“طوفان الأقصى” يمعن في استنزاف الكيان.. اقتصاد “إسرائيل”.. الوجه الآخر للهزيمة!

تتركز المناقشات الساخنة في وزارة المالية لدى الكيان الصهيوني حول ميزانية عام 2024، التي تعاني فجوة عميقة بقيمة 67 مليار شيكل، جراء تكاليف العدوان الهمجي على قطاع غزة، ما تسبب في خلاف حاد حول كيفية سد هذه الفجوة، مع العلم أن العدوان المتواصل منذ 8 أكتوبر الماضي سيكلف الكيان ما لا يقل عن 50 مليار شيكل (14 مليار دولار) خلال العام الجاري، ما يعني بالضرورة مضاعفة عجز ميزانية الكيان ثلاث مرات تقريبًا، وفي حال لم يتم تغطية هذا المبلغ الضخم، فسيقفز العجز إلى مستوى خطير يبلغ 6%، حسب آخر توقعات الوزارة ذاتها.

=== أعدّ الملف: حميد سعدون – س. س – م. ب ===

احتدام الخلافات داخل الكيان بشأن كيفية سد العجز في الميزانية العامة هو ما يعرقل إقرار ميزانية 2024، لكن رئيس المجلس الاقتصادي لدى الكيان، آفي سمحون، يقترح توسيع عجز الموازنة الإسرائيلية إلى 6%، مع إضافة 67 مليار شيكل لتغطية تكاليف العدوان.

من جانبها، قالت وزارة المالية، إن (الحرب) التي يخوضها الاحتلال على قطاع غزة ستكلفه على الأرجح ما لا يقل عن 50 مليار شيكل (14 مليار دولار) في عام 2024، وهو ما سيؤدي إلى مضاعفة عجز الميزانية ثلاث مرات تقريبًا، متوقعة أن يستمر القتال حتى فيفري القادم.

وفي وقت سابق، قال نائب مفوض الميزانية بالوزارة المذكورة، إيتاي تيمكين، في إحاطة للمشرعين، إنه من المتوقع أن تستمر (الحرب) لمدة شهرين على الأقل خلال 2024، وهو ما يعني إضافة 30 مليار شيكل للأمن و20 مليارا أخرى للنفقات المدنية وغيرها، حسب ما ذكرت صحيفة “كالكاليست” الإسرائيلية.

غير أن رئيس أركان الجيش الصهيوني هرتسي هاليفي يؤكد أن (الحرب)على غزة ستستمر لأشهر عدة، معترفا أنه لا توجد طرق سريعة لتفكيك حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بينما يرى محللون أن الاحتلال عاجز عن إعطاء أي تقديرات واضحة بالنظر إلى أن المقاومة لا تزال تضرب وبقوة شديدة.

المشهد الأسوأ ـ بالنسبة إلى الاحتلال ـ أن هذا العدوان أصبح مجرد ممارسة يومية، تكاد تكون عبثية. وفي المقابل، فإن المقاتلين الفلسطينيين اعتادوا الوضع الجديد، أو أنهم كانوا قد توقعوا مسبقا هذا الوضع، وقد حضروا أنفسهم للتأقلم معه، وهكذا فإن عملياتهم مستمر بوتيرة متصاعدة.

صحيفة “غلوبس” المختصة في الاقتصاد الصهيوني ذكرت أواخر ديسمبر، في تقرير لها، أن خلافات تدور “في الوقت الراهن داخل وزارة المالية بين الوزير، بتسلئيل سموتريتش وكبار المسؤولين بالوزارة حول مسألة التخفيضات في ميزانية 2024 المعدلة، بما في ذلك التساؤل عمّا إذا كان سيتم زيادة الضرائب لدفع تكاليف (الحرب)”.

وتصاعد الخلاف حول عجز الموازنة الجديدة إلى حملة سياسية قام بها حزب “الصهيونية الدينية”، بقيادة سموتريتش ضد مسؤولي وزارة المالية، ويقول التقرير: إنه “من المتوقع ألا يتم إقرار الميزانية الجديدة على الإطلاق، كما قالت عدة مصادر في وزارة المالية لـ”غلوبس”.

لكن الأمور لم تقف عند هذا الحد، فثمة المزيد من الأسباب التي تجعل الخلافات حول الميزانية تصل إلى مستوى الشقاق، فهذا الصحفي الاستقصائي في موقع “شومريم”، شوكي سديه، يقول إن المناقشات ستُظهر عمق الخلافات داخل الكيان حول ما يتعلق بإقرار الموازنة، وكذلك رصد المزيد من الميزانيات لتغطية نفقات (الحرب) أو زيادة الميزانيات المخصصة لوزارة الأمن وكذلك برنامج تعويض الاحتياط.

هذا، دون نسيان أن ميزانية تاريخية للإنفاق العسكري من المتوقع أن يسجلها الجيش الصهيوني خلال عام 2024 بفعل العدوان على غزة، وسط توقعات أن تصل إلى نحو 37 مليار دولار لأول مرة في تاريخ الكيان الصهيوني، وذلك من دون احتساب المساعدات الأمريكية.

وكانت الميزانية العسكرية لجيش الاحتلال قد سجلت خلال عام 2023 حوالي 31 مليار دولار، بعد إضافة حوالي 8 ملايير دولار خلال الشهرين الماضيين كتكلفة للحرب الجارية، لتصل إلى مرتبة قياسية بعد أن كانت في 2022 حوالي 23 مليار دولار.

فيما يجري سحب القوات المهزومة من غزة لسدّ الفجوة..

تجنيد 100 ألف جندي احتياطي يكلّف “إسرائيل” نحو 56 مليون دولار يوميا

حركية اقتصاد الكيان فقدت 140 ألف عامل منذ نوفمبر المنقضي

كان جيش الاحتلال الصهيوني قد قرر سحب 5 ألوية قتالية من الاجتياحات البرية في قطاع غزة، منها لواءا الاحتياط 551 و14، إضافة إلى 3 ألوية تدريب، ومن المحتمل أن تصدر قرارات مماثلة تقضي بسحب قوات أخرى بمرور الوقت، دون نسيان واقعة سابقة تمثلت في سحب مقاتلي لواء «غولاني»، بما يعني أن جيش الاحتلال فشل في مواجهة رجال المقاومة ميدانيا، فاختار مواصلة العدوان بطرق أخرى، يفترض أنها ـ على الورق ـ ستقلل خسائره في أعداد القتلى.

لكن الخسائر الصهيونية في هذه (الحرب) لا تقتصر على الأرواح والعتاد فقط، بل تشمل خسائر أخرى تتعلق بالجانب الاقتصادي، على اعتبار أن نظام الكيان الصهيوني لم يعد قادرا على مواصلة (الحرب)، لا عسكريا ولا اقتصاديا، خصوصا أن قوات الاحتياط تتشكل من أشخاص يمثلون عصب الاقتصاد الصهيوني”.

صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” قالت إن الألوية التي تم تسريحها من غزة ستعود للمساعدة في إنعاش الاقتصاد الصهيوني، غير أن هذا القرار جاء بعد أيام قليلة من تقديم كل من وزير المالية الصهيوني بتسلئيل سموتريتش ووزير الدفاع يوآف غالانت خطة مساعدة مالية لجنود الاحتياط في جيش الاحتلال بتكلفة سنوية تبلغ 9 ملايير شيكل (2.5 مليار دولار).

وبحسب صحيفة “غلوبس” الاقتصادية الصهيونية، فقد تم تقديم الخطة حتى قبل إيجاد مصادر واضحة للموازنة العامة المعدلة لسنة 2024، التي تأجل العمل عليها بسبب الخلافات بين سموتريتش وكبار مسؤوليه في وزارة المالية بشأن تخفيضات الإنفاق المطلوبة.

الإعلان المشترك للوزيرين سموتريتش وغالانت، والذي يقضي بإطلاق برنامج “التجنيد للاحتياط” ـ بتكلفة إجمالية تبلغ 9 ملايير شيكل (2.5 مليار دولار) ـ حمل في طياته خلافات حادة داخل حكومة الكيان، حيال مصادر تمويل هذا البرنامج الذي من المفروض إقراره ضمن قانون الموازنة للعام 2024.

وفي ظل غياب مصادر واضحة لتمويل برنامج تعويض الاحتياط والشركات المتضررة، تتصاعد وتيرة الخلافات داخل حكومة نتنياهو، بشأن تحويل ميزانيات اتفاقيات الائتلاف الحكومي لتغطية جزء من نفقات العدوان على غزة، ومن هنا جاء اقتراح الطاقم المهني في وزارة المالية بإغلاق 10 مكاتب وزارية أصبحت توصف بأنها غير ضرورية.

ويعتقد الصحفي الاستقصائي في موقع “شومريم”، شوكي سديه، أنه دون إلغاء المكاتب والوزارات الحكومية غير الضرورية، والتي لم تقم بأداء أي وظيفة خلال (الحرب)، فإن العجز سيتفاقم في الموازنة حتى لو تم توسيع إطار الميزانية لتبلغ 600 مليار شيكل (165 مليار دولار)، قائلا إن “ذلك يفرض ثمنا باهظا على المجتمع والاقتصاد الصهيوني.

وأشار إلى أن “وجود الوزارات غير الضرورية فقط من أجل الحفاظ على الائتلاف الحكومي تعكس الفوضى الإدارية التي رافقت الحكومة خلال (الحرب)، وذلك عبر الاستيلاء على الموارد المالية للجمهور وتخصيصها لفئات وقطاعات مشاركة بالحكم، من خلال سياسات تافهة، منفصلة عن المصالح الوطنية”.

وفي الموازنة المعدلة لعام 2023، والتي صادق عليها الكنيست، بلغت تكلفة المكاتب الوزارية غير الضرورية ما لا يقل عن 1.35 مليار شيكل (375 مليون دولار) وكذلك في موازنة موازنة 2024، والتي لم يتم اعتمادها بعد، لذلك يتوقع سديه أن تزداد ميزانية المكاتب غير الضرورية.

وبعد نشر قرار “بنك إسرائيل” خفض الفائدة، وعلى خلفية انتقادات المحافظ أمير يارون للحكومة بشأن سياساتها المتعلقة بالموازنة في ظل العدوان، مع عدم اتخاذ خطوات لخفض العجز، رفض سموتريتش توصيات يارون التي تدعو إلى إلغاء المكاتب الوزارية غير الضرورية ورفع الضرائب، بحسب ما أفادت به صحيفة يديعوت أحرونوت.

ونقلت الصحيفة عن سموتريتش قوله إن “مصدر تمويل ودفع التعويضات لقوات الاحتياط سيكون من الميزانية المخصصة لوزارة الأمن، وستكون على حساب شراء الذخيرة والمعدات”، بيد أن نتنياهو صرح بأن وزارة الأمن ستحصل على ميزانية إضافية بقيمة 20 مليار شيكل (5.5 ملايير دولار)، مشيرا إلى أن هذه الزيادة لا تشمل برنامج “التجنيد للاحتياط”.

ويعتقد مراسل الشؤون الاقتصادية لصحيفة يديعوت أحرونوت، غاد ليؤور، أن محافظ “بنك إسرائيل” بقراره خفض الضريبة في هذه الظروف لجأ إلى اعتماد سياسة “العصا والجزرة”، مع الحكومة، لكن ـ يقول ليؤور ـ “ربما لن يفهم نتنياهو وسموتريتش التلميح هذه المرة أيضا بشأن السياسات الاقتصادية التي يجب اعتمادها في ظل (الحرب) وضرورة إجراء تعديلات على الموازنة”.

واعتبر ليئور أن حكومة نتنياهو تتصرف بشكل غير مسؤول، من أجل الحفاظ على الائتلاف، وكأن الأمر لا يعنيها، وليس لديها توجه لإجراء تعديلات على الموازنة أو المساس بميزانيات الائتلاف، ما سيدفع نحو عجز هائل بالموازنة ويشكل تهديدا لاستقرار اقتصاد الكيان.

وبحسب بيانات وزارة المالية لدى الكيان، فقد غاب 140 ألف عامل عن حركية الاقتصاد في نوفمبر الماضي، بسبب الخدمة العسكرية، علما أن تجنيد 100 ألف جندي احتياطي يكلف حوالي 100 مليون شيكل (28 مليون دولار)، يوميا، ويضاف إلى ذلك التكلفة غير المباشرة للإنتاج المفقود البالغة 100 مليون شيكل أخرى يوميا.

ومن الواضح للجميع حتى هذه اللحظة – مثلما أوضح المحلل الاقتصادي في صحيفة “كلكليست” شلومو تيتلبوم ـ أنه “في خضم القتال، هناك العديد من الجنود الذين يمكن إعادتهم إلى سوق العمل، وإلى اليوم هناك عدد كبير جدا من جنود الاحتياط في المقرات وفي العديد من الأماكن الأخرى، وإذا لم يتم تسريحهم، فسندفع ثمنا باهظا يستنزف الاقتصاد”.

القيمة تمثل نحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي للكيان..

وزارة المالية الإسرائيلية تقدّر أن تكلفة العدوان على غزة ستبلغ 51 مليار دولار

ميزانية “إسرائيل” سجّلت عجزًا بقيمة 4.5 ملايير دولار نوفمبر الماضي

أصبح الاقتصاد الصهيوني يترنّح بسبب خطورة الوضع، بعد أن بات واضحا أن تكلفة الحرب المستعرة على قطاع غزة باهظة أكبر من تقديرات جيش الاحتلال بكثير، والتي جاءت دون الأخذ في الحسبان احتمال نشوب مواجهة شاملة مع حزب الله اللبناني.

