غزّة تضبط إيقاع أنفاس المنطقة.. دول “الطوق العربي” تختنق

مع انتهاء الأشهر الثلاثة الأولى من العدوان الهمجي على قطاع غزة، تكون “دول الطوق”، ممثّلة في مصر والأردن ولبنان، قد سجلت خسائر اقتصادية تقدّر بنحو 2.3 % من الناتج المحلي، أي ما يعادل نحو 10 مليار دولار أمريكي، دون نسيان أن أكثر من 230 ألف شخص في هذه البلدان مهددون بالدخول في دائرة الفقر. وفي المقابل، يتوقع خبراء الاقتصاد فقدان أكثر من 4% من الناتج المحلي الإجمالي للدول الثلاث في عام 2024، بما يعادل 18 مليار دولار في حال امتداد مدة العدوان إلى 6 أشهر.

=== أعدّ الملف: منير بن دادي وسهام سعدية سوماتي ===

قبل نحو أسبوعين، أظهرت دراسة للأمم المتحدة ـ أجريت بطلب من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي – أن العدوان الصهيوني ضد قطاع غزة قد تصل تكلفته الاقتصادية بالدول العربية المجاورة (لبنان ومصر والأردن) إلى 10.3 مليارات دولار؛ ما يمثل خسائر في الناتج المحلي الإجمالي بنسيبة 2.3 بالمائة مع نهاية العام، غير أن هذه الخسائر المتنوعة قد ترتفع إلى الضعفين إذا استمر العدوان ستة أشهر.

وقال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومدير المكتب الإقليمي للدول العربية ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، عبد الله الدردري، والذي أشرف على الدراسة: “هذا تأثير هائل… الأزمة كانت بمثابة قنبلة تفجرت في وضع إقليمي هش بالفعل.. لقد توترت المشاعر مع الخوف مما يمكن أن يحدث وإلى أين ستتجه الأمور”، وأضاف: “إن حجم الدمار في غزة خلال هذه الفترة القصيرة غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية”.

وجاء العدوان الصهيوني على القطاع بينما تواجه الدول العربية الثلاث “صراعا مع الضغوط المالية والنمو البطيء ومعدلات البطالة المرتفعة، كما أعاق هذا العدوان المتواصل إلى اليوم الاستثمار الذي تشتد الحاجة إليه، وأضر بالاستهلاك والتجارة، والمعروف أن لبنان يعاني من أزمة اقتصادية عميقة”، وفق الدراسة.

ومع ذلك، يحذّر معدو الدراسة من أنه إذا توسّع (الحرب) في نطاقها الجغرافي، فإن تأثيراتها ستتصاعد وستتعمق بشكل أكثر وضوحا، ولذلك يطالبون باتخاذ تدابير عاجلة لبناء قدرات البلدان المجاورة على مواجهة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، مشددين على أن الأولوية يجب أن تكون لاتخاذ التدابير اللازمة كافة لإنهاء العدوان لوضع حد للدمار والمعاناة التي لا توصف في غزة والأرض الفلسطينية.

وقالت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني إن العدوان على غزة له آثار سلبية على الدول المجاورة، وذلك رغم أن الصراع لا يزال مقتصرا على الأرضي الفلسطينية المحتلة؛ فقد تأثر قطاع السياحة بصورة واضحة في الدول الثلاث بالفعل، إذ تراجعت الإشغالات الفندقية في جنوب سيناء المصرية إلى ما دون 5 % في الأيام الأولى من العدوان، حسبما قاله نائب رئيس غرفة السياحة في الاتحاد العام للغرف التجارية في مصر، هاني بيتر، في وقت سابق.

وبشأن الدول المصدرة للنفط في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، رجّحت وكالة “فيتش” أن تدعم أسعار الخام المرتفعة لعام آخر مقاييس الائتمان بها، بناء على متوسط سعر خام برنت عند 80 دولارا للبرميل. وتوقعت الوكالة أن تسجل الدول المصدّرة للنفط في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نموا أقوى في 2024، مع زخم نمو القطاع غير النفطي، واستقرار إنتاج الخام على نطاق واسع بعد تخفيضات الإنتاج في 2023.

لكنّ الوكالة أشارت إلى أن ضعف النمو العالمي في 2024 قد يفضي إلى مزيد من خفض الإنتاج من جانب تحالف “أوبك+”، إذا تحوّل سوق النفط بصورة قاطعة إلى الفائض، مشيرة إلى أن الاتفاق الأخير المبرم في نهاية نوفمبر الماضي سلّط الضوء على الإحجام عن التوسع بشكل كبير في خفض الإنتاج.

اقتصاداتها تضرّرت كثيرا..

 بلدان الطوق تستجدي طوق النّجاة من تبعات العدوان على غزة!

قطاع السياحة في مصر ولبنان والأردن مجتمعة قد يخسر 70 % من المداخيل

بحسب تقارير صادرة عن وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» للتصنيفات الائتمانية، يرجح أن يكون الضرر الأكبر للعدوان الصهيوني ضد غزة في قطاع السياحة بكلّ من مصر ولبنان والأردن، إذ إن الخسائر قد تبلغ ما بين 10 في المائة إلى 70 في المائة من إجمالي عائدات السياحة المسجّلة العام الماضي، وذلك بالنظر إلى همجية العدوان مع إمكانية اتساع رقعته وامتداد فترته الزمنية.

وذكرت الوكالة أن البلدان الثلاث هي أكثر عرضة لتباطؤ السياحة التي تساهم بنسبة 12 إلى 26 في المائة من إيرادات الحساب الجاري، وهو ما كان يحقق دخلا من العملات الأجنبية فضلا عن خلق فرص للعمل، فقد ارتفعت إيرادات السياحة خلال النصف الأول من عام 2023 بأكثر من 50 في المائة في الأردن و30 في المائة في مصر.

لبنان

أما في لبنان، فقد ارتفع عدد السياح بنسبة 33 في المائة في الفترة من جانفي إلى أوت المنقضين، كما يوفر القطاع السياحي فرص عمل لنحو 20 في المائة من السكان، فضلا عن أنه قطاع مهم نظرا لارتفاع معدلات البطالة هناك. وبانطلاق العدوان الصهيوني في 7 أكتوبر، تغيرت المعطيات تماما بسبب إلغاء الحجوزات والحذر من السفر في ظل أوضاع غير آمنة تشهدها دول الطوق.

ويُعد لبنان الأكثر اعتمادا على قطاع السياحة بين هذه الدول، إذ يمثل 26 في المائة من إيرادات الحساب الجاري، وهو ما يعرضه لتراجع في النمو الاقتصادي والأرصدة الخارجية بسبب انخفاض عدد السياح؛ فبانخفاض عائدات السياحة بنسبة 10 إلى 30 في المائة، فإن الخسارة المباشرة في الناتج الاقتصادي يمكن أن تصل إلى 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

هذا يمثل ضربة كبيرة للاقتصاد اللبناني الذي يعاني من أزمة خانقة وفراغ سياسي يجعلانه غير قادر على تحمل التخلي عن تدفقات العملات الأجنبية المهمة من السياحة. وفي الأردن، تقدّر الخسارة التي تسبب فيها استمرار العدوان على غزة بما بين 0.6 إلى 4 مليارات دولار من خلال تراجع عائدات السياحة ما بين 10 إلى 70 في المائة من قيمتها.

وكان البنك الدولي قد بين أن “أكثر من نصف حجوزات السفر إلى لبنان لتمضية العطلة الشتوية ألغيت”، محذرا من أن “اعتماد لبنان على السياحة وتدفقات التحويلات المالية لا يمثل إستراتيجية اقتصادية سليمة أو خطة لحل الأزمة الاقتصادية، فنظرا إلى التقلبات في قطاع السياحة وتعرضه لمخاطر الصدمات الخارجية والداخلية، لا يمكن لهذا القطاع أن يكون بديلا عن محركات النمو الأكثر استدامة وتنوعا”.

ويشهد لبنان منذ 2019 انهيارا اقتصاديا متواصلا باتت خلاله غالبية السكان تحت خط الفقر مع عجز الدولة عن توفير أبسط الخدمات، ما انعكس بشدة أيضا على اللاجئين السوريين والفلسطينيين. كما يعاني البلد من أزمة سياسية حادة تتمثّل على وجه الخصوص في شغور منصب رئيس الجمهورية منذ أكثر من 13 شهرا، ووجود حكومة تصريف أعمال لا تؤدي مهامها بشكل فاعل، ما يؤدي إلى شلل شبه كامل على صعيد اتخاذ القرار.

وشهد لبنان، في أكتوبر الماضي، تراجعا في عدد السياح الوافدين إلى أراضيه بنسبة 15 في المائة، حين سجّل 208 آلاف و706 سائح، مقابل 245 ألفا و977 سائحا في الشهر ذاته من عام 2022، وذلك في وقتٍ تعيش البلاد ظروفا أمنية دقيقة بسبب الاشتباكات في الجنوب مع الاحتلال الصهيوني، وكذلك الإجراءات الاستثنائية التي اتخذتها سفارات عدد من الدول التي دعت مواطنيها إلى مغادرة الأراضي اللبنانية أو عدم السفر إليها في الفترة الراهنة.

في المقابل، ارتفع عدد الأفراد الذين غادروا لبنان بنسبة 15.5 في المائة، إذ تم تسجيل 307 آلاف و879 مغادرا، مقابل 266 ألفا و680 مغادرا في أكتوبر 2022، في حين تراجع عدد ركاب الترانزيت بنسبة 48.3 في المائة بتسجيل 261 مغادرا.

مع الإشارة إلى أن المجموع العام للمسافرين عبر مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت سجل منذ بداية السنة وحتى نهاية الشهر الماضي ارتفاعا بنسبة 18 في المائة، ليبلغ ستة ملايين و321 ألفا و349 مسافرا، وذلك وفق أرقام نشرتها وكالة الأنباء الرسمية في لبنان “الوطنية للإعلام”.

وفي سياق حركة الطائرات، بلغ عدد الرحلات الجوية لشركات الطيران الوطنية والعربية والأجنبية التي استخدمت المطار خلال شهر أكتوبر الفائت 4495 رحلة، أي بزيادة 5.78 في المائة عن أكتوبر 2022، منها 2234 رحلة وصول إلى لبنان، أي بزيادة 6.58 في المائة، و2261 رحلة إقلاع من لبنان، أي بزيادة 5 في المائة.

مصر

أما مصر، فهي في وضع أكثر عرضة للخطر من الأردن على الرغم من انخفاض التركيز الاقتصادي في قطاع السياحة، وذلك لأن نقص الإيرادات سيؤثر بشكل أكبر على مركزها الخارجي في ظل الديون الخارجية الكبيرة المستحقة، فخسارة إيرادات السياحة بنسبة تتراوح بين 10 و30 في المائة يمكن أن تكلف البلاد ما بين 4 – 11 في المائة من احتياطيات القطع الأجنبي إذا تدخل البنك المركزي المصري في سوق صرف العملات الأجنبية.

ومنذ بدء العدوان، أبلغت العديد من وكالات السياحة في مصر عن إلغاء نحو نصف الحجوزات لشهري نوفمبر وديسمبر، خاصة من الزائرين الأوروبيين، كما أوقفت شركات طيران مثل «لوفتهانزا» و«يورو وينغز» و«الخطوط الجوية الدولية السويسرية» رحلاتها إلى لبنان في منتصف أكتوبر، وهناك اتجاهات مماثلة يمكن أن تظهر في قطاع السياحة في الأردن.

الأردن

تراجع الطلب على المواقع السياحية في الأردن بنسبة 40 بالمائة منذ اندلاع العدوان الصهيوني في السابع من أكتوبر الماضي، كما تراجعت حجوزات الفنادق والمطاعم السياحية من 60 إلى 70 بالمائة، بحسب البيانات التي وردت من المواقع السياحية الأكثر زيارة كالبتراء.

فيما فقد الجنيه المصري نحو نصف قيمته..

العدوان على غزّة قد يدفع مصر لتوسيع قروضها إلى 6 ملايير دولار

صندوق النقد الدولي يحذّر مصر من مغبّة ارتفاع التّضخم

تطالب قطاعات اقتصادية أردنية متضررة من العدوان الصهيوني ضد قطاع غزة حكومة المملكة بالتدخل لإنقاذها من الخسائر الاقتصادية الشديدة التي تتعرض لها، بينما ـ ولأول مرة ـ يضطر وزير المالية المصري محمد معيط، إلى الحديث عن وجود ضغوط وتحديات كبيرة يمر بها اقتصاد بلاده في الوقت الراهن، مشيرا إلى أن المجتمع الدولي بصفة عامة “يرى أن مصر تتعرض حاليا لضغوط، لا علاقة لها بأي أسباب داخلية، وإنما بسبب (العدوان الصهيوني على غزة) والعديد من التحديات الأخرى”.

وأوضح المسؤول ذاته أن أبرز ما ذكرته المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي تبلور حول ضرورة محاربة التضخم وهو ما يعد التصريح الأهم في هذا الشأن، وقال إن هناك تركيزا في الوقت الحالي على تصدير العقار والتوافق على آلياته، وقد تحققت نجاحات كبيرة بعد إصدار القانون الخاص بها.

وأكد وزير المالية أن فكرة اتخاذ قرار بتحصيل ضريبة القيمة المضافة بالعملة الأجنبية كانت بسبب قطاع السياحة. وبعد التواصل مع البنك المركزي، تم تنفيذ تعديل على هذا القانون، وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد ذكرت أن السياحة في مصر تضررت بشدة خاصة في مناطق شبه جزيرة سيناء بسبب العدوان الصهيوني المتواصل إلى الآن ضد قطاع غزة.

وقال موقع (passport news) الإسرائيلي المتخصص في مجال السياحة إن بعض الوجهات السياحية الأكثر شعبية في مصر، وخاصة في جنوب سيناء، تعاني بشدة من انخفاض كبير في عدد السياح الأوروبيين الذين يخشون تصاعد العنف، وبالطبع غياب السياح الإسرائيليين.

وأضاف الموقع أن (الحرب) في قطاع غزة التي اندلعت في 7 أكتوبر لها تأثير كبير على السياحة في مصر، خاصة في منتجعات سيناء وطابا ودهب، ومدينة شرم الشيخ السياحية الشهيرة والتي تعدّ الأكثر تضررا. وأوضح الموقع أن نحو 20% من الزوار ألغوا حجوزاتهم في جنوب سيناء.

والجدير بالذكر أن صناعة السياحة تعد مصدرا رئيسا للعملة الأجنبية في مصر. وبحسب البيانات التي نشرها البنك المركزي المصري في 5 أكتوبر الماضي، بلغت إيرادات البلاد من السياحة مستوى قياسيا قدّر بـ 13.6 مليار دولار في العام المالي (2022 2023)، بزيادة نحو 27% مقارنة بـ10.7 مليار دولار في العام السابق.

فبسبب العدوان الصهيوني تأثرت مصر بشكل ملحوظ اقتصاديا واجتماعيا وتجاريا وسياحيا، نظرا إلى موقعها الجغرافي ودورها المحوري، فتوقفت بعض المشاريع العقارية الجديدة وتراجعت الاستثمارات الأجنبية وفقدت منتجعات سياحية في سيناء إيراداتها، أضف إلى كل ذلك ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية في الأسواق المصرية، وارتفاع أسعار النفط التي تستورده مصر لتلبية حاجاتها، وتراجع واردات البلاد من الغاز الطبيعي.

وتواجه مصر أزمة اقتصادية وسط تضخم قياسي ونقص حاد بالعملة الأجنبية، إضافة إلى أن ارتفاع الاقتراض على مدى الأعوام الثمانية الماضية جعل سداد الديون الخارجية عبئا مرهقا بشكل متزايد، وقالت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا – شهر نوفمبر المنقضي- إن الصندوق “يدرس بجدية” زيادة محتملة لبرنامج القروض لمصر البالغ 3 مليارات دولار نتيجة الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن حرب “إسرائيل” على غزة. وتقترب مصر من اتفاق مع صندوق النقد الدولي لتوسيع برنامج الإنقاذ الذي تبلغ قيمته الحالية 3 مليارات دولار إلى 6 مليارات دولار، حسبما نقلت وكالة بلومبيرغ عن مصادر لم تفصح عن هويتها بناء على طلبها، بحسب ما أوردته مصادر إعلامية مطّلعة

قطاعات تطالب بتعويضها عن آثار العدوان على غزّة..

شلل يصيب الصادرات الأردنية نحو السّوق الفلسطينية بسبب غلق المعابر

عمان تتكبّد ارتفاع كلفة الشّحن إثر اجتناب السفن البحر الأحمر

أما في الأردن، فقد طالبت قطاعات اقتصادية متضررة من العدوان الصهيوني ضد قطاع غزة حكومة المملكة بالتدخل لإنقاذها من الخسائر التي تتعرض لها وتهدد كثيرا من المنشآت بالتوقف عن العمل وتسريح العمال، وتمثلت هذه المطالبات في ضرورة تخفيف الأعباء المالية، كالإعفاء من الرسوم والضرائب وتوفير التسهيلات المالية بكلف منخفضة والعودة إلى العمل ببرامج دعم رواتب العاملين التي تم تطبيقها إبان جائحة كورونا وتداعياتها.

ووفقا لتأكيدات رسمية، فإن الاقتصاد الأردني تأثر مباشرة بالعدوان الصهيوني الذي أثر سلبيا في الأنشطة الاقتصادية والخدمية كافة، بالإضافة إلى المزاج الاستهلاكي العام الذي يميل على الأغلب إلى السلع الاستهلاكية الأساسية. وقالت جمعية المطاعم السياحية إنها في حراك دائم للمطالبة بالتخفيف من أثر الأوضاع الراهنة على المطاعم السياحية التي تراجع حجم المبيعات فيها بما لا يقل عن 50%، وذلك بسبب تبعات استمرار العدوان على قطاع غزة.

وأكدت الجمعية ـ في بيان لها ـ على ضرورة اتخاذ سلسلة من القرارات المهمة في الفترة الحالية، أبرزها إعادة جدولة القروض وتأجيلها والاستفادة من القرض السياحي لغايات تسديد الكلف التشغيلية، خاصة الرواتب والإيجارات وتأجيل دفعات قروض الضمان الاجتماعي والطلب بإعفاء القطاع من رسوم التراخيص من الجهات المختلفة.

