذا الجيل سيمثل نقطةً فاصلة وحاسمة في مسار الانتخابات الأمريكية القادمة، لافتاً في السياق ذاته إلى أنّ التنوع العرقي والثقافي هو عامل مهم جدّا في ذلك،  ونتحدث هنا عن الشباب الأمريكي من أصول عربية، ومن أصول غير عربية كذلك، كلهم بطريقة أو بأخرى يُحركون المشهد في أمريكا، فلم يعد هناك مكان للفواصل المعروفة بينهم وبين الشباب الأمريكي، كلهم زملاء لسنوات متواصلة، واستطاعوا أن يكونوا ثقافة وفكرا مُعينا، هذا كله سوف يصب في العملية الانتخابية الرئاسية الأمريكية التي ستكون ربما نتائجها مبهرة ومختلفة عما تتوقعه دوائر صنع القرار الأمريكي.

في أمريكا المنقسمة بين الأحمِرة والأفيال..

“جيل Z” منقذ أم ضحية؟

بقلم: البروفيسور عكنوش نور الصباح – خبير استراتيجي جزائري

الانتقال الجيلي الذي تشهده كروموزومات النّسق المجتمعي الغربي عمومًا والأمريكي خصوصًا ليس بالظّاهرة الجديدة، فقد عرفتها منظومة القيم الأمريكية في ستينيات القرن الماضي مع جيل جديد استطاع إعادة إنتاج معايير مشتركة للعيش خارج الإطار الانثربولوجي للمركزية الغربية القائم على سيادة الرّجل الأبيض المطلقة منذ القرن الخامس عشر، باسم الحداثة التي تواجه تحدّيات هوياتية وبنيوية مع جيل جديد في ما يشبه دورة حضارية يمرّ بها الغرب في تجديده لنفسه ولنمط حياته ولوجوده.

وما يحدث على هذا المستوى في أمريكا يعبّر عن لحظة عبور تاريخية حاسمة نحو ما بعد الدّيموقراطية التي بلغت حدودها الأخلاقية والهيكلية ولم تعد تقدّم أجوبة للجيل الجديد الذي يقوم بتطوير فضاءات فكر وقرار مختلفة من صميم إدراكاته للعالم في القرن الواحد والعشرين، وهو ما سيؤثّر على العلاقة بين النّخب والشّعب في النّموذج الأمريكي نتيجة تصدّع جبهته الدّاخلية ومؤسّساته ورموزه.

والدّليل على ذلك هو الاستقطاب الرّاهن بين مصالح وسياسات ولوبيات تهدّد “الحلم الأمريكي” بحرب أهلية نتيجة المرحلة الانتقالية التي تمرّ بها الدّيموقراطية الأمريكية بشكل يثير القلق والشّك فيها من لدن الشّباب الجامعي الذي يعرف جيّدًا كتاب “ألكسيس ديتوكفيل” حول الدّيموقراطية الذي أنتجه في القرن التّاسعة عشر عن نظام الحكم في واشنطن، ويعي أهمية إصلاح المركب الفكري والاستراتيجي الحاكم في الولايات المتّحدة الأمريكية على نحو راديكالي بأنتلجنسيا شابة، حيوية وذكية تنظر للحقّ والخير والعدل والحرية في صورة مختلفة خارج ثنائية الفيل والحمار شعاري الحزبين الدّيموقراطي والجمهوري، وهي الثّنائية التي أصبحت حتمية سلبية تعيق ديناميكية التّغيير والتّطوّر للأجيال القادمة.

وما يفعله “جيل z” هو رسالة وعي من نخب صاعدة ترنو للمستقبل بسرعة وبخيال سياسي كبير، بحثًا عن عقد اجتماعي جديد مع الذّات ومع الدّستور ومع الدّيموقراطية، في بلد أصبح في أزمة هوية وبنية من خلال سؤال “حنة ارندت” المفصلي: ماذا نفعل؟ وهو السّؤال الذي تقوم الأجيال الجديدة بالإجابة عنه في إطار فعل سياسي ومؤسّساتي وعقلاني جديد قبل فوات الأوان.

