عصابات المخزن تُغرق منطقة الساحل بالمخدرات المغربية.. مملكة الأفيون تهدّد مستقبل إفريقيا والعالم

كشف مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، في تقرير جديد له، تزايد الاتجار بالمخدرات في منطقة الساحل بشكل حاد، مشيرا إلى أنّ راتنج القنب، وهو أحد أكثر المخدرات انتشارا في المنطقة، مصدره المغرب الذي عرف في السنوات الأخيرة زيادة كبيرة في الإنتاج.

وفي تقرير بعنوان “الاتجار بالمخدرات في منطقة الساحل: الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية – تقييم التهديد”، أشارت المنظمة التي يقع مقرها في فيينا بالنمسا، إلى أنه تم ضبط كميات متزايدة من الكوكايين في منطقة الساحل.

وجاء في تقرير المكتب الأممي، أنّ كمية الكوكايين المضبوطة في المنطقة ارتفعت “من متوسط 13 كغ سنويا خلال الفترة 2015-2020، في منطقة الساحل إلى 41 كغ في عام 2021 لتصل في السنة الموالية 1466 كغ، حيث تم حجز معظمها في بوركينافاسو ومالي والنيجر”.

ووفقا للتقرير، فإنّ الكوكايين وراتنج القنب والمواد الأفيونية الصيدلانية هي المخدرات الأكثر شيوعا في الاتجار في منطقة الساحل، علما وأنّ عشبة القنب هي أكثر المؤثرات العقلية التي يتم ضبطها في المنطقة من حيث الكمية.

ولفت المصدر إلى أنّ القنب الهندي يحظى، نظرا لسعره المعقول، بشعبية كبيرة بين مدمني المخدرات في جميع أنحاء العالم، ويعد ثاني أكثر المخدرات المضبوطة في بلدان الساحل، بعد القنب العشبي، حيث يمثّل أكثر من 52,6 بالمائة من إجمالي كمية راتنج القنب المضبوطة في غرب ووسط إفريقيا خلال نفس الفترة قيد النظر، وهي زيادة هائلة توضّح أهمية طريق الساحل في تهريب هذه المادة المحظورة.

وتشير البيانات الواردة من بلدان الساحل إلى أنّ “راتنج القنب الذي يتم الاتجار به في المنطقة يأتي عموما من المغرب، حيث تمّ الإبلاغ عن زيادة في الإنتاج، الذي بلغ حوالي 901 طن في عام 2022″، كما جاء في التقرير، مشيرا إلى أنّ “هذا المخدّر “موجّه عموما إلى بلدان غرب وشمال أوروبا”.

ويشير المكتب إلى أنه “بالإضافة إلى الطريق المباشر بين إسبانيا والمغرب، يتم نقل راتنج القنب بشكل أساسي عن طريق البرّ من المغرب إلى موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد”، كاشفا عن وجود “طريق بحري بديل آخر من المغرب إلى أبواب خليج غينيا”.

وحسب المصدر ذاته، فإنّه “من المرجح أن يكون لإعادة تشكيل طرق تهريب راتنج القنب في غرب إفريقيا تأثير على شبكات توزيع المخدرات العاملة بين شمال إفريقيا وخليج غينيا ومنطقة الساحل”، حيث يتوقّع المكتب الأممي أن يصبح تجار المخدرات المغربيين “أقل اعتمادا على جماعات الجريمة المنظمة في مالي، في حين من المرجح أن يتعرّض تجار المخدرات في خليج غينيا بشكل متزايد لراتنج القنب، وهذا سيمكنهم من تنويع تجارتهم والأسواق التي يمكنهم الوصول إليها”.

ويعرب مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة عن أسفه لأنّ “عمليات الضبط والاعتقال والاحتجاز الأخيرة في بلدان المنطقة، سلّطت الضوء على الطريقة التي يتم بها تسهيل الاتجار بالمخدرات من قبل مجموعة واسعة من الأفراد، مثل السياسيين وأفراد قوات الدفاع والأمن وأعضاء السلطة القضائية، خاصة عندما يتحايلون على الضوابط ويتجنبون الاعتقال والإجراءات القانونية”.

وكانت صحيفة “الإسبانيول” الإسبانية قد كشفت في مارس الماضي عن فضيحة جديدة تتعلق بتهريب المخدرات بين شبه الجزيرة الإيبيرية والمغرب، متهمة البحرية الملكية المغربية بالتواطؤ في ذلك من خلال مشاركة زوارق دورياتها في عملية إدخال المخدرات إلى إسبانيا.

