تمكنت وحدة النخبة المشتركة بين «كتائب القسام» و«شهداء الأقصى» – ليل الاثنين إلى الثلاثاء 25 جوان الجاري – من استدراج قوة من الجيش الصهيوني إلى كمين محكم، كانت قد نصبته، واستطاع رجال هذه الوحدة – من خلال الرصد والمتابعة والتسلل الدقيق – تنفيذ العملية ضد مركبة بداخلها جنود من العدو، وقد تمّ الاستهداف في اللحظة والمكان المناسبين.
وأعلنت «كتائب القسام» في طولكرم بالضفة الغربية، أنّ وحدة النخبة المشتركة مع «شهداء الأقصى» تمكنت ليل الاثنين إلى الثلاثاء من استدراج قوة من الجيش الصهيوني إلى كمين محكم.
وقالت «القسام»، في بيان صحافي أورده المركز الفلسطيني للإعلام، أمس الثلاثاء 25 جوان، أنه “في عملية مركبة ودقيقة من خلال الرصد والمتابعة والتسلل الدقيق، جرى استدراج مركبة تقل عدداً من جنود العدو داخل مركبة، ومن بعد ذلك قمنا باستهداف كل من بداخل المركبة”، وشددت على أن “العملية تأتي ضمن معركة (طوفان الأقصى) وتسطر وحدة الدم والسلاح، وتحت خندق واحد، بالمقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية في الميدان”.
تكنيك عسكري
ويُعرف الكمين على أنه تكنيك عسكري يُستخدم في المعارك والحروب منذ زمن بعيد لاستهداف قوات العدو وتحقيق غايات تتعلق بالقتل والأسر والتدمير وغيرها، ويعتمد على التخطيط وتقسيم المهام والعمل ضمن مجموعات، ويتميز بفاعليته وقدرته على إرباك العدو.
وقد اعتمدت المقاومة الفلسطينية على الكمائن خلال الحرب التي شنها الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة عقب عملية طوفان الأقصى التي شنتها كتائب عز الدين القسام يوم 7 أكتوبر 2023 على مستوطنات غلاف غزة، ونفذت المقاومة كمائن عدة ناجحة في معركتها مع الاحتلال بقطاع غزة أوقعت خسائر متنوعة في الجيش الصهيوني.
وللكمين أهداف متنوعة بحسب الحاجة، من أهمها:
- قتل عناصر من العدو أو أسرهم.
- تدمير معداتهم والاستيلاء عليها.
- تأخير تحركات العدو أو إيقافها.
- التأثير على المعنويات.
- تحرير أسرى من قبضة العدو.
- قطع طرق الإمداد عن العدو.
- حرمان العدو من الحركة بحرية على الأرض وإجباره على التراجع.
تتجلى أهمية الكمين في القدرة على اختيار الزمان والمكان المناسبين، وجذب العدو إلى منطقة الكمين، أو دفعه إلى التحرك عبر اصطناع حدث ما، مما يعني إمكانية تحكم منفذ الكمين بالوقت واختياره، أما المكان فيحدده دائما المخطط للكمين، إذ يختار مكانا يناسب تنفيذه ويستدرج العدو إليه.
ويقسم كتاب “معجم المصطلحات العسكرية” الكمائن إلى:
- كمين سيار: وهو الكمين الذي يهدف إلى إيقاف العدو في منطقة النزاع لمهاجمته على نحو مباغت، ويتكون عمله من 3 فرق:
- فرقة قتل العدو: ومهمتها السيطرة على المنطقة وإيقاف العدو ومنع حركته.
- فرقة الصولة: ومهمتها الحركة في أماكن مخفية عن العدو.
- فرقة الإسناد: مهمتها تقديم الدعم والإسناد عبر غطاء ناري يمكّن الفرق من الانسحاب.
- كمين فوري: هو الذي يعد بشكل عاجل وبعملية إعداد سريعة، لأن المعلومات المتوفرة عنه لا تسمح بوضع خطة مفصلة، ويهدف إلى الحد من أعمال العدو المتوقعة.
باعتراف صهيوني
منذ بداية الاجتياح الصهيوني البري لقطاع غزة يوم السابع والعشرين من أكتوبر 2023، نجحت كمائن كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، في تكبيد الاحتلال خسائر على مستوى الأفراد والآليات، اتضح جزء منها في الإعلانات الرسمية الصهيونية عن أعداد القتلى والمصابين.
ووفقاً للاعترافات الصهيونية الصادرة عن الناطق باسم جيش الاحتلال، فإن عدد القتلى الجنود بلغ 650 قتيلاً منذ السابع من أكتوبر 2023، فيما سُجلت آلاف الإصابات بجراح متفاوتة.
وقبل أيام، كشفت تقديرات صهيونية عن تسجيل قرابة 20 ألف إعاقة في صفوف الجنود الصهاينة من أصل 70 ألف معوَّق مسجلين لدى وزارة الحرب الصهيونية، وهو ما يعكس ضراوة المعارك التي تخوضها المقاومة الفلسطينية.
