ضمن مؤامرة إقليمية كبرى في القرن الإفريقي.. المخزن من غدر إلى غدر

في غمرة تفاقم التوتّرات بين مصر وإثيوبيا بشأن أزمة سدّ النهضة وما تخفي وراءها من صراعات إقليمية أعمق، أرسلت مصر مؤخرًا معدات عسكرية إلى الصومال، الذي يشهد بدوره توتّرات مع أديس أبابا. وفي المقابل، قام رئيس الأركان العامة لقوات الدفاع الوطني الإثيوبي، الماريشال بيرهانو جولا، بزيارة إلى المغرب حيث وقّع اتفاقية تعاون عسكري مع سلطة المخزن.

=== أعدّ الملف: حميد سعدون – سهام سوماتي – منير بن دادي ===

وزارة الخارجية الإثيوبية اتّهمت “مقديشو” بـ “التواطؤ” مع جهات تسعى إلى “زعزعة استقرار المنطقة”، في إشارة واضحة إلى مصر التي تنظر بعين الريبة إلى التقارب (العسكري) المُتنامي بين المغرب وإثيوبيا، في هذا الوقت الحساس الذي تزامن مع إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي “آبي أحمد” عن اقتراب اكتمال مشروع سدّ النهضة.

“القاهرة”، التي تدرك بأنّ المغرب لا يجرؤ بمفرده على الدخول في وحل هذا الأزمة ما لم يكن قد تلقى الإيعاز من حليفَيه: “إسرائيل” والإمارات، ستفكّر مليًّا قبل القيام بأيّ خطوة ضد “الرباط”، لأنّ الأمر يتعلّق بمؤامرة. وهكذا، فإنّ “القاهرة” ستراهن على تهديد إثيوبيا عبر الصومال، وهو ما شرعت فيه بالفعل، فقد أرسلت مصر قبل أيام، مُعدّات عسكرية إلى الصومال، وبدأت في تنفيذ اتفاقية الدفاع المشترك وسط ترحيب صومالي.

في 20 جويلية من هذا العام، وافق مجلس الوزراء الصومالي على اتفاقية دفاعٍ مشترك مع مصر، وذلك في ظل مساعٍ إثيوبيا لإقامة قاعدة بحرية في إقليم (أرض الصومال)، الذي أعلن انفصاله عن دولة الصومال قبل أكثر من ثلاثين عامًا. وعلى الرغم من ذلك، لم يعترف الاتحاد الإفريقي ولا الأمم المتحدة بـ (أرض الصومال) كدولة مستقلة، وما زالت الحكومة الصومالية تعتبر الإقليم جزءًا لا يتجزّأ من أراضيها.

يشكّل الموقع الاستراتيجي لإقليم (أرض الصومال) على “خليج عدن” بالقرب من مضيق “باب المندب” هدفًا جذّابًا للعديد من القوى، خاصة في سياق التنافس الدولي على النفوذ في منطقة القرن الإفريقي وموانئها خلال العقد الماضي. ومن بين تلك القوى، تبرز الإمارات، التي وقّعت عبر شركتها العملاقة “موانئ دبي العالمية” اتفاقًا مع (أرض الصومال) في عام 2016 بقيمة 442 مليون دولار، لإنشاء وتشغيل مركز تجاري ولوجستي إقليمي في ميناء مدينة “بربرة”.

وفي عام 2018، وقّع الطرفان اتفاقية أخرى لتطوير منطقة اقتصادية حرّة تتكامل مع مشروع ميناء “بربرة”، حيث احتفظَت “موانئ دبي” بحصة 51% من المشروع. وقد اكتملت المرحلة الأولى من المشروع في عام 2021، ما يسمح للميناء بزيادة طاقته التشغيلية إلى 500 ألف حاوية سنويّا.

ويربط بعض المراقبين مُذكِّرة التفاهم بين إقليم (أرض الصومال) وإثيوبيا بالموافقة الإماراتية، نظرًا للعلاقات القوية التي تجمع بين الأطراف الثلاثة. كما أن تحويل ميناء “بربرة” إلى ممرٍّ رئيسي لتجارة إثيوبيا، التي تُعدّ أكبر اقتصادات القرن الإفريقي، سيعود بعائدات ضخمة على شركة “موانئ دبي العالمية”.

الجدير بالذِّكر أنّ اتفاقية عام 2018 بين “موانئ دبي” وإقليم (أرض الصومال) وإثيوبيا تضمّنت حصول الأخيرة على حصة 19% من ميناء “بربرة”. إلّا أنّ هذه الاتفاقية لم تُنفّذ بالكامل بسبب عدم تمكّن “أديس أبابا” من الوفاء بالشروط المطلوبة بحلول عام 2022.

من جهة أخرى، ترفض مصر بشكل قاطع الخطوات الإثيوبية، التي تراها غير تجارية وتتعارض مع المبادئ الأساسية للقانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، والذي ينصّ على الدفاع عن سيادة الدول الأعضاء ووحدة أراضيها واستقلالها.

تصاعد التوتّرات في القرن الإفريقي وخطر التقسيم

وبغضّ النظر عن الجدل حول الميناء الذي تسعى إثيوبيا لإنشائه، تبرز المشكلة الأساسية في الاعتراف بإقليم (أرض الصومال) ككيان مستقلٍّ والتعامل معه بمعزل عن الحكومة المركزية الصومالية. هذا التوجّه يشكّل تهديدًا لاستقرار الصومال، وهي دولة تتمتّع بموقع جيوسياسي بالغ الأهمية نظرًا لإطلالتها على مضيق “باب المندب” والمحيط الهندي و”خليج عدن”. ومن هنا، يظهر أنّ التواصل المتزايد بين إثيوبيا والمغرب يأتي كجزء من تحرّكات تهدف إلى تعزيز مصالح “إسرائيل” والإمارات في المنطقة، ما يضع مصر أمام تحدٍّ جديد ويمثل تهديدًا لوحدة الصومال.

وبمجرّد وصول طائرتين عسكريتين مصريتين مُحمّلتين بالأسلحة والمعدّات إلى الأراضي الصومالية، أصدرت إثيوبيا بيانًا حادّ اللّهجة، مُتّهمة “مقديشو” بزعزعة الاستقرار الإقليمي. ورغم أن البيان لم يذكر مصر بالاسم، إلّا أنه حمل تهديدًا مُبطّنًا للقوى التي تحاول تأجيج التوتّر لتحقيق مكاسب قصيرة الأجل، ما ينذر بتصاعد التوتر في القرن الإفريقي.

التقارير تشير إلى أن مصر أرسلت طائرتين من طراز “سي 130” محمّلتين بمعدّات عسكرية إلى الصومال، في إطار جهودها لإعادة تدريب وتنظيم الجيش الصومالي بهدف رفع كفاءته في مواجهة الإرهاب وحركات الانفصال. هذه المساعدات، التي تُعتبر الأولى من نوعها منذ أكثر من أربعة عقود، لم تُعلن عنها “القاهرة” رسميًا، إلا أنّ دبلوماسيين صوماليين أثنوا على هذه الخطوة.

من الناحية الدبلوماسية، يمكن لمصر تبرير هذه الخطوة في إطار بروتوكول التعاون الأمني المُوقّع مؤخرًا بين مصر والصومال، حيث تسعى “القاهرة” إلى مساعدة الصومال في “حفظ أمن” مضيق “باب المندب”، الذي يُعدّ حيويًّا لأمن “قناة السويس” المصرية. لكن مصطلح “حفظ الأمن” هنا يتجاوز محاربة الإرهاب ليشمل مواجهة الأطماع الصهيونية والإماراتية في منطقة القرن الإفريقي، حيث يحتدم الصراع على السيطرة على مضيق “باب المندب” ذو الأهمية الاستراتيجية.

