لم يفوّت رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية خلال أشغال المؤتمر الاسلامي المنعقد في بيروت، الفرصة لقصف المؤامرات التي تحاك لتأسيس ناتو شرق أوسطي بقيادة “إسرائيل” وراء الستار يستهدف محور المقاومة بشكل مباشر.
من التطبيع إلى التحالف العسكري أمر وصفه هنية بالخطير جدا، معتبرا أن ” الاحتلال يُدمج في المنطقة عبر تحالفات عسكرية لمواجهة إيران وحزب الله وحماس”، مشددا على “وحدة ساحات وجبهات المقاومة، وعلى أحقية لبنان في ثروته النفطية.
وقال هنية خلال أشغال المؤتمر الاسلامي المنعقد في بيروت إن “المقاومة مستمرة، وذراعها طويلة ووصلت إلى مرحلة ردع العدو، وستستمر حتى تحرير فلسطين من البحر إلى النهر.”
ونبّه رئيس المكتب السياسي لحماس إلى وجود مخطط لإعادة ترتيب المنطقة وفق المنظور الأميركي الإسرائيلي، بما يتجاوز موضوع التطبيع، الذي “يخدم العدو الصهيوني في محاولة دمجه دمجاً كاملا عبر التحالفات العسكرية والأمنية لمواجهة تيار المقاومة في فلسطين والمنطقة”، وهو نفس الطرح الذي عبّر عنه نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم مؤكدا في كلمته، أنّ حزب الله كان في وقت المناورة الإسرائيلية الكبرى في “استنفار كامل”، مضيفاً “نحن في أقوى مراحلنا مع حلفائنا”.
ولفت الشيخ قاسم إلى أنّ “مسار دول التطبيع يتّجه نحو التحالفات العسكرية مع كيان الاحتلال”، مؤكداً أنّ الحل الحصري والوحيد لمواجهة “إسرائيل” هو “المقاومة بكل أشكالها وأي حل آخر هو مضيعة للوقت وعلى “رأس هذه المقاومة، المقاومة العسكرية التي يجب دعمها لأنها وحدها ما يعيد فلسطين”
وأضاف نائب الأمين العام لحزب الله أن “الكيان الصهيوني كان يتكئ على فلسطين كمقدمة حتى يحتل المنطقة من المحيط إلى الخليج و أن حامي القضية الفلسطينية في الأساس هو شعبها و مقاومتها ولا يمكن إذا تخلّى بعض العرب والمسلمين عن هذه القضية أن تركع فلسطين أو أن تستسلم لأن شعبها قرر أن يبقى في الميدان”.
وتابع “تعتقد إسرائيل أنها بالتهديدات ستُحدث قلقاً في محور المقاومة، ولكن، الحقيقة هي تهديدات فارغة المحتوى”، قائلاً: إنّ المقاومة وحلفاءها مستعدون لمواجهة الاحتلال، فليطمئنّ جمهورنا، وليعرف أنّه خلف قيادة قوية جاهزة للدفاع عنه، وليعلم المجتمع الإسرائيلي أنّه خلف قيادة ضعيفة.”
ومعلوم أن الهدف الرئيسي من إنشاء هذا الحلف الأمريكي، هو ضرب محور المقاومة وفي مقدمتها إيران، وبالتالي فإن قيادة هذا الحلف وإن كانت في العلن الإدارة الأمريكية، فإنها ستكون في غير العلن فعليا وتنفيذيا بقيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي، فهل ستغامر الدول العربية بما فيها الموقعة على اتفاقات أبراهام، بالمشاركة في حلف بهذه الأهداف وهل ستغامر جديا بمصالحها مع إيران والخروج علنا في وجه المقاومة .
ولأول مرة تحدث العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني عن دعم بلاده لمقترحات تشكيل حلف عسكري جديد بين دول المنطقة يشبه أو يماثل حلف شمال الأطلسي مشترطا وجود رؤية محددة و أهداف واضحة ،فيما تسعى وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إلى تأسيس حالة تنسيق مشترك بين حلفائها في الشرق الاوسط وذلك عبر غرفة عمليات خاصة وعبر توحيد أنظمة الرادار في الدفاع الجوي بحيث ترتبط بغرفة عسكرية أو غرفة عملياتية واحدة .
فقد نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا حول التعاون الإسرائيلي المتزايد مع بعض الدول العربية وتعديل التحالفات في المنطقة، استنادا إلى تصريحات وزير الحرب الإسرائيلي و التي مفادها بأن بلاده جزء من شراكة عسكرية إقليمية لمواجهة إيران.
وأشارت الصحيفة إلى أن أعضاء المبادرة الجديدة التي يطلق عليها اسم “تحالف الشرق الأوسط الدفاعي الجوي”، يعملون معا مع الولايات المتحدة ضد الصواريخ الإيرانية والطائرات بدون طيار.
وكانت “نيويورك تايمز” قد كشفت عن المبادرة الجديدة في آذار / مارس الماضي والتي تعتبر نتيجة للتقارب الدبلوماسي التي أدت لاتفاقيات تطبيع مع دول عربية قبل عامين تقريبا.
وفي هذا الصدد يؤكد الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني ” شرحبيل الغريب”أن ” محور المقاومة في إيران وسوريا وحزب الله وحركة حماس وكل أذرع المقاومة الفلسطينية يحتاج الآن أكثر من أي وقت مضى إلى التوحّد في مواجهة “إسرائيل” أمام حالة التحالفات العربية معها، والتي يجري البحث في شأنها في الوقت الحالي، عبر تشكيل تحالف إقليمي عربي بمشاركة “إسرائيل” لمواجهة إيران، وهو الرد الأمثل على هذا التحالف الذي تعمل له كلّ من الإمارات والبحرين كركيزة أساسية في قبول “إسرائيل” وتسهيل تغولها أكثر في المنطقة العربية والخليج، فمن مصلحة حركة حماس أن تكون لها علاقات جيدة مع جميع الدول التي تعادي “إسرائيل”، وموقفها واستراتيجيتها واضحتان في عنوان العداء لـ”إسرائيل”، على قاعدة أنها كيان سرطاني عنصري يجب مواجهته” .
وأدرك محور الممانعة الذي تتزعمه إيران المعادلة الصهيو أمريكية قبل أشهر من الإعلان عنها ، حيث نجحت جهود بذلتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية وحزب الله اللبناني على مدار الفترة الماضية في طيّ صفحة الخلافات وكسر الجليد بين حركة حماس وسوريا بعد حوالي 10 سنوات من القطيعة التي تسببت فيه القيادة السابقة لحماس ممثّلة في رئيس المكتب السياسي السابق خالد مشعل المطلق،حيث آثرت هذه القيادة أن تقدّم المصلحة والانتماء الحزبي والتنظيمي على مصلحة القضية الفلسطينية.
المصالحة بين حماس وسوريا أو بالأحرى عودة حماس إلى أحضان محور الممانعة سيكون له أثر بالغ على الاستراتيجية الجديدة للمقاومة وعلى التنسيق بين حزب الله في لبنان وباقي فصائل المقاومة الفلسطينية ” الموحدة” لا سيما بعد التحولات الاستراتيجية التي فرضتها معركة سيف القدس التي قوّضت مُسلّمة أن ” إسرائيل ” أكبر قوة في المنطقة كما فعلتها المقاومة الإسلامية في لبنان عام 2006 .