أعلن أبو عبيدة الناطق العسكري باسم كتائب عز الدين القسام مباركته للعملية البطولية في معبر الكرامة التي نفذها الشهيد الأردني ماهر الجازي الذي وصفه بأنه أحد أبطال طوفان الأقصى. وكشف موقع إخباري إسرائيلي أنه منذ بداية حرب الإبادة الصهيونية على قطاع غزة في أكتوبر الماضي، وقعت 4 آلاف و973 عملية ضد جنود الاحتلال والمستوطنين، ويوم أمس أفاد الجيش الصهيوني بمقتل 3 من أفراد الأمن الصهيوني بنيران سائق شاحنة قدمت من الأردن في طريقها إلى المناطق الفلسطينية على جسر اللنبي الحدودي.
وأضاف أبو عبيدة في بيان بث على منصة تلغرام أن العملية “تعبر عن ضمير أمتنا وعن مآلات طوفان الأقصى والكابوس الذي ينتظر الكيان الصهيوني”، وفق تعبيره، وقال الناطق العسكري أن مقاتلي القسام “أدوا في عقدهم القتالية وكمائنهم وثغورهم في قطاع غزة صلاة الغائب على الشهيد بطل العملية”.
وقتل 3 إسرائيليين بإطلاق نار قرب معبر اللنبي (جسر الملك حسين) بين الأردن والضفة الغربية، في عملية هي الأولى من نوعها منذ بدء العدوان الصهيوني على غزة في السابع من أكتوبر الماضي وتصاعد الاعتداءات في الضفة المحتلة.
وقال الجيش الصهيوني إنه قتل المهاجم الذي أطلق النار من مسافة قريبة على رجال الأمن، وأوضح أن منفذ العملية أردني الجنسية، فيما قالت وزارة الداخلية الأردنية إن تحقيقات بدأت في حادثة إطلاق النار، وقال موقع “والا” إنه منذ بداية الحرب وقعت 4 آلاف و973 عملية ضد جنود الاحتلال والمستوطنين قُتل خلالها 38 صهيونيا -بينهم 12 جنديا و3 شرطيين- كما أصيب 285 آخرين.
وكانت قوات الاحتلال بدأت قبل نحو أسبوعين عملية واسعة شمال الضفة بذريعة تفكيك خلايا للمقاومة، ومنذ ذلك الوقت يتصدى لها مقاومون بالعبوات الناسفة والرصاص وأوقعوا عددا من جنودها قتلى وجرحى.
وكشفت الصور التي بثها الإعلام العبري لعملية معبر الكرامة، الرابط بين الأردن وفلسطين المحتلة، عن نوعية السلاح الذي استخدمه الشهيد الأردني ماهر الجازي، والتي قتل فيها 3 من عناصر شرطة الاحتلال في المكان.
وأظهرت اللقطات مسدسا ملقى على الأرض، في مكان العملية، وبالبحث عن تفاصيله تبين أنه سلاح محلي الصنع في الأردن، ويطلق عليه JTP-9، وأنتجت هذا السلاح الشركة الأردنية لتصميم الأسلحة الخفيفة، ويظهر على صفحتها كأحد أنواع الأسلحة التي تصنعها لتلبية حاجات الجيش الأردني وقوات الأمن في المملكة.
وأشارت الشركة، في لوحة التعريف الخاصة بالسلاح، إلى أنه مصنوع “من أجود المواد لتحمل البيئة العملياتية والتعبوية القاسية، ومصمم ليحقق متطلبات المستخدم”، ولفتت إلى أن المسدس يمتاز “بقبضة مصنوعة من مواد خفيفة الوزن، ويتيح الإمساك به بشكل سلس، كذلك يعمل في الأجواء الرطبة والماطرة بعد خضوعه للتجارب والفحوصات اللازمة للكفاءة”. ويصنف المسدس وفقا لموقع الشركة، بأنه نصف أوتوماتيكي، ويطلق رصاصات من عيار 9 ملم، فضلا عن مخزن ذخيرة يستوعب 17 طلقة بداخلة.
