يواصل الكيان الصهيوني ـ على الأرض وفي السماء ـ حرب الإبادة التي يشنها ضد الفلسطينيين في غزة. وبالموازاة مع ذلك، يواصل جنرالاته الدمويون ـ في خنادق تحت الأرض ـ وضع تصوراتهم حول مستقبل قطاع غزة، وهو ما أشار إليه موقع يديعوت أحرونوت العبري، أمس الإثنين، حين تحدّث عن خطة جديدة تتشكّل من عدة مراحل، وتنتهي باعتماد الحكم في غزة على مسؤولين محليين وأفراد غير مرتبطين بحركة حماس، وتحويل القطاع إلى منطقة أشبه بالمنطقة (ب) في الضفة الغربية المحتلة.
في هذا المقال ـ للصحافي والمحلل العسكري في الموقع رون بن يشاي تم استعراض خطة صهيونية محتملة للسيطرة ـ وفق المزاعم الصهيونية ـ على قطاع غزة بالتعاون مع الولايات المتحدة والأمم المتحدة، وهذه الخطة تقضي بأن تتشارك سلطة الكيان مع داعميها في وضع ترتيبات للسيطرة على القطاع بمجرد وقف العدوان في جميع الجبهات، وليس فقط في الشمال.
وأوضح بن يشاي أنه “من الواضح” لدى سلطة الاحتلال “بأن مثل هذا الترتيب يجب ألا يشمل شمال قطاع غزة حتى وادي غزة فقط، بل أيضًا الجزء الجنوبي بأكمله، بما في ذلك منطقة رفح ومحور فيلادلفيا، حيث العديد من أنفاق التهريب التي ستسمح لحماس بتجديد قوتها”.
وأضاف: “يخطئ من يظن أن الاحتلال والسيطرة وتقويض حكم حماس وقوتها العسكرية في شمال قطاع غزة سيحقق الهدف الأساسي لأمن الكيان”، مشيرا إلى أن “جنوب قطاع غزة يمثل مشكلة في حد ذاته، والتي لا يزال يتعين على الجيش الصهيوني أن يأخذها في الاعتبار. ليس هناك حتى الآن خطة واضحة لليوم التالي، وحتى المخطط الذي سيتم وصفه هنا، قد يتغير بشكل كبير اعتمادًا على الوضع على الأرض”.
وقال الكاتب إنه “حسب المؤشرات، فإن تنظيم الحكم في غزة سيعتمد بالأساس على مسؤولين محليين وأفراد غير مرتبطين بحماس. في الواقع، هناك هيئات حكم بأكملها في قطاع غزة لا تزال تتلقى رواتبها من أبو مازن والسلطة الفلسطينية، بعد 16 عاماً من سيطرة حماس على القطاع”.
وأردف: “دول عربية ستضخ الأموال من أجل استقرار الوضع الإنساني، وفي المرحلة الأولى سيواصل الجيش الصهيوني والشاباك السيطرة الأمنية في قطاع غزة، لكن سلطة الكيان ليس لديها أي نية للسيطرة على القطاع، وطموحها هو الخروج من غزة في أسرع وقت ممكن، بعد ضمان أمن سكان الجنوب (يقصد جنوب أراضي فلسطين التاريخية في المناطق المحتلة عام 1948) ومنع إطلاق الصواريخ”.
ووفقاً للفكرة الناشئة، يقول بن يشاي: “ستكون هناك مرحلة أخرى أو مرحلتان من التسوية الدائمة في قطاع غزة تستمر لعدة أشهر، حيث سيكون للسلطة الفلسطينية سيطرة مدنية على قطاع غزة، لكن الشاباك والجيش الصهيوني سيكون لديهما حرية العمل في مجالي الاستخبارات وإحباط العمليات، كما هي الحال في المنطقة (ب) في الضفة الغربية. ويقترح الأمريكيون أن تكون هناك في هذه المرحلة قوة دولية غير أمريكية في القطاع”.
أما على أطراف القطاع ـ وبموجب الخطة المذكورة ـ ستكون هناك مناطق آمنة يمكن للفلسطينيين أن يوجدوا فيها للعمل الزراعي، لكنهم لن يتمكنوا من قضاء وقت طويل فيها وبالتأكيد لن يتمكنوا من حمل السلاح أو إقامة نقاط مراقبة.
وتابع الكاتب أنه “حسب الطلب الأمريكي، فإنّ المرحلة الأخيرة ستكون مفاوضات سياسية بين سلطة الكيان والسلطة الفلسطينية، ربما في إطار مؤتمر دولي. ووفقاً للإدارة الأمريكية على الأقل، فإنّ الهدف يتلخّص في التوصل إلى حلّ، يفضي إلى (دولتين لشعبين)، مع وجود ممر يربط بين غزة والضفة الغربية”.
وخلص الكاتب إلى أنه “في كلّ الأحوال، من غير المتوقّع من الحكومة الحالية أن تعمل على تشجيع المفاوضات الفعلية التي من شأنها أن تسفر عن النتائج التي يتطلع إليها الأمريكيون”.
وليس بعيدا عن هذه الخطة التي تدور برؤوس قادة الكيان الصهيوني، ذكرت ـ وفي وقت سابق ـ وسائل إعلام عبرية أن مسؤولين أمريكيين وصفتهم برفيعي المستوى حثوا نظراءهم الصهاينة على البدء في مناقشة اليوم التالي للحرب في غزة، وكيف سيكون واقع القطاع في عام 2025.
وأوضح تقرير إسرائيلي، أن المسؤولين الأمريكيين الكبار بدؤوا تلك المحادثات مع الجانب الصهيوني لتهيئة لما بعد العدوان الدائر حاليا، عبر بحث ما سيحدث مستقبلا في غزة 2025، التي تشهد قصفا مكثفا وتوغلات برية صهيونية مع استمرار المواجهات مع فصائل المقاومة الفلسطينية.
ومع أن محللين لم يستبعدوا تولي فرق عمل داخلية لدى، لاسيما في وزارة الخارجية وشعبة الشؤون الإستراتيجية في الموساد والجيش الصهيوني هذا الشأن أو بحثه، غير أنهم لفتوا إلى عدم الخوض في تفاصيل وكشف مثل هذه الأمور حاليا في الكيان بالنظر إلى الدلالات السياسية لذلك، فضلا عن عدم وضوح مسار استمرار العدوان والقتال الجاري حتى الآن، إلى جانب الوضع السياسي داخل الكيان ذاته، وما سيتعلق بمثل هذا الأمر مع السلطة الفلسطينية.
وفي إطار الجهود الأمريكية في هذا الشأن، تنقل وسائل إعلام عبرية أن جولة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن جاءت أيضا في إطار تلك الجهود، وهو الذي زار الكيان 3 مرات منذ العدوان الإسرائيلي على غزة بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر التي نفذتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وأجرى جولة سابقة في المنطقة زار خلالها بلدانا عربية، بما يعني أن تلك البلدان قد تكون شريكة في هذه التصورات.