غزّة.. مآسي ما بعد العدوان

انقضى العدوان الصهيوني على غزّة، لكن فصولا جديدة من المعاناة قد بدأت، لتحمل في طيّاتها الكثير من الآلام، لما خلّفته آلة الحرب الصهيونية. فآثار العدوان لا تقتصر على الخسائر البشرية والمادية،  بل تصل إلى ما هو أبعد من ذلك، فمن نجا من الموت يبقى يعاني الويلات، من تداعيات العدوان والحصار على القطاع، ما بين دمار في البنية التحتية وفي الوحدات السكنية، ونتائج الحصار في “إنتاج” الفقر والبطالة والتأثير السّلبي في كافة مناحي الحياة.

لقد بات المشهد صعبا للغاية في قطاع غزة، فهو لم يحظ بفرصة للتعافي من الحروب والاعتداءات والجرائم الصهيونية السابقة، ليُضاف إليه المزيد من المعاناة والحرمان من أبسط الحقوق الانسانية وتدهور الحياة المعيشية من جرّاء العدوان الأخير.

فالوضع الإنساني مُتدهور ويتفاقم، حسب ما أكّده مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية “أمجد الشوا” في حديثه لجريدة “الأيّام نيوز”، ويجب وقف كل هذه الانتهاكات بحق الفلسطينيين، وضرورة التّحرك من أجل وقف الاعتداءات الصهيونية ومعالجة آثارها على الفلسطينيين .

الاحتلال يُجدّد نفسه

وقد طالب “أمجد الشوا” المجتمع الدولي بإلزام الاحتلال الصهيوني أن يُوقف كافّة أشكال العدوان التي يمارسها ضد الفلسطينيين، في إطار محاولاته المستمرّة لتكريس واقع الاحتلال وتصفية  القضية الفلسطينية. كما طالب أيضا بضرورة التّوجّه إلى مُحاكمة ومُحاسبة الكيان الصهيوني على جرائمه بحق الشعب الفلسطيني.

ومن جهته، أكّد الكاتب والباحث “إياد جودة” في تصريح لجريدة “الايام نيوز”، أن الوضع في غزة يتطلب تدخّلا عاجلا من كل الأطراف، لإنقاذه من تداعيات الحروب وآثارها على الفلسطينيين، وقال بأن الأزمات التي خلّفها العدوان كثيرة، فبالإضافة إلى استشهاد وجرح العشرات من الفلسطينيين، هناك عشرات المنازل والبيوت المُدمّرة والتي لم تعد صالحة للسكن، وهذا يعني أن المئات من العائلات والأسر الفلسطينية أصبحت الآن بغير مأوى، ليُضافوا إلى قائمة طويلة من المُشرّدين والمُهدّمة بيوتهم في الحروب السابقة .

كما صرّح “إياد جودة”  بأن المعاناة التي يعانيها الفلسطينيون في غزة هي ما يسعى الاحتلال الصهيوني إلى تحقيقه من خلال العدوان المُتكرّر أو الحصار المفروض منذ أكثر من 17 عاما، ويريد من خلالها إركاع الشعب الفلسطيني.

وأردف “إياد جودة” قائلا: “العدوان له آثارٌ عديدة من جميع الجوانب على الفلسطينيين، وهذه الأيام بعد أن انتهى التصعيد، وعادت الحياة إلى طبيعتها، فإن هناك الآلاف من الفلسطينيين لا يزالون يعانون جرّاء العدوان، فمنهم من قُصف منزله أو استشهد مُعيل الأسرة، ومنهم  من دُمّر مصدر رزقه، وغيرهم الكثير، فهم يُعانون من البداية جرّاء الوضع الصعب والحصار والبطالة، ليكون العدوان الأخير عليهم ثقلا كبيرا .

الاحتلال يُصدّر أزماته الداخلية

وأوضح “إياد جودة” قائلا: “الاحتلال الصهيوني يُحاول، من خلال جرائمه واعتداءاته، أن يُصدّر أزماته الداخلية الأمنية منها والاقتصادية، وقد لمسنا معظم الاعتداءات الصهيونية تتزامن مع مناسبات الانتخابات الصهيونية، فيُشعلون الأوضاع سُوءا في الساحة الفلسطينية لتكُون دعايتهم الانتخابية بدماء الفلسطينيين .

وفي ختام حديثه، أكد “إياد جودة” على أهمية يتوحّد الفلسطينيون في صفّ واحد، ويجتمعون على كلمة واحدة، لمُواجهة كل المخططات الشيطانية للكيان الصّهيوني.

أطفال غزة.. كوابيس ما بعد العدوان

وحول تداعيات وآثار العدوان على الاطفال، فقد أكّدت الإخصائية النفسية “إيمان سلامة”، في تصