غزة تحترق.. أين رئيس لجنة القدس؟.. الملك محمد السادس: أنا غائب!

كل سكان الكرة الأرضية ـ مهما كانت مناصبهم أو مراتبهم، ومهما كانت ألوانهم أو لغاتهم أو دياناتهم ـ عبّروا عن مواقفهم إزاء العدوان الصهيوني المتواصل على قطاع غزة، بغض النظر عما إذا كانوا مع العدوان أو ضده، باستثناء شخص واحد، التزم الصمت تماما؛ والمؤسف أن هذا الشخص الواحد ليس شخصية عادية، بل ملكا على رأس دولة يُفترض أنها ذات سيادة. والمؤسف أكثر أن هذا الملك عربي، مسلم، لكن المؤسف إلى حد التقزز، أن هذا الملك العربي المسلم هو رئيس لجنة القدس، إنه العاهل المغربي محمد السادس الذي إذا نودي عليه اليوم، فبلا شك، سيرفع يده ليقول: “أنا غائب”.

لكن، مهلا! فمحمد السادس كان قد عبّر عن موقفه بشأن ـ وهنا سنستعير أسلوب المخزن في وضع التّعابير المحايدة ـ الأوضاع في قطاع غزة؛ إذ أطلّ الملك في الثّامن من أكتوبر، الشّهر المنصرم، ودعا إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس جامعة الدّول العربية على مستوى وزراء الخارجيّة العرب، للتّشاور والتّنسيق بشأن تدهور (الأوضاع في قطاع غزة)، وهذا التّعبير الظاهر بين قوسين ليس مستعارا، بل من ضمن ما جاء على لسان الملك، الذي يسمّي الكوارث أوضاعا، ويسمي الحرب أعمالا عسكرية، ويعتبر الصّراع الوجودي بين الكيان الصّهيوني المحتلّ وسكّان غزة المدنيين مجرّد طرفي نزاع، إنه ملك التّعويم اللغوي الفجّ.

وعلى أية حال، فإن الملك أدان استهداف المدنيين، لكن بالعودة إلى تاريخ هذا الموقف الـ8 من أكتوبر ـ الشهر الماضي ـ يتبيّن أن الملك تعاطف مع من يعتبرهم مدنيين في الطرف الصّهيوني على اعتبار أن المقاومة الفلسطينية كانت – حينذاك – قد أنجزت عملية طوفان الأقصى التي ضربت من خلالها عمق العدو الصّهيوني فأوجعته وأوجعت الملك طبعا، وهكذا خرج من جحره وأعلن تأثره بما حدث للمجرمين الصهاينة.

لكن، بعد أن رد العدوان الصّهيوني بعمليات إبادة جماعية اقشعرت لها أبدان العالم، عاد الملك إلى جحره خائفا مرتجفا ولم يستطع أن يتفوه بكلمة واحدة مخافة أن يغضب عليه أسياده الصهاينة الذين يحمونه ليس من عدو خارجي كما يروّج رجال ونساء إعلامه، بل من شعبه الذي ضاق ذرعا به وهو اليوم يراه وصمة عار على جبين المغاربة، خاصة الأحرار منهم.

وعلى ذكر موضوع الحماية، فإنّ الملك المسكين مرعوب من أمر قد يكون البعض أغفله؛ فهو بمجر رؤيته الكيان الصّهيوني يسقط تحت ضربات أبطال المقاومة في عملية طوفان الأقصى، تذكر بأن هؤلاء الصهاينة قد جلبهم إلى حدود مملكته، ظنا منه أنه سيرعب بهم جيرانه. لكنه، وهو يراهم يفرّون مذعورين من مجموعة مقاومين فلسطينيين، استبد به الخوف وتملكته الخيبة، فهو قد استعان بكيان بالكاد يبدو قادرا على حماية نفسه من مجموعات المقاومة الفلسطينية التي تشكلت قوتها في ظلّ حصار مشدد، فما بالك إذا تعلق الأمر بجيش قوي يمتلك كل وسائل الردع والهجوم.

وبينما يتم تحرير هذا المقال ورد الخبر الآتي: “الملك محمد السادس يقترح إطلاق مبادرة لإعادة الأمن والاستقرار إلى دول الساحل”.وحتى دون تفكير يمكن التعليق على هذا العنوان قبل قراءة المحتوى: “أهذا وقت الحديث عن دول الساحل الإفريقي يا محمد السادس؟”.. يا رئيس لجنة القدس، ألا تنتبه إلى ما يحدث من قصف ودمار وتقتيل وتشريد في غزة؟

أما عن المحتوى، فإليكم الآتي: اقترح الملك المغربي محمد السادس، في خطابه يوم الإثنين، إطلاق مبادرة على المستوى الدولي تقضي بتأهيل البنى التحتية لدول الساحل والعمل على ربطها بشبكات النقل والتواصل مع محيطها الإقليمي، وقال العاهل المغربي إن المشاكل والصعوبات التي تواجه دول الساحل لنيتّم حّلها بالأبعاد الأمنية والعسكرية فقط، بل بالاعتماد على مقاربة تنشأعلى أساس التعاون والتنمية المشتركة.