وأوضح الكاتب الإسرائيلي، يوسي يشوع، في مقاله التحليلي بصحيفة يديعوت أحرونوت أن النقاش الدائر الآن، بشأن الخسائر والإصابات التي لحقت بالجيش الصهيوني خلال حرب غزة، استدعى إعادة تقييم نطاق (الحرب) وقوة الأسلحة المستخدمة والاعتبارات الإستراتيجية في مناطق وعرة، واعتبر أن الجيش الصهيوني صار يدير “اقتصاد الأسلحة” لضمان جاهزيته لأي تصعيد محتمل على الجبهة الشمالية، وفق كاتب المقال.

وكانت صحيفة “كالكاليست” المالية الإسرائيلية أفادت بأن تكلفة (الحرب) في غزة ستبلغ 200 مليار شيكل، ما يعادل تقريبا 51 مليار دولار، اعتمادا على أرقام أولية لوزارة المالية الإسرائيلية، وتعادل هذه التقديرات ما يقارب نحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي للكيان، الذي بلغ تقريبا 522 مليار دولار في العام 2022 حسب أرقام البنك الدولي.

هذا، بالإضافة إلى أن ميزانية الكيان سجلت عجزًا في ميزانيتها بقيمة 17 مليار شيكل (حوالي 4.5 ملايير دولار) في نوفمبر الماضي فقط، ويأتي كل هذا بعد توقعات محافظ “بنك إسرائيل” بأن تصل الخسائر الاقتصادية إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي للكيان، وهي نسبة تعادل نحو 52 مليار دولار.

وأجبرت عملية طوفان الأقصى، والعدوان على غزة وما تلاه من تداعيات اقتصادية بنك “إسرائيل المركزي” على خفض الفائدة بنسبة 0.25% إلى 4.5% ما يعد أول خفض منذ مارس 2020 مع بداية جائحة “كوفيد 19”.

“بنك إسرائيل” يضطر إلى خفض الفائدة

ويأتي خفض الفائدة بعد 10 زيادات بين أفريل 2022 وماي 2023، وهي الفترة التي شهدت رفعًا في الفائدة من أدنى مستوى تاريخي عند 0.1% إلى 4.75%، حين سعى “بنك إسرائيل” إلى كبح التضخم المتصاعد، وجاء هذا القرار بعد صدور بيانات أظهرت ضعف الاقتصاد الإسرائيلي نتيجة العدوان على غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي.

وفي أول أيام العام 2024، تم رفع سعر التجزئة للتر البنزين الخالي من الرصاص (95 أوكتان)، الذي تتحكم فيه الحكومة، من 0.28 شيكل (0.077 دولار) إلى 7.22 شيكلات (دولاران) عند المضخات، في وقت امتنع فيه وزير المالية اليميني بتسلئيل سموتريتش عن تمديد خفض الضرائب على الوقود الذي كان معمولا به.

ويأتي هذا بعد ضغوط اقتصادية متفاقمة على موازنة الكيان الصهيوني ونشاطه الاقتصادي جرّاء العدوان على قطاع غزة، ما دفع إلى تسريح 5 ألوية عسكرية من الاحتياط، وخفض الفائدة بنسبة 0.25% بهدف تنشيط الاقتصاد، فيما لم تتم الموافقة على موازنة 2024 بعد، وبالتالي ليس لدى وزارة المالية مصدر في الميزانية لتغطية تراجع الإيرادات، وفق القانون.

وبحسب صحيفة “غلوبز” الاقتصادية الإسرائيلية، فإن تمويل تخفيضات الضرائب على البنزين ليس ضمن اهتمامات وزارة المالية في موازنة 2024، التي تتطلب تخفيضات كبيرة في الإنفاق لمواجهة تكاليف العدوان.

وتتراوح التكلفة الشهرية على الخزانة الإسرائيلية من دعم أسعار البنزين بين 100 و200 مليون شيكل (27.56 و55.12 مليون دولار)، اعتمادًا على تقلبات الأسعار في السوق العالمية وسعر صرف الشيكل مقابل الدولار.

وكانت وزارة المالية الإسرائيلية خصصت 1.1 مليار شيكل (303.18 ملايين دولار) في موازنة 2023 لخفض الضرائب على الوقود، وأبقت هذه التخفيضات منذ أفريل 2022، عندما حددها لأول مرة وزير المالية السابق أفيغدور ليبرمان عقب انطلاق العملية الروسية في أوكرانيا.

سوق العقار يتّجه إلى تسجيل أسوأ أداء منذ 20 سنة..

“طوفان الأقصى” سبّب تراجعا في صفقات شراء العقار في “إسرائيل” بنحو 36 %

حركة السياحة في “إسرائيل” تسجّل تقهقرا نسبته 76% أكتوبر المنقضي

أعلنت شركة استثمار زراعي ومصدر رئيسي للحمضيات وغيرها من المنتجات الزراعية في الكيان (مهدرين) عن خسارة تفوق 160 مليون شيكل (43.8 مليون دولار) للربع الثالث من عام 2023، وسط توقعات بمزيد من التأثيرات السلبية، بسبب (الحرب) على غزة.

وحذرت “مهدرين” – في تقريرها- من أن (الحرب) على قطاع غزة التي اندلعت مطلع أكتوبر الماضي لها “تأثير مادي كبير على القطاع الزراعي لدى الكيان بشكل عام، وعلى منطقة حدود قطاع غزة وشمال البلاد على وجه الخصوص”، وبالتالي على أعمال الشركة.

ونقل موقع “غلوبس” الإسرائيلي المتخصص في الاقتصاد، عن تقرير الشركة، أن الخسارة الهائلة المسجلة في الربع الثالث ترجع إلى انخفاض قيمة أصول “مهدرين” وتخلي الشركة عن الأراضي التي لا تحقق أرباحا.

وفيما يتعلق بالضرر الناجم عن (الحرب)، تقول “مهدرين” إن إيراداتها تعتمد بشكل رئيس على موسم جني الحمضيات والأفوكادو لدى الكيان، وتخشى ضربة قوية في هذا الجانب ستظهر في نتائج الربع الأخير من العام.

وتمتلك “مهدرين” بساتين ومزارع تبلغ مساحتها 4 آلاف دونم (40 ألف متر) في منطقة حدود قطاع غزة، ووفقا لبيان الشركة لم تتمكن طواقمها من الوصول إلى هذه البساتين والمزارع حتى نهاية نوفمبر الماضي، في حين أصبح الوصول إلى بعضها ممكنا في ديسمبر الماضي، حيث تم اكتشاف أضرار كبيرة فيها شملت تدمير نظام الري والمخازن، بجانب تضرر المحاصيل الموسمية.

