أثار ـ منذ البداية ـ غياب الفنان الأردني «عمر العبداللات» عن فعاليات مهرجان جرش للثقافة والفنون الذي بدأ التحضير له بالمملكة الهاشمية، تساؤلات لدى الإعلام المحلي ثم العربي لاحقا ليتضح أن هذا الغياب جاء نتيجة موقف مرشح للاتساع.
وكانت إدارة المهرجان قد تجاهلت الفنان «العبداللات» خلال وضع الترتيبات لبرنامج الفعاليات، في حين تم اعتماد البرنامج الفني للضيوف العرب والاتفاق معهم، بما أعطى الانطباع أن الفنانين الأردنيين مجرد أسماء مضافة لمليء قائمة البرنامج.
وفسر العبداللات قبل يومين على قناة تلفزيونية محلية سبب إعراضه عن المشاركة في دورة هذا العام، واصفا ذلك بأنه رد على سوء التنسيق معه، ولكنْ، سرعان ما تطور هذا الموقف إلى اتهام صريح وجّهه الفنان إلى إدارة التظاهرة مفاده أنه يتعرض بشكل عمدي للتهميش والإقصاء “لأسباب غير مفهومة”.
واتضح مع الوقت أن «العبداللات» ليس الفنان الوحيد ـ بالمملكة ـ المتخذ لهذا الموقف الذي بلغ حد رفضه المشاركة في التظاهرة، فقد أعلن فنانون أردنيون آخرون مقاطعتهم مهرجان جرش للثقافة والفنون الذي تقام فعالياته بين 28 يوليو (تموز) و6 أغسطس (آب) المقبل، ومن بين هؤلاء ديانا كرزون وزين عوض وطوني قطان.
عاصفة الاعتذارات
ووصفت الصحافة المحلية ما يحدث بسبب “عاصفة الاعتذارات” هذه بأنها نتيجة حتمية لممارسات سابقة يتعرض لها الفنانون المحليون هناك إذ يتم منحهم أياماً قليلة في منتصف الأسبوع ليختاروا منها موعداً، من دون أدنى مراعاة لارتباطاتهم الفنية الأخرى داخل الأردن وخارجه، وهذا ما اعتبروه نوعا من التمييز لفائدة فنانين عرب حجزوا أمكنتهم ضمن الفعاليات.
وبدأ الفنان عمر العبداللات، حملة المقاطعة لتلحقه بعد ذلك الفنانة الأردنية الحائزة لقب سوبر ستار العرب ديانا كرزون، لينضم إليهما الفنان الأردني حسين السلمان، وبعدها يحيى صويص ثم زين عوض وكذلك طوني قطان، وهكذا وصل عدد المقاطعين إلى 6 فنانين.
وفي سياق توالي التصريحات الجريئة ضد إدارة المهرجان أعلنت الفنانة كرزون “أن هذا القرار جاء بعد دراسة مستفيضة ومراقبة حثيثة لتنظيم المهرجان وما شهده من تخبط كبير وتعمد القائمين على المهرجان عدم تقدير واحترام الفنان الأردني بشكلٍ كاف”، ورأت أن ما حدث مع العبداللات “رسالة واضحة من إدارة المهرجان بأنها لا تلتفت لنجومية الأردنيين وتحاول تهميشهم على حساب الآخرين”.
وفي الشأن ذاته حمل الفنان حسين السلمان المسؤولية الكاملة لإدارة المهرجان، وذلك لعدم مراعاتهم ظروف الفنان الأردني أو مواعيده أو حتى الأجور التي يتقاضها”، أما الفنان صويص فقد “عزا اعتذاره لعدم احترام الفنان الأردني وتغييبه بشكل كامل عن برنامج المهرجان”.
يشار على أن مهرجان جرش، الذي “انطلق منذ نحو 40 عاما، يعتبر من أبرز وأقوى المهرجانات الفنية على مستوى الأردن والشرق الأوسط، ويحيي حفلاته سنويا أبرز الفنانين العرب”.
وكانت وزيرة الثقافة الأردنية التي ترأس اللجنة العليا للمهرجان، هيفاء النجار، قد نفت في وقت سابق، خلال المؤتمر الصحافي لإعلان برنامج فعاليات مهرجان جرش، ما تداولته وسائل الإعلام المحليّة عن إقصاء متعمّد لعمر العبداللات.
وقالت الوزيرة: “أعتذر بصفتي الشخصية والوظيفية من الفنان عمر العبداللات، فهو قيمة وقامة فنية أردنية نعتزّ بها ونقدّرها، وما حدث ليس أكثر من سوء تنسيق وتواصل معه، وسيكون له حضور سيجري التحضير له وفق ما يليق بقيمة المهرجان والفنان معاً”.
من جانبها برّرت زين عوض اعتذارها عن المشاركة في المهرجان بـ”عدم وضوح الرؤية الفنية”، وقالت: “لا توجد آلية واضحة في التواصل معي بطريقة احترافية كما حصل في السنوات الماضية” لكنها بالمقابل رحبت “بكل محبة” بزملائها الفنانين العرب، “فلهم كل الاحترام والتقدير، لكننا كفنانين أردنيين نطلب تقدير مسيرتنا المهنية كما ينبغي”.
اتفق طوني قطان مع رأي زميلته زين عوض، وأضاف أن الجهة المنوطة بالتعاقد مع الفنانين الأردنيين كانت تفرض عليهم أياماً ومسارح معينة للغناء خلال المهرجان، من دون اعتبار لتعاقداتهم المسبقة أو لمشوارهم الفني. وأضاف: “اعتذرت عن عدم المشاركة لما اعتبرته سوء تقدير للفنان الأردني”.
ماذا عن نقابة الفنانين؟
كانت إدارة المهرجان قد وقّعت، في يونيو/حزيران، اتفاقية تعاون مشترك تتولى فيها النقابة التعاقد مع الفنان الأردني مقابل 250 ألف دينار أردني (أقل من 400 ألف دولار أمريكي).
وقال المخرج شحادة الدرابسة وهو المدير الفني لمهرجان إنه “لا يوجد أي تواصل بين إدارة المهرجان وأي فنان أردني، وإن ملف مشاركة الفنانين، منذ تاريخ توقيع الاتفاقية مع نقابة الفنانين الأردنيين، منوط بها فقط، وإن كل التعاقدات تجري من خلالها”.
وختم يقول: “خلال الفترة الماضية، كنا نطلب من أي فنان يتواصل معنا أن يتصل بالنقابة، احتراماً لدورها، وأنا على ثقة مطلقة بأن النقابة لديها القدرة على إعطاء كل فنان حقه”.
من جهته أبدى نقيب الفنانين الأردنيين، محمد يوسف العبادي، تفاجؤه بقرار المغنين عدم المشاركة في فعاليات مهرجان جرش لأسباب تتعلق بعدم تقدير واحترام الفنان الأردني وتهميشه. وقال النقيب لصحيفة عربية: إن النقابة “ضد أي جهة لا تحترم الفنان الأردني أياً كانت، لكنني لا أستطيع أن أعبر عن وجهة نظر الزملاء الذين لم يقدموا لنا شكاوى رسمية”، وأبدى استعداده لاحتواء الأزمة بين إدارة المهرجان والمغنين.