وتركز المقاومة في الحرب المتواصلة للشهر التاسع على التوالي على الكمائن التي ينصبها أفرادها، والاعتماد على كثافة نارية عالية بأقل عدد ممكن من المقاتلين، ما يحوّل المعارك إلى ما يشبه حرب العصابات.
وفي أكثر من مناسبة، اعترف الناطق باسم جيش الاحتلال دانيال هغاري بصعوبة القتال والمعارك في القطاع، في ظل المعارك العنيفة التي تخوضها المقاومة، ولا سيما كتائب القسام التي تمتلك شبكة أنفاق واسعة.
كمين الشجاعية
من أبرز الكمائن المحكمة التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في 12 ديسمبر 2023، خلال الاجتياح البري الصهيوني لحيّ الشجاعية شرقي مدينة غزة، حيث اعترف الاحتلال بمقتل عشرة ضباط وجنود صهاينة، أغلبهم من لواء غولاني.
كمين المغازي
وصفها الاحتلال “بكارثة المغازي”، حيث فجر مقاتلو “القسام”، بتاريخ 22 جانفي 2024، مبنى شرقي مخيم المغازي، ما أدى إلى مقتل 21 ضابطاً وجندياً صهيونياً وإصابة آخرين، وقد وصل مُجمَل خسائر القوات الصهيونية في ذلك اليوم إلى 24 قتيلاً، منهم ثلاثة ضباط في معارك خانيونس، ما جعلها أعلى حصيلة لخسائر الجيش الصهيوني في يوم واحد منذ بداية الاجتياح البري الصهيوني لغزة.
كمين الزنة
أحد أشهر الكمائن التي نشرت كتائب القسام مقطعاً مصوراً لها، وفيه نفذ مقاتلو المقاومة هجوماً أدى إلى مقتل أربعة جنود منهم، بينهم ضابط، في مدينة خانيونس.
كمين جباليا
يوم 25 ماي 2024، استدرجت كتائب القسام قوة صهيونية في أحد الأنفاق التابعة للمقاومة، ثم أُوقِع أفرادها بين قتيل وجريح وأسير.
كمين بيت حانون
قالت كتائب القسام إنه واحد من أطول الكمائن في تاريخها، حيث استمر 26 ساعة متواصلة، ونُفِّذ على ثلاث مراحل في المدينة الواقعة أقصى شمالي القطاع، وانتهى باعتراف الاحتلال بمقتل ثلاثة من جنوده ووقف تقدمه في محور بيت حانون بشكل كامل.
وتم تنفيذ الكمين عبر تفجير عبوة رعدية وإلقاء قنابل يدوية على قوة راجلة، ثم تفجير عبوة شواظ بقوة الإنقاذ، وصولاً إلى قنص ثلاثة جنود صهاينة في المنطقة نفسها، بعد أن رصد مقاتلو القسام القوات الخاصة الصهيونية من كتيبة “نيتسح يهودا” التابعة للواء كفير في أثناء تسللها إلى بيت حانون.
كمين تل السلطان
هو أحد الكمائن التي نفذتها القسام خلال جوان الجاري في مدينة رفح، وقد اعترف الاحتلال فيه بمقتل ثمانية جنود سقطوا بهجوم، تبنته “حماس”، في جنوب قطاع غزة، يوم السبت 15 جوان، في أكبر حصيلة لخسائره البشرية منذ جانفي الماضي، وذلك مع استمرار توغل قواته في مدينة رفح الجنوبية وما حولها.
وقال الجيش الصهيوني في بيان، إن الجنود الثمانية سقطوا “خلال عمليات في جنوب قطاع غزة”. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الجنود لقوا حتفهم بانفجار آليتهم لنقل القوات قرب مدينة رفح بجنوب القطاع المحاصر.
وأفادت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، بأن تحقيقات الجيش الصهيوني تشير إلى أن الجنود الثمانية كانوا داخل مدرعة من طراز نمر (CEV)، عندما تعرضوا للهجوم على الساعة الخامسة من صباح السبت 14 جوان.
كمين النابلسي
من الكمائن الأخيرة التي وقعت غربي مدينة غزة، حيث استهدف مقاتلو القسام ناقلة جند صهيونية واعترف الاحتلال بمقتل جنديين وإصابة عدد آخر من الجنود، وقد غيرت المقاومة الفلسطينية -خلال الحرب المتواصلة- تكتيكاتها العسكرية عدة مرات لتتناسب مع الميدان، ومن أجل أن توقع أكبر قدر ممكن من الخسائر في صفوف الاحتلال.
ومنذ بداية اجتياح رفح، تكبد الاحتلال عدة خسائر حسب الإعلانات الرسمية الصادرة عن جيشه وعن الناطق باسمه، حيث نجحت المقاومة في تنفيذ سلسلة من العمليات الخاطفة، ووفق الإعلانات الصهيونية عن أعداد القتلى خلال شهر جوان الجاري، فقد قتل منذ بداية الشهر 21 جندياً وضابطاً، غالبيتهم خلال المعارك الضارية التي تدور مع المقاومة في مدينة رفح.