وتقول الشركة إن معظم عمال الحصاد عادة ما يكونون فلسطينيين وعمال أجانب، وانخفضت نسبة العمالة المتاحة لدى الشركة بشكل حاد، إذ استدعي بعضهم إلى التعبئة العسكرية كجنود احتياط، وغادر العمال الأجانب (بصورة رئيسية من تايلاند) البلاد، في وقت تمنع سلطة الكيان الفلسطينيين من الدخول. ونتيجة لذلك، وظفت الشركة نصف عدد العمال المعتادين في الحصاد، ونصف هؤلاء كانوا من العمال غير المهرة (متطوعين وعمال عاديين)، ما أثر بشكل كبير على كفاءة الحصاد.

صناعة ومبيعات العقارات

تراجعت صناعة ومبيعات العقارات في السوق الإسرائيلية بحدة في 2023، بفعل (الحرب) على قطاع غزة، وتراجع آخر سبق عملية طوفان الأقصى، مرتبط بارتفاع الأسعار وضعف الطلب، وأظهرت بيانات صادرة عن مكتب الإحصاء ووزارة المالية لدى الكيان، جمعتها صحيفة “غلوبس” المختصة بالاقتصاد الإسرائيلي، أن تراجعا بنسبة 36 بالمائة طرأ على صفقات شراء العقار لدى الكيان في الشهور التسعة الأولى 2023.

وبلغ عدد الصفقات، في الأشهر التسعة الأولى 2023، نحو 58 ألف صفقة، بانخفاض 36 بالمائة عن الفترة المقابلة من 2022 وبتراجع 46 بالمائة عن الفترة نفسها من عام 2021، ولم تصدر بعد بيانات الربع الأخير 2023، والتي ستظهر بيانات السوق خلال فترة (الحرب) الصهيونية على قطاع غزة، وذكرت “غلوبس” أن أداء الشهور التسعة الأولى 2023 كان يتجه لدفع السوق لتسجيل أسوأ أداء منذ 20 عاما.. “اندلاع (الحرب) سيجعل أرقام الربع الأخير أسوأ من الأرباع الثلاثة السابقة لعام 2023، ما يعني تسجيل هذا التدهور”.

وعانت سوق العقارات في المدن أكثر من غيرها من (الحرب)، خاصة “تل أبيب” وعسقلان، “حتى المدن البعيدة عن (الحرب) مثل الخضيرة ونتانيا سجلت تراجعات متباينة”، وشهدت أسعار العقارات لدى الكيان زيادات حادة خلال العام الماضي، بفعل ارتفاع أسعار الفائدة، إذ بلغ متوسط الزيادة على أسعار العقارات في الربع الثالث 2023 نحو 10 بالمائة على أساس سنوي.

السياحة أكثر قطاع متضرر

أفادت بيانات رسمية بأن السياحة الإسرائيلية تراجعت منذ بدء العدوان على غزة وحتى نهاية العام الماضي، وسجل ديسمبر الماضي أسوأ أداء للقطاع خلال 2023، وأعلنت وزارة السياحة الإسرائيلية أن عدد السياح الذين زاروا الكيان خلال 2023 زاد مقارنة بعام 2022، لكن القطاع شهد تراجعا في أكتوبر الماضي عقب تنفيذ هجوم “طوفان الأقصى”، فيما استمر هذا الانخفاض على مدى ما تبقى من العام.

وسجل ديسمبر الماضي أسوأ أداء خلال العام 2023، إذ بلغ عدد السياح 52 ألفا و800 فقط، فيما كان الكيان يستقبل ما يزيد على 300 ألف سائح شهريا طوال أشهر عدة في وقت سابق من العام.

وكان تقرير لمكتب الإحصاء الإسرائيلي قد أفاد بأن حركة السياحة لدى الكيان تراجعت بنسبة 76% خلال أكتوبر الماضي وتم إلغاء أغلبية رحلات الطيران من وإلى “تل أبيب”، وزار الكيان 89.7 ألف سائح خلال أكتوبر الماضي، معظمهم دخلوا إلى البلاد قبل عملية “طوفان الأقصى”.

وكانت السياحة الأجنبية لدى الكيان تجاوزت 370 ألفا في الفترة المقابلة من العام 2022، مما يظهر حجم الضرر الذي تعرض له ذلك القطاع عقب انطلاق (الحرب) على غزة، يشار إلى أن صواريخ المقاومة الفلسطينية تتساقط يوميا على مدن ومستوطنات صهيونية متسببة في خسائر لا يُعلن عنها.

تعاني مدينة إيلات الساحلية من أجل التعافي من الضربة الاقتصادية التي سببتها (الحرب) على غزة، وفق بيانات نشرتها شركة نظام الدفع ببطاقات الائتمان لدى الكيان “شفا” التي تراقب مدفوعات بطاقات الائتمان، وتحولت هذه المدينة من منتجع سياحي إلى ملاذ للنازحين من هجمات المقاومة الفلسطينية بداية من عملية طوفان الأقصى.

ممثل الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بالجزائر محمد الحمامي:

“تكاليف الحرب تضيّق الخناق على موازنة الاحتلال لعام 2024”

أبرز ممثل الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بالجزائر، محمد الحمامي، أن الاحتلال الإسرائيلي يُعتبر أكبر متلقٍ للمساعدات في منطقة الشرق الأوسط، وبشكلٍ خاص من حليفته الإستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية، حيث وصلت قيمة المساعدات الأمريكية التي تلقاها الكيان الصهيوني – منذ لحظة تأسيسه عام 1948 إلى غاية سنة 2023 – إلى ما قيمته 158.8 مليار دولار من المساعدات المختلفة (تصل إلى 260 مليار دولار عند إدخال معدل التضخم طبقا لبيانات خدمة أبحاث الكونغرس). وتنقسم هذه المساعدات إلى مساعدات عسكرية (114.4 مليار دولار)، مساعدات اقتصادية تصل قيمتها إلى)34.4 مليار دولار)، ومساعدات برامج الصواريخ التي تصل إلى)10 ملايير دولار”.

وفي هذا الصدد، أوضح الأستاذ حمامي، في تصريح خصّ به “الأيام نيوز”، أن إجمالي النفقات في ميزانية الكيان الصهيوني لسنة 2024 سيرتفع إلى 562.1 مليار شيكل من 513.7 مليار كانت مقررة في البداية، وهذا الرقم يُسجل لأول مرة في تاريخ الكيان المحتل، كما تم تخصيص مبلغ 37 مليار دولار كنفقات على (الجيش) الإسرائيلي بعدما كان الرقم في حدود الـ 31 مليار دولار خلال سنة 2023، وذلك بدون احتساب المساعدات الأمريكية.

وكانت الميزانية العسكرية لـ (جيش) الاحتلال الإسرائيلي قد بلغت خلال عام 2023 حوالي 31 مليار دولار، بعد إضافة حوالي 8 مليارات دولار خلال الشهرين الماضيين كتكلفة للعدوان الجاري على القطاع، لتصل إلى مرتبة قياسية بعد أن كانت رسميا سنة 2022 حوالي 23 مليار دولار.

