عبر فيلم لـ«محمد الزاوي».. عاشق الماء حتى الموت.. عثمان بالي يعود الى الحياة

سيعود عميد الأغنية التارقية، الذي تغنّى بالماء واستقرأ رمزياته، الراحل عثمان بالي، قريبا عبر فيلم وثائقي بعنوان «بالي غيث بلوز»، وهو العمل الذي بدأ المخرج محمد الزاوي في تصويره، ويتناول مسيرة هذا الفنان وتعلقه بمدينته جانت.

أوضح المنتج عبد الكريم سكار، أمس الأربعاء، في تصريح أدلى به للصحافة على هامش زيارته إلى مدينة جانت لضبط آخر الترتيبات تحسبا لهذا العمل السينمائي الوثائقي، “أن اختياره تصوير فيلم عن عميد الأغنية التارقية هدفه التعريف بالفنان الراحل وتوثيق جوانب من مراحل حياته، خاصة منها الفنية وتسليط الضوء على العديد من المواقف التي صادفت عثمان بالي خلال جولاته الغنائية عبر العالم، والذي خلّف رصيدا غنائيا يفوق 250 قطعة موسيقية، إذ يعتزم نجله استغلالها تدريجيا في ألبومات سيتم تسجيلها بجانت وفي أستوديوهات عالمية”، ويتعلق الأمر أيضا بتثمين العطاء الفني الكبير لهذا الفنان الذي وافته المنية صيف سنة 2005.

عثمان بالي مغني التيندي الجزائري، اسم فرض نفسه ووجوده الحقيقي على الجميع بعدما جاء من عالمه المترامي على بقاع التاسيلي، ما جعل منه فنانا ساحرا بنغماته المنبثقة من عمق الصحراء، وبعد أن أوصل الأغنية التارقية إلى العالمية كانت له أهداف وطموحات كبيرة سعى إلى تحقيقها، من بينها إنشاء مدرسة مختصة في تعليم موسيقى التيندي تعرف بمدرسة “عثمان بالي”.

وأوضح سكار أن اختياره تركيبة “بالي غيث بلوز” لتكون عنوانا للفيلم الوثائقي يهدف إلى إضفاء محتوى جمالي ودرامي يمزج بين المطر والمدلول التراثي العربي ونوع موسيقى عالمية مرتبطة بالمخيال الأفرو – أمريكي (البلوز)، حيث يراد من تركيب هذا العنوان وتناغمه العربي الإنكليزي تكريم الفقيد بالي، الذي فارق الحياة في 17 جوان 2005 عن عمر ناهز 52 سنة إثر سيول واد جانت.

ويعد الفنان الراحل عثماني بالي، الذي ولد في 1953 بمدينة جانت بولاية إيليزي، من الفنانين الأوائل بمنطقة التاسيلي ناجر عموما، حيث ارتبط اسمه بالصحراء فكانت مصدر إلهام لمختلف أغانيه، إذ تغنى بجمالها وبتفاصيل حياة الإيموهاغ (بالتارقية: الرجال الأحرار الشرفاء). ويعتبر أيضا كاتب كلمات وملحنا وعازفا على آلة العود الذي لازمته طوال مسيرته الفنية لأكثر من 20 سنة، كما كان لوالدته الراحلة الحاجة خديجة الأثر البالغ في تكوين شخصيته الفنية؛ باعتبارها عازفة لآلة التيندي حيث كانت حاضرة معه في عديد المحطات الفنية.

بين الصحراء والصمت.. والماء

ويتطرق هذا الإنتاج السينمائي إلى قصة عثمان بالي من خلال سرد حياته والتعرف على موهبته الموسيقية الفريدة من نوعها من حيث الإيقاع، كما يستعرض ذكرياته وكذا تأثير والدته الداعمة له وارتباطه الروحي بمدينته جانت، وذلك باستخدام مشاهد تصويرية سابقة التقطت خلال زيارته إلى مدينة لندن، إلى جانب عرض تفاصيل تظهر براعة الفنان التي تنقل المشاهد في رحلة بين الركح والصحراء والصمت والاحتفال، ليتجول في أماكن مختلفة وشوارع ومنتزهات في لندن رفقة فرقته الموسيقية خلال جولاتهم العالمية لإحياء حفلات فنية.