وبينما تظل “إسرائيل” والإمارات خلف الكواليس، يتمّ استخدام المغرب كواجهة للتحرّكات المشبوهة في المنطقة، في خطوة تُعتبر بمثابة رسالة تحذير إلى مصر. وقد جاء ردّ مصر على هذا التحرّك غير المباشر من خلال تصريحات رئيس الوزراء المصري، الدكتور “مصطفى مدبولي”، الذي أكد – يوم السبت 31 أوت – على دعم مصر الكامل لوحدة الصومال وحرصها على تعزيز العلاقات بين البلدين. وأشار “مدبولي” إلى أنّ “الفترة المقبلة تحمل خيرًا كبيرًا للشعب الصومالي”، في إشارة إلى الدعم المصري المتزايد للصومال في مواجهة التحديات الإقليمية.

ويبدو أن “الخير الكبير” الذي تنتظره الصومال قد يحمل معه “الشر الكبير” لإثيوبيا وحلفائها، الذين يتّخذون خطوات حذرة تاركين المغرب في الواجهة السياسية. وأكد “مدبولي” أنّ تحقيق وحدة الصومال ودعم الأشقاء الصوماليين يُعدّ من أهم أولويات مصر في هذه المرحلة، مشيرًا إلى الزيارات الرسمية رفيعة المستوى بين الجانبين التي تعكس هذا الالتزام.

وأضاف “مدبولي” أنّ مصر ملتزمة بتقديم الدعم اللازم للصومال في جميع المجالات، مؤكّدًا على أهمية تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين. وأعرب عن تطلّعه إلى تنظيم منتدى أعمال في الصومال يجمع رجال الأعمال من البلدين، مشيرًا إلى استعداد مصر لتلبية احتياجات الصومال من السِّلع والبضائع وتسهيل نفاذها إلى السوق الصومالي.

من جانبه، أعرب رئيس الوزراء الصومالي، “حمزة بري”، عن امتنانه لمصر على دعمها المستمرّ، مؤكدًا أن مصر تُعدّ الأخ الأكبر للصومال، مُشدِّدًا على عمق العلاقات التاريخية بين البلدين. وأوضح “بري” أن التعاون بين مصر والصومال مُتعدِّد الأوجه، مشيدًا بدور مصر الرائد في دعم الصومال عبر العقود. لكن السؤال المطروح: ما الذي تسعى إليه إثيوبيا على حساب الصومال؟

في عام 1993، أصبحت إثيوبيا دولة غير ساحلية بعد استقلال إريتريا، ممّا جعل “أديس أبابا” تعتمد على موانئ الدول المجاورة لتلبية احتياجاتها البحرية. منذ ذلك الحين، باتت مسألة الوصول إلى منفذ بحري تشكّل هاجسًا استراتيجيًّا لإثيوبيا، حيث أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، “آبي أحمد”، في عام 2023، أن استعادة هذا الوصول يُعدّ هدفًا قوميًّا، مُحذِّرًا من أن “الفشل في تحقيق ذلك قد يؤدّي إلى صراع”. وفي بداية جانفي 2024، أبرمت إثيوبيا اتفاقًا مع إقليم (أرض الصومال) الانفصالي لتأمين منفذ بحري إلى البحر الأحمر عبر “خليج عدن”، ما أثار توتّرات جديدة في منطقة القرن الإفريقي.

الاتفاق بين “أديس أبابا” و(أرض الصومال) يتضمّن استئجار إثيوبيا لمنفذ بحري على خليج عدن لمدة 50 عامًا، مع إنشاء قاعدة عسكرية ومرافق تجارية في المنطقة، وفي المقابل، سيحصل إقليم (أرض الصومال) على حصة في الخطوط الجوية الإثيوبية، وهي أكبر شركة طيران في إفريقيا. وزادت هذه التحرّكات من حدّة التوترات في المنطقة، ما دفع الصومال إلى طرد السفير الإثيوبي وإغلاق القنصليات الإثيوبية، كما استدعت “مقديشو” مبعوثها من “أديس أبابا”، وهدّدت بفرض عقوبات على الشركات التي تتعامل مع (أرض الصومال) كدولة مستقلة.

إقليم (أرض الصومال)، الذي أعلن استقلاله عام 1991 بعد انهيار الدولة الصومالية، لم يتمكّن حتى الآن من الحصول على اعتراف دولي باستقلاله. ومع ذلك، يرى مراقبون أن اعتراف إثيوبيا قد يشكِّل مقدّمة لاعتراف دول إفريقية أخرى بالإقليم، وهو ما قد يغيّر موازين القوى في المنطقة. وفي سياق آخر، كان رئيس الوزراء الإثيوبي قد عرض في خطابه، في أكتوبر من هذا العام، على الدول الساحليّة المجاورة إمكانية الحصول على نسبة تصل إلى 30% في مؤسسات حيوية إثيوبية مثل سدّ النهضة، والخطوط الجوية الإثيوبية، وشركة الاتصالات الإثيوبية، مقابل تأمين منفذ بحري سيادي لإثيوبيا. لكن هذا العرض لم يلقَ استجابة من تلك الدول.

لقد استفادت إثيوبيا بشكل كبير من انهيار الدولة في الصومال، وتراجع الدور الإريتري بفعل العقوبات والحصار الدولي على “أسمرة”، حيث تمكَّنَت من ملء الفراغات الإقليمية وبناء شبكة من المصالح مع جيرانها. هذا التطوّر جاء في وقت تراجع فيه دور مصر في “وادي النيل”، حيث انشغلت “القاهرة” بشؤونها الداخلية وتداعيات الربيع العربي في الشرق الأوسط، ممّا أعطى إثيوبيا الفرصة لتعزيز نفوذها الإقليمي بعيدًا عن أيّ منافسة قوية.

منذ حرب (1998 – 2000) التي أدّت إلى قطيعة كاملة بين إثيوبيا وإريتريا، أصبحت جيبوتي بمثابة المنفذ البحري الرئيسي للسوق الإثيوبي الضّخم. فقد تحوّل ميناء جيبوتي إلى الشريان الحيوي الذي يعبر من خلاله 95% من واردات وصادرات إثيوبيا، ممّا أسفر عن أرباح سنوية تُقدّر بمليار دولار لجيبوتي. ومع هذا الدور الحيوي، تعزّزت العلاقات بين البلدين بشكل ملحوظ، خاصة بعد ربط “ميناء دوراليه” الجيبوتي بـ “أديس أبابا” من خلال خطّ سكة حديد كهربائي يبلغ طوله 756 كيلومترًا.

إضافةً إلى ذلك، يوفِّر مشروع الربط الكهربائي بين البلدين 80% من احتياجات جيبوتي من الكهرباء، وتمّ الإعلان في عام 2019 عن توقيع اتفاقية لمدّ خط أنابيب لتصدير الغاز الطبيعي بتكلفة 4 مليارات دولار. كما تمّ إطلاق مشروع في عام 2017 لتخفيف معاناة جيبوتي من نقص المياه العذبة، حيث يتمّ ضخ 100 ألف متر مكعب من المياه يوميًّا من إقليم الصومال الإثيوبي إلى إقليم “علي صبيح” في جيبوتي، والذي يضخّ حاليًا 20 ألف متر مكعب يوميّا.

مسألة “حياة أو موت”

شهدت المنطقة مرحلةً من التفاؤل مع قيام التحالف الثلاثي بين إثيوبيا وإريتريا والصومال، الذي أعطى انطباعًا بأنّ القرن الإفريقي في طريقه إلى تجاوز الخلافات التاريخية والتوجّه نحو التكامل الاقتصادي والتنسيق السياسي بقيادة إثيوبيا. شكّل هذا التحالف درعًا إقليميًّا لحماية مصالح إثيوبيا، حيث أسفرت المصالحة مع إريتريا عن إزالة تهديد مُحتمل كانت “القاهرة” تعتمد عليه كوسيلة للضغط على “أديس أبابا”..