إنّ ما يراه “جيل z” ليس بالضّرورة ما يراه الدّيموقراطيون أو الجمهوريون داخل المنتظم السّياسي التّقليدي في أمريكا والذي تحوّل إلى معبد لسرديات قديمة يعاد استهلاكها على مأدبة الانتخابات كلّ أربع سنوات من حياة “الولايات المتّحدة أمريكية”، التي لم تعد متّحدة وإن مازالت أمريكية، وهي الرّسالة التي يريد نقلها جيل جديد يسعى لخصخصة ديموقراطية لم تعد صالحة للاستهلاك في فضاء مفتوح تغيّرت فيه طريقة استهلاك “الهامبرغر” نفسه في زمن رقمي مختلف، يريده “جيل z” بنكهة وذوق مختلف.

وكأنّنا أمام حالة “لامنتمي” جديدة تختلف عمّا كتبه “كولن ولسن” في كتاباته السّلوكية والنّفسية عن الإنسان الآخر وليس الأخير كما قال “فرانسيس فوكوياما”، وهنا يتمظهر الجيل الجديد كحل لإشكاليات حضارة تبحث عن أسد بين حمار وفيل، وهو ما يجعلنا أمام جيل لا ينتمي بالضّرورة لترامب أو لهاريس بل ينتمي لنفسه بحثًا عن هوية جديدة عبر الشّبكات وليس اللّوبيات وعبر الانترنيت وليس الكلمات في إطار ذاتية إلكترونية تتشكّل داخل الوعي الشبّاني عن بعد نحو صيغ مبتكرة للتّعبير والفهم والتّأثير تنتج ظواهر فكرية وسياسية جديدة ستحدّد بشكل مصيري مستقبل أمريكا التي سيجعلها “جيل زاد” دولة من كائنات إلكترونية متشابكة، متواصلة، ومترابطة، فوق المفاهيم والأنساق والحدود في دورة تكنولوجية لن تقف عند “جيل z”.

جيل الحسم..

السردية الصهيونية على شفا الانهيار الكامل

بقلم: علي سعادة – كاتب وصحفي أردني

غزّة الكاشفة لكلّ شيء، 11 شهرًا من حرب الإبادة التي يشنّها جيش المرتزقة والقتلة على قطاع غزّة أسقطت القناع عن القناع، وأعادت كتابة السّرد بأكمله لنحو 76 عامًا من الاحتلال والجرائم المتكرّرة طيلة هذه السّنوات العجاف على فلسطين وشعبها وعلى المنطقة العربية بأسرها.

كانت مأساة غزّة ومعاناتها حاضرة في وجدان وعقول وقلوب الجيل الشّاب في الولايات المتّحدة الأمريكية وأوروبا، “الجيل زد”؛ جيل الألفية، الذي لم يتّكئ يومًا على وسائل الإعلام التّقليدية التي أصابها الصّدأ والخرف وبعضًا من الزّهايمر، فكانت له وسائل إعلامه الخاصّة به، إذ يكفي أن يلمس هاتفه الذّكي أو جهاز الكمبيوتر المحمول أو أيّة وسيلة تقنية حديثة حتّى يعرف الحقيقة ويكتشف ماذا يوجد في سلّة الأكاذيب، وماذا تخبّئ الوحدة الصّهيونية 8200 تحت قبّعتها من حيل وخدع وعملاء.

وكان مشهدًا ولا في الخيال، تحوّلت فيه الجامعات في الولايات المتّحدة الأمريكية إلى ساحة لدعم ومساندة فلسطين وإلى ترديد شعارات كانت يومًا ما من المحرّمات في الغرب، يدفع قائلها ثمنًا باهظًا بسببها.

انتفاضة الجامعات الأمريكية

جيل شجاع وواعي وقف ضدّ القمع وهتف لفلسطين حرّة، وطالب بوقف إطلاق النّار، ووقف ضدّ دعم الإبادة الجماعية في قطاع غزّة. طلّاب يغلقون مداخل كلياتهم بالمقاعد والطّاولات الخشبية لمنع دخول رجال الشّرطة، يحمون زملائهم بالتصدّي لرجال الأمن الذين يقتحمون حرم جامعاتهم، فيما يهتف أساتذة ومدرّسون وأعضاء في هيئة التّدريس عبر الميكروفونات بعدم قمع الحريات الجامعية والاستماع لصوت فلسطين حرّة.

وبدت أمريكا على فوهة طوفان طلّابي يعيد المشهد في أواخر الستّينات حين انفجر طلّاب الجامعات ضدّ الحرب الدّموية التي شنّتها أمريكا ضدّ فيتنام.