كما يستعرض الفيلم الوثائقي الذي يوظف قدرا كبيرا من الخيال علاقة عثمان بالي بالماء في أسلوب يجمع بين الجمال والموسيقي، ويبرز رمزية الماء في تقاليد التوارق، ويشمل كذلك التسجيلات التي صورها مخرج الفيلم محمد الزاوي قبل وفاة بالي، إذ أعرب بالي حينها عن حبه للمطر وجمال قطرات الماء وتدفق الأنهار بسحرها وروعتها في علاقة مميزة بين بالي والماء؛ ما يؤكد رغبته الدائمة في أن تتحول الصحراء القاحلة إلى حدائق ومروج، حسب الروايات القديمة والرسومات والنقوش الصخرية التي تروي تاريخ المنطقة بأنها كانت أنهارا ومروجا.

ويعتزم المنتج عبد الكريم سكار توظيف شهادات شخصيات متنوعة لإثراء سيناريو الفيلم بغرض إبراز مسيرة الفنان الراحل بكل أبعادها الفنية والبيئية والإنسانية، وذلك من خلال العودة لتصوير أماكن ولادته وطفولته والمستشفى الذي عمل فيه، ومن صاحبه في مساره المهني من بينهم العازف الأمريكي ستيف شيهان الذي كان رفقته في حفل فني بكاراكاس (فنزويلا)، وعازف الجاز الفرنسي الكبير جان مارك بادوفاني، الذي شارك الفنان الراحل أحد أعماله حيث ساهمت عدة أعمال موسيقية تقليدية على انفتاحه على العالم وأثارت اهتمام شخصيات موسيقية عالمية.

وأبرز مخرج الفيلم، محمد الزاوي، من جهته، أنه يطمح رفقة طاقم التصوير إلى أن يكون هذا المشروع الفني متنوعا يشمل تاريخ شاعر الطوارق المتفتح على الحوار، وبناء جسور التعارف وتسليط الضوء أيضا على مقاربة مبتكرة لرمزيه الماء التي يمكن أن نجدها في الممارسات التقليدية لدى الطوارق، كما يبرز هذا الوثائقي الحكمة والهدوء التي يتميز بها الرجل الأزرق.

وأبرز المخرج محمد الزاوي أهمية إنتاج فيلم وثائقي حول هذا الفنان التارقي الكبير، الذي قدم أداء رائعا، ومثل الشعب الجزائري أحسن تمثيل في الساحة الفنية العالمية، وكذا إبراز وجهة نظر إيجابية تحفز الكثيرين على التفاؤل والإبداع في الحفاظ على التراث الشفوي والمساهمة في نشر رسائل إيجابية وذكية تعبر عن مشاعر بالي.

ويتعلق الأمر أيضا باستخدام وسائط بصرية متعددة اللغات تسمح بالترويج للسياحة الصحراوية، وما تزخر به ولاية جانت من موروث مادي ولامادي ينتظر إخراجه إلى العالم في أحلى حلة، يضيف المخرج محمد الزاوي.

 

حميد سعدون

حميد سعدون

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
هذه حصيلة نشاط الرقابة وقمع الغش والمضاربة خلال 24 يوما من رمضان وزارة التربية تنشر جدول التوقيت الخاص بامتحاني "البيام" و"الباك" خيرات الصحراء الغربية.. موارد منهوبة تموّل آلة الإجرام المغربية! مواد مسرطنة في الحلويات الحديثة.. حماية المستهلك تحذّر محكمة الدار البيضاء تفصل غدًا في قضية بوعلام صنصال بعد محادثات الرياض.. واشنطن تعلن عن اتفاقات جديدة بين موسكو وكييف مشاريع ترامب حول العالم.. أرباح في آسيا وخسائر في أوروبا خطة طريق لتعزيز رقمنة قطاع التجارة الداخلية الجزائر تعيد رسم خارطتها الغذائية.. القمح الفرنسي خارج الحسابات بن جامع: "الهجمات الصهيونية انتهاك صارخ لسيادة سوريا ويجب وقفها فورًا" ارتفاع أسعار النفط عالميا وسط مخاوف من تقلص الإمدادات الجزائر والعراق.. شراكة طاقوية استراتيجية في ظل التحولات العالمية برنامج عمل مشترك بين وزارة الشباب ومكتب برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز بالجزائر مولوجي تُشدد على ضرورة "تحيين" مناهج التكفل بالأطفال المعاقين ذهنيا الجمارك تحجز أكثر من ربع مليون "قرص مهلوس" بالوادي  أوابك.. الغاز الطبيعي المسال سيلعب "دورا رئيسيا" في الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون برنامج الغذاء العالمي.. 70 ألف لاجئ كونغولي ببوروندي مهددون بالمجاعة تنسيق جزائري-سعودي خِدمةً للحجاج والمعتمرين الجزائريين الرئيس تبون يستقبل الرئيس الأسبق لجمهورية تنزانيا الاتحادية نحو مراجعة سقف تمويل إنشاء مؤسسات مصغرة