وكان العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، قد طلب من الحكومة وضع خطة للتحوط، للتعامل مع تداعيات العدوان على قطاع غزة والعمل على احتواء تداعياته. وتنقل دراسة أجراها خبراء اقتصاد تقديراتهم بأن تكون الخسائر التقديرية المتوقعة للاقتصاد الأردني كبيرة خلال الربع الأخير من العام الحالي 2023، وأن هناك قطاعات عديدة تأثرت بالعدوان على غزة، وأن قطاعي السياحي والخدمات هما الأكثر تأثرا.

ويقترح الخبراء والنقابيون تقديم الدعم للقطاعات المتأثرة، خاصة السياحة ومساندة الصناعات الوطنية التي بدورها يمكن أن تُحسّن من أداء الاقتصاد الأردني، مشيرين إلى ضرورة البحث عن مصادر جديدة لمواجهة ارتفاع كلفة النّفط والغاز.

وفي هذا الصدد، أكد الدكتور جابس الزبون رئيس (بالوكالة) جامعة جادارا الأردنية،  في كلمة ألقاها خلال ندوة احتضنتها الجامعة بخصوص أثر (الحرب) التي تشهدها غزة على اقتصاد الأردن، أكد أن العدوان سيترك العديد من التداعيات والآثار السلبية على كافة القطاعات الاقتصادية في الأردن الصناعية والتجارية والسياحية، وعلى معدلات الاستثمار، مشيرا إلى توقف التبادل التجاري جراء إغلاق المعابر أو التضييق عليها ما يؤدي إلى خسائر على الصادرات الأردنية للسوق الفلسطيني، وارتفاع أجور الشحن العالمية نتيجة توقف بعض شركات الشحن من المرور بالبحر الأحمر.

البلد يواجه عواقب اقتصادية واجتماعية خطيرة بسبب العدوان..

لبنان يسجّل نفوق 200 ألف طائر و700 رأس غنم في الجنوب

احتراق 47 ألف شجرة زيتون بسبب القصف الصهيوني

كشف تقرير أممي عن عواقب وخيمة قد يواجهها لبنان اقتصاديا وبيئيا واجتماعيا، بسبب العدوان ضد قطاع غزة والهجمات المتبادلة على حدود الأراضي الفلسطينية بين مقاتلي المقاومة التابعة لـ”حزب الله” والاحتلال الصهيوني، والمستمرّة منذ 8 أكتوبر، غداة عملية “طوفان الأقصى”. وتحدّث التقرير عن آثار عميقة للصراع على حياة وسبل عيش سكان الجنوب اللبناني وخارجه، منبّها إلى أن احتمال انكماش الاقتصاد بات مرتفعا، ومشددا على ضرورة اتخاذ تدابير عاجلة لتمكين القدرة الاجتماعية والاقتصادية من الصمود في لبنان.

وأطلق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تقريرا بعنوان “(حرب) غزة: نتائج أولية حول الأثر الاجتماعي والاقتصادي والبيئي على لبنان”، والذي يقدّم تحليلا أوليا للآثار والعواقب المحتملة لـ(حرب) غزة المستمرة على الاقتصاد اللبناني والقطاعات الرئيسة فيه. وبحسب بيان صادر عن مركز الأمم المتحدة للإعلام، فإنّ “القطاعات الاقتصادية الرئيسية، (السياحة – الخدمات – الزراعة) تضرّرت أكثر من غيرها، وهي التي توفّر فرص العمل والدخل لنسبة كبيرة من سكان لبنان، كما أن احتمال انكماش الاقتصاد بات مرتفعا”.

وشهد قطاعا السياحة والخدمات، اللذان يساهمان بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي وخلق فرص العمل، تراجعا ملحوظا منذ بداية العدوان، كما يتضح من تضاؤل أعداد المسافرين والطلب على خدمات الضيافة مثل الفنادق والمطاعم. وذكر التقرير أيضا أن الهيئة العامة للطيران المدني اللبناني سجّلت عدد الرحلات المغادرة أكبر من الرحلات القادمة إلى لبنان خلال أكتوبر 2023، وانخفاضا بنسبة 15% في تدفق الركاب، مقارنة بأكتوبر 2022، وفي الفترة ذاتها، انخفضت معدلات إشغال الفنادق في لبنان إلى أقلّ من 10% بسبب المغادرة المبكرة للزوار وإلغاء الرحلات.

وأوضح أنّه “بالمقارنة مع الأسبوع الأول من أكتوبر 2023، شهد نشاط المطاعم على مستوى البلاد انخفاضا يصل إلى 80% في الأعمال خلال أيام الأسبوع، وانخفاضا بنسبة 30% إلى 50% في عطلات نهاية الأسبوع بعد بدء العدوان”، وكشف كذلك أنّ “هناك خطرا إضافيا يتمثل في توقف التدفقات المالية والتحويلات المالية، مما يضاعف التحديات في بيئة مصرفية معطلة أساسا”.

وذكر التقرير، في هذا السياق، أنه “في عام 2022، سجل لبنان أعلى نسبة تحويلات مالية نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إذ بلغت 37.8% من الناتج المحلي الإجمالي أو ما يصل إلى 7 مليارات دولار أمريكي سنويا، ويصل حاليا أكثر من 70% من رأس المال هذا إلى البلاد من خلال قنوات غير رسمية، مثل الأفراد الذين يحملون الأموال النقدية عبر الحدود”. وأشار إلى أن “انخفاض تدفق الركاب سيؤثر سلبا على تدفق التحويلات المالية، والتي توفّر شبكة أمان اجتماعي مهمة لفئة كبيرة من السكان”.

ولفت التقرير، من جهة أخرى، إلى أن “الرسوم المفروضة على التجارة الدولية، بما في ذلك الجمارك وضريبة القيمة المضافة، تشكل أكثر من 60% من إجمالي الإيرادات الضريبية”، مشيرا إلى أن “تعطل الواردات سيعرض جهود الحكومة في سبيل استعادة التوازن المالي للخطر، وسيشكل مزيدا من التهديدات على الانتعاش الاقتصادي في لبنان”.

آثار عميقة..

قالت الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان ميلاني هاونشتاين، من جهتها، “إننا نشهد كل يوم الآثار العميقة لـ “الصراع” على حياة وسبل عيش سكان جنوب لبنان وخارجه”، وأضافت “يقدم هذا التحليل الأولي لمحة سريعة عن المأساة الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية بينما هي تتكشف في وقتها الفعلي، الأمر الذي يساعد على توفير المعلومات اللازمة لتقديم الدعم الاجتماعي والاقتصادي والمعيشي الفوري، مع وضع رؤية أطول أمدا للاحتياجات الإنمائية لهذه المجتمعات، وتوفير قاعدة لتحقيق انتعاش أكثر استدامة”.

وتوقف البيان عند خسائر كبيرة في قطاع الزراعة تم الإبلاغ عنها في المنطقة المتضررة من “الصراع”، وهو مصدر رزق أساسي في المناطق الحدودية جنوبي البلاد، التي تعاني من تلف الأراضي والتلوث الكيميائي والتلوث من بقايا المتفجرات، ما أدى إلى فقدان خصوبة التربة.

وأوضح التقرير أيضا أن “القصف بقذائف الفوسفور أدى إلى زيادة تلوث المحاصيل ومصادر المياه، ما يشكل تهديدا للماشية وصحة الإنسان”، لافتا إلى أن “المحاصيل الرئيسة مثل الزيتون والخروب والحبوب والمحاصيل الشتوية قد تكون عانت بشكل كبير، حيث أوضحت التقارير احتراق 47 ألف شجرة زيتون”.

وتسبّب “الصراع”، بحسب البيان، في إلحاق “خسائر كبيرة بالماشية والدواجن وتربية الأحياء المائية، فمن بين حيوانات المزارع التي ورد أنها قُتلت، نحو 200 ألف طائر و700 رأس من الماشية، فضلا عن تدمير 250 خلية نحل و60 دفيئة، كما أدى العنف إلى تقييد وصول الصيادين المحليين إلى مناطق الصيد”، وذكر أن هناك مؤشرات أولية على أن استخدام الفوسفور الأبيض قد تسبب في أضرار بيئية واسعة النطاق.

وأشار إلى أنه “على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، تعرضت 91 قرية في النبطية وجنوب لبنان لـ1.768 هجوما، مّا تسبّب في وقوع إصابات ونزوح داخلي لـ64 ألف شخص، وإلحاق أضرار جسيمة بالمساكن والشركات”.

ممثل الجبهة الدّيمقراطية لتحرير فلسطين بالجزائر محمد الحمامي:

“مصر قد تخسر 1.2 مليار دولار إذا تراجعت إيرادات السياحة إلى 70%

استمرار العدوان على غزة سينسف اقتصادات دول الطّوق المنهكة

أوضح ممثل الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بالجزائر، محمد الحمامي، في تصريح خصّ به “الأيام نيوز”، أن العدوان الصهيوني على غزة كانت له انعكاساته المباشرة على اقتصادات المنطقة العربية ودول الطّوق التي تُعاني بالأساس من أزمات اقتصادية متعددة وحالة تكدس في الاقتصاد بشكلٍ عام، فعندما نتحدث عن الأردن ومصر أو لبنان، نجد أن اقتصادها يعتمد وبشكل أساسي على قطاع السياحة الذي تأثر بشكلٍ بالغ ولافت بالعدوان على غزة، إذ أحجم السياح عن هذه الوجهات خوفا من توسّع التوتر إلى هذه البلدان. فبحسب تقديرات تقرير وكالة “ستاندرد آند بورز غلوبال” للتصنيفات الائتمانية، يقول محدّث “الأيام نيوز”، فإن قطاع السياحة في هذه الدول الثلاث قد يخسر أكثر من 16 مليار دولار، في أسوأ السيناريوهات الخاصة بالعدوان الصهيوني على قطاع غزة.