ولكن لم يدم هذا التفاؤل طويلًا، حيث أدّت تطوّرات حرب “التيغراي” (2020-2022) واتفاقية “بريتوريا” بين الحكومة الإثيوبية و”الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي” إلى توتّر جديد، خصوصًا مع إريتريا التي اعتبرت أنّ الاتفاقية مؤامرة أمريكية ضدها. وزاد من تعقيد الوضع، طموحات إثيوبيا في الحصول على منفذ بحري، ممّا أدّى إلى تصاعد التوتر مع “أسمرة” وزيادة المخاوف في جيبوتي.

اندلعت أزمة جديدة بعد توقيع رئيس الوزراء الإثيوبي “آبي أحمد” مذكِّرة تفاهم مع إقليم (أرض الصومال) الانفصالي، وهو ما اعتبره الرئيس الصومالي “حسن شيخ محمود” “انتهاكًا مباشرًا لسيادة” بلاده. ردًّا على ذلك، قام الصومال بطرد السفير الإثيوبي وطرح إلغاء المذكّرة كشرط أساسي لإعادة تطبيع العلاقات مع “أديس أبابا”.

في خضمّ تصاعد التوتر بين مصر وإثيوبيا بسبب أزمة سد النهضة، استضاف المغرب وفدًا عسكريًّا إثيوبيًّا بهدف بحث التعاون الثنائي وتعزيز التقارب العسكري بين البلدين. وعلى الرغم من عدم صدور أيّ رد فعل رسمي مصري تجاه هذه الزيارة حتى الآن، فقد أثار التّقارب المغربي الإثيوبي استغرابًا وانتقادات في الأوساط المصرية غير الرسمية، حيث تعتبر هذه الخطوة “مريبة” في هذا التّوقيت الحسّاس.

تزامن هذا التّقارب مع إعلان إثيوبيا اكتمال أعمال سد النهضة وإرسال مصر “معدات عسكرية وأسلحة إلى الصومال”، ممّا أضاف مزيدًا من التّعقيد إلى العلاقات الإقليمية. في هذا السياق، استقبل القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية المغربية، المارشال “برهانو جولا جلالشا” رئيس أركان قوات الدفاع الوطني الإثيوبية، في زيارة رسميّة إلى المغرب من 25 إلى 29 من الشهر الماضي. وتشهد العلاقات بين “القاهرة” و”أديس أبابا” توترًا مستمرًّا منذ سنوات، خاصةً بسبب سد النهضة الذي بنته إثيوبيا على نهر النيل، والذي تعتبره مصر تهديدًا لأمنها المائي.

مصر تعتمد على نهر النيل في 97% من احتياجاتها المائية، وترى في السد تهديدًا وجوديًّا لها. خلال الأعوام الأربعة الماضية، كانت مصر تحثّ إثيوبيا على العودة إلى طاولة المفاوضات للتوصّل إلى حل توافقي، لكن دون جدوى.

في سياق آخر، فجّر رئيس الوزراء الإثيوبي “آبي أحمد” مفاجأة كبيرة في 14 أكتوبر الماضي عندما أعلن أنّ الحصول على منفذ بحري يُعتبر مسألة “حياة أو موت” لبلاده، مشيرًا إلى أن إثيوبيا قد تلجأ إلى القوة لتحقيق هذا الهدف إذا لزم الأمر، رغم تأكيده لاحقًا على التزام بلاده بالطُّرق السلميّة لحلّ هذا الملف. هذا التصريح زاد من توتر العلاقات بين إثيوبيا وجيرانها في القرن الإفريقي.

وفي تطوُّر جديد، استقبلت كلٌّ من “أديس أبابا” وإقليم (أرض الصومال) الانفصالي العام الجديد بتوقيع مُذكِّرة تفاهم تاريخية، تتيح لإثيوبيا الوصول إلى البحر عبر أراضي (أرض الصومال). هذه الخطوة أثارت موجةً من التكهّنات حول التداعيات الجيوسياسية المُحتملة على المنطقة، وتأثيراتها على العلاقات بين دول القرن الإفريقي التي تشهد اضطرابات متزايدة.

منذ استقلال إريتريا عام 1993 وتحوّل إثيوبيا إلى دولة حبيسة، ظلّ حلم الوصول إلى البحر هدفًا مركزيًّا في السياسة الإثيوبية. وكان آخر تعبير عن هذا الطموح هو خطاب رئيس الوزراء “آبي أحمد” أمام البرلمان الإثيوبي في 14 أكتوبر من هذا العام، والذي أكّد فيه مجدّدًا على أهمية الوصول إلى منفذ بحري لبلاده.

في إطار محاولته لتعزيز أحقيّة بلاده في الحصول على منفذ بحري، استند رئيس الوزراء الإثيوبي “آبي أحمد” إلى حججٍ تاريخية واقتصادية وديمغرافية وجيوسياسية. وصرّح بأنّ تعداد سكان إثيوبيا، المتوقع أن يصل إلى 150 مليون نسمة خلال أقل من عقد، “لا يمكن أن يعيشوا في سجن جغرافي”، مشيرًا إلى أن “النيل والبحر الأحمر هما الأساس لتطوير إثيوبيا أو فنائها”.

إثيوبيا تعتمد بشكل كبير على ميناء جيبوتي المجاور في عمليات الاستيراد والتصدير عبر البحر الأحمر، وهو ما يمثِّل مصدر قلق دائم لـ “أديس أبابا”. هذا الوضع دفعها إلى العمل على إستراتيجية تهدف إلى تنويع منافذها البحرية من خلال إبرام اتفاقيات مع جيرانها مثل الصومال وكينيا وغيرهما. لكن التطوُّر الأحدث في هذا السّياق كان سعيها الحثيث للحصول على منفذ بحري سيادي خاص بها.

بعد تصريحات “آبي أحمد”، بدأت الردود تتوالى من الدول الساحلية المجاورة لإثيوبيا، مثل جيبوتي والصومال وإريتريا. وقد أفادت تقارير بوجود حشود عسكرية على الحدود الإثيوبية الإريترية، ممّا أثار مخاوف من احتمال اندلاع نزاعٍ مُسلّح يكون “البحر” محور تفجيره.

في ظل هذه التوترات السياسية المتزايدة في منطقة القرن الإفريقي، أبرم كل من رئيس الوزراء الإثيوبي ورئيس إقليم (أرض الصومال) الانفصالي، “موسى بيهي عبدي”، مذكِّرة تفاهم شكلت منعطفًا جديدًا في الأزمة. وأكّد بيانٌ صادر عن رئاسة الوزراء الإثيوبية أن هذه المذكّرة “ستمهّد الطريق لتحقيق تطلّعات إثيوبيا في تأمين الوصول إلى البحر وتنويع منافذها البحرية”.

في سياق مُتّصل، أعلنت وزارة خارجية (أرض الصومال) أن الاتفاق يتيح لإثيوبيا الوصول إلى البحر مقابل الاعتراف الرسمي بجمهورية (أرض الصومال). وبموجب هذا الاتفاق، سيؤجّر الإقليم الانفصالي لإثيوبيا شريطًا ساحليًا بطول 20 كيلومترًا لمدة 50 عامًا، ممّا يعزّز فرص إثيوبيا في تأمين منفذ بحري دائم ومستقلّ.

سبب وجود الجيش المصري في الصومال

أوضح الإعلامي والنائب البرلماني المصري “مصطفى بكري”، سبب وجود قوات من الجيش المصري في الصومال. وكتب “بكري” في تدوينة له عبر حسابه الرسمي على “منصة X”: “الجيش المصري العظيم قادر علي حماية الأمن القومي المصري، ضد كل من تسوّل له نفسه التّطاول عليه. أُسود مصر في الصومال هي رسالة لكل من يحاول العبث”، وأضاف “بكري” في منشوره: “القيادة تتّخذ قرارها في الوقت المناسب، ووفقًا لمبادئ القانون الدولي والمواثيق الدوليّة.. حكمة القائد وقوة الجيش تمنح الأمان للمصريين، وتدحر كل محاولات الاستهداف الدولي والإقليمي للدولة ومقدراتها”.