وأفادت هيئة “الإسعاف” الصهيونية بمقتل المصابين الإسرائيليين الثلاثة في العملية في معبر الكرامة، كما أعلن استشهاد منفذ العملية وهو سائق شاحنة أردني الجنسية، بعد إطلاق النار عليه من حراس محطة توقف الشاحنات، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية.
وقالت إذاعة الجيش الصهيوني، إن التفاصيل الأولية تظهر أن سائق شاحنة أردني، وصل من الأراضي الأردنية إلى المعبر، وقام بتهريب مسدس صغير في الشاحنة، أطلق النار منه على إسرائيليين في صالة الشحن.
وأكد تقارير أن العملية تمّت على أراضي فلسطين المحتلة وبين حاجزين لقوات الاحتلال الصهيوني، وبدورها، أفادت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، بأن القتلى بعملية إطلاق النار هم عناصر أمن إسرائيليون يتبعون “سلطة المعابر”، فيما قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن الجيش الصهيوني اعتقل سائقي الشاحنات في معبر “اللنبي” على إثر العملية.
وتأتي هذه العملية بعد سلسلة من الهجمات التي قام بها مقاومون ضدّ جنود الاحتلال ومستوطنيه في الضفة الغربية والأراضي المحتلة مؤخراً، والتي تبنّت معظمها كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الفلسطينية حماس، أبرزها عمليتا “غوش عتصيون” و”كرمي تسور” قرب مدينة الخليل، جنوبي الضفة الغربية المحتلة، في 30 أوت الماضي.
وقالت الكتائب في بيان لها “إنه مع الكشف عن أولى عملياتنا الاستشهادية في الخليل، نؤكد أن كل محافظات الضفة ستخبئ مفاجآت مؤلمة للاحتلال”. وكانت القسام ، قد أعلنت في 19 أوت الماضي، أن العمليات الاستشهادية في الداخل المحتل ستعود إلى الواجهة ما دامت مجازر الاحتلال وعمليات تهجير المدنيين وسياسة الاغتيالات مستمرة، عقب الإعلان عن تنفيذ عملية استشهادية في “تل أبيب”، بالاشتراك مع سرايا القدس.
وقبل أسبوع، قتل 3 ضباط إسرائيليين في عملية إطلاق نار عند معبر ترقوميا جنوب غرب الخليل جنوب الضفة، كما قتل وأصيب جنود آخرون في عمليات للمقاومة بمخيم جنين. وبموازاة حربه على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، وسّع جيش الاحتلال عملياته وصعّد المستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، مما أسفر عن استشهاد 692 فلسطينيا، وإصابة نحو 5700.
يعد المعبر الحدودي الذي شهد مقتل 3 أفراد أمن إسرائيليين برصاص سائق أردني هو المعبر الوحيد لفلسطينيي الضفة الغربية إلى الأردن ومن ثم إلى دول العالم. ويعرف المعبر لدى الأردنيين باسم جسر الملك حسين، كما يحمل اسم “الكرامة” لدى الفلسطينيين، واسم “اللنبي” لدى جانب الاحتلال الصهيوني.
وبني جسر الملك حسين من قبل الدولة العثمانية عام 1885 ودمر من قبل الاحتلال الصهيوني مرات عدة، لا سيما عامي 1946-1967. ويقع المعبر على بعد 5 كلم شرق مدينة أريحا ونحو 60 كلم عن العاصمة الأردنية، ويستخدم لعبور الأشخاص ونقل البضائع من الضفة الغربية وإليها.
وتدير المعبر سلطة المطارات الصهيونية ولا يحقّ للإسرائيليين المرور عبره. وفي عام 2010 سُجلت محاولة استهداف لسيارة السفير الصهيوني بالعدسية القريبة من المعبر، كما قتل جندي صهيوني عام 2014 قاضيًا أردنيًا من أصل فلسطيني بالرصاص عند الجسر.