وفي هذا الصدد، تؤكد الوكالة، في تقرير نشر بتاريخ 6 نوفمبر الماضي، أن لبنان هو الأكثر اعتمادا على السياحة بين الدول الثلاث، وقد يتراجع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بما يصل إلى 10 بالمائة في حال تراجعت إيرادات السياحة بين 10 و30 المائة عن مستويات 2022.

وأضاف التقرير أن مصر ستخسر ما بين 1.2 مليار دولار و8.4 مليارات دولار إذا ما تراجعت إيرادات السياحة بين 10 و70 المائة، ويعادل ذلك فقدان ما يتراوح بين 0.3 المائة و1.8 المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. أما بالنسبة إلى الأردن، فقد توقعت الوكالة أن تخسر المملكة الهاشمية ما بين 0.6 مليار و4 مليارات دولار إذا تراجع الدخل السياحي بين 10 و70 بالمائة.

وإضافة إلى تأثر قطاع السياحة في دول الطّوق بتداعيات العدوان على غزة، أشار ممثل الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بالجزائر إلى تأثر قطاعات أخرى على غرار قطاعات الخدمات والزراعة، وكذا المبادلات التجارية خاصة بين مصر والكيان الصهيوني، ونتحدث هنا عن تأثر أهم عامل اقتصادي، وهو “قناة السويس” التي تعد أهم مصادر الدخل القومي لمصر، وذلك بسبب تبعات هجمات الحوثيين على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر وتأثير ذلك على الملاحة البحرية عبر قناة السويس، خاصة أن الشركات التي تعبر عبر هذه القناة تقوم بإبرام عقود طويلة، أقلها يصل إلى ثلاثة أشهر، وفي ظل الأوضاع الراهنة هناك تخوف من إبرام أي عقود جديدة، الأمر الذي يشكل عبئا آخر على الاقتصاد المصري.

خِتاما، أكّد الأستاذ حمامي على أهمية وجود منظومة عربية تقوم بدراسة الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية وتداعيات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والدعم الأمريكي اللامشروط للكيان الصهيوني، كل ذلك يجب أن يتوقف أمامه العرب وأن يشكلوا منظومة أمنية واقتصادية واحدة تحمي مُقدرات وخيرات وثروات شعوبها، وأن يتكامل الاقتصاد العربي حتى لا نقف اليوم أمام اقتصادات عربية منهكة، ناهيك عن الضرر الكبير الذي لحق بالشعب الفلسطيني جراء حرب الإبادة الجماعية التي يشنها ضده الاحتلال الإسرائيلي للشهر الثالث على التوالي.

وفي هذا الخصوص، عرّج ممثل الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بالجزائر، محمد الحمامي، على أن العدوان الصهيوني الجائر على قطاع غزة أدّى إلى تكبّد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر بالجملة، حيث إن ما يزيد عن 80 بالمائة من الاقتصاد الإسرائيلي أصبح متوقفا بفعل ضربات المقاومة الفلسطينية وتفريغ منطقة شمال فلسطين المحتلة وجنوبها من المستوطنين، إضافة إلى هجرة أزيد من 300 ألف مواطن إسرائيلي ممن غادروا الكيان دون رجعة، ناهيك عن توقف العمالة الفلسطينية التي تشكل عمودا قارا في الاقتصاد الإسرائيلي، فكلّ العمال في مدن الضفة الفلسطينية الآن متوقفون عن العمل، بالإضافة إلى توقف الاستثمارات وتضرر قطاع السياحة في “إسرائيل”، زد على ذلك تكلفة الحرب التي وصلت إلى حدّ اللحظة إلى ما يقارب الـ 60 مليار دولار وهي تكلفة ضخمة جدّا. 

الخبير الاقتصادي الدولي فارس هباش لـ “الأيام نيوز”:

“الركود والانكماش سيكونان السّمة الأبرز لاقتصادات دول الطّوق”

المنطقة لن تصمد طويلا أمام العدوان الصهيوني 

أبرز الخبير الاقتصادي الدولي، البروفيسور فارس هباش، أن استمرار العدوان الإسرائيلي الهمجي على قطاع غزة، للشهر الثالث على التوالي، بدأت تداعياته وتأثيراته تظهر بشكلٍ جليّ على العديد من الأصعدة، على رأسها اقتصادات دول المنطقة، أو ما يعرف بدول الطّوق (الأردن – مصر – لبنان) حيث تأثر اقتصاد هذه الدول بشكلٍ مباشر وغير مباشر بالأحداث الدائرة في القطاع، خاصة وأن هذه الاقتصادات الثلاثة تعتمد وبشكلٍ كبير على قطاع السياحة الذي يعدّ مصدرا كبيرا للتوظيف ومصدرا مهما للعملة الأجنبية بالنسبة إلى العديد من دول الشرق الأوسط.

وفي هذا الشأن، أوضح البروفيسور هباش، في تصريح لـ “الأيام نيوز”، أن الأحداث الجارية أدّت إلى تراجع حركة السياحة نحو هذه الوجهات بشكلٍ كبير جدّا، ممّا أثر على اقتصاديات هذه الدول التي تعتمد على السياحة كقطاع هام لجلب العملة الصعبة والنقد الأجنبي؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد تراجعت السياحة في لبنان بنسبة 40 بالمائة وهذه النسبة مرشحة للارتفاع أكثر فأكثر في حال استمرار العدوان على غزة وتوسع رقعته.

وعلى صعيدٍ آخر، أشار المتحدث إلى أن هذه الأزمة شكلت دافعا قويا لارتفاع أسعار النفط والغاز في السوق العالمية، مما أثر كذلك على اقتصادات دول الطّوق، على اعتبار أن اقتصاديات هذه الدول الثلاث تعتبر من بين الدول المستوردة لهذه المواد الإستراتيجية، وبالتالي فإن ارتفاع أسعار هذه المواد سوف يشكل عبئا إضافيا على ميزانيات هذه الدول.

في السياق ذاته، أبرز الخبير في الاقتصاد أن ارتفاع أسعار النفط ومن ثم الغذاء، سيؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم وتسجيل مزيد من العجز في الميزانية والموازنة العامة لدول الطّوق، مما سيؤدي – كذلك – إلى حدوث انكماش اقتصادي على مستوى اقتصاديات هذه الدول، مما سيدفع بارتفاع الأزمات التضخمية مرة أخرى، الأمر الذي سينعكس على القدرة الشرائية لمواطني هذه الدول، خاصة أن اقتصادات هذه الدول على غرار بقية دول العالم لم تتعافَ بعد بشكل تام من تداعيات جائحة كورونا والأزمة الجيوسياسية الروسية – الأوكرانية، وحالة الاستقطاب الكبير التي يعرفها العالم اليوم.

في سياق ذي صلة، أوضح البروفيسور هباش أن تأثّر مداخيل قناة السويس بالنسبة إلى الاقتصاد المصري بدأ يظهر جليا خلال الآونة الأخيرة، خاصة أن هذه القناة تعدّ المصدر السابع في الاقتصاد المصري للنقد الأجنبي، إذ كان من المتوقع أن تصل إيرادات هذه القناة بنهاية السنة الجارية إلى حدود 10.3 مليار دولار، إلا أن استمرار العدوان على غزة، وتوسع تداعياته إلى باقي دول المنطقة، من الممكن أن يؤثر بشكل جليّ وكبير على عائدات قناة السويس، خاصة في ظل الاضطرابات التي تعرفها منطقة البحر الأحمر على مستوى مضيق باب المندب، الذي يعتبر المدخل الرئيس لقناة السويس وتأثر حركة الملاحة على مستوى هذا المضيق باليمن، ما انعكس على حركة الملاحة البحرية على مستوى قناة السويس.

وتابع قائلا: “إن اضطرار السفن إلى تجنب مضيق باب المندب والبحر الأحمر وقناة السويس واللجوء إلى خيار الرحلات الطويلة والمكلفة حول إفريقيا جعل تلك السفن تقطع 13 ألف كيلومترا إضافية حتى تصل وجهتها، الأمر الذي سينعكس على الأسعار وتكاليف الشحن التي ستشهد ارتفاعا كبيرا جدا”.

“انعكاسات الأزمة ستنتقل تدريجيا إلى بقية اقتصادات العالم”

وفي هذا الإطار، استشهد الخبير الاقتصادي الدولي، بدراسة أعدّها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالشراكة مع اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا، حول تأثر اقتصادات الدول العربية المجاورة باستمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة، حيث كشفت هذه الدراسة أن التكلفة الاقتصادية للحرب في غزة على الدول العربية المجاورة، وهي لبنان ومصر والأردن، قد ترتفع إلى ما لا يقل عن عشرة ملايير دولار هذا العام.