البحرية المغربية تتورّط في إدخال سموم المخدرات إلى إسبانيا

وذكرت صحيفة “الإسبانيول”، في مقال لها – مارس الماضي – أنّ بحرية الملكية المغربية تعاونت مع بارونات المخدرات من أجل تهريب “المواد المحظورة” إلى إسبانيا. ونشرت الصحيفة الإسبانية صورا “حصرية” من هاتف أحد المهربين، قالت إنه يبيّن زورقا تابعا للبحرية المغربية يشارك في نقل المخدرات وتوجيه قوارب المهربين.

وانتقدت قيادة الحرس المدني الإسباني عدم إظهار المغرب أية رغبة للتعاون مع السلطات الإسبانية، مبرزة أنها “ليست المرة الأولى التي تتجاهل فيها السلطات المغربية كلّ الطلبات الإسبانية، لإجراء تحقيقات حول القضايا المتعلقة بتهريب هذه السموم”.

ولفتت تقارير إعلامية إسبانية إلى أنّ الصوّر التي كشفت عنها صحيفة “الإسبانيول” التي أظهرت مدى تورّط المغرب في تسهيل نقل وتوزيع المواد السامة إلى إسبانيا عبر زورق تابع للبحرية المغربية كان محملا بمادة (الحشيش) “لا تمثل إلا بداية رأس جبل الجليد” وما خفي كان أعظم.

وكتبت الصحيفة أنّ تفشي ظاهرة الفساد وتعاون السلطات المغربية مع تجار الحشيش في المضيق هو “سر مكشوف”، مؤكدة أنّ “الفساد داخل البحرية الملكية والدرك المغربي هو (نظامي)”. وقالت الصحيفة نقلا عن متخصّصين من الشرطة الوطنية والحرس المدني: “مع انخفاض رواتب أفراد الجيش في المغرب، فإنّ الجميع معرض للوقوع في شبكات المخدرات” للحصول على مداخيل مالية إضافية.

وأكد ضابط الشرطة الخبير في المسائل الأمنية أنّ هذا الاكتشاف “ليس الأول من نوعه، بل تم في العديد من المناسبات ضبط وإثبات مدى تواطؤ أعضاء فاسدين في الشرطة أو الجيش المغربي في عمليات تهريب المخدرات”.

وباعتباره أكبر منتج للحشيش في العالم، أضافت التقارير أنّ “قدرة تجار المخدرات في التسلّل إلى مؤسسات الدولة المغربية أمر واضح”، غير أنها أكدت أنّ هذا الأمر “ما كان ليحدث بدون تعاون أو تقاعس العملاء وقوات الأمن في هذا البلد”. كما انتقد الإعلام الإسباني السياسة التي يتبعها المغرب لتسوية هذه القضايا، مبرزا أنه “يواصل سياسة صم الآذان أمام إسبانيا وكذا الاتحاد الأوروبي، هذا على الرغم من ملايين الدولارات التي يتلقاها من مساعدات أوروبية للتنسيق في مكافحة تهريب المخدرات”.

واستشهدت صحيفة الإسبانيول، في السياق، بتجاهل المغرب المطالب الإسبانية الأخيرة من أجل تسليم أحد أكبر بارونات المخدرات في المغرب المعروف بـ”ميسي الحشيش” للسلطات الإسبانية باعتباره من بين المسؤولين عن تحويل المنطقة إلى بوابة لتمرير هذه السموم إلى أوروبا.

خطة مسطّرة

ووفقا لضابط الشرطة الإسبانية، ممن استجوبتهم الصحيفة الإسبانية فقد تم التوصل إلى تحديد بدقة المكان الذي كان يختبئ فيه هذا المهرب. وعلى الرغم من كل المعلومات الدقيقة التي قدّموها، غير أنّ المغرب تجاهل مرارا وتكرارا الطلبات الرسمية لتسليمه كما أنه لا توجد أية خطة مسطرة في مواجهته في المملكة.

وأضافت المصادر قائلة “لقد سافرنا إلى المغرب، حيث التقينا مع السلطات المغربية ونقلنا إليهم كل المعلومات التي تم استجماعها وحتى الصور الفوتوغرافية لما يبدو عليه المنزل غير انه في النهاية المغرب يبقى هو المغرب”.