وتأتي المساعدات الأمريكية للكيان الصهيوني تقريبا في شكل منح لشراء أسلحة، وتتلقى “إسرائيل” 3.3 مليارات دولار سنويا من برامج التمويل العسكري الأجنبي، كما أنها تتلقى 500 مليون دولار للبحث والتطوير ونشر أنظمة الدفاع الصاروخي مثل القبة الحديدية.

في السياق ذاته، أشار المتحدث إلى أن هذه الأرقام مرشحة للارتفاع وبلوغ مستويات قياسية أكثر مما هي عليه الآن، في ظل استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة، ودخوله الشهر الرابع على التوالي، ما أدّى إلى تكبّد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر بالجملة، حيث إن ما يزيد عن 80 بالمائة من الاقتصاد الإسرائيلي أصبح متوقفا بفعل ضربات المقاومة الفلسطينية وتفريغ منطقة شمال فلسطين المحتلة وجنوبها من المستوطنين، إضافة إلى هجرة أزيد من 300 ألف مواطن إسرائيلي ممن غادروا الكيان دون رجعة، ناهيك عن توقف العمالة الفلسطينية التي تشكل عمودا قارا في الاقتصاد الإسرائيلي، فكلّ العمال في مدن الضفة الفلسطينية الآن متوقفون عن العمل، بالإضافة إلى توقف الاستثمارات وتضرر قطاع السياحة في “إسرائيل”، زد على ذلك تكلفة الحرب التي وصلت إلى حدّ اللحظة إلى ما يقارب الـ 65 مليار دولار وهي تكلفة ضخمة جدّا.

في سياق متصل، أبرز ممثل الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بالجزائر أن كل هذه المعطيات، والمبالغ الضخمة التي تم رصدها، تنذر بسقوط وانهيار وشيك للاقتصاد الإسرائيلي، ناهيك عن المقترحات التي قدمها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والمتعلقة بدمج بعض الوزرات من أجل تقليص الأعباء المالية، خاصةً وأن الأمور غير واضحة بشأن موعد وقف العدوان الجائر على القطاع.

وفي هذا الإطار، تطرق الأستاذ حمامي إلى المصاريف الإضافية التي يتكبدها الاقتصاد الإسرائيلي المنهك أساسا، والتي ترتبط بالنفقات والتعويضات التي تُدفع لعائلات القتلى وعائلات المفقودين والأسرى الذين ما تزال المقاومة الفلسطينية تحتجزهم في القطاع، إضافةً إلى تكاليف توفير هبات ومساعدات، وغطاء مالي لجنود الاحتياط وعائلاتهم، والشركات المتضررة جراء العدوان على قطاع غزة.

بالإضافة إلى ملايين الدولارات التي تصرف يوميا على العدوان المتواصل على غزة، بما فيها تكلفة القبة الحديدية وتكلفة القنابل التي تُدّك بها المباني والمنازل على رؤوس أصحابها في قطاع غزة، زد على ذلك الخسائر الفادحة التي يتكبدها الاحتلال في العتاد والمعدات العسكرية على أرض الميدان، كل ذلك يكلف الاحتلال الإسرائيلي المزيد من المصاريف والنفقات، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هناك مبالغَ مالية إضافية يرصدها الاحتلال الإسرائيلي، دون أن يتم الإعلان عنها، بما فيها تلك التي تقدمها الدول الداعمة للاحتلال في شكل مساعدات، إسنادًا ودعما له في عدوانه المتواصل على القطاع والضفة الفلسطينية كذلك.

ختامًا، أبرز ممثل الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بالجزائر، محمد الحمامي، أن الاقتصاد الصهيوني يعيش حالة من التراجع نتيجة الضغط المستمر من المقاومة الفلسطينية وعدم تمكن الاحتلال الإسرائيلي من تحقيق أي هدف من أهداف الحكومة الفاشية العنصرية المتطرفة، كل ذلك بالإضافة إلى المعطيات التي تمت الإشارة إليها آنفًا، يضع حكومة الاحتلال الإسرائيلي في موقف حرج لإيجاد مخرج من الوضع الذي وضعت نفسها فيه، خاصةً وأن تكاليف العدوان على غزة تتفاقم يومًا بعد يوم.

 الخبير الاقتصادي مراد كواشي لـ “الأيام نيوز”:

“الخلاف بين أعضاء حكومة الكيان يتفاقم بسبب ميزانية 2024” 

يرى الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي، مراد كواشي، أن تواصل العدوان الصهيوني الهمجي على قطاع غزة فاقم وبشكلٍ كبير من حدّة الأزمة التي يمر بها الاقتصاد الإسرائيلي، المنهك أساسًا بفعل الحرب المستمرة في القطاع، وتداعياتها على اقتصاد الكيان، الذي يبدو أنه في طريقه إلى الرُكود، بالنظر إلى توسّع حجم الضرر والخسائر بشكلٍ كبير، ليترجم بشللٍ تام على مستوى الحياة الاقتصادية داخل الكيان، نتيجة توقف عددٍ كبير من المؤسسات الاقتصادية، وتوقف قطاع السياحة، وشركات الطيران، والشركات الصناعية، وعدة قطاعات حيوية أخرى.

وفي هذا الصدد، أوضح البروفيسور كواشي، في تصريح لـ “الأيام نيوز”، أن هناك تفاقمًا كبيرًا في الخلافات بين أعضاء الحكومة الإسرائيلية حول ميزانية 2024 وحول الطريقة التي يمكن من خلالها تغطية تكلفة الحرب على غزة، التي كبدت “إسرائيل” – حتى الآن – أكثر من 60 مليار دولار، بما في ذلك المساعدات الاقتصادية التي قدمتها الحكومة إلى عشرات آلاف النازحين الإسرائيليين، حسب ما أفادت به صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية.

في السياق ذاته، أشار المتحدث إلى أن هناك عدة سيناريوهات مقترحة بهدف تقليص المصاريف، على غرار إغلاق 10 مكاتب وزارية غير ضرورية، وتقليص ميزانية قطاعات أخرى، بالإضافة إلى مقترح تحويل ميزانيات اتفاقيات الائتلاف الحكومي المدرجة ضمن موازنة 2024 لتغطية نفقات الحرب، وضمنها إقامة صندوق خاص بكلفة 10 مليارات شيكل (2.75 مليار دولار) لتعويض قوات الاحتياط، وهو ما اقترحه رئيس المعارضة في “إسرائيل”، يائير لبيد.

وأردف محدّثنا قائلا: “إن ميزانية الكيان الصهيوني لعام 2024 كشفت حجم الخلافات والاختلافات الموجودة بين أعضاء الحكومة الإسرائيلية، وكشفت كذلك أنه، وبغض النظر عن الحل الذي سوف يتم اعتماده فإن  قيمة العجز في ميزانية 2024  كبيرة جدا،  بالنظر إلى تبعات تكلفة العدوان الهمجي والهستيري على قطاع غزة، والذي يتواصل للشهر الرابع على التوالي”.