وقالت الدراسة، التي أجريت بتكليف من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إن تكلفة الحرب بالنسبة إلى الدول الثلاث من حيث الخسائر في الناتج المحلي الإجمالي قد تصل إلى 10.3 مليار دولار أو 2.3 بالمائة من الناتج المحلي، ويمكن أن تزيد إلى الضعفين إذا استمرت الحرب ستة أشهر أخرى.

وفي هذا الصدد، أبرز الخبير في الاقتصاد أن هذه الأرقام والإحصائيات تؤكد وبشكل جليّ أن استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة سوف تكون له انعكاسات سلبية كبيرة على اقتصاديات هذه الدول الثلاث، خاصة الاقتصاد المصري الذي يرتبط بقناة السويس التي تمثل هي الأخرى شريان التجارة العالمية، خاصة إذا ما علمنا أن 10 بالمائة من النفط العالمي و8 بالمائة من الغاز المسال تمر عبر هذه القناة، بما يمثل 12 بالمائة من إجمالي التجارة العالمية، وبالتالي فإن انعكاس وتداعيات هذه الأزمة لن يقتصر فقط على اقتصادات دول الطّوق، وإنما سيتجاوزها وينتقل بشكل تدريجي إلى بقية دول العالم خاصة أوروبا وآسيا.

وفي ختام حديثه لـ “الأيام نيوز”، أبرز الخبير الاقتصادي الدولي، البروفيسور فارس هباش، أن هذه الأرقام سوف تعمّق، وبشكلٍ كبير جدّا، من تبعات هذا العدوان والأزمات الهيكلية التي كانت اقتصادات هذه الدول الثلاث وباقي اقتصاديات دول المنطقة تعاني منها قبل العدوان. كما أن توسع تداعيات هذه الأزمة لتشمل اقتصادات باقي دول العالم الذي لم يتعاف من تبعات أزمة جائحة كورونا ومن تبعات الأزمة الجيوسياسية القائمة بين روسيا وأوكرانيا، من شأنه أن يدفع بالدول التي تشكل الداعم رقم واحد بالنسبة إلى الكيان الصهيوني على غرار الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، فرنسا وعدة دول أخرى، إلى مراجعة مواقفها بشأن استمرار العدوان على غزة، مما قد يشكل ضغطا على الجانب الإسرائيلي لوقف عدوانه الهمجي والجائر على قطاع غزة.

تبعات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة..

الأزمة الاقتصادية تنهك مصر ولبنان والأردن!

بقلم: الدكتور محمـد حيمران – أكاديمي وخبير اقتصادي

العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين يدخل شهره الثّالث وتزداد التّداعيات السّلبية على الاقتصادات المجاورة (مصر – لبنان – الأردن)، فقد أظهرت دراسة للأمم المتّحدة أنّ أثر عدوان المحتل الإسرائيلي منذ السّابع أكتوبر على التّكلفة الاقتصادية للدّول العربية المجاورة (لبنان – مصر – الأردن) قد ترتفع إلى ما لا يقلّ عن 10 ملايير دولار هذا العام وتدفع أكثر من 230 ألف شخص إلى الفقر.

وجاءت الحرب في الوقت الذي تواجه فيه الدّول العربية الثّلاث صراعا مع الضّغوط المالية والنّمو البطيء والبطالة الحادّة، وقد أعاقت تطوّر مستوى الاستثمارات التي تشتدّ الحاجة إليها، فضلا عن الإضرار بمستويات الاستهلاك والتّجارة.

وقد أشارت الدّراسة نفسها، التي أجراها برنامج الأمم المتّحدة الإنمائي، إلى أنّ تكلفة الحرب الدّائرة على الدّول الثلاث من حيث خسارة النّاتج المحلّي الإجمالي قد تصل إلى 10.3 مليار دولار أو 2.3 بالمائة، ويمكن أن تتضاعف إذا استمرّت الحرب أشهرا أخرى.

وتؤدّي (الحرب) العسكرية الجائرة ضدّ غزّة إلى تفاقم الضّغوط المالية الحالية، وتباطؤ النّمو، وارتفاع معدّلات البطالة في البلدان العربية الشّقيقة الثّلاثة، ممّا يعيق الاستثمار الذي تشتدّ الحاجة إليه ويؤثّر على الاستهلاك والتّجارة، وسيلقى لبنان، الذي يعاني بالفعل من أزمة اقتصادية عميقة، المزيد من التّحديات أكثر من باقي البلدان.

وارتفع معدّل التّضخّم في مصر إلى 38 بالمائة في سبتمبر 2023، كما أنّ احتياطيات البلد من العملة تراجعت بسرعة، ولقد شهد لبنان تضخّما ثلاثي الأرقام على مدى السّنوات الثّلاثة الماضية فقدّر خلال شهر نوفمبر الماضي بـ 211 بالمائة، ويعيش اقتصاده في أزمة جدّ معقّدة. أمّا عن الأردن، فهو الأفضل حالا نسبيا، لكنّ البطالة وصلت فيه إلى مستوى مرتفع جديد بلغت 22 بالمائة في عام 2023.

ولأغراض تحكمية في اقتصادات هذه الدّول ، يقدّم لها دعم مالي مقابل إصلاحات هيكلية عميقة، فمثلا يوجد حاليا برنامج متوقّف لصندوق النّقد الدّولي بقيمة 5 مليارات دولار، وتسعى القاهرة بشدّة إلى الحصول على الأقل على جزء من أمواله، حيث كان من المفترض أن يحصل الأردن على قرض بقيمة 100 مليون دولار من اليابان لتطوير شبكته الكهربائية. وقبل 7 أكتوبر الماضي، التزمت فرنسا بأكثر من 30 مليون يورو كمساعدات مالية للبنان(لم ترسلها كاملة بعد) ، والذي يخشى الغرب منه أن يفتح جبهة جديدة من الجنوب اللّبناني ضدّ الكيان الإسرائيلي.

وفي حين يبدو أنّ مصر رفضت أي اقتراح بقبول اللّاجئين الفلسطينيين مقابل المساعدات الخارجية والإعفاء من الدّيون -وهو الاحتمال الذي أشارت إليه التّقارير من قبل المسؤولين الأميركيين والأوروبيين- فإنّ الاتّصالات سوف تستمرّ في تقديم فرص للقاهرة لانتزاع تنازلات منها مقابل تخفيف الصّعوبات الاقتصادية عليها.

وعلى نحو مماثل، وبسبب قلقها من تأثير الحرب على استقرار مصر، تفيد التّقارير بأنّ دول الخليج العربية تفكّر في زيادة ودائعها في البنك المركزي المصري لدعم اقتصادها، على الرّغم من إحجامها السّابق عن مواصلة تمويل القاهرة. ومن الممكن أن توفّر هذه الضخّات المالية لمصر الإغاثة الاقتصادية التي تحتاجها بشدّة، ممّا يحسّن إلى حدّ ما توقّعاتها الاقتصادية على المدى القصير. وفي هذا الصّدد، عبّرت المديرة العامّة لصندوق النّقد الدّولي، كريستالينا جورجييفا، خلال الشّهر الماضي، بأنّ صندوق النّقد الدّولي “يدرس بجديّة” زيادة محتملة لبرنامج القروض الموجّهة لدولة مصر البالغ حجمها ثلاث مليارات دولار بسبب الصّعوبات الاقتصادية التي تفرضها الاعتداءات الصّهيونية على غزّة.

وفي أكتوبر من العام الماضي أيضا، وافق صندوق النّقد الدّولي على منح القاهرة ديونا، وأكّد أنّ برنامج الدّين سيتضمّن “سياسات لإطلاق مساعدات للقطاع الخاص، وتعزيز التّنافسيّة والشّفافية الاقتصادية، وتحسين سير الأعمال التّجارية، حيث أعربت جورجيفا عن أنّ العدوان على غزّة لا “يضرّ” سكان القطاع المحاصر واقتصاده فحسب، بل له أيضا “آثار خطيرة” على اقتصاد الضفّة الغربيّة، ويشكّل صعوبات لدول مجاورة مثل مصر ولبنان والأردن من خلال خسارة السّياحة وارتفاع تكاليف الطّاقة.

صعوبة التّموين الخارجي للدّول المجاورة

مصدر آخر للقلق يتمثل في  التّموين الخارجي، فتعاني القاهرة من توقّف إمدادات الغاز الإسرائيلي المستخرج قبالة سواحل غزّة، وبالرّغم من أنّ هذه الأنشطة استؤنفت، ولكنّها تبقى أقل بثلاثة أضعاف ممّا كانت عليه قبل الحرب، وقطاعات أخرى تقلّص حجمها على غرار الكهرباء بسبب انخفاض واردات الغاز من “إسرائيل”، وارتفع سعر صرف الدّولار مقابل الجنيه المصري، كما بدأ الحديث عن تأثيرات أدّت إلى تراجع أو تجميد بعض المشاريع والاستثمارات؛ إذ تنظّم شركة “المصرية للطيران” معدّل رحلة يوميّة بين مطار القاهرة الدّولي ومطار الكيان الإسرائيلي بن غوريون وهي تعرف عدّة اضطرابات. كما أدّى توقّف مرور عدد من السّفن الإسرائيلية عبر قناة السّويس إلى تراجع إيرادات الحكومة المصرية، جراء استيلاء الحوثيين على السّفن الإسرائيلية والاعتداء عليها.

