اتهم الرئيس الروسي، فلاديمر بوتين، الغرب بتقويض القيم الإنسانية وتهديد الشكل التقليدي للأسرة في العالم، قائلا: “هل نريد حقًا ببلدنا، في روسيا، بدلاً من أمي وأبي، أن يكون لدينا الأب رقم 1، الأب رقم 2 ورقم 3.. هل أصيبوا بجنون كامل؟”.
وأضاف بوتين متسائلا: “هل نريد حقًا أن يتفشّى هذا الأمر لدى الأطفال وفي مدارسنا.. يقولون من المفترض أن يكون هناك جنس إلى جانب النساء والرجال، بينما الأطفال يُعرض عليهم فرصة الخضوع لعمليات تغيير الجنس..”.
وجهة نظر بوتين حول المتحوّلين جنسيا ما يسمى بـ “LGTBQ”أو مجتمع الميم، تتفق مع وجهة نظر اليمين المحافظ في الولايات المتحدة الأمريكية وأغلب أعضاء الحزب الجمهوري، كما أن المصطلحات التي استخدمها للتعبير عن توجّهه تتطابق مع تلك التي يستخدمها أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب الذين تُطلق عليهم تسمية “MAGA Republicans” أو جمهوري شعار “Make America great Again” اجعل أمريكا عظيمة مجددا.
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين – يوم الجمعة – في خطاب أعلن من خلاله استقلال أقاليم لوغانسك، دونيتسك، زاباروجيا وخيرسون عن أوكرانيا وضمّها إلى روسيا، إن “الغرب يسعى إلى تقويض القيم التقليدية بهدف خدمة ما أسماه بـ(الشيطانية)، مشيرا إلى أن النخب الغربية تستهدف الأسرة والدين وقيم ومبادئ المجتمع”.
كلام بوتين جاء وفق سرد تعوّد الأمريكيون على سماعه من ترامب وأنصاره في الحزب الجمهوري، وشخصيات إعلامية بارزة في الإعلام اليميني مثل تاكر كارلسون وجون هانيتي مقدّمي برامج سياسية على قناة فوكس نيوز نيوز المعروفة بتوجّهها اليميني.
ورداً على خطاب بوتين الذي انتقد من خلاله اعتراف الغرب بمجتمع الميم ووصفه بـ”الجنون” برزت في الولايات المتحدة مقارنات بينه وبين الرئيس السابق دونالد ترامب، وعبّر رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن الشبه الكبير بين نظرتي كلا الرجلين، كما أشار آخرون إلى أن بوتين يعكس وجهة نظر شخصيات سياسية محافظة بارزة كعضو الكونغرس عن ولاية جورجيا، مارجوري تايلور غرين، المعروفة بمناصرة ترامب ومعاداة المثلية.
وفي هذا الصدد، قال جون شوارتز، أستاذ الصحافة بجامعة تكساس في أوستن على حسابه الخاص بتويتر: “لقد اتهم بوتين إدارة بايدن بـ(الشيطانية)، “من يعتقد نفسه؟ مارجوري تايلور غرين!”، كما كتب مقدّم البرامج السياسية وصاحب بودكاست “No Lie With Brian Tyler Cohen” بريان تايلر كوهين، على حسابه على تويتر “بوتين يكرّر الآن الدعاية ذاتها المناهضة للمثلية الجنسية التي أطلقها الجمهوريون”.
رؤية الديمقراطيين للمثلية وردّ سوليفان على بوتين
ومعروف أن الحزب الجمهوري يعارض المثلية الجنسية ويعتبرها تعدّيا على الفطرة الإنسانية ونشرا للانحلال الأخلاقي في المجتمع، كما يرفض إجراء عمليات التحوّل الجنسي، فيما يسعى أعضاء الكونغرس والنواب وحكام الولايات الجمهوريين إلى سن تشريعات تتصدى له، مثل سن قوانين تمنع إدراج مصطلحات تعبّر عن الشذوذ في مادة التربية الجنسية التي تدرس في المدارس الأمريكية.
بالمقابل، فإن الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه الرئيس الأمريكي، جو بايدن، يدافع عن المثليين جنسيا ويسعى إلى تكريس حقوق تخدم توجهاتهم، كما تُوظف إدارته الكثير منهم، أبرزهم وزير النقل بيت بوتجيج، الذي تزوّج من رجل وأعلن حصوله وزوجه على طفلين مؤخرا، والمتحدثة الحالية باسم البيت الأبيض كارين جان بيير، التي عبّرت خلال ظهورها الأول أمام الصحافة عن فخرها بانتمائها لمجتمع الشواذ.
ودفاعا عن عقيدة الحزب الديمقراطي وإدارة بايدن، ردّ مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، بثقله على خطاب بوتين خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض – الجمعة – قائلا: “حقيقة، إنه يستخدم كلمات مثل (الشيطانية) بالنسبة لي هي بالتحديد نوع من الخطاب المبالغ فيه والصراخ الذي تسمعه من شخص ليس لديه أي أساس لتبرير الاستيلاء على الأراضي”.
تجدر الإشارة، إلى أن قضية المثلية الجنسية ومحتويات مادة التربية الجنسية التي تدرّس للأطفال في أمريكا منذ دخولهم الروضة إلى غاية التعليم الثانوي، تعدّ إحدى القضايا الأكثر استقطابا للناخبين الأمريكيين، حيث يجادل الديمقراطيون بأن تعزيز التربية الجنسية وتعريف الأطفال بمختلف الفئات الموجودة في المجتمع، يساهم في خفض حالات الحمل بين المراهقات، ويحمي الأطفال الذين ينتمون لمجتمع “الميم” من التمييز ويقلّل فرص انتحارهم، ويرى الجمهوريون أن المادة تستعمل لخدمة أجندة اليسار الهادفة لزرع الانحلال الأخلاقي واستغلال الأطفال جنسيا وشيوع الرذيلة.