وتعد إسبانيا بوابة تهريب المخدرات القادمة من المغرب إلى أوروبا وشهدت سواحلها في الآونة الأخيرة هجوما مسلحا من قبل مجموعة من المهربين قرب ساحل منطقة بارباتي، جنوبي البلاد، الشهر الماضي، مما تسبّب في وفاة عنصرين من الحرس المدني الإسباني.

ولا يزال المغرب يوظف المخدرات إلى جانب الهجرة غير الشرعية كسلاح من أجل ابتزاز إسبانيا للحصول على مكاسب سياسية ودبلوماسية، وهذا على الرغم من إدانة البرلمان الأوروبي لهذا السلوك في لائحة صادق عليها في جوان 2021.

ويصنّف المغرب في قوائم التقارير الدولية، من بينها تقرير الوكالة الأوروبية لتسيير الحدود الخارجية “فرونتكس”، من بين أكثر البلدان تصديرا للمخدرات والهجرة السرية. كما هو مدرج على رأس قائمة البلدان المصدرة لمخدر القنب الهندي التي تم حجزها في الأراضي الأوروبية. كما يحتل المغرب، وفق تقرير “فرونتكس”، المرتبة الأولى في التصنيف المتعلق بجنسية مهربي المهاجرين حيث تم إحصاء ما يزيد عن 1100 مهرب مغربي.

من جانب آخر، كشف التقرير عن أنّ أغلبية الوثائق المزورة المحجوزة على مستوى الحدود الخارجية البرية والبحرية للإتحاد الأوروبي “جرى حجزها على مستوى الحدود بين المغرب وإسبانيا بتورط شبه كلي لرعايا المملكة، استعملوا وثائق إسبانية مزورة بكل من سبتة ومليلة الخاضعتين للإدارة الإسبانية وكذا بطنجة”. فيما أبرزت الوكالة الأوروبية أن نسبة مخدر القنب الهندي القادم أساسا من المغرب يمثل حوالي 80 بالمائة من المخدرات المحجوزة في عموم أوروبا.

والمعروف أنّ الحكومة المغربية، صادقت عام 2021، على مشروع  قانون، يشرع زراعة واستعمال القنب الهندي في المملكة، وسط جدل كبير وتحذيرات من عواقب الخطوة التي تسببت في انتقادات لنظام منذ الإعلان عن مشروع التقنين الذي اعتبر انزلاق آخر وخطير لحكومته، على غرار  توقيعه التطبيع مع الكيان الصهيوني.

حميد سعدون

حميد سعدون

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
سكيكدة.. إصابة 21 جريحًا في حادث مروري تونس.. شايب يجدّد التزام الحكومة بحماية أفراد الجالية قمة كمبالا.. الجزائر تشارك في رسم خارطة طريق زراعية جديدة الاقتصاد العالمي في 2025.. صندوق النقد الدولي يتوقع استقرار النمو وتراجع التضخم عام 2024.. تسجيل 14700 حالة إصابة مؤكدة بجدري القردة في إفريقيا الحرب على غزة.. 5 آلاف شهيد والإبادة الصهيونية مستمرة إرهاب الطرقات.. وفاة 64 شخصا وإصابة 2087 آخرين منذ بداية السنة أحوال الطقس.. ثلوج وأمطار على هذه الولايات بوركينا فاسو.. الجزائر تقدم مساعدات إنسانية مصدرها من المغرب.. توقيف 6 أشخاص وضبط قنطارين من الكيف بمناسبة السنة الأمازيغية الجديدة.. قوجيل يهنئ الجزائريين حملة التضليل والتشويه الفرنسي.. الخارجية الجزائرية ترد بمناسبة السنة الأمازيغية الجديدة.. الرئيس تبون يُهنئ الجزائريين تنصيب اللواء طاهر عياد قائدا للحرس الجمهوري بالنيابة "الفاف".. وليد صادي يعلن نيته الترشّح لعهدة أولمبيـة ثانية "لم يبق منها سوى فروة الرأس”.. انصهار وتبخر جثث الشهداء في غزة وسط الدمار.. الاستعانة بالسجناء لإطفاء الحرائق في لوس أنجلوس ارتفاع أسعار النفط بنحو 3%.. "برنت" يصل إلى 79,76 دولار للبرميل كيف أصبحت الجزائر "مكة الثوار" في إفريقيا والعالم؟ بمناسبة انتخابه رئيسا للبلاد.. رئيس الجمهورية يهنئ نظيره اللبناني جوزيف عون