أمّا لبنان، فيعتمد كليّا على الخارج في تلبية احتياجاته من الغذاء والدّواء والنّفط، وهو الأكثر عرضة للخطر في حال اتّساع رقعة الحرب. وفي حالة قطع الإمدادات البحريّة، فإنّ 90 بالمائة من واردات البلد الحيوية سوف تتعذّر عن الوصول إلى الموانئ اللّبنانية. ففي عام 2006، وخلال الحرب التي شنّتها “إسرائيل” ضدّ حزب الله، لجأت لبنان لإدخال البضائع عبر البر السّوري لغرض إيصالها إلى الأراضي اللّبنانية.

فالمواطنون اللّبنانيون أصحاب المداخيل المرتفعة والأغنياء في البلد يشترون كلّ ما يمكنهم العثور عليه في المتاجر، لأنّ المجاعة بدأت تهدّدهم. وتقول الحكومة إنّه لم يتبقّ سوى ثلاثة أشهر من المواد الغذائية كاحتياطات، وهذا بسبب نقص التّخزين الكافي منذ الحريق الذي اندلع في الصّومعة الكبيرة في مرفأ بيروت عام 2020. وفي حالة اتساع نطاق الحرب، سيواجه لبنان الشّقيق ضربة اقتصادية موجعة، كذلك، فإنّه لن يكون قادرا هذه المرّة على تحمّل تدفّق اللّاجئين الجدد على الرّغم من أنّه رحّب في الماضي بمئات الآلاف من الفلسطينيين والسّوريين، مثله مثل الأردن الذي يزال يأوي أكثر من 600 ألف سوري، ولا يزال يعاني ماليا، لأنّ المساعدات الدّولية لم تغطّ له سوى نصف الوعود المالية من التّكاليف الباهظة.

تضرّر قطاع السّياحة

إنّ (الحرب) بين “إسرائيل” والمقاومة الفلسطينية لها بالفعل تأثير اقتصادي على الدّول المجاورة، فقطاع السّياحة الذي هو محرّك الاقتصاد في هذه الدّول قد عرف انتعاشا بعد أزمة كوفيد 19، لكن اليوم بفعل الاعتداءات على غزّة وتداعياتها على المنطقة تكاد الأمور تعود إلى الرّكود، فبسبب عدم الشّعور بالأمان يفضّل المسافرون والشّركات تأجيل رحلاتهم، فزيارات المواقع ذات الإقبال الكبير قد تراجعت بقوّة في مصر والأردن، أمّا هذا القطاع في لبنان فيمكن الحديث عن انهياره في مجال الرّحلات والزّيارات السّياحية.

إنّ قطاع السّياحة هو من أكثر القطاعات تضرّرا من خلال انعدام الأمن على المستوى الإقليمي حيث قام عدّة مسافرين بتأجيل برنامج عطلهم لنهاية العام نحو الشّرق الأوسط. ووفق تقرير صادر عن وكالة “ستاندر آند بورز”، فإنّ مصر والأردن ولبنان قد تخسر مجتمعة ما نسبته 70 بالمائة من عائداتها السّياحية، في حال استمرّت الحرب على غزّة أو اتّسعت رقعتها. كذلك، قدّر خبراء انخفاض نسبة السيّاح في مصر بحوالي 30 في المائة تقريبا خلال الفترة الرّاهنة، وتشير الأرقام إلى أنّ عدد السيّاح الإسرائيليين الوافدين إلى مصر نهاية عام 2022 بلغ نحو 735 ألف سائح. وكان متوقّعا أن تستقبل مصر 15 مليون سائح مع نهاية العام الحالي لكن ألغيت الكثير من الحجوزات الفندقية. وما لا نتمناه أن يؤدّي تراكم المشاكل الاقتصادية إلى استياء اجتماعي في هذه البلدان الشّقيقة. اللّهم اللّطف بأشقّائنا.

وفق سياسة ردة الفعل..

الأردن يمارس دبلوماسيّة الدّفاع المدني

بقلم: وليد عبد الحي – كاتب وباحث أكاديمي أردني

يشي تاريخ العلاقات “الأردنية-الإسرائيلية” بقدر من الالتباس في مساره العام، لكنّ أدبيّات النّظرة الإسرائيلية تجاه الأردن تقوم على ركيزتين أساسيتين هما: اعتبار الأردن دولة ضعيفة سياسيا واقتصاديا وعسكريا، وهو ما يضع أساسا للتّعامل معه بقدر واضح من “التّعالي” الذي يضع أساسا لاعتبار الأردن “متغيرا مساعدا” لا متغيرا مركزيا في إدارة شؤون الشّرق الأوسط، ويكفي فقط مراجعة مختلف السّياسات الإسرائيلية منذ 1994 إلى الآن لتلمس هذه النّظرة والتي تمثّلت في اعتداءات “إسرائيلية” متنوّعة لعلّ أبرزها الاستهانة التّامة بموضوع الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدّسة في القدس، ناهيك عن المسّ المتكرّر بالاتّفاقيات وبقواعد العرف الدّبلوماسي مع الأردنيين.

أمّا الرّكيزة الثّانية في النّظرة “الإسرائيلية” للأردن، فهي استثمار الوزن النّوعي للتّأثير الأمريكي على السّياسة الأردنية من خلال العلاقات “الأمريكية-الأردنية” في مجالات السّياسة والاقتصاد والأمن والعسكرة المحليّة والإقليمية، ونظرا إلى عمق العلاقة “الأمريكية-الإسرائيلية” فإنّ “تل أبيب” ترى أنّ واشنطن قادرة على لجم أي نزق أردني من السّياسة الإسرائيلية.

وعند نقل التّطبيق العملي للرّكيزتين المشار إليهما أعلاه، يتبيّن أنّ الموقف الأردني يدرك وبوضوح الأعباء المترتّبة على هاتين الرّكيزتين، وهو ما يفسّر الموقف الأردني من “الحريق” في غزّة، فالكيان الإسرائيلي يتصرّف على أساس أنّ الرّكيزتين تحولان دون أيّ موقف أردني يتجاوز حدود ممارستين هما: دور “الدّفاع المدني” بتقديم المساعدة الإنسانية من جانب، والدّور النّقدي بالإدانة والشّجب من جانب آخر، ولا ثالث للرّكيزتين.

ومن الواضح أنّ “إسرائيل” غير معنيّة بأيّة سياسات عربية بشكل عام أو أردنيّة بشكل خاص طالما أنّها لا تضع العلاقات مع “إسرائيل” موضع إعادة النّظر، ودعونا “نتخيّل” أنّ الأردن بدأ بنشاط دبلوماسي بالدّعوة للدّول العربيّة التي أقامت علاقات دبلوماسية مع “إسرائيل” إلى اجتماع في عمّان يكون جدول أعماله نقطة محدّدة وهي أنّ على “إسرائيل” أن تختار “إمّا وقف إطلاق النّار والانسحاب من غزّة خلال بضعة أيّام أو تجميد (على أقلّ تقدير) أو إلغاء (على أبعد تقدير) للعلاقة مع “إسرائيل”، فماذا ستكون النّتيجة؟

إنّ الاستهانة الإسرائيلية بالقيمة الإستراتيجية للأردن هو ما شجّعها على نشر خرائط تجعل من الأردن جزءا من مشاريعها التي من بينها الإيحاء – بين الحين والآخر – بالبديل الأردني وبالتّهجير، وهي السّبب في عدم الاكتراث بموضوع الوصاية الهاشمية، وهي وراء التّطاول اللّفظي أحيانا من قبل كتّابهم، وهي التي تساهم أحيانا في الاتّكاء على الولايات المتّحدة للي الذّراع الأردني عند وصول الأمور إلى نقطة حرجة.

أزعم أنّ إعادة الأردن النّظرَ بقدر من العقلانية والهدوء الدّبلوماسي في خريطة تحالفاته الإقليمية والدّولية هو المدخل لتحرير الأردن من التباسات تحالفاته التّاريخية ومن النّظرة الإسرائيلية المتعالية، ويمكن استغلال اللّحظة الحالية حيث التّعاطف الشّعبي الأردني غير الملتبس في الحاضرة والبادية والمخيّم مع قطاع غزّة للشّروع في هذا التّحول بقدر من الرويّة التّكتيكية في المرحلة الأولى التي تُمهّد لبناء الرؤية الإستراتيجية في مرحلة ثانية، فكلّ مصائب الأردن من حلفائها التّقليديين (من إنشاء “إسرائيل” إلى دعمها إلى تدمير الدّول العربية الفاعلة وصولا إلى التّفتيت الاجتماعي).

والدّافع للدّعوة للتحوّل الأردني هو ما يشهده ما يُعرف بالنّظام الدّولي في أبعاده الثّلاثة من حراكٍ ملموسٍ ومعبّرٍ عنه بأدوات القياس الكمّي، فهناك تغيّر في قواعد النّظام(International Regime) وتغيّر في تراتبية بنية النّظام( International Order) وتغيّر في طبيعة تفاعلات النّظام (International System)، فالولايات المتّحدة تتراجع (وهو موضوع يُقِرّ به أكثر من 90 بالمائة من علماء العلاقات الدّولية المعاصرين)، والقوى الأسيوية بخاصة الصّين تتمدّد بصعود سلمي لا لبس فيه وبخاصة في الشّرق الأوسط، وتحاول “إسرائيل” أن تبني جسورا مع هذه القوة الصّاعدة (فكما انتقلت الصّهيونية من الاستناد إلى مركزيّة بريطانيا في بداية الصّهيونية إلى الاستناد إلى مركزيّة واشنطن في المرحلة الحالية فإنّها لا ترى ضيرا عبر التّخطيط الإستراتيجي من الانتقال إلى ركيزة جديدة.. ويكفي مراقبة تسارع العلاقات “الصّينية – الإسرائيلية” منذ 1992.

