دفعت الأعداد المتزايدة للمهاجرين غير الشرعيين الذين يدخلون الولايات المتحدة الأمريكية عبر الحدود الجنوبية، إدارة بايدن إلى خيار مواصلة الاستفادة من قانون ـ كان هو نفسه يعارضه، وقد سبق أن فعّله الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2020 ـ يقضي بمنع المهاجرين من الوصول إلى البلاد، بناءً على الحاجة إلى المساعدة في الحد من انتشار فيروس كوفيد-19.
وبعد تفكير مطول في كيفية احتواء الأزمة التي تسبب فيها المهاجرون بطريقة غير شرعية، ونشوب حرب سياسية بين حكام الولايات الجمهورية التي تدفق إليها المئات منهم، وبين حكام الولايات الديمقراطية والبيت الأبيض، اهتدى هذا الأخير لإبقاء تفعيل المادة القانونية الموسومة بـ(Title 42) أو الباب 42، رغم الانتقادات التي وجهها الرئيس الحالي جو بايدن عام 2020 للرئيس دونالد ترامب واتهامه له بالقسوة على المهاجرين غير الشرعيين وإقصائهم من حق اللجوء.
ما هو (Title 42) ومتى يُفعّل؟
يأتي «Title 42» أو الباب 42، ضمن قانون الصحة العامة الذي سنته الولايات المتحدة الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية، وبموجبه يُسمح لمسؤولي الحدود الأمريكية بترحيل المهاجرين بشكل فوري، إذ تُمنح لهم “سلطة حظر كلي، أو جزئي لدخول الأشخاص والممتلكات”، بهدف منع انتشار الأمراض المعدية في البلاد.
في الـ20 من مارس 2020، ومع بداية حالة الطوارئ الصحية العامة بسبب الانتشار الواسع لفيروس كوفيد-19، قرر الرئيس السابق دونالد ترامب، اللجوء إلى تفعيل الباب 42 من قانون الصحة العامة، لكبح ما أسمته إدارته ـ آنذاك ـ بالحركة غير المنضبطة للمهاجرين غير الشرعيين، ومنع وصولهم إلى البلاد تفاديا لانتشار الفيروس بشكل أوسع.
واستند ـ وقتها ـ مدير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) روبرت ريدفيلد ـ بناءً على توجيهات إدارة ترامب ـ على قانون الصحة العامة الصادر في حقبة الحرب العالمية الثانية للسماح لمسؤولي الحدود الأمريكيين بترحيل المهاجرين على الفور.
وجاء في أمر وقعه ريدفيلد شهر مارس 2020 إن عمليات الترحيل كانت ضرورية للسيطرة على انتشار كوفيد-19 في المنشآت الحدودية وحماية العملاء الأمريكيين من الفيروس والحفاظ على الموارد الطبية.
وكان الأمر حين توقيعه ساريا لمدة 30 يوما فقط، ولكن تم تمديده لمدة شهر آخر في أفريل، ليتم تمديده إلى أجل غير مسمى شهر ماي 2020، في خطوة اعتبرها المنتمون للحزب الديمقراطي المعارض لإدارة دونالد ترامب الجمهورية، سابقة من شأنها تقييد الهجرة وتشديد سياسات الحدود.
وكان من بين أبرز معارضي استخدام ترامب للباب 42، الرئيس الحالي جو بايدن، ونائبته كامالا هاريس التي تعد حاليا المكلفة بملف الهجرة.
بايدن يتنكّر لمواقفه سعيا للفوز بالانتخابات
منذ وصوله إلى البيت الأبيض ـ قبل ما يقارب السنتين ـ لجأ بايدن إلى مراكز (السيطرة على الأمراض والوقاية منها) التي استخدمت سلطتها للحفاظ على القانون المُفعّل في عهد ترامب بدواعي وجود مخاطر على الصحة العامة تستدعي الطرد العاجل لطالبي اللجوء.
وتزامنا مع تضاؤل خطر فيروس كوفيد-19، قال مسؤولو مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها ـ شهر أفريل الماضي ـ إن الوقت قد حان لرفع الحالة الاستثنائية التي يفرضها قانون الصحة العامة، لكن المسؤولين داخل البيت الأبيض وخارجه تنازعوا حول إنهاء تفعيله، معتقدين أنه أدى فعليًا إلى خفض عدد الأشخاص الذين يعبرون الحدود بشكل غير قانوني، وفقا لما قالوه مسؤولين كبار في إدارة بايدن للأسوشيتد برس.
مع اقتراب موعد انتخابات التجديد النصفي في الـ08 نوفمبر، لجأ الرئيس الحالي جو بايدن إلى الباب 42، في تنكّر صارخ لمواقفه السابقة ومواقف حزبه، إزاء القانون الذي قال الديمقراطيون إن تطبيقه انتهاك صارخ لحق المهاجرين في الحصول على فرصة طلب اللجوء.
وبناءً على هذه القاعدة القانونية سيتم طرد الفنزوليين القادمين مشيا أو سباحة عبر الحدود الجنوبية للولايات المتحدة الأمريكية، ولن يكون أي فنزوليي يدخل المكسيك أو بنما بشكل غير قانوني مؤهلا لدخول البلاد.
ولكن سيتم قبول ما يصل إلى 24 ألف فنزوليي قادم عبر المطارات الأمريكية، على غرار الأعداد الهائلة من الأوكرانيين الذين تم قبول دخولهم عبر المطارات منذ بداية الأزمة الروسية الأوكرانية شهر فيفري الماضي.
وتجدر الإشارة إلى أنه بحلول شهر أوت الماضي، كان الفنزوليون ثاني أكبر جنسية وصلت إلى الحدود الجنوبية الأمريكية بعد المكسيكيين، حيث تم القبض على أكثر من 150 ألف فنزوليي على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك ـ بين أكتوبر 2021 وأغسطس 2022 ـ مقارنة بحوالي 48 ألف فنزوليي تم القبض عليهم طوال سنة 2021، طبقا لمعلومات نُشرت عن الإدارة الأمريكية.