جامعات عريقة ومرموقة مثل: كولومبيا، معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ييل، هارفارد، ايميرسون، كاليفورنيا الجنوبية، كارولينا الشّمالية، ميتشغان، جامعة بوليتكنيك كاليفورنيا، ستانفورد، نيويورك، وغيرها دخلت على خطّ الاحتجاج على مساندة إدارة الرّئيس جو بادين لجرائم الاحتلال في غزّة.

كانت انتفاضة الجامعات التي قادها طلّاب من أعراق وقوميات وأصول مختلفة، وديانات متنوّعة، وجزء كبير منهم كان من الشّباب اليهودي الذي لا يؤمن بالأساطير الصّهيونية، تاريخ جديد كتب بالدّماء والدّموع بعد أن فتحت غزّة عيون العالم على حقيقة هذا الكيان العنصري المارق والمنبوذ، تاريخ يعيد صياغة مفردات هذا الجيل ويفتح عينيه على الحقيقة دون خداع أو حيل، تاريخ لا تكتبه “سي أن أن ” و”بي بي سي” و”فوكس نيوز” وغيرها من الإعلام التّقليدي، وإنّما منصّات التّواصل، يعتمدون على أنفسهم، والأهم أنّهم فقدوا ثقتهم بقياداتهم وبنخبهم السّياسية التي باتت لعبة بيد لجنة الشّؤون العامّة الأمريكية – “الإسرائيلية” (أيباك).

سقوط الخرافات وانكشاف الأكاذيب

لا شيء يرعب الحكومات مثل جيل الشّباب، جيل الثّورة الرّقمية، جيل يبحث عن الحقيقة ويحفر للوصول إليها، جيل لا ترهبه التّهم المعلّبة والجاهزة مثل “معاداة السّامية” و”الإرهاب”، ولا يصدّق خرافة “حقّ “إسرائيل” في الدّفاع عن نفسها” لأنّه لا دفاع لقوّة محتلّة.

ما أثار ذعر الدّولة العميقة في أمريكا وأوروبا هو المخاوف من أن يتحوّل وعي هؤلاء الطلّاب والشّباب إلى وعي مجتمعي وضمير يرمز لعالم ما بعد غزّة، حيث أفاق العالم على أنّه سيكون أكثر أمنًا في حال تمّ تفكيك هذا الكيان المصطنع في فلسطين المحتلّة.

السّرد أو الرّواية الصّهيونية تتهاوى تحت ضربات “جيل زد”، وسقطت “الحصانة” التي تمتّعت بها قبل 76 عامًا بدعم من الحكومات الغربية، جيل رفض الوقوع تحت تأثير الرّواية المصطنعة والمصنعة، التي وقف وراء تسويقها مؤسّسات إعلامية غربية ضخمة، و”لوبيات” صهيونية في جميع أنحاء العالم، ومراكز أبحاث ودراسات، ومؤرّخون موجّهون، وهوليوود بسحرها ونفوذها وبذخها، ونخب سياسية مائعة باعت ذمّتها وضميرها بحفنة من الدّولارات.

كلّ ذلك تهاوى وتلاشى بعد أحداث السّابع من أكتوبر الماضي حيث فشل أحد أقوى الجيوش في العالم في إنقاذ نفسه وشعبه، وتحوّلت جميع برامج وأجهزة الاستخبارات والتجسّس، التي سوّقها للعالم، بوصفها الحل للمقاومة وللمعارضة، إلى خردة. وبدأ العالم يسأل ماذا كان قبل السّابع من أكتوبر؟!

اتّكأ الاحتلال ومن خلفه الغرب على وسائل الإعلام التّقليدية في الولايات المتّحدة وبريطانيا بشكل خاص، لترديد روايته، والتي حجبت الرّواية الفلسطينية والعربية وتحيّزت بشكل كامل للرّواية “الإسرائيلية”، فبدت هذه الوسائل هرمة فقدت تركيزها، عاجزة، تردّد الأكاذيب بطريقة مخزية أفقدتها احترام العالم فانكشفت عورتها وعورها وعارها.