وفي ختام حديثه لـ “الأيام نيوز”، أكّد الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي، مراد كواشي، أن استمرار عدوان الاحتلال الصهيوني على غزة سيُفاقم بشكلٍ جليّ من وطأة وحدّة الأزمة الاقتصادية التي تعصف بـ “إسرائيل”، والتي ستكلفها ملايين الدولارات، وبالتالي سنشهد حالة من الانكماش الكبير على مستوى اقتصاد الكيان الصهيوني، الذي تكبّد خسائر بالجملة بعد تمكن المقاومة الفلسطينية ومن خلال توسيع دائرة عملياتها من إلحاق خسائر مسّت مرافق حيوية داخل الكيان الصهيوني، ونتحدث هنا عن آبار الغاز، محطات الكهرباء، ومصافي النفط وما إلى ذلك من منشآت، وهذا ما يحتم على الكيان الصهيوني – خلال المرحلة المقبلة – تخصيص ميزانيات مضاعفة من أجل معالجة هذه الخسائر وترميم هذه القواعد الاقتصادية والعسكرية.

مهدّد بالعجز في ظلّ ارتفاع النّفقات والمديونية..

ميزانية إضافية للكيان الغاصب لتمكينه من مواصلة عدوانه!

بقلم: الدكتور محمـد حيمران – أكاديمي وخبير اقتصادي

ناقشت حكومة العدو التّغييرات المالية المحتملة وزيادة سقف العجز، الذي توصي وزارة المالية بأن لا يتجاوز 4.5 في المائة إلى 5 في المائة من النّاتج المحلّي الإجمالي في عام 2024، حيث قال وزير المالية في حكومة العدو إنّ ميزانية “إسرائيل” لعام 2024 مهيكلة أساسا للحرب ضدّ حركة حماس كأولوية قصوى وتأتي بعدها مسألة النّمو الاقتصادي وتقديم التّنازلات اللّازمة من أجل توسيع حكومة الوحدة الوطنية داخل الكيان.

وقالت وزارة المالية لسلطة الكيان، يوم 22 ديسمبر، إنّ حرب “إسرائيل” ضدّ حماس ستكلّفها نفقات إضافية على الأرجح لا تقلّ عن 50 مليار شيكل (13.8 مليار دولار) في عام 2024،  وستؤدّي إلى مضاعفة عجز ميزانيتها ثلاث مرّات تقريبا، متوقّعة أن يستمر القتال إلى غاية شهر فيفري، وإنّه من المتوقّع أن تستمر (الحرب) لمدة شهرين على الأقل خلال عام 2024، وسيخصّص مبلغ 8.3 مليار دولار للأمن و5.5 مليارا أخرى للنّفقات المدنية وغيرها.

وسيرتفع إجمالي إنفاق الميزانية في عام 2024 إلى 562.1 مليار شيكل عكس ما كان متوقّعا من قبلُ في شهر ماي، وهو 513.7 مليار، وسيؤدّي إلى عجز في الميزانية بنسبة 5.9 بالمائة من النّاتج المحلّي الإجمالي، أي بارتفاع يبلغ 2.25 بالمائة. ومن المنتظر أن يرتفع مستوى العجز أيضا من 20.7 مليار دولار إلى 31.5 مليار دولار العام الجاري، والفجوة تتطلّب خفضا في النّفقات أو زيادة في الإيرادات. وفي الوقت نفسه، من المرجّح أن تقلّ الإيرادات الحكومية، وخاصة الضّرائب على الدّخل عن التوقّعات بسبب تباطؤ الاقتصاد خلال فترة الحرب.

ومن جهة أخرى، قلّصت الوزارة توقّعاتها للإيرادات الحكومية لعام 2024 إلى 417.1 مليار شيكل، وتتوقّع أن تكون أقل بمقدار 35 مليار شيكل عن التوقّعات في جوان 2023، وكانت قد قدّرت الوزارة حدوث انكماش اقتصادي في الرّبع الأخير من السّنة الماضية بنسبة 19 بالمائة على أساس سنوي مقارنة بالرّبع الثّالث، الذي شهد نموا بنسبة 2.5 بالمائة، . وبالنّسبة إلى عام 2023 بأكمله، توقّعت نموا بنسبة 2 بالمائة، أو نموا ثابتا لنصيب الفرد، ونموا بنسبة 1.6 بالمائة في عام 2024، كما توقّعت أن ينهي معدّل التّضخم السّنوي العام عند 3.1 بالمائة، ثم يتراجع إلى 2.6 بالمائة في العام الجاري 2024.

تغطية نفقات الحرب 

وستكون هناك حاجة إلى 9.6 مليار شيكل أخرى لتغطية النّفقات المدنية النّاجمة عن الحرب، بما في ذلك إجلاء السّكان على طول الحدود الجنوبية والشّمالية للكيان، وتعزيز قوّات الطّوارئ مثل الشّرطة، وإعادة تأهيل المناطق التي دمّرتها الحرب، كما تمّ تخصيص مبلغ إضافي قدره 8.8 مليار شيكل جديد في الميزانية لتغطية تكاليف أخرى، بما في ذلك تمويل الدّين الحكومي ونفقات أسعار الفائدة التي زادت بنسبة أكبر ممّا كان مخططا لها قبل الحرب.

إلى جانب كلّ ذلك، حثّ محافظ بنك “إسرائيل”، في الأسابيع الأخيرة، النّواب على إجراء تعديلات وخفض النّفقات في ميزانية 2024،  التي لا تتعلّق بالعمليّات القتالية أو التي لا تعزّز التّنمية لموازنة تكاليف الحرب المتزايدة، والحفاظ على الواجبات المالية. وتأتي الدّعوة إلى الانضباط المالي في الوقت الذي يشعر فيه البنك المركزي بالقلق من أن إدارة الحكومة للإنفاق الأمني المرتفع يمكن أن يضرّ بمكانة “إسرائيل” في الأسواق الدّولية ويؤثّر سلبا على القرارات المستقبلية لوكالات التّصنيف الائتماني، الأمر الذي قد يؤدّي، بدوره،  إلى ارتفاع تكاليف زيادة الدّيون.

ميزانية تكميلية لسنة 2023

تم إقرار ميزانية تكميلية لعام 2023، في منتصف شهر ديسمبر، بقيمة 28.9 مليار شيكل لتغطية تكاليف الحرب المستمرّة على الشّعب الفلسطيني، وقد واجهتها معارضة شرسة من الأحزاب المعارضة لأنّها تضمّنت تمويلات لمشاريع ليست لها صلة بالعمليات القتالية، وأضافت الميزانية التّكميلية مبلغا قدره 25.9 مليار شيكل إلى الميزانية الأصلية لعام 2023، ممّا يرفعها إلى 510.6 مليار شيكل.