ومن جانب آخر نقلت صحيفة “(إسرائيل) اليوم” عن رئيس الوزراء السابق إيهود باراك قوله إن (إسرائيل) تتعثر بلا إستراتيجية ولا خطة عمل في قطاع غزة. وأضاف باراك -خلال شهادته أمام لجنة التحقيق المدني- أن (إسرائيل) أقرب إلى الهزيمة من النصر الكامل، وفق وصفه.
وقال إن قرار البقاء في محور فيلادلفيا الممتد على طول الحدود بين مصر وقطاع غزة “بمثابة دوران أجوف لا يمت للواقع بصلة”. وحذر باراك رئيس وزراء سلطة الاحتلال بنيامين نتنياهو من البقاء الطويل الأمد في غزة، قائلا إنه لا مصلحة للكيان في البقاء في غزة لسنوات طويلة.
ووصف نتنياهو بأنه “مقامر ومهووس ويخاطر بحياة المختطفين”، وسبق أن قال باراك إن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لم تُهزم، وإن فرص استعادة “الرهائن” تتراجع رغم المكاسب التي حققها الجيش الصهيوني.
كما سبق أن انتقد باراك سياسات نتنياهو بشكل عام، لا سيما طريقة إدارته الحرب على قطاع غزة ومفاوضات الصفقة والعلاقة مع واشنطن. وقال باراك إن نتنياهو أغرق (إسرائيل) مرتين، مرة في 7 أكتوبر، ومرة في طريقة إدارة الحرب “الأكثر فشلا بالتاريخ”. وشدد رئيس وزراء سلطة الاحتلال الصهيوني الأسبق على أنه “لا يجوز لنتنياهو أن يتخذ كل القرارات بنفسه، فهو غير مخول بذلك”.
وقال تقرير لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية إن أحد الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى تصاعد المقاومة في الضفة الغربية المحتلة، تتمثل بخطط واستفزازات وزيري الأمن القومي إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش.
ونقل التقرير عن ضباط كبار في الجيش الصهيوني اتهامهم للوزيرين المتطرفين بحكومة نتنياهو أنهما “يحاولان إشعال حرب يأجوج ومأجوج”، مشيرين أيضا إلى محاولاتهما تغيير الوضع الراهن في الحرم القدسي، بما يعزز الصعوبات أمام جيش الاحتلال، ويدفع بعض كبار الضباط للتفكير بالاستقالة.
وتحدث المحلل العسكري للصحيفة رون بن يشاي عن دور حركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي في تحويل الضفة الغربية إلى ساحة حرب نشطة ضد قوات الاحتلال.
وأضاف أن جيش الاحتلال يحاول منع السكان في الضفة الغربية من الانضمام إلى المواجهة، الأمر الذي من شأنه أن يحول الموجة الحالية إلى انتفاضة كاملة، وذلك عبر السماح للسكان بأكبر قدر ممكن من حرية الحركة وكسب الرزق، على حد زعمه.
ونقل عن مصادر بالجيش الصهيوني القول إن معظم الشباب الفلسطينيين في الضفة الغربية أصبحوا الآن عاطلين عن العمل لأنهم لا يستطيعون العمل لدى (إسرائيل)، زاعمين أن هذا أحد الأمور التي تؤدي إلى زيادة انخراطهم في المقاومة، وبما يدفع للتخوف من الهجمات الجماعية من قبل الفلسطينيين على المستوطنات الصهيونية المحيطة بهم.
ونقل المحلل العسكري عن القيادة المركزية لقوات الاحتلال في الضفة، بقيادة اللواء آفي بلوت وقائد لواء يهودا والسامرة (الضفة) ياكي دولف، قولهم “نبذل قصارى الجهد من خلال النشاط الهجومي والمعلومات الاستخباراتية الممتازة لمواجهة الهجمات الفلسطينية، ولكن حتى يتم إغلاق الحدود الأردنية بشكل صحيح. وطالما استمرت العناصر المتطرفة بين المستوطنين في الهجوم وأعمال الشغب في المجتمعات الفلسطينية، فإن المنطقة لن تهدأ”.