ثمّ أخيرا، لا بدّ للدّبلوماسية الأردنيّة من التّنبه إلى أنّ الاحتكار الإعلامي قد انتهى في كلّ دول العالم ولم يعد مصدر المعلومات هو قنوات رسميّة دولية أو إقليمية أو محليّة، بل أصبح كلّ مواطن مراسلا صحفيا ولم تعد “دبلوماسية الظّلال” مجدية، فالتّكنولوجيا أدخلت شمس المعرفة والمعلومات إلى البصر والبصيرة معا، وأصبح المجتمع أقل تبعيّة للخطاب الرّسمي، وهو ما يستوجب التّنبه لهذه الظّاهرة التي سيترتّب عليها الكثير وبخاصة إذا اتّسع فتق التّناغم بين الخطاب الرّسمي والممارسة الرّسمية، حينها سيجد الرّاتق الرّسمي أنّ الحلّ لن يكون “حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ”.

تسبّبت في تراجع الإقبال على السّياحة والاستثمار..

هذه ارتدادات المجازر في غزّة على اقتصادات الدّول العربية المجاورة!

بقلم: إخلاص طمليه – كاتبة وباحثة اقتصادية فلسطينية

تُجمع القراءات الاقتصادية والسّياسية كافة على أنّ (الحرب) الإجرامية التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزّة ستكون لها ارتدادات سلبيّة غير مسبوقة على اقتصادات بلدان المنطقة كافة. وبشكل عام، يمكن أن تتأثّر التّجارة الخارجية للدّول العربية المطبّعة مع “إسرائيل” إلاّ أنّ تأثير العدوان على قطاع غزّة سيكون مختلفا بين اقتصادات دول المنطقة، حيث جاءت لتزيد الويلات الاقتصادية على الدّول التي كانت تعاني بالأساس من أزمات نقدية واقتصادية مثل لبنان.

تراجع السياحة

من مجموع 22 دولة عربية، تقيم 6 دول علاقات رسمية معلنة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي؛ هي مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب والسّودان، تتخلّلها اتفاقيات تجارية مهمّة يمكن أن تكون ذات تأثير سلبي كبير على “تل أبيب” إذا ما أبطلتها هذه الدّول، إلاّ أنّه من غير المرجّح أن تجازف أيّ من الدّول العربية المطبّعة بهذه الاتفاقات بالرّغم من الخسائر في الأرواح التي لحقت بأشقّائهم الفلسطينيين. وإذا أخذنا قطاع السّياحة كنموذج، فبحسب تقديرات تقرير وكالة “ستاندرد آند بورز غلوبال” للتّصنيفات الائتمانيّة، فإنّ قطاع السّياحة في مصر ولبنان والأردن قد يخسر أكثر من 16 مليار دولار، وأنّ لبنان هو الأكثر اعتمادا على السّياحة بين الدّول الثّلاث، وقد يتراجع النّاتج المحلّي الإجمالي بما يصل إلى 10بالمائة في حال تراجعت إيرادات السّياحة اللّبنانية بين 10 و30 بالمائة عن مستويات 2022.

وهناك مخاوف من خسارة مصر ما بين 1.2 مليار دولار و8.4 مليارات دولار إذا ما تراجعت إيرادات السياحة بين 10 و70 بالمائة، ويعادل ذلك فقدان ما يتراوح بين 0.3 بالمائة و1.8 بالمائة من النّاتج المحلّي الإجمالي للبلاد. كما واجهت السّياحة المصرية ضربة قويّة عقب حادث الإسكندريّة، عندما أطلق أمين شرطة مصري النّار من سلاحه الشّخصي على مجموعة من السيّاح الإسرائيليين، خلال زيارتهم لمنطقة عمود السواري يوم 8 أكتوبر الجاري.

أمّا بالنّسبة إلى الأردن، فقد توقّعت الوكالة أن تخسر المملكة الهاشمية ما بين 0.6 مليار و4 مليارات دولار إذا تراجع الدّخل السّياحي بين 10 و70 بالمائة .ويأتي التّهديد المباشر الأوّل والأكبر من حيث القيمة والتّأثير العالمي من قطاع النّفط، فقد أنتجت الدّول الممتدّة على طول الخليج العربي ما يقرب من 32.01 مليون برميل من النّفط يوميا، في شهر أوت الماضي، وفقا لوكالة الطّاقة الدّولية.

متاعب الاقتصاد المصري

يزيد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة من معاناة الاقتصاد المصري، فإلى جانب متاعب الاقتصاد المصري، الذي يعاني شحا في الدّولار، وارتفاعا في الدّين الخارجي وانعدام قدرتها على الوفاء بالتزاماتها يؤثّر العدوان  على الاقتصاد المصري من عدّة أوجه، على غرار المخاوف من توقّف صادرات مصر إلى قطاع غزّة بصورة مباشرة، وعرقلة هذه الصّادرات نحو الضّفة الغربية، حيث بلغت الصّادرات المصرية نحو فلسطين 451.5 مليون دولار خلال عام 2022، مقابل 351.5 مليون دولار خلال 2021، بارتفاع بنسبة 28.4 بالمائة بحسب الجهاز المركزي للتّعبئة العامّة والإحصاء المصري.

كما زادت صادرات مصر إلى الولايات المتحدّة – وفق اتفاقية المناطق الصّناعية المؤهّلة (كويز) التي تقتضي تعاونا صناعيا مع “إسرائيل”- إلى 1.5 مليار دولار في 2022، مقابل 1.2 مليار دولار في السّنة التي قبلها، وشكّلت منتجات (الكويز) 53 بالمائة من إجمالي صادرات مصر إلى الولايات المتّحدة في عام 2022 و55 بالمائة من الصّادرات غير النّفطية إليها.

ويجب أن تحتوي المنتجات المصدّرة إلى الولايات المتّحدة والحاصلة على إعفاءات جمركية على 35 بالمائة على الأقل من قيمتها المضافة من قبل مصانع المناطق الصّناعية المؤهّلة، وتساهم مصر بما لا يقلّ عن 12بالمائة من هذه القيمة المضافة، في حين يجب أن تساهم “إسرائيل” بنسبة 11 بالمائة، بحسب اتفاق (الكويز).

كما تقلّصت كميّة الغاز المصدّرة من حقل “ليفياثان” العملاق الإسرائيلي إلى مصر مع إعطاء الأولويّة للإمدادات للسّوق المحليّة لكنّها ما زالت قريبة من الحصّة المقرّرة. كما علّقت “شيفرون” أنشطتها في منصّة “تمار” لاستخراج الغاز؛ وذلك التزاما بتعليمات حكومة الاحتلال الإسرائيلي بعد عمليّة “طوفان الأقصى”.

أمّا أبرز الاتفاقيات الموقّعة بين مصر و”إسرائيل”، فهي تتعلق باستيراد القاهرة للغاز الإسرائيلي، وتدشين الاستيراد لأول مرة في 2020، في صفقة قيمتها 15 مليار دولار. وقد أعلنت شركة “شيفرون” في العاشر من أكتوبر الجاري وقف صادرات الغاز الطّبيعي عبر خطّ أنابيب غاز شرق المتوسّط البحري بين “إسرائيل” ومصر، واستخدام خطّ الغاز العربي المار عبر الأردن. ومن المتوقّع أن يؤدّي هذا القرار إلى خسائر بسبب التّفاوت في طول خطّ أنابيب غاز شرق المتوسّط، وكلّما طالت أمد الحرب كلّما ظهرت التّأثيرات السّلبية المعتبرة على صادرات الغاز من “إسرائيل” إلى مصر.

وبسبب العدوان، أدّى إغلاق منصّة غاز تمار الإسرائيلية إلى خفض واردات مصر من الغاز إلى 650 مليون قدم مكعّب يوميا، بدلا من 800 مليون قدم مكعّب يوميا، الأمر الذي قلّل من قدرة مصر على تلبيّة الطلب المحلّي، وتصدير الغاز الطّبيعي المسال. كما أدّى بطء التقدّم في الإصلاحات النّقدية والهيكلية الرّئيسية إلى تأخير صرف الأموال الثّنائية والمتعدّدة الأطراف، التي تُعتبر ضروريّة لتغطيّة حاجات مصر المرتفعة من التّمويل الخارجي.

وبالتّزامن مع الأحداث، خفّضت وكالة التّصنيف العالمية “ستاندرد آند بورز”، التّصنيف الائتماني السّيادي طويل الأجل لمصر بدرجة واحدة إلى (ب -)، مشيرة إلى ضغوط التّمويل المتزايدة على البلد، وتوقّعت الوكالة تأثّر اقتصاد البلاد جراء العدوان المستمرّة على غزّة منذ 7 أكتوبر.