وأشاد سفير الصومال لدى القاهرة “علي عبدي أواري”، بهذه الخطوة الهامة والتي تُعدّ أولى الخطوات العملية لتنفيذ مُخرجات القمّة المصرية الصومالية التي عُقدت في “القاهرة” مؤخرًا بين الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي”، ورئيس جمهورية الصومال “حسن شيخ محمود”، والتي شهدت توقيع اتفاق دفاعي مشترك بين مصر والصومال، وأكّد السفير الصومالي في بيان له أنّ مصر لم تتوانَ يومًا عن دعم الأشقّاء وخاصة الصومال، مُوضّحًا أنّ مصر بذلك ستكون أولى الدول التي تنشر قوات لدعم الجيش الصومالي بعد انسحاب قوات الاتحاد الإفريقي الحالية.

مصر بين تحديات أمنها القومي ومتطلبات الاستقرار الإقليمي

أفاد علي الطواب الباحث المصري في الشؤون الدولية والاستراتيجية، أنّه ممّا لا شك فيه أنّ قيام الدولة المصرية بإرسال معدات عسكرية إلى الصومال، في خطوة ربما تكون هي الأولى من نوعها منذ أكثر من أربعة عقود، وحسب ما وصفها محلّلون عسكريون هي خطوة مهمة، قد تؤدي إلى تعميق التوتر مع الجانب الإثيوبي الذي أراد في مرحلة لاحقة أن يسيطر على المنطقة الموجودة على البحر الأحمر “أرض الصومال”، هذه الأرض التي صُنفت من قبل إثيوبيا على أنها أرض انفصالية لا صاحب لها وبالتالي أرادت إثيوبيا أن تدخلها، في إشارة إلى التعدي الواضح على دولة الصومال وهي دولة عضو في الجامعة العربية، ودولة تربطها مواثيق ومعاهدات مع مناطق أخرى عديدة.

وفي هذا الصدد، أوضح الأستاذ الطواب في تصريح لـ “الأيام نيوز”، أنّ ما قامت به مصر، إنما يأتي تأكيداً منها على أنّه لا مساس بالأمن القومي المصري، وفي هذا السياق تحرك وزير الخارجية الإثيوبي الذي صرح لوسائل إعلام بأن أبواب بلاده مفتوحة للحوار والتفاوض مع الدولة المصرية لإنهاء ملف الخلافات بشأن سد النهضة، في خطوة توصف بأنها “غريبة”، ليس هناك خلاف بمعنى الخلاف، فالدولة المصرية لها طلب محدد وواضح وهو إيجاد ثقافة قانونية محددة وملزمة لملء وتشغيل سد النهضة، لا أكثر ولا أقل، أما الحديث الدائر حول أن مصر تقف أمام المشهد التنموي في إثيوبيا وما إلى ذلك، فهذا كذب وهراء لا أساس له من الصحة.

في السياق ذاته، أشار محدثنا إلى أنّ توجه رئيس الأركان العامة لقوات الدفاع الوطني الإثيوبي، الماريشال بيرهانو جولا، إلى المغرب لتوقيع اتفاقية تعاون عسكري، لا يتعدى حدود البروتوكول التوقيعي، فالقوات الإثيوبية نفسها ليست هي القوات التي يُعتد بها، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد يُدرك هذا الأمر حق الإدراك، ويعلم أن قواته العسكرية ليست بالقوات التي يُستعان بها، أو لها حيثية عسكرية إن جاز التعبير، وهذه الأمور معروفة.

وأردف قائلا: “في الوقت نفسه حينما وافق مجلس الوزراء الصومالي على اتفاقية الدفاع المشتركة مع مصر، وهي محاولة لتقوية الدولة الصومالية ضد المشهد الداخلي، فمعلوم أنّ هناك فصائل وجماعات وما إلى ذلك، تهدد أمن الصومال الداخلي، ولابد أن نؤكّد هنا على أن الصومال هي دولة عربية عضو في الجامعة العربية ما يعني أنّ لها الحقوق نفسها مثل الدول العربية، في ظل وجود محاولات إثيوبية تهدف إلى إنشاء قاعدة بحرية في أرض الصومال أو ما يعرف بـ “صوماليلاند”، والذي فجأة أعلن انفصاله عن دولة الصومال ولكن الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة وبقية المنظمات الدولية وقفت عقبة في طريق هذا الانفصال، ولا أظن أن الجامعة العربية تسمح بهذا، ولا أظن أن اتفاقية الدفاع العربي المشترك الموقعة بين هذه الدول عام 1947 تسمح بهذا أيضاً”.

على صعيدٍ متصل، أفاد الباحث في الشؤون الاستراتيجية، أنّ إقدام الدولة المصرية، على إرسال معدات عسكرية إلى الصومال، هو ترجمة حقيقية لهذه الاتفاقية الموقعة، لافتاً إلى أنّ بلاده جاهزة للتحرك في أي لحظة للدفاع عن أمنها القومي، مُشيراً إلى أنّ هناك اتفاقية أيضا وتنسيقاً مشتركاً بين القيادة العسكرية المصرية، والقيادة في جيبوتي، ربما البعض لا تفوته هذه النقطة، فجيبوتي هذه الدولة المتشاطئة على البحر الأحمر لها مقرها ولها مكانتها ولها وضعها وهي بالمناسبة أرض متاحة لكثير وكثير من الاتفاقيات العسكرية والزيارة المهمة والتاريخية التي قام بها الرئيس المصري إلى دولة جيبوتي كلها تصب في هذا الإطار.

هذا، وقد أثار توقيع البروتوكول العسكري بين مصر والصومال أسئلة حول مدى حرص القاهرة على تقديم الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي لدولة الصومال في مواجهة محاولات توسعة النفوذ الإثيوبي في منطقة القرن الأفريقي وبين دول حوض النيل، بدعم من حلفاء إقليميين يقدمون الدعم لأديس أبابا، مثل الإمارات، والتي تُعتبر حليفاً قوياً لمصر، لكنها تتمتع أيضاً بنفوذ هو الأقوى في “أرض الصومال” (إقليم غير معترف به دولياً) عبر قاعدة في مطار بربرة بُنيت عام 2017 وتحولت عام 2019 إلى مطار متعدد الاستعمالات، وأيضاً من خلال تعاون عسكري وتدريب تقدمه أبوظبي لقوات الإقليم منذ 2018، فضلا عن استثمارات شركة موانئ دبي في إدارة ميناء بربرة الصومالي.

إذن نحن اليوم أمام مشكلة ومعضلة إثيوبية إثيوبية، هو يرى أن هذه التحركات تهدد أمنه القومي في حين أنه ربما أراد لنفسه أن يكون بمنأى عن الآخر هكذا تصور أنه يهدد الأمن القومي المصري، وبالتالي مصر لن تقف هكذا مكتوفة الأيدي لها أسطولها الجوي ولها أسطولها البحري أيضاً، ولها قواتها التي تؤمن منطقة باب المندب، وذلك منذ حرب 73، وبالتالي فإنّ تحرك أبي أحمد يأتي محاولة لملء المشهد الداخلي، فالرجل يعاني مشاكل عديدة، سد النهضة حتى هذه اللحظة لم يؤت أكله فيما يتعلق بإنتاج 6 آلاف كيلوواط من الكهرباء، هذا لم يحدث، وأظن أنه لن يحدث لأن معظم من يتابع المشهد ومعظم من يتابع فنيات السد يؤكد أن هناك مشاكل فنية عديدة مُرتبطة بهذا المشروع، وبالتالي فإنّ هذا السد لم ينشأ من أجل إنتاج الكهرباء ولكن ربما للي ذراع بعض الدول وفي مقدمتها دولتي المصب مصر والسودان، يؤكّد الأستاذ الطواب.