بالله عليكم، أليس هذا ما دعا إليه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، في وقت سابق، ضمن ما يعرف بمقاربة الجزائر القائمة على دعم السّلم والاستقرار في البلدان التي تشهد نزوحا للمهاجرين، مع الدعوة إلى حشد المزيد من التمويل من أجل تنفيذ المشاريع التنموية وإعادة الإدماج وفق فترة زمنية محددة؟

والسؤال الذي يطرح هنا: “أين كان الملك عندما كانت الجزائر تواصل دعمها مساعي التنمية في إفريقيا، من خلال تنفيذ أولى خطوات قرار تخصيص مبلغ مليار دولار، تجسدت من خلال تصوّر مشاريع تنموية لفائدة الدول الإفريقية، لاسيما النيجر ومالي، وهو ما يعد مساهمة حقيقية في مساعي التّنمية التي تعتبر أنجع السّبل لمحاربة الهجرة غير الشرعية؟”.

طبعا، لن نجيب عن السؤال حتى لا ننساق في خطة تشتيت الانتباه حول ما يعانيه الفلسطينيون الآن بقطاع غزة، في ظل مشروع الإبادة الصّهيوني – الأمريكي، وهو بالضبط ما يريده الملك، الذي إذا نودي عليه الآن، سيرفع يده ليقول: “غائب”.

ملاحظة أخيرة أود سردها؛ سيتم تقديم شكوى جماعية بمبادرة من المجتمع المدني ومجموعة من المحامين، يوم الخميس المقبل بلاهاي، أمام المحكمة الجنائية الدولية تتعلق بـ “الإبادة الجماعية وجرائم أخرى” التي يقترفها الكيان الصّهيوني منذ 7 أكتوبر في غزة والضفة الغربية المحتلة.

وأوضح أصحاب هذه المبادرة، في رسالة إعلامية بعنوان “العدالة هي الرّد على العنف – معا من أجل الدفاع عن حق تقرير مصير الشعب الفلسطيني”، أن “الشكوى ستقدّم كشاهد” دعما لهيئات المحكمة الجنائية الدّولية من أجل تطبيق القانون الدولي.

وأشاروا، في هذا الخصوص، إلى أنّ هذا “المسعى ليس الغرض منه الاتهام أو الحكم وإنما الأمر يتعلق بالمواطنين الذين يحلّلون الوقائع ويعبّرون عن قناعاتهم بوجود انتهاك للقانون، والذين يستعينون بالمحامين لتبليغ المدّعي العام الذي سيكلف بالتحقيق”، مؤكدين أن “الإبادة الجماعية التي أقرها سبعة مقررين أمميين خاصين قد تم تحليلها من حيث أحدث السوابق القضائية ومجمل الوقائع”.

وتم التأكيد، في هذا السّياق، أنه سيتم إرفاق الشكوى وتدعيمها “بسوابق تاريخية ووثائق تشير إلى بدايات الصراع في الشرق الأوسط”، وأن “إيداع الشكوى سيتبع بندوة صحافية ستنشط بالقرب من المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي”.

وكان رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، قد ناشد يوم الإثنين بالجزائر كل أحرار العالم والقانونيّين العرب رفعَ دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية ضد الكيان الصّهيوني الذي يقترف مجازر ضدّ الشّعب الفلسطيني في قطاع غزّة.

وفي كلمة له خلال إشرافه على افتتاح السنة القضائية “2023-2024″، ناشد رئيس الجمهورية “جميع أحرار العالم والخبراء القانونيين العرب والهيئات والمنظمات الحقوقية رفعَ دعوى قضائية أمام محكمة الجنايات الدولية والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان ضد الكيان الصّهيوني”، مؤكدا أن هذه الخطوة هي “السبيل الوحيد لإنهاء عقود من الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين”.

وأخير، “استجاب أحرار العالم لنداء الرئيس، وفي الأثناء فليواصل الملك رقدته حتى إشعار آخر”.

 

 

حميد سعدون

حميد سعدون

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
ليلة الشك.. الجزائر تتحرى رؤية هلال شهر شوال يوم السبت هذه حصيلة نشاط الرقابة وقمع الغش والمضاربة خلال 24 يوما من رمضان وزارة التربية تنشر جدول التوقيت الخاص بامتحاني "البيام" و"الباك" خيرات الصحراء الغربية.. موارد منهوبة تموّل آلة الإجرام المغربية! مواد مسرطنة في الحلويات الحديثة.. حماية المستهلك تحذّر محكمة الدار البيضاء تفصل غدًا في قضية بوعلام صنصال بعد محادثات الرياض.. واشنطن تعلن عن اتفاقات جديدة بين موسكو وكييف مشاريع ترامب حول العالم.. أرباح في آسيا وخسائر في أوروبا خطة طريق لتعزيز رقمنة قطاع التجارة الداخلية الجزائر تعيد رسم خارطتها الغذائية.. القمح الفرنسي خارج الحسابات بن جامع: "الهجمات الصهيونية انتهاك صارخ لسيادة سوريا ويجب وقفها فورًا" ارتفاع أسعار النفط عالميا وسط مخاوف من تقلص الإمدادات الجزائر والعراق.. شراكة طاقوية استراتيجية في ظل التحولات العالمية برنامج عمل مشترك بين وزارة الشباب ومكتب برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز بالجزائر مولوجي تُشدد على ضرورة "تحيين" مناهج التكفل بالأطفال المعاقين ذهنيا الجمارك تحجز أكثر من ربع مليون "قرص مهلوس" بالوادي  أوابك.. الغاز الطبيعي المسال سيلعب "دورا رئيسيا" في الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون برنامج الغذاء العالمي.. 70 ألف لاجئ كونغولي ببوروندي مهددون بالمجاعة تنسيق جزائري-سعودي خِدمةً للحجاج والمعتمرين الجزائريين الرئيس تبون يستقبل الرئيس الأسبق لجمهورية تنزانيا الاتحادية