عرقلة جهود التّطبيع

عملت واشنطن على استثمار حالة الضّعف والتّشرذم في العالم العربي كي تفرض “إسرائيل” على المنطقة من خلال اتفاقات التّطبيع، ورغم أنّ عمليّة التّطبيع حقّقت اختراقا، فإنّها بقيت تنتظر الإنجاز الكبير، وهو اتّفاق تطبيع بين “إسرائيل” والسعودية، وكانت أوّل نتيجة للحرب على غزّة ذات الأثر الكبير، حيث أعلن مصدر مقرّب من الحكومة السّعودية تعليق محادثات التّطبيع، بعدما بدأت الرّياض تستضيف، في الآونة الأخيرة، وفودا إسرائيلية رسميّة تشارك في المؤتمرات الدّولية.

من غير المرجّح أن تؤدّي (الحرب) على غزّة إلى قطع العلاقات الدّبلوماسية القائمة والاتّفاقات الموقّعة مع “إسرائيل”، إلاّ أنّها أربكت حسابات القوى الخليجية التي ترى في “إسرائيل” شريكا أمنيّا محتملا وثقلا موازنا لإيران. ومن شأن هذا التّطوّر أن يغلق الباب أمام الفرصة التي انتظرتها “تل أبيب”، وربّما ينسفها من جذورها وعلى الأرجح، سيكون للموقف السّعودي تأثيره على مواقف بقيّة الدّول العربية التي اختارت طريق التّطبيع بدرجاتٍ مختلفة، وسينعكس على الاندفاعة التي شهدتها ما تسمّى “اتفاقات أبراهام”.

استهداف ممرّ البحر الأحمر

يبلغ مستوى التّجارة الخارجية أو البينية لدول المنطقة العربية في حدود 2.6 تريليون دولار تقريبا، يسيطر النّفط على أغلبها وعلى المدى المتوسّط أدّت الحرب إلى انعكاسات سلبيّة على أسعار النّفط الخام والغاز وارتفاع أجور الشّحن البحري، ما يرفع كلف الاستيراد والتّصدير، وزيادة أسعار الوقود والغذاء واحتمال اختلال سلاسل التّوريد للمنطقة برمّتها.

في 19 نوفمبر الماضي، استهدفت جماعة أنصار الله (الحوثي) تلك المسلّمات رأسا على عقب، حيث استهدفت أكثر من سفينة لها علاقة مع “إسرائيل”، وذلك في محاولة للضّغط عليها لوقف الحرب على غزّة والسّماح للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى هذا القطاع المحاصر.

ولم يكتف الحوثيون باحتجاز إحدى السّفن المملوكة لرجل أعمال “إسرائيلي”، ولكنّهم استهدفوا عدّة سفن كانت تحمل بضائع ومنتجات إلى “إسرائيل”، ممّا أثّر بشكل واضح على حركة السّفن في تلك المنطقة. وفي ظلّ هذه التّطورات الأمنيّة في مضيق باب المندب ستكون لها تأثيرات على حركة الملاحة العابرة للبحر الأحمر، وبالتّالي قناة السّويس المصرية، وقد يتسبّب ذلك في حدوث ركود اقتصادي عالمي، فباب المندب هو مضيق يصل البحر الأحمر بخليج عدن والمحيط الهندي، فاصلا بين جيبوتي في أفريقيا واليمن في آسيا، وتتحكّم به كلّ من اليمن وجيبوتي وإريتريا.

وازدادت أهميّة هذا المضيق، باب المندب، عالميا بعد افتتاح قناة السّويس عام 1869 وربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط، ويحظى أمن وسلامة المرور بالمضيق – الذي يعبر من خلاله نحو خُمس الاستهلاك العالمي من النّفط – باهتمام دولي. وحرصت دول مثل أمريكا وروسيا والصّين وتركيا وفرنسا و”إسرائيل” على وجود قواعد عسكرية لها في دول جيبوتي والصومال وإريتريا.

على الجانب الآخر، توجد قناة السّويس، وهي ممرّ مائي اصطناعي يربط بين البحر الأبيض المتوسّط والبحر الأحمر، وتختصر المسار التّجاري البحري بين كلّ من أوروبا وآسيا دون الحاجة إلى اتخاذ طريق أطول حول القارة الإفريقية.

وتمر نحو 10 بالمائة من تجارة النّفط، و8 بالمائة من تجارة الغاز المسال عبر قناة السّويس، بينها نحو ثلثي النّفط الخام القادم من منطقة الخليج، وفقا لبيانات وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية. كما يمرّ نحو 30 بالمائة من حاويات الشّحن في العالم يوميا عبر قناة السويس البالغ طولها 193 كيلومترا، ونحو 12 بالمائة من إجمالي التّجارة العالمية من جميع السّلع. وتصل حصّة البضائع القادمة من جنوب القناة العابرة من مضيق باب المندب نحو 47 بالمائة من حجم البضائع العابرة بقناة السويس، وفقا لإحصاءات هيئة قناة السويس.

فضلا عن ذلك، تمر نحو 98 بالمائة من البضائع والسّفن القادمة من جنوب قناة السّويس في مصر من خلال مضيق باب المندب باليمن، ومن المحتمل أن تسبّب إغلاق القناة لمدّة أسبوع في خسارة للتّجارة العالمية بلغت نحو 10 مليارات دولار يوميا. ويمكن أن تبلغ خسائر هيئة قناة السويس في حال إغلاقها إلى 28 مليون دولار يوميا ونحو 200 مليون دولار أسبوعيا.

تأثّر البورصة الخليجيّة

سجّلت معظم أسواق الأسهم في منطقة الخليج تراجعا ملحوظا، وسط مخاوف من تصاعد التّوتّرات في غزة أكثر فأكثر، وتنامي مخاطر توسّع الحرب في المنطقة؛ فعلى سبيل المثال، انخفض المؤشّر السّعودي بنسبة 0.4 بالمائة، متأثّرا بخسائر في قطاعات الطّاقة والمالية وتكنولوجيا المعلومات، وانخفض سهم شركة أرامكو السّعودية بنحو 1 بالمائة. وفيما يخصّ الإمارات هبط مؤشّر دبي بنسبة 0.7 بالمائة متأثّرا بانخفاض سهم إعمار العقارية 3.5 بالمائة، وتراجع سهم شركة سالك بـ 1.7 بالمائة. وفي الكويت،  تراجعت جميع المؤشّرات الرئيسة في البورصة، وسط انخفاض 12 قطاعا، على رأسها التّكنولوجيا بواقع 9.09 بالمائة.

إنّ الأردن ومصر سيكونان من أكثر البلدان تأُثّرا بالعدوان  الإسرائيلي على غزّة، وستزداد انعكاساته كلما طال أمده، وذلك بتراجع الإقبال السّياحي والتّجارة والاستثمار، حيث ترتفع درجة المخاطر لدى المستثمرين ورجال الأعمال عند التّفكير بإقامة مشاريعهم في المنطقة، نظرا إلى ارتفاع حالة التوتّر وعدم اليقين من العودة إلى نقطة الاستقرار النّسبي التي كانت سائدة قبل اندلاع الحرب.

تكمن المخاوف الأساسية من تحوّل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة إلى صراع إقليمي، وأن يلقي بظلاله على آفاق الاقتصاد العالمي، ويهدّد بإضعاف النّمو الاقتصادي، وإعادة إشعال أسعار الطاقة والغذاء، كما أنّ الدّعم العسكري الأمريكي والأوروبي اللامحدود لـ “إسرائيل” يهدّد بتوسع الحرب خارج نطاق غزّة.

الأيام نيوز - الجزائر

الأيام نيوز - الجزائر

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
لائحة الأمن في البحر الأحمر.. لهذا السبب امتنعت الجزائر عن التصويت! أحوال الطقس.. أمطار وثلوج على هذه المناطق بعد الكرة الذكية والملعب الذكي.. ماذا بقي من لعبة بيليه ومارادونا؟  بعد إعلان وقف إطلاق النار في غزة.. ترامب يطلق تصريحات اجتماع الحكومة.. مشاريع قطاع الري على طاولة العرباوي وزارة الدفاع.. إرهابي يُسلم نفسه إلى السلطات العسكرية ببرج باجي مختار قوجيل: فرنسا هي من تحتاج الجزائر أكثر وليس العكس تطورات الوضع في اليمن.. الجزائر تترأس اجتماعا لمجلس الأمن لضمان استقرار السوق في رمضان.. استيراد 28 ألف طن من اللحوم أول شركة ناشئة تقتحم السوق المالي.. ماذا يعني إطلاق تداول أسهم "مستشير" في بورصة الجزائر؟ سيكون من أحسن المطارات في إفريقيا.. فتح سوق حرة بمطار الجزائر الدولي قريباً التقلبات الجوية.. طرق مغلقة بسبب تراكم الثلوج الارادة السياسية المشتركة.. رئيس الكونغو الديمقراطية يشيد بدور الجزائر الريادي «إسرائيل» تُقايض الأرواح بثمن مُر   في اليوم الـ467 للحرب على غزة.. وفد الاحتلال المفاوض يناقش قوائم الأسرى الفلسطينيين هبوط المخزونات الأمريكية.. استقرار في أسعار النفط أحوال الطقس.. 12 موجة خطيرة تضرب السواحل الجزائرية فرنسا تدعي والجزائر تكشف المستور.. عن أي مساعدة للتنمية تتحدث؟ مفكّكا أسطورة المثالية الأمريكية.. تشومسكي يفضح الديمقراطية الملطخة بعار الإمبريالية رئيس الجمهورية يستقبل حساني شريف