خِتاماً، أشار الباحث في الشؤون الدولية والاستراتيجية، إلى نقطة خطيرة جدّا ألا وهي أنّ الدولة المصرية عارضت عرضا سخيا، يتعلق ببيع الكهرباء بأسعار مخفضة جدا لبعض دول القارة عن طريق خط الربط العربي، الذي يربط السودان، مصر، الأردن، العراق، السعودية، وقد دخل جزء منه حيز التشغيل والجزء الآخر ربما يكون بنهاية السنة المقبلة، ومع هذا كان التعنت واضحا، إذن نحن أمام معضلة إثيوبية إثيوبية تريد أن تحافظ على مشهدها وحفظ ماء وجهها من خلال الاعتداء على حقوق الآخرين وهذا لن تسمح به مصر أبدا، سواء أكان المشهد عبارة عن تحركات عسكرية أو مساعدات مقدمة أو توقيع اتفاقيات مع دول أخرى كما حدث مع المغرب، فمصر لن تتوان لحظة واحدة في لجم المتواطئين ضدها وضد استقرارها وأمنها القومي.

لاستهداف إفريقيا..

عين الصهيونية الخبيثة تتسلح بمنظار جديد

أبرز الأكاديمي والمحلّل السياسي الفلسطيني، الدكتور صالح الشقباوي، أنّ الصهيونية الإفريقية وللأسف الشديد، تٌطلُ برأسها لتحاول أن تصنع حلفا جديدا داخل القارة السمراء، فالتحالف الصهيوني المغربي الإثيوبي هو تحالف غير طبيعي، يأتي في إطار المحاولات البائسة واليائسة التي تهدف أساساً للسيطرة على إفريقيا، وإخضاعها للهيمنة الصهيونية، ومن أجل إدخال الكيان الصهيوني الجائر في الاتحاد الإفريقي وللساحة الإفريقية.

وفي هذا الصدد، أوضح الدكتور الشقباوي في تصريح لـ “الأيام نيوز”، أنّ الصراع بين إثيوبيا والمغرب من جهة، ومصر والصومال من جهة أخرى هو صراع طبيعي على النفوذ والمصالح والهيمنة، وبالتالي فالمغرب لم يكتف بأن يكون صهيونيا بل حاول أن يخلق صهيونية إفريقية تحاول أن تسيطر وتهيمن على الساحة الإفريقية.

في السياق ذاته، أشار محدثنا، إلى أنّه لا يخفى على أحد أنّ المغرب باع نفسه وباع مملكته إلى أبناء زايد في الإمارات فالذين يحكمون المملكة المغربية والذين يديرون شؤونها المالية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والسياسية هم أبناء زايد، أبناء الإمارات الذين يلعبون دورا قذرا في صهينة المنطقة وفي إخضاعها وإتباعها لـ “إسرائيل” ولانتصار “إسرائيل” ولبزوغ الفجر الإسرائيلي، إن كان هناك فعلا فجر لهذا الكيان الغاصب المستبد الذي لا تاريخ له ولا جغرافيا.

على صعيدٍ متصل، أفاد المحلّل السياسي الفلسطيني، أنّ تاريخ السابع من أكتوبر الماضي، دمر وتجاوز كل هذه المفاهيم، وخلق مفهوما وزمنا جديدين، فلم يعد هناك وجود لشيء اسمه زمن صهيوني أو زمن إسرائيلي، كل هذه المفاهيم تلاشت وذهبت أدراج الرياح أمام عظمة المقاومة الفلسطينية في غزة وفي الضفة الغربية أمام هذه المقاومة الباسلة التي قهرت هذا الجبروت الصهيوني، وكشفت للعالم أجمع حقيقة هذا الكيان النازي الذي يرتكب حرب إبادة جماعية بحق الأبرياء والعزل في قطاع غزّة.

هذا، وفي ختام حديثه لـ “الأيام نيوز”، أبرز الدكتور الشقباوي أنّ مشروع سدّ النهضة وتحالف المغرب مع إثيوبيا ضد مصر العربية والصومال العربي، يأتي في إطار مساعي حقيقة لبلقنة الصومال من جديد، ودعم الانفصاليين في الجنوب الذين حاولوا أن يعلنوا جمهورية الصومال الجنوبية التي لم يعترف الاتحاد الإفريقي بها ولا المجموعة العربية والقمة العربية أيضا، وبالتالي لن يستطيعوا أن يفرضوا كائنات صهيونية جديدة في القارة الإفريقية.

 عن أي علاقات عربية عربية نتحدّث؟

أبرز المحلّل السياسي الفلسطيني، مأمون أبو عامر، أنّ جميع الدول التي دخلت في هذا التجاذب هي صديقة للولايات المتحدة الأمريكية، وفي كل حال من الأحوال هي حليفة للإدارة الأمريكية، الأمر الذي يجعلنا نطرحُ تساؤلاً مهماً حول لماذا لا تتدخل أمريكا للوساطة بين أصدقائها، أم أنها فعلا هي من تسعى إلى الدفع إلى حالة استقطاب وحالة إنهاك هذه الدول، وإقحامها في معارك جانبية، بينما تركز اهتمامها على التنمية والنهضة في داخل بلدانها؟

وفي هذا الصدد، أوضح الأستاذ أبو عامر في تصريح لـ “الأيام نيوز”، أنّه وفي هذه الحالة يجب أن نسلط الضوء أكثر على السياسة الأمريكية في المنطقة، إذ يبدو وبشكلٍ جليّ أنّ أمريكا ليست صديقة لأيّ أحد، هي صديقة فقط لمصالحها، ومن الواضح أنّ مصلحتها في الفرقة والخصام ما بين هذه الأطراف، فبدل من أن تساهم في مد جسر الهوة والتقريب بين الموقف المصري والإثيوبي حول مسألة المياه وما يتعلق بموضوع سد النهضة، الذي يمثل مصلحة استراتيجية حياتية بالنسبة إلى مصر ومصلحة استراتيجية كبيرة أيضا بالنسبة إلى إثيوبيا، نجد أنها لا تتدخل إطلاقاً بهذا الشأن.

في السياق ذاته، تطرق محدثنا، إلى موقف الإمارات، مُشيراَ إلى أنّ الإمارات تقف مع إثيوبيا ضد الصومال، ومصر تقف مع الصومال ضد أثيوبيا، والإمارات طبعا موقفها مفهوم، باعتبار أنها تبحث عن مصالحها الاقتصادية بشكل صريح ومباشر، وهذا ما يشير للأسف الشديد إلى نقطة مهمة ألا وهي أنّ بعض الدول العربية أصبحت لا تنظر إلى المفهوم الأمني الجماعي العربي بمقدار تركيزها على مفهوم الأمن الوطني الخاص، والمصالح الخاصة للدول، وهذا طبعا يؤثر بشكل كبير على الروابط التي قد تجمع ما بين هذه البلدان، وكنتيجة لمعارضة الصومال لدور الإمارات في “أرض الصومال”، وكذلك للمصالح الاقتصادية الإماراتية الموجودة في الصومال، نجد أنّ الإمارات تقف إلى جانب هذه الدولة “إثيوبيا” ضد دولتين عربيتين شقيقتين مصر التي كانت صديقة كبيرة للإمارات، ودولة الصومال العربية أيضاً.

إلى جانب ذلك، أفاد الخبير في السياسة، أنّ توجه رئيس الأركان العامة لقوات الدفاع الوطني الإثيوبي، الماريشال بيرهانو جولا، إلى المغرب حيث وقع اتفاقية تعاون عسكري مع سلطة البلاد هناك، يُحيلنا إلى أن نتساءل لماذا المغرب؟ هل الأمر له علاقة باتفاقية أبراهام وأنها توحد الجميع على حدّ زعمهم، هنا للأسف الشديد نُشير إلى هذه الحالة من الاستغراب بعدما وصلنا إلى هذه المرحلة من التشظي في عالمنا العربي وبروز هذه التحالفات المريبة.

