دخلت منطقة الشّرق الأوسط منحى خطير وخطير جدًّا والسّبب أنّ حسابات البيدر هي غير حسابات الدّفتر وأنّ نتنياهو يجرّ المنطقة لحرب مفتوحة وبات خطر على “الإسرائيليين” والمصالح الأمريكية والغربية في الشّرق الأوسط، ووفق ما تتناقله وسائل الإعلام “الإسرائيلية” عن أحد “الإسرائيليين” – لم تذكر اسمه – قوله “نحن الآن في الهاوية، وإن لم يتنح نتنياهو من منصبه، فإنّنا سندخل في جهنّم، لقد فقدنا دعم العالم وفقدنا الولايات المتّحدة الأميركية.. نتنياهو لا يمكنه أن يبقى رئيسًا لحكومة “إسرائيل”.
رسالة السّيد خامنئي عقب عملية الرّد على قصف القنصلية الإيرانية في دمشق من داخل إيران مفادها أنّ بلاده تتحوّل من الصّبر الاستراتيجي إلى الرّدع الأكثر نشاطاً وهو ما يحمل دلالات تحوّل في الحرب من حرب الظّل والوكلاء لحرب مفتوحة غير محمودة العواقب والنّتائج على أمن وسلامة المنطقة.
الولايات المتّحدة الأمريكية تدرك مخاطر سياسة نتنياهو وتداعيات الحرب التي تشنّها “إسرائيل” على غزّة وأنّ الحرب على غزّة واجتياح رفح سيكون لها تداعيات على أمن وسلامة دول المنطقة وتعدّ أخطر من عملية الانتقام الإيراني.
نتنياهو يسعى إلى توريط الولايات المتّحدة في الصّراع مع إيران، وإدارة بايدن تدرك ذلك وتخشى على مصالحها في المنطقة وقد ذكرت وسائل إعلام أمريكية أنّ بايدن أبلغ نتنياهو بأنّ أمريكا لن تشارك في هجوم على إيران.
وأشارت الهيئة إلى أنّ أغلبية أعضاء مجلس وزراء الحرب “الإسرائيلي” كانت تؤيّد شنّ الهجوم الذي كان على وشك التّنفيذ، والذي أيّده أيضًا الوزيران بيني غانتس وآيزنكوت، قبل إلغائه في اللّحظة الأخيرة.
وذكرت أنّ بعض المصادر المطّلعة على التّفاصيل قالت إنّ الإلغاء جاء عقب المحادثة التي جرت بين الرّئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو، في حين ذكرت مصادر أخرى -وفقا للهيئة “الإسرائيلية”- أنّ سبب الإلغاء هو أنّ الأضرار النّاجمة عن الهجوم الإيراني لم تكن كبيرة.
بدورها أكّدت القناة 13 “الإسرائيلية” أنّ غانتس وآيزنكوت أيّدا الرّد السّريع على إيران خلال اجتماع مجلس وزراء الحرب اللّيلة الماضية. ولكن متحدثًا عسكريًا “إسرائيليًا” قال إنّ “إسرائيل” ما زالت في حالة تأهّب قصوى بعد هجوم إيران وأقرّت خططًا دفاعية وهجومية.
وبالتّزامن مع الرّد الإيراني الانتقامي، اجتمع المجلس الوزاري السّياسي الأمني “الإسرائيلي” الموسع (الكابينت)، في وقت سابق، وأعقبه اجتماع لمجلس الحرب في مخبأ تحت الأرض بوزارة الدّفاع في مدينة تل أبيب (وسط).
ونقلت شبكة سي إن إن عن مسئولين “إسرائيليين”، قولهم إنّ تل أبيب عازمة على الرّد لكن لم يتقرّر بعد نطاقه وتوقيته. كما نقلت عنهم أيضًا أنّ اجتماع مجلس وزراء الحرب انتهى دون اتّخاذ قرار بشأن كيفية الرّد على الهجوم الإيراني.
وفوض الكابينت، خلال الاجتماع، كلًّا من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت والوزير بمجلس الحرب بيني غانتس لتحديد كيفية الرّد “الإسرائيلي” على الهجوم الانتقامي الإيراني.
كان من المتوقَّع أن تردَّ إيران على قتل “إسرائيل” ضباطَها الكبار داخل قنصليتها في دمشق، وذلك لأسباب عدّة، أهمّها تثبيت خطوط الرّدع الحُمْر بين الطرفين، وهي خطوط تجاوزتها “إسرائيل” باستهدافها مؤسّسة دبلوماسية إيرانية.
وهذه سابقة لم تحدث من قبلُ في الصّراع المنضبط بين الطّرفين بضوابط الواقعية السّياسية من طرف إيران، وسقف المصلحة الأميركية من طرف “إسرائيل”. وقد جاء الردّ الإيراني محسوب بعناية خشية تدحرج المنطقة لحرب إقليميه وبعلم أمريكي وكان الرّد متسقًا مع فكرة ضبط ميزان الرّدع، فتجاوزَ خطًا أحمرَ مهمًّا لم تتجاوزه إيران من قبلُ، وهو ضرب “إسرائيل” بسلاحٍ مُنطِلق من داخل الأرض الإيرانية.
الجديد في معادلة الصّراع أنّ حرب الظّل تحوّلت لحرب مفتوحة وأنّ الاستهداف الإيراني لـ”إسرائيل” – جهارًا – من داخل الحدود الإيرانية، لا من لبنان أو سوريا أو العراق أو اليمن، الدّول العربية الأربع التي اتخذتها إيران في الأعوام الأخيرة منطلقًا لإدارة صراعها مع “إسرائيل”، ومنصَّة لإطلاق أي ضربة تريد توجيهها إليها.
وهذا الكسْر الإيراني لأحد أهم الخطوط الحُمْر المرسومة بينها وبين “إسرائيل”؛ ردًا على كسر “إسرائيل” لخط أحمر آخر، يؤْذن بأنّ الصّراع الإستراتيجي بين الطّرفين بدأ يخرج من نطاق الحرب الخفية غير المباشرة إلى الحرب الصّريحة المباشرة. وهي حرب مفتوحة على كافّة الاحتمالات.