افتكّتْ نساء تونسيات قابعات في السجن الفرصة ـ خلال أيام قرطاج المسرحية ـ لإبراز موهبتهن في مجال الفن الرابع، فعرضن عملهن الإبداعي الذي يحمل عنوان «غربة».
وبحسب وكالة الأناضول فقد عرضت السجينات مسرحيتهن ـ ليل الثلاثاء ـ أمام الجمهور في دار الثقافة «ابن خلدون» وسط العاصمة تونس، بعد أن فُتحت أمامهن أبواب زنازين سجن «المسعدين» شرقي تونس لمدة ساعة.
فيما استقبلتهن قاعة العرض ليقدمن عملهن الذي اشتغلن على تحضيره مدة 20 يوماً فقط، في إطار قسم «مسرح الحرية» ضمن فعاليات مهرجان أيام قرطاج المسرحية.
هذه المسرحية أخرجها التونسي نجيب قزام ومثلت أدوارها خمس نساء مقيمات في السجن المدني بـ«المسعدين» (محافظة سوسة).
هؤلاء السجينات قدمن كل ما لديهن ليتحررن ولو للحظات من الزنازين ومن غربتهن ليقدمن مشهداً فنياً متكاملاً مزج بين الغناء والرقص والتعبيرات الجسمانية.
وتناولت المسرحية مفهوم الغربة بجميع تفرعاتها الوجودية عبر شخصيات ضائعة في معترك الحياة بسبب المعاناة من اليتم والقهر والفقر والحرمان لتبرز متاهات هذه الغربة.
ووفق إدارة المهرجان، فإن هذه المسرحية تنافس على جائزة أفضل عمل مسرحي للمودعين بالسجون الذين يشاركون بالمهرجان.
وقال مكرم عمار، مدير إقليم (قطاع) تونس للسجون، إن “هذه البادرة تندرج في إطار المشاركة الفعلية للهيئة العامة للسجون والإصلاح في «مسرح الحرية» تشمل 14 عرضاً لـ14 وحدة سجنية بين عروض نسائية ورجالية”.
وأضاف ـ بعد العرض ـ أن “هذه التظاهرة تهدف لإخراج السجين من الإطار السجني إلى إطار الإبداع لتسهيل حياته داخل المجتمع”.
وقال نجيب قزام، مخرج المسرحية، إنه تخوف في البداية عندما تم اقتراح اسمه لإخراج هذا العمل.
واستدرك: “لكن عندما دخلت لأسوار السجن وجدت نساء يجب التعامل معهن كإنسان وليس كسجين”.
وتابع: “لم أرد اختيار موضوع يتطرق لآلام السجينات وأوجاعهن وإنما حاولت الاشتغال على نص يعالج الغربة الشاملة للإنسان”.
وأوضح أنه تم تحضير المسرحية في 20 يوماً فقط قبل انطلاق المهرجان.
وأشاد بتمثيل السجينات “اللاتي كن مندفعات ومتحمسات لتقمص الأدوار وتفجير مواهبهن”.
وأكد أن “السجن ليس بالجدران والزنازين بل يكمن داخل كل إنسان”.
وانطلق المهرجان السبت ويستمر حتى 12 كانون الأول/ديسمبر الجاري، وتشارك فيه 99 مسرحية تونسية وعربية وعالمية من بينها 14 مسرحية في المسابقة الرسمية.
وتتمثل جوائز المسابقة الرسمية لمهرجان أيام قرطاج المسرحية في جائزة أفضل عمل متكامل (قيمتها نحو 8.5 آلاف دولار) وكذلك جوائز أحسن نص وأحسن إخراج وأحسن ممثل وأحسن ممثلة وأحسن سينوغرافيا، وأفضل عمل مسرحي للمودعين بالمؤسسات السجنية.
وللتذكير فإن تجربة عروض السجناء خارج القضبان، انطلقت عام 2017 بتقديم عرض وحيد، ثم تطوّر العدد إلى 5 أعمال مسرحية سنة 2018، ليرتفع إلى 14 عرضا خلال الدورة الحالية لأيام قرطاج المسرحية.