جيل الثّورة الرّقمية

اعتمد “جيل زد” على نفسه، ويحدّد الدّيمغرافيون فترة ميلاد أبناء هذا الجيل بين منتصف التّسعينيات وحتّى منتصف العقد الأوّل من القرن الحادي والعشرين. وأبرز ما يميّز هذا الجيل هو استخدامه الواسع للإنترنت من سنّ مبكّرة.

أبناء “الجيل زد” عادة ما يكونون متكيّفين مع التّكنولوجيا، والتّفاعل على مواقع التّواصل الاجتماعي بطريقة تشكّل جزءًا كبيرًا من حياتهم الاجتماعية ومداركهم ووعيهم، وهو جيل الجامعات والمنظّمات الشّبابية وقنوات الفيديو والبودكاست والبث المباشر.. وغيرها.

وأخذ هذا المواطن العالمي الرّقمي الذي يعيش حياة إلكترونية كاملة، في استغلال جميع المنصّات الاجتماعية لإيصال الصّور والأخبار والفيديوهات حول جرائم الاحتلال في غزّة إلى جميع أنحاء العالم، فانقلب السّحر على السّاحر.

وانهارت الإستراتيجية “الإسرائيلية” التي سادت طوال العقد الماضي والقائمة على تصفية القضية الفلسطينية عبر التّطبيع مع المحيط العربي، وعادت القضيّة الفلسطينية لتتبوّأ صدارة المشهد العالمي، باعتبارها قضيّة التحرّر الإنسانية الأولى في عصرنا.

الانتخابات الأمريكية المقبلة

ضمن هذا السّياق، تظهر قوّة “الجيل زد”، وجيل الشّباب، الذي يحاول الإعلام الأمريكي ونخب واشنطن شيطنته ولصق تهم التطرّف واليسارية وتلقي مساعدات خارجية بحراكه، في الانتخابات الرّئاسية الأمريكية وانتخابات التّجديد النّصفي للكونغرس الأمريكي، بشقّيه النّواب والشّيوخ، التي ستجرى بالتّزامن في نوفمبر المقبل.

إذ يؤكّد هذا الجيل والنّاخبون الدّيمقراطيون المنحدرين من أصول عربية وشرق أوسطية بأنّه سيتعيّن على المرشّحة الرّئاسية، كامالا هاريس، والحزب الدّيمقراطي الذي يشكّل هؤلاء الشّباب قاعدته الانتخابية كسب تأييدهم مجدّدًا بعدما شعروا بالتّهميش جراء طريقة تعاطي الرّئيس جو بايدن مع العملية العسكرية “الإسرائيلية” في غزّة.

كان التّصويت بـ “غير ملتزم” في الانتخابات التّمهيدية لاختيار المرشّحين للانتخابات الرّئاسية لكلّ حزب شائعًا ومعتادًا لكنّه لم يكن بهذا العدد الضّخم من “غير الملتزمين” خصوصًا في ولاية متأرجحة مثل ميتشغان التي يشكّل العرب فيها قاعدة انتخابية مهمّة جدًّا والتي كانت حاسمة في الانتخابات الرّئاسية السّابقة.

ويرسل التّصويت بـ “غير الملتزم” رسالة احتجاج شديدة اللّهجة إلى الحزب الدّيمقراطي بأنّ الدّعم غير المشروط والمشاركة في جرائم الحرب على غزّة قد يفقده المنصب الرّئاسي في الانتخابات التي ستجري هذا العام وربّما الكونغرس لصالح الرّئيس السّابق دونالد ترامب وحزبه الجمهوري.

جمهور”إنستغرام” و “تيك توك

إنّ استطلاعات الرّأي والوسوم وقصص “إنستغرام” و”تيك توك” و”أكس” والمظاهرات الجامعية تظهر أنّ جيل ما بعد الألفية، “الجيل زد”، أكثر رفضًا للرّواية “الإسرائيلية” وأكثر تصديقًا للرّواية الفلسطينية من الأميركيين الأكبر سنًّا.

وتصدّر في منصّة “تيك توك”، حيث نصف المستخدمين أقل من 30 عامًا، وسم “الحرية لفلسطين” بنحو 31 مليار مشاركة، مقارنة بنحو 590 مليون مشاركة لـ “ادعموا إسرائيل”، أي أكثر من 50 ضعفًا.