في الصّدد نفسه،  سيتمّ تخصيص حوالي 17 مليار شيكل من أصل 28.9 مليار شيكل من أموال الحرب لتغطية التّكاليف الأمنية، مثل شراء الأسلحة والمدفوعات لجنود الاحتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي، في حين أنّ 12 مليار شيكل ستمول نفقات الجبهة الدّاخلية.

وتمّ تخصيص 2.8 مليار دولار إضافية في ميزانية 2023 لإجلاء المستوطنين من المناطق الحدودية، وإعادة بناء المستوطنات التي دمّرتها المقاومة. وبالإضافة إلى الإنفاق العسكري، قالت الوزارة إنّه ستكون هناك حاجة إلى 10 مليارات شيكل إضافية (2.8 مليار دولار) لإجلاء حوالي 120 ألف شخص من المناطق الحدودية الشّمالية والجنوبية للكيان الإسرائيلي المحتل، وميزانيات أعلى للشّرطة وأجهزة الأمن الأخرى، بالإضافة إلى الإنفاق العسكري وإعادة بناء المستوطنات التي دمّرت خلال هجوم عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر.

وحسب وزارة المالية،  فإنّ التّمويل الإضافي ستكون الحاجة ماسة إليه بغضّ النّظر عن المساعدات الإضافية من الولايات المتّحدة، وأضافت أنّ هناك حاجة إلى 4 مليارات شيكل إضافية لتغطية تكاليف الدّيون الكبيرة، وقالت إنّه إذا لم يتم إجراء تغييرات على الضّرائب المخطّط لها، فإنّ العجز المالي سيتضخّم ليقترب من 6 في المائة من النّاتج المحلّي الإجمالي، وهو ما يتجاوز بكثير السّقف البالغ 2.25 في المائة الذي حدّده القانون.

14 مليار دولار كلفة استمرار الحرب

علاوة على ذلك، فإنّ حكومة الاحتلال الإسرائيلية ليست متأكّدة ممّا إذا كانت مستعدّة ماليا لحرب طويلة الأمد في غزّة. ووفقا لتقرير “رويترز”، ستكلّف (الحرب) الإسرائيلية على الشّعب الفلسطيني 50 مليار شيكل أخرى (14 مليار دولار) في عام 2024، وهو مبلغ يهدّد بمضاعفة عجز ميزانية الاحتلال الإسرائيلي ثلاث مرات. وستسمح الاستعدادات الحالية لوزارة المالية “الإسرائيلية” لجيش الاحتلال بالقتال حتى شهر فيفري 2024، لكنّ الوضع المالي يظلّ تحت الغيوم بعد الشّهرين الأولين من العام المقبل.

كما حثّ محافظ البنك المركزي “الإسرائيلي” رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو،  على الحدّ بسرعة من الإنفاق العام، محذّرا من أن الأسواق قد تتفاعل بشكل سيئ إذا فشلت حكومته في التّصرف بشأن تكلفة الحرب المستمرّة التي تبلغ 210 مليار شيكل (58 مليار دولار)، وخفض بنك “إسرائيل” سعر الفائدة القياسي من 4.75 بالمائة إلى 4.5 بالمائة وهو أول تخفيض له منذ عام 2020، وترى الحكومة أنّ مصداقيتها في السّوق تعتمد على البدء في إجراء تعديلات واضحة على الميزانية لهذه السّنة.

ومن المتوقّع أن تنخفض الإيرادات الحكومية لسنة 2023 بمقدار 35 مليار شيكل بسبب انخفاض الضّرائب على الشّركات والعقّارات، فضلا عن تباطؤ الاستهلاك الخاص. وقال البنك المركزي إنّه يقدر استمرار التأثير الاقتصادي للحرب طوال عام 2024، وتركز القتال بشكل أساسي في غزة، فإنّ التّكلفة التي ستتحمّلها ميزانية “إسرائيل” ستصل إلى حوالي 210 مليار شيكل.

على وقع العدوان على غزّة..

هل بات اقتصاد الاحتلال الإسرائيلي يعيش ملامح الانهيار؟

بقلم: سليمان بشارات – مدير مؤسسة يبوس للدراسات – رام الله

أثارت سلسلة من التّقارير الصّادرة عن مؤسّسات وهيئات داخل الكيان الصّهيوني، ومؤسّسات مالية دولية سؤالا مركزيا حول إن كان الاقتصاد الصّهيوني بات على أبواب حالة الانهيار، في ظلّ استمرار الحرب على قطاع غزّة ودخولها الشّهر الرّابع على التّوالي؟

فعلى الرّغم من أنّ الاحتلال الإسرائيلي ككيان مدعوم من كيانات سياسية دولية، حاولت عبر 75 عاما حمايته وتوفير المقوّمات الكاملة لبقائه على أرض فلسطين، إلاّ أنّ ذلك لم يحميه من التّأثّر بتداعيات استمرارية العدوان الذي ينفّذه بحقّ الفلسطينيين، خصوصا أنّنا بتنا نتحدّث عن (حرب) لم يعتد الاحتلال على الدّخول فيها بل إنّ عقيدته الأمنية تقوم على الحروب الخاطفة لإدراكه التّام من أنّ جبهته الدّاخلية لا يمكن لها أن تصمد.

ويواجه الاقتصاد الإسرائيلي، حاليا،  فترة صعبة تعتبر واحدة من أسوأ فتراته، حيث تتزايد التّحديات على حكومة الاحتلال، ويبرز ذلك في القطاعات كافّة سواء القطاع العقّاري والمصارف وسوق البورصة والسّياحة والزّراعة والصّناعات العسكرية التي باتت تشهد تدهورا ملحوظا، بينما يتواصل الهجوم الوحشي على سكّان غزّة، ممّا يفاقم الضّغوط الاقتصادية.

ويمكن فهم وتحليل حالة الانهيار الحالي من خلال عدّة عوامل، بما في ذلك الفساد وسوء الإدارة الاقتصادية اللذان كانا قد طغيا قبل حدوث الحرب الحالية، وسيطرة اليمين المتطرّف على مفاصل الكيان. وقد جاءت الحرب لتتسبّب في تفاقم الأزمة وتعقّد مهمة إيجاد حل فعّال للتّحسين الاقتصادي في المستقبل، مما يعني أنّ كيان الاحتلال بات يقترب أكثر فأكثر من حالة من الانهيار الاقتصادي في المراحل المقبلة.

كشفت بيانات صادرة عن دائرة التّوظيف داخل الكيان الإسرائيلي عن ارتفاع حاد في عدد الأفراد المسجّلين كعاطلين عن العمل خلال شهر أكتوبر الماضي، وذلك في تزامن مع اندلاع الحرب على قطاع غزة، لتصل نسبة الزّيادة إلى 460 بالمائة مقارنة بالشّهور التي سبقتها.