التخوف من انتفاضة ثالثة
وأكد بن يشاي أن كبار الضباط الإسرائيليين يقولون إن المستوى السياسي في الواقع، وخاصة بن غفير وسموتريتش، هو السبب المباشر لاشتعال الأوضاع في الضفة، مشيرا إلى أن “الجيش الصهيوني يمتنع عن تنفيذ الاعتقالات التي يطلبها الشاباك في جميع أنحاء يهودا والسامرة، لمجرد أنه لا يملك ما يكفي من المعتقلات التي كان من المفترض أن يوفرها وزير الأمن القومي ووزارته”.
وذكر المحلل العسكري أن الشرطة الصهيونية لا تؤدي دورها للجم المستوطنين بما يؤدي لتدخل الجيش الصهيوني والعمل كشرطة مدنية. ونقل عن ضابط كبير قوله “هذا الوضع لا يمكن أن يستمر. نحن على وشك انفجار كبير. المشكلة هي أنه إذا اندلعت انتفاضة كبرى في يهودا والسامرة، سيضطر الجيش الصهيوني إلى استثمار الكثير من القوات التي لا يملكها هناك”.
وأضاف أن “سلوك بن غفير باقتحاماته للحرم القدسي وتشجيعه لصلاة اليهود هناك يسبب غضبا كبيرا من المرجح أن يشعل النار ليس فقط في ساحة الضفة الغربية، ولكن في العالم العربي بأسره”.
وأشار بن يشاي إلى نقاش أمني عقده نتنياهو الخميس الماضي -بمشاركة فريق التفاوض وكبار مسؤولي الدفاع- توصل إلى أنه سيتعين على الجيش الصهيوني القيام بتعبئة احتياطية كاملة من أجل أن يكون قادرا على القتال في وقت واحد بكثافة عالية في جميع الجبهات.
ووجّه كبار الضباط الإسرائيليين الاتهامات للقيادة الإسرائيلية، وقالوا “إنها تحاول إشعال حرب يأجوج ومأجوج، وخاصة سموتريتش وبن غفير، حيث يعتقدون أنهم من خلال تصعيدهم ضد الفلسطينيين، سيتسببون بترحيلهم من يهودا والسامرة وقطاع غزة، ومن ثم سيكون من الممكن تحقيق رؤية ما يُسمى (إسرائيل) الكبرى تحت السيطرة اليهودية الحصرية”، ووصفوا هذا التفكير بأنه “وصفة لكارثة”.
وتطرق المحلل العسكري إلى الإحباط السائد في القيادة العليا في الجيش الصهيوني، والذي قال إنه “يتلخص في تصريح سمعته هذا الأسبوع: لدينا نجاحات جيدة في قطاع غزة ويهودا والسامرة وحتى في نشاطنا الجوي في الشمال، لكن هذه النجاحات على المستوى النظامي لا تترجم من قبل المستوى السياسي إلى إنجازات إستراتيجية، لأنه ببساطة لا يتم اتخاذ القرارات اللازمة”.
وأوضح أنه “لا يوجد قرار بشأن إدارة مدنية بديلة لإدارة حماس في غزة، ولا يوجد قرار بشأن متى وكيف نتعامل مع حزب الله في الشمال، وما زلنا لا نفكر حتى في كيفية التعامل مع سعي إيران للحصول على أسلحة نووية، جنبا إلى جنب مع الأمريكيين”.
وأضاف أن إحباط كبار الضباط من عدم اتخاذ قرارات في جميع مجالات المستوى السياسي يدفع العديد من كبار الضباط هذه الأيام إلى التفكير فيما إذا كان ينبغي “وضع المفاتيح على الطاولة والتنحي”.