خٍتاماً، أشار المحلّل السياسي الفلسطيني، مأمون أبو عامر، إلى أنّ موقف المغرب في هذا الإطار مفهوم بسبب علاقته المتوترة مع الجزائر، أين نجد أنه في كل مرة يبحث عن إقامة علاقات مع أطراف معينة تساعده في أن يكون في موقف خصومة قوي مع الجزائر، هذا ما يضعنا أمام حالة غريبة جدّا بالنسبة إلى المحاور في العالم العربي، حالة مستفزة لأي إنسان عربي حرّ في هذا العالم.

بعد خيانة 1967..  

المغرب يستثمر خبرته في الغدر

بقلم: البروفيسور عكنوش نور الصباح – خبير استراتيجي جزائري

إذا كان العالم يقف على قرن ثور، فإنّ إفريقيا تقف على قرنها – إن صحّ التّعبير – وهنا — نقصد منطقة القرن الإفريقي – في ظلّ الاستقطابات الجيواستراتيجية الرّاهنة في هذه المنطقة الحسّاسة والتي أصبحت مفتوحة على كلّ السّيناريوهات، في إطار إعادة توزيع القوّة والقيم على فواعل جديدة، في إقليم قديم استوعب عبر التّاريخ حضارات وكيانات وتحدّيات وما زال يدعونا إلى الإحاطة به تحليليًا بناءً على متغيّرات المصالح ولعبة الأمم هناك بين مصر وإثيوبيا في ضوء تنافس استراتيجي للسّيطرة على موقع حيوي يعتبر بالنّسبة للقاهرة جزء هام من أمنها القومي.

في حين ترى أديس أبابا أنّ منطقة القرن الإفريقي عمق استراتيجي للحبشة، وبين الطّرفين تتمظهر قوى أخرى تلعب في الفرصة – حتّى لا نقول الأزمة – على مستوى المخزن الذي بإيعاز صهيوني يدعم السّردية الأثيوبية للضّغط على القاهرة في موضوع الصّحراء الغربية وجرّها إلى أكاذيبه وأوهامه التّوسّعية في لحظة تاريخية هامّة من حيث التّوقيت، بعد اكتمال مشروع سدّ النّهضة، وبالتّالي يكون المخزن مثلما خان مصر في حرب 1967 يخونها مرّة ثانية في موضوع إثيوبيا في تحالف عسكري يستهدف القاهرة مباشرة على صعيد: الاستنزاف، والاختراق، والإضعاف.

يأتي هذا في الوقت الذي تواجه فيه الدّولة المصرية تحدّيات اقتصادية وأمنية معقّدة في ضوء الانقسام اللّيبي غربًا والاحتراب السّوداني جنوبًا وحرب غزّة شمالًا وهجومات الحوثيين على الملاحة البحرية في البحر الأحمر وانعكاساتها على موارد قناة السّويس وكلّها محدّدات سلبية مؤثّرة على ديناميكية السّلوك الدّيبلوماسي والاقتصادي والعسكري لمصر، بما يغري خصومها على الضّغط على عوامل الضّعف لديها باستعمال كلّ الأوراق ضدّها دفعة واحدة.

وما قام به المخزن لصالح الأجندة الأثيوبية يفسر على أنّه جاء من أجل الهيمنة الإمبراطورية على المنطقة ككل وهو في ذلك يخدم مشاريع الكيان الصّهيوني الذي قسّم السّودان وقبله ليبيا والصّومال، وهذا الأخير الذي قاوم الاستعمار الإيطالي قادر على دحر مخطّطات الاستعمار الجديد حتّى لا تعمّ الفوضى وتسقط دول أخرى من بينها مصر – حسب ما تخطّط له قوى الشّر في القرن الإفريقي – لهيكلة “اللادولة” هناك من خلال صفقات خطيرة جدًّا تمتدّ من المحيط إلى المحيط ولا قدرة لمواجهتها إلّا من خلال تفعيل محور “القاهرة – الجزائر” ليكون خيارا استراتيجيا، لأنّهما الجمهوريتان العربيتان الوحيدتان الواقفتان بجيشهما وشعبهما ضدّ المؤامرة.

القرن الإفريقي..

هل يتحول الصراع المائي إلى زلزال جيوسياسي جديد؟

بقلم: الدكتور رابح زاوي – باحث جزائري في الشّؤون الأمنية والاستراتيجية

في رمال القرن الإفريقي الحارقة، تتشكّل عاصفة ليست من المطر والرّعد، بل من المؤامرات السّياسية والمناورات الاستراتيجية. تتجلّى هذه الدّيناميات في الأزمة المحيطة بسدّ النّهضة الإثيوبي الكبير، الذي تحوّل من نزاع فنّي حول حصص المياه إلى ساحة تنافس على النّفوذ الإقليمي والتّحالفات المتغيّرة. في قلب هذه المعضلة تكمن مصر، التي تعتبر نفسها الحامية لشريان الحياة الثمين لنهر النيل.

بدأت الأزمة مع إنشاء إثيوبيا لسدّ النّهضة في عام 2011، حيث اعتبرت مصر هذا المشروع تهديدًا مباشرًا لمصالحها المائية. نهر النّيل هو المصدر الرّئيسي للمياه في مصر، ويعتمد عليه أكثر من 100 مليون مصري. ومع تصاعد التوتّرات، بدأت القاهرة في اتّخاذ خطوات استراتيجية لمواجهة ما تعتبره تهديدًا وجوديًا.

في السّنوات الأخيرة، زادت المخاوف المصرية مع التّقارب المتزايد بين إثيوبيا والمغرب. هذا التّقارب، الذي تجسّد في اتّفاقية التّعاون الدّفاعي بين رئيس الأركان الإثيوبي والمغرب، أثار قلق القاهرة بشكل كبير. ترى مصر في هذا التّعاون جزءًا من جهد أوسع لتقويض مصالحها الوطنية.

وبدلاً من مواجهة المغرب بشكل مباشر، اختارت مصر نهجًا أكثر دهاءً، وهو “تهديد الحليف من خلال شريكه”. فقامت القاهرة بتعزيز علاقاتها مع الصّومال، وهي دولة تواجه تحدّيات حدودية وأمنية مع إثيوبيا. يمثّل هذا التّعاون خطوة استراتيجية تهدف إلى الضّغط على أديس أبابا من خلال استغلال نقاط ضعفها.

ويمثّل اتّفاق الدّفاع المصري والدّعم المادي لمقديشو مناورة محسوبة تهدف إلى الضّغط على أديس أبابا من خلال استغلال جناحها الضّعيف. ففي نهاية المطاف، لم تؤدّ طموحات إثيوبيا لإنشاء قاعدة بحرية في دولة أرض الصّومال المعلنة من جانب واحد إلّا إلى تعزيز نفوذ مصر في هذه اللّعبة عالية المخاطر. كما يمكن تلخيص أهم تداعيات الاتّفاق العسكري في النّقاط التّالية:

أوّلًا، تعزيز النّفوذ المصري في القرن الأفريقي، حيث يعتبر الاتّفاق العسكري مع الصّومال جزءًا من استراتيجية مصر لتعزيز نفوذها في القرن الأفريقي، ومن خلال دعم الصّومال، تسعى مصر إلى تحقيق توازن في مواجهة التحرّكات الإثيوبية، خاصّةً في ظلّ التّقارب العسكري بين إثيوبيا والمغرب. هذا التّعاون يعكس رغبة مصر في تأمين مصالحها المائية والأمنية.