ووفقًا لاستطلاع رأي أجراه مركز الدّراسات السّياسية الأمريكية بجامعة “هارفارد”، يعتقد 60 بالمائة أنّ هجوم حماس يمكن تبريره بسبب الظّلم الذي لحق بالفلسطينيين، كما تعتقد النّسبة نفسها أنّ دولة الاحتلال هي التي ترتكب إبادة جماعية ضدّ سكّان غزّة. وترى الغالبية أنّ الحل يكمن في تفكيك دولة الاحتلال ومنحها للفلسطينيين.

هذا الجيل سيعود بعد أيّام قليلة إلى واجهة الحدث من جديد بعد استئناف الدّراسة الجامعية هذا الخريف، حيث يتوعّد الطلّاب باعتصامات واسعة غير مسبوقة، كما أنّهم سيكونون ورقة حاسمة تحدّد هوية سيد البيت الأبيض القادم.

جيل “Z“..

القوة التي ستغير معادلة الهامش والمركز

بقلم: الدكتور صالح نصيرات – كاتب وباحث أردني

يطلق جيل “z” على مواليد الفترة من 1997 إلى 2012، ففي الولايات المتّحدة تتمّ تسمية الأجيال لتمييز خصائص كلّ جيل عن الآخر وأدواره في الحياة، وهي طريقة تمّ استخدامها منذ فترة ما قبل الحرب العالمية الثّانية. وقد تحدّث الباحثون في علوم الاجتماع والنّفس عن مزايا هذا الجيل على غيره من الأجيال التي سبقته مباشرة بكونه جيل التّقنيات الحديثة واستخدم وسائل التّواصل الاجتماعي بطريقة تجعله أكثر حيوية واطلاعًا ومعرفة بما يجري حوله. وهو جيل التّفكير النّاقد والحوار والرّغبة في التعرّف على الآخر، ممّا ولّد لديه نظرات ورؤى أكثر تسامحًا ووعيًا بالآخر المختلف ثقافيًا واجتماعيًا ودينيًا.

واليوم نجد حراكًا تطغى عليه المشاركة في قيم إنسانية كما قدّمنا أعلاه، وهو ثمرة طبيعية للثّورة التّقنية الرّابعة. ولعلّ هذا الجيل سيكون أكثر قدرة على بناء عالم يبشّر بعلاقات أكثر انفتاحًا على الآخر تجعله قادرًا على فهم الآخر ممّا يساعد في تقليل فرص النّزاعات والحروب.

وقد ظهر خلال الأشهر العشرة الماضية ما يفيد بذلك، فمن خلال نظرة على استطلاعات الرّأي التي نشرت بخصوص ما جرى ويجري على أرض غزّة منذ السّابع من أكتوبر الماضي، نجد تطوّرًا كميًا ونوعيًا في النّظرة إلى طبيعة الصّراع الفلسطيني الصّهيوني، فقد دلّت نتائج استطلاع قدّمه معهد بيو الأمريكي أنّ 61 بالمائة من فئة الشّباب الأمريكي من الفئة العمرية 18-30 تؤيد الفلسطينيين، مقابل 56 بالمائة تؤيّد “الإسرائيليين” من فئة غير الشباب.

وفي مجمل الأمريكيين النّسبة المؤيّدة للفلسطينيين هي 52 بالمائة، وفي استطلاع لمؤسّسة غالوب تبيّن أنّ هناك انخفاضًا لتأييد “الإسرائيليين” من عام 2023 حيث وصل إلى 32 بالمائة مقابل 61 بالمائة، وكذلك شهد انخفاضًا لتأييد السّلطة الفلسطينية من 36-32 بالمائة بين فئة الشّباب، وهناك نتائج متقاربة في بريطانيا وألمانيا. والغريب أنّ السّؤال لم يكن عن تأييد الفلسطينيين شعبا بل سلطة، وهذه النّتيجة لا تسمح بالقول أنّ هناك أمرًا إيجابيًا. لكن عندما يكون السّؤال عن مجمل قضايا الشّرق الأوسط نجد ارتفاعًا واضحًا يؤيّد الفلسطينيين مقابل “الإسرائيليين” بين فئة الشّباب، حيث ارتفعت من 35-43 بين الدّيمقراطيين وحتّى عند الجمهوريين أيضًا من 6 بالمائة إلى 20 بالمائة.

ويزعم معهد “غالوب” أنّ الحرب على غزّة لم تؤثّر كثيرًا على مستويات التّأييد لكلا الطّرفين.