وتتمثّل أبرز الملامح الأساسية للدّخول في حالة التّراجع الحاد في اقتصاد الاحتلال الإسرائيلي إلى عدّة عوامل رئيسة؛ يتمثّل أوّلها في استدعاء أكثر من 360 ألف جندي احتياطي منذ السّابع من أكتوبر، ما يعادل 8 في المائة من إجمالي القوّة العاملة، سيترك معظم هؤلاء الاحتياطيين وظائفهم، ممّا أدّى إلى فجوة كبيرة في الهيكل الاقتصادي للاحتلال الإسرائيلي. أمّا العامل الثّاني فيتمثّل في نقص العمالة نتيجة عدم السّماح لنحو 200 ألف فلسطيني بعبور الحدود والعمل داخل الأراضي المحتلّة عام 1948.

أمّا العامل الثّالث، فقد أشار إليه مكتب الإحصاء المركزي داخل الكيان الإسرائيلي، والمتمثّل في أنّ 37 بالمائة من الشّركات الصّغيرة داخل الكيان توقّفت نتيجة أزمة الحرب وتداعياتها المختلفة. أمّا العامل الرّابع فيتمثّل في التّراجع الإنتاجي للقطاع الزّراعي، ففي ظلّ الحرب واستمراريتها فإنّ القطاع الزّراعي داخل الكيان بات مشلولا بشكل شبه كامل خصوصا أنّه كان يعتمد على المستوطنات المقامة على حدود قطاع غزّة وعلى الحدود الشّمالية لفلسطين المحتلّة، وبات قرابة 764 ألف عامل لا يستطيعون العودة لتفعيل هذا القطاع.

وفي قطاعات متعدّدة، أفادت معظم الشّركات بتراجع يتجاوز 50 بالمائة في إيراداتها خلال فترة معيّنة، حيث سجّل قطاع السّياحة انخفاضا يصل إلى حوالي 82 بالمائة في الإيرادات. كما سجّلت خدمات الأغذية والمشروبات انخفاضا بنسبة 71 بالمائة، والبناء بنسبة 74 بالمائة.

كما أعلنت وكالة “ستاندرد أند بورز” في بداية الشّهر الحالي تعديل توقّعاتها المستقبلية لعدد من البنوك داخل الكيان الإسرائيلي، حيث قامت بتغيير وضعيتها من مستقرّة إلى سلبية لبنوك “لئومي”، و”هبوعليم”، و”مزراحي تفاهوت”، و”ديسكونت الإسرائيلي”. وأرجعت الوكالة هذا التّغيير في التّوقّعات إلى تأثيرات التّصاعد والمدى الزّمني للحرب،  وكيف يؤثّر ذلك على الاقتصاد وثقة قطاع الأعمال، مشيرة إلى أنّ ذلك قد ينجم عنه تأثيرات سلبية على القطاع المصرفي. وقد أوضحت الوكالة أنّها قامت بتغيير نظرتها المستقبلية لبنكي “هبوعليم بي.أم” و”لئومي لإسرائيل بي.أم” إلى سلبي من مستقر.

المعطيات السّابقة، والمؤشّرات الخاصة بالقطاعات المختلفة داخل الكيان الإسرائيلي، كلّها باتت تدفع باتّجاه أنّ اقتصاد الكيان يقترب من حالة الانهيار في ظلّ طغيان سياسات الحكومة اليمينية المتطرّفة واستمراريتها باتجاه الحرب على غزّة. كما أنّ حالة الانهيار الاقتصادي يبدو أنّها ستلقي بظلالها على حالة التّماسك داخل الكيان، فقد صعدت في الأيام الأخيرة حالة من الخلافات ما بين الأقطاب الرّئيسة في حكومة الاحتلال المطالبة بضرورة إعادة جنود الاحتلال لأعمالهم، والسّماح للعمّال الفلسطينيين بالعودة إلى قطاعي الإنشاءات والزّراعة إلاّ أنّ سيطرة أقطاب اليمين المتطرّف على قرارات الحكومة حتى اللّحظة ترفض ذلك، وهو ما يمكن أن يمهّد إلى تحوّل المشهد الاقتصادي داخل الكيان إلى نافذة لاتساع فجوات الثّقة السّياسية التي قد تمهّد لحالة انهيار في الائتلاف الحكومي الصّهيوني، أو الدّفع باتجاه المطالبة بانتخابات مبكّرة نتيجة رفض السّياسات الحالية.

ما يمكن أن نختم به هو أنّ الكيان الصّهيوني، الذي كان في السّنوات الماضية يقدّم نفسه على أنّه المنطقة الأكثر ازدهارا في منطقة الشّرق الأوسط، ويحاول استقطاب رؤوس الأموال للاستثمار بداخله، بات واضحا أنّه نموذج هش اقتصاديا ولا يمكن التّعويل عليه ممّا قد ينعكس على شكل وطبيعة المعادلة للعلاقات التي كان يحاول أن يقيمها في منطقة الشّرق الأوسط مدعوما من السّياسات الأمريكية والغربية الدّاعمة له.

الأيام نيوز - الجزائر

الأيام نيوز - الجزائر

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
الرئيس تبون يناقش تعزيز التعاون العسكري والاقتصادي مع نظيره التشيكي ترامب-ماسك وتغير قواعد اللعبة.. هل سقطت أمريكا في شباك الأوليغارشية الامبريالية؟ مشاريع واعدة لتوسعة خطوط المترو والترامواي في الجزائر العاصمة أسابيع قبل رمضان.. تدابير لضمان وفرة المنتجات الفلاحية والغذائية هل تتجه "سونلغاز" لاعتماد الدفع الشهري لفاتورة الكهرباء؟ "الأرندي" يعتبر تصريحات ترامب تهديد بإشعال فتيل العنف في الشرق الأوسط عرض مسودّة قانون المناجم الجديد على مجلس الوزراء قريبًا الرئيس تبون يتسلّم رسالة خطية من نظيره الموريتاني وزارة الدفاع الجزائرية توظف.. إليك طريقة التسجيل وشروط التوظيف توقيع اتفاقية تعاون لدعم الابتكار التكنولوجي في حاضنة أعمال جامعة الجزائر 3 إجراءات صارمة ضد المتلاعبين بالأسعار ومفتعلي الندرة في رمضان الجزائر تُطلق منصة لاختبار الخلايا الشمسية المرصد الوطني للمجتمع المدني يرفض استنزاف الموارد الطبيعية في إفريقيا أسعار النفط ترتفع هامشياً "اِدفع وإلا"...! البيت الأبيض في قبضة "عصابات الأحياء" رفض جزائري قاطع لمخطط تهجير سكان غـزة هل قرر البيت الأبيض التراجع عن خطة ترامب المجنونة ينتمي لليمين المتطرف.. سياسي فرنسي يدعو الجزائر لمنح الاستقلال لفرنسا احتلال غزة وتهجير سكانها.. ترامب يخطّط لإطلاق "مسرح التدمير العالمي" فيديو | البحرية الجزائرية تنقذ 16 مهاجراً غير شرعي من جنسية صومالية