ثانيًا، التّأثير على العلاقات “الإثيوبية – الصّومالية”، حيث يمكن أن يؤدّي تعزيز العلاقات العسكرية بين مصر والصّومال إلى تفاقم التوتّرات بين إثيوبيا والصّومال. إذ إنّ الدّعم المصري قد يشجّع الصّومال على اتّخاذ مواقف أكثر حزمًا ضدّ إثيوبيا، ممّا قد يزيد من حدّة النّزاعات الحدودية والأمنية بين الدّولتين.

وفي هذا السّياق، قد تجد إثيوبيا نفسها مضطرّة لتعزيز تواجدها العسكري في المنطقة. ثالثًا، يبرز البعد الاقتصادي كأحد أهم تلك الأبعاد، أين يمكن أن تؤثّر هذه الاتّفاقيات على الاقتصاد الإقليمي، خاصّةً إذا أدّت إلى تصعيد النّزاع، فزيادة التّوترات قد تؤدّي إلى عدم الاستقرار، ممّا يؤثّر سلبًا على الاستثمارات والتّجارة في المنطقة. كما أنّ الصّومال، التي تعاني من تحدّيات اقتصادية، قد تجد نفسها في موقف صعب إذا تصاعدت النّزاعات مع إثيوبيا.

وبين كلّ هذه التّأثيرات والتّداعيات المحتملة تبرز ردود فعل متباينة، خاصّةً من القوى الكبرى التي لها مصالح في المنطقة، حيث يمكن أن يؤدّي الدّعم المصري للصّومال إلى إعادة تقييم التّحالفات الإقليمية، حيث قد تسعى دول مثل الولايات المتّحدة أو الصّين إلى تعزيز وجودها في المنطقة لموازنة النّفوذ المصري.

والأكيد أنّه من خلال دعمها العسكري للصّومال، تبعث مصر برسالة واضحة: فهي لن تقف مكتوفة الأيدي بينما تواجه مصالحها الأمنية الوطنية الحيوية، وتحديدًا مياه النّيل، تهديدات محتملة. لقد أصبحت هذه الأزمة شهادة على التّفاعل المعقّد بين السّياسة المائية والحسابات الاستراتيجية المتغيّرة للقوى الإقليمية وحلفائها.

تتجاوز تداعيات هذه التحرّكات مجرّد العلاقات الثّنائية بين مصر وإثيوبيا، حيث إنّ توازن القوى الدّقيق في القرن الأفريقي أصبح الآن على المحك، حيث يمكن أن تؤدّي مناورات مصر إلى تأثيرات متتالية قد تتردّد صداها في مختلف أنحاء المنطقة. ومع استمرار تعثّر الجهود الدّبلوماسية لإيجاد حل، تتآكل الثّقة بين الأطراف المتنازعة، ممّا يجعل التوصّل إلى حلّ شامل بعيد المنال.

إنّ دعم مصر للصّومال يعكس أيضًا تعقيدات السّياسة الإقليمية. فبينما تسعى إثيوبيا لإنشاء قاعدة بحرية في أرض الصّومال، فإنّ هذا الطّموح يعزّز من نفوذ مصر، ويزيد من حدّة التّوتّرات في المنطقة. إنّ هذه الدّيناميات تعكس التّفاعل المعقّد بين السّياسة المائية والحسابات الاستراتيجية للقوى الإقليمية وحلفائها.

على الرّغم من الجهود الدّبلوماسية، لا تزال الأزمة قائمة، فالمفاوضات حول سدّ النّهضة لم تحقّق تقدّمًا يذكر، ممّا يزيد من حدّة التوتّرات بين الأطراف المعنية. ومع تصاعد المخاوف من اندلاع صراع عسكري، يبدو أنّ المنطقة تتّجه نحو مزيد من عدم الاستقرار، حيث إنّ عدم الثّقة المتزايد بين مصر وإثيوبيا قد يؤدّي إلى تصعيد الأوضاع، ممّا يهدّد الأمن الإقليمي.

في هذه القصّة الملحمية عن رقصة التّانغو العاصفة في نهر النّيل، تستعدّ الشّخصيات لمواجهة كبرى. هل ينتصر العقل والتّسوية، أم أنّ قوى الطّموح والمناورة الجيوسياسية ستقلب الموازين لصالحها؟، إنّ مصير المنطقة على المحك، والعالم يراقب بفارغ الصّبر الأحداث الدرامية التي تتكشّف.

إنّ ما يحدث في القرن الأفريقي ليس مجرّد صراع على المياه، بل هو صراع على النّفوذ والسّيطرة، وبينما تتزايد التوتّرات، فإنّ الحاجة إلى حلول دبلوماسية مستدامة أصبحت أكثر إلحاحًا من أيّ وقت مضى. إنّ التّعاون الإقليمي والتّفاهم المشترك قد يكونان السّبيل الوحيد لتجنّب تصعيد النّزاع وتحقيق الاستقرار في المنطقة.

المخزن والشيطان..

ثنائي جهنمي يسير نحو الهاوية

بقلم: الدكتور حنافي حاج – أكاديمي وخبير قانوني جزائري

إنّ الفكر التوسّعي لنظام المخزن الصّهيوني هو ما دفع به إلى اللّعب على توسيع أزمة القرن الأفريقي بين فاعليه، خاصّة بعد قيام إثيوبيا ببناء سدّ النّهضة وملئه نهائيًا من مياه نهر النّيل واعتبار القاهرة أنّ ذلك يتجاوز الحصّة المسموح بها لها لأنها دولة نهرية إلى جانب مصر والسّودان، فإثيوبيا المدعومة “إسرائيليًا” في تشييد السّد خلق طرفًا ضاغطًا على المواقف الدّولية المصرية بالنّسبة لقضايا جمّة؛ مثل قضية فلسطين والتّطبيع المصري – الصّهيوني واتّفاقية كام ديفيد.. وغير ذلك.

ورغم تشييد إثيوبيا لسدّ النّهضة وهو أضخم سدّ في المنطقة، إلّا أنّ هاجس المياه لا يزال مشكلًا لدولة أصبحت – بدعم “إسرائيلي” متواصل – قوّة عسكرية واقتصادية متصاعدة في القرن الأفريقي وهذا بعد تتويجها بالعضوية في منظّمة البريكس لأنها أحد أكبر الاقتصاديات الدّولية تسارعًا.

واليوم وعلى الخط نفسه يقحم الخط السّياسي الصّهيوني نظام المخزن لإيجاد اتّفاق استراتيجي – عسكري ودعم أديس أبابا في إقامة سفارة لها على أرض الصّومال المطالبة بالاستقلال عن مقديشو بقصد دفعها للعدول عن الاعتراف بجبهة البوليساريو ومحاولة إرغامها للنّكوث عن دعمها لقضيّة الصّحراء الغربية ولما لا إقامة سفارة لها هناك توافقًا مع دعمها لأديس أبابا في إقامة سفارة لها على أرض الصّومال.

إذن هي سياسة التّكتّلات التي يتبنّاها نظام المخزن ومقايضة المصلحة بالمصلحة لأجل إسقاط المبدأ المكرّس بالمواثيق الدّولية ألا وهو مبدأ الحق في تقرير مصير الشّعوب، وبهذا فإنّ سعي المخزن الحثيث هو محاولة ثني موقف أديس أبابا عن مبدأ حق تقرير مصير الشّعب الصّحراوي رجوعًا إلى مقايضة اعتراف إقامة سفارة على أرض الصّومال في مقابل إيجاد مطل بحري لهذه الأخيرة وهو استئجار ميناء في هريغيسا مقابل تغيير موقفها، لتنضاف إلى الدّول الدّاعمة لنظام المخزن وسلبه للشّرعية الدّولية ولما لا إقامة سفارة لها – بالمقابل – على الأراضي الصّحراوية.

أمّا مصر فهي شرطي يلبس البزّة ويناور بالسّلاح لكنّه لا يجرؤ على المساومات الشّديدة في كلّ مرّة والمفروضة عليه من الكيان اليهودي.

ما وراء نزاع المياه..