وما يهمّنا هنا هو أنّ ما رأيناه خلال الأشهر الماضية من حراك شعبي وطلّابي يشهد بتحوّل نحو التّعاطف مع الفلسطينيين، فطلّاب الجامعات الأمريكية خاصّة تلك التي يطلق عليها جامعات النّخبة من أعضاء (رابطة اللبلاب)، هم سيكونون قادة المستقبل على مختلف الصّعد سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا. والسّؤال هو: هل سيستمر التّعاطف حتّى بعد انتهاء الحرب على غزّة أم أنّ الأمور ستعود كما كانت من قبل؟

من خلال نظرتنا لخصائص “جيل زد” نجد أنّ هناك عوامل عدّة ترشّح ارتفاعًا متوقّعًا خلال السّنوات القادمة مثل ظهور قيم إيجابية تجاه الآخر عمومًا، والتّسامح والرّغبة في إيجاد عالم أكثر سلمية والإقبال على الدّخول في الإسلام الذي سيساهم بشكل كبير في تطوير فهم إيجابي تجاه العرب والمسلمين بشكل عام والفلسطينيين بشكل خاص. وهذا مرهون أيضًا بقدرة العرب والمسلمين على المحافظة على زخم الحراكات وتطويرها من خلال علاقات مستدامة مع القوى الطلّابية والنّقابية والاجتماعية المؤثّرة من خلال تقديم المعلومات الصّحيحة وفتح حوارات جادّة مع تلك الشّريحة وتحدّي الرّواية الصّهيونية لما جرى ويجري على أرض فلسطين.

ولعلّنا لا نبالغ إذا قلنا أنّ الكرة في مرمى الجماعات والمنظّمات العربية والإسلامية، فهي بحاجة إلى تطوير طرائق العمل الإعلامي وشبكة العلاقات العامّة مع المجتمع الأمريكي خصوصًا فئة الشّباب ليكون التّأثير أكثر وضوحًا في قابل الأيام ولينتج جيلًا يعمل بجدّ على تغيير السّياسات الأمريكية المتأثّرة بالضّغط الصّهيوني لتكون أكثر إنصافًا للحقّ الفلسطيني.

الأيام نيوز - الجزائر

الأيام نيوز - الجزائر

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
نفذها الاحتلال جنوب غزة.. 40 شهيدا وعشرات المصابين في مجزرة جديدة أمطار رعدية على 9 ولايات هل سيحسم عمالقة التكنولوجيا نتائج السباق نحو البيت الأبيض؟.. مستقبل أمريكا في متاهة "السيليكون فالي" فشل ثلاثي الأبعاد.. المخزن يتخبط في مستنقع الإخفاقات انتقادات واسعة.. أداء سلطة الانتخابات في مرمى المترشّحين الثلاثة جهود التدخّل والإغاثة مستمرة.. إجراءات فورية للتعامل مع أضرار فيضانات ولاية بشار عائلته تستقبل التعازي في "بيت فرح وتهنئة".. الشهيد "ماهر الجازي" هدية الأردن لفلسطين وغزة العهدة الثانية للرئيس تبون.. أمريكا تسعى إلى ترقية التعاون الثنائي اختتام الألعاب البارالمبية في باريس.. الجزائر الأولى عربيا وإفريقيا وزارة التعليم الفلسطينية.. فتح مدارس افتراضية لأول مرة في غزة تعليم عالي.. استلام 19 إقامة جامعية جديدة بتكليف من رئيس الجمهورية.. عطاف في القاهرة ولقاءات مرتقبة مع نظرائه العرب الرئيس الصحراوي يوجه رسالة تهنئة إلى الرئيس تبون بعد فوزه بالعهدة الثانية.. اليامين زروال يهنئ عبد المجيد تبون جبهة البوليساريو تدين السياسة الإجرامية للاحتلال المغربي ضد الصحراويين أكد تمسكه بالعلاقة الاستثنائية بين البلدين.. ماكرون يهنئ تبون على إعادة انتخابه إجراءات عاجلة للتكفل بمخلفات الأمطار بولاية بشار وزارة التربية.. هذا هو موعد فتح المنصة الرقمية للتعاقد أسعار النفط ترتفع بأكثر من 1%.. وخام برنت يتداول قرب 72 دولارًا مجزرة مرورية بالطريق السيار شرق غرب