صراع النفوذ والسيطرة يشعل القرن الإفريقي

أفاد الدّكتور أبو الفضل محمـد بهلولي أستاذ العلوم السّياسية والعلاقات الدّولية، بالجامعة الجزائرية، أنّ “إرسال مصر شحنات عسكرية إلى الصّومال، يتماشى والشّرعية الدّولية، وتأسيس ذلك القرار الصّادر عن مجلس الأمن رقم 2714 بتاريخ 1 ديسمبر 2023، الذي يرفع كامل الحظر عن الأسلحة المفروض على جمهورية الصّومال الفيدرالية منذ عام 1992”.

وأضاف الدّكتور أبو الفضل محمـد بهلولي أنّ “قرار مجلس الأمن يدعو المجتمع الدّولي إلى دعم إضافي لتطوير قدرات الصّومال من الأسلحة والذّخيرة والمساعدة التّقنية ويدعو لدعم البلد”، وحسب المتحدث ذاته فإنّ “أهمّ أولوية لدى الصّومال حاليًا هي الأمن ومكافحة الإرهاب، لا سيما الجماعات الإرهابية”.

وفي السّياق ذاته، أشار أستاذ العلوم السّياسية والعلاقات الدّولية، في تصريح لـ “الأيّام نيوز” إلى أنّ “الصّومال ليست لديها القدرات الكافية لمواجهة الكيانات الإرهابية، بالإضافة إلى أنّ البعثة الأوربية للحفاظ على السّلم كانت قد شرعت في الانسحاب التّدريجي من الصّومال وهذا ما خلق – حسبه – فراغًا أمنيًا كبيرًا، يهدّد أمن واستقرار البلد والمنطقة”.

وفي هذا الإطار، يعتقد الدّكتور أبو الفضل محمـد بهلولي أنّ “الاتّفاق المنعقد في مجال الدّفاع والأمن بين جمهورية مصر وجمهورية الصّومال الفيدرالية يمكّن من خلاله لمصر ملأ الفراغ ومساعدة الصّومال في ضمان الأمن والاستقرار، وبالتّالي الحفاظ على استقرار القرن الإفريقي، كما أنّه يعتبر بعدًا استراتيجيًا مهمًّا لمصر”.

وفي هذا الصّدد، أبرز الدّكتور أبو الفضل محمـد بهلولي أستاذ العلوم السّياسية والعلاقات الدّولية، أنّه “في الوقت الذي تعمل فيه الصّومال على بناء الدّولة من خلال إعداد دستور مؤقّت وبناء قدرات الجيش والأمن والشّرطة توجد هناك مؤامرة لإسقاط أو إضعاف الدّولة أو تمزيقها من خلال دعم ما يعرف بالحركات الانفصالية، وعلى وجه الخصوص بعد إبرام لمذكّرة تفاهم بين إدارة أرض الصّومال ودولة إثيوبيا لحصول هذه الأخيرة على منفذ بحري – باعتبارها دولة حبيسة – وهذا ما أثار قلق الحكومة الصّومالية”.

وفي هذا الإطار، يرى الخبير أنّ “عقد مذكّرة تفاهم بين إدارة أرض الصّومال ودولة إثيوبيا هو اقتراب من الاعتراف بإدارة أرض الصّومال دولة، بالرّغم من أنّه لا يوجد أيّ اعتراف دولي بهذا الكيان لا من قبل الدّول ولا من طرف المنظّمات الدّولية أو الإقليمية أو دون الإقليمية”.

كما أنّ “إبرام هذا الاتّفاق – يضيف المتحدّث ذاته – هو بداية تشجيع للحركات الانفصالية”، مشيرًا إلى أنّ “القانون الدّولي يرفض ويتجاهل الحركات الانفصالية ولكن هناك في المجموعة الإفريقية من يدافع عن الأفكار والحركات الانفصالية، وما يعرف بـ “النّظرية الانفصالية”، وبذلك فإنّ إثيوبيا تدعم هذه “النّظرية الانفصالية” إلى جانب نظام المخزن المغربي الذي تحالف مع إثيوبيا لدعم الحركة الانفصالية”، وفسّر الدكتور بهلولي ذلك أنّ “عودة مخزن إلى الاتّحاد الإفريقي يهدف إلى إضعاف المجموعة الأفريقية لذا سارع المخزن إلى إبرام هذه الاتّفاقية”.

وفي ختام حديثه لـ “الأيام نيوز” أكّد الدكتور أبو الفضل محمـد بهلولي أستاذ العلوم السّياسية والعلاقات الدّولية، بالجامعة الجزائرية، على وجود “دعم مغربي لإنشاء قاعدة عسكرية في البحر الأحمر وهو ما اعتبره تهديدا لأمن واستقرار والوحدة الإقليمية للصّومال أولًا، وتهديد استراتيجي لمصر، ويشكّل ممارسة غير مشروعة”. وأضاف أن “الصّومال ستطلب من القوّات الإثيوبية مغادرة الأراضي الصّومالية باعتبارها جزءًا من القوّة الإفريقية لكن هذا سيخلق فراغًا أمنيًا كبيرًا.

وفي ظلّ هذا المشهد الأمني المعقّد، يعتقد الخبير أنّ “إثيوبيا والصّومال في نقطة الانهيار تقريبًا وهذا ما يؤدّي إلى تأجيج التوتّرات الإقليمية في الوقت الذي تشهد فيه الصّومال انتقالًا أمنيًا وإعدادًا لترتيبات أمنية لعام 2025 وفي انتظار المناقشة التي ستكون في شهر أكتوبر المقبل بين الاتّحاد الافريقي ومجلس الأمن التّابع للأمم المتّحدة والصّومال يبقى الوضع قلقًا يمكن أن ينفجر في أيّة لحظة”.

الأيام نيوز - الجزائر

الأيام نيوز - الجزائر

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
عطاف يشارك بالقاهرة في اجتماع اللجنة الوزارية العربية المُصغرة نفذها الاحتلال جنوب غزة.. 40 شهيدا وعشرات المصابين في مجزرة جديدة أمطار رعدية على 9 ولايات هل سيحسم عمالقة التكنولوجيا نتائج السباق نحو البيت الأبيض؟.. مستقبل أمريكا في متاهة "السيليكون فالي" فشل ثلاثي الأبعاد.. المخزن يتخبط في مستنقع الإخفاقات انتقادات واسعة.. أداء سلطة الانتخابات في مرمى المترشّحين الثلاثة جهود التدخّل والإغاثة مستمرة.. إجراءات فورية للتعامل مع أضرار فيضانات ولاية بشار عائلته تستقبل التعازي في "بيت فرح وتهنئة".. الشهيد "ماهر الجازي" هدية الأردن لفلسطين وغزة العهدة الثانية للرئيس تبون.. أمريكا تسعى إلى ترقية التعاون الثنائي اختتام الألعاب البارالمبية في باريس.. الجزائر الأولى عربيا وإفريقيا وزارة التعليم الفلسطينية.. فتح مدارس افتراضية لأول مرة في غزة تعليم عالي.. استلام 19 إقامة جامعية جديدة بتكليف من رئيس الجمهورية.. عطاف في القاهرة ولقاءات مرتقبة مع نظرائه العرب الرئيس الصحراوي يوجه رسالة تهنئة إلى الرئيس تبون بعد فوزه بالعهدة الثانية.. اليامين زروال يهنئ عبد المجيد تبون جبهة البوليساريو تدين السياسة الإجرامية للاحتلال المغربي ضد الصحراويين أكد تمسكه بالعلاقة الاستثنائية بين البلدين.. ماكرون يهنئ تبون على إعادة انتخابه إجراءات عاجلة للتكفل بمخلفات الأمطار بولاية بشار وزارة التربية.. هذا هو موعد فتح المنصة الرقمية للتعاقد أسعار النفط ترتفع بأكثر من 1%.. وخام برنت يتداول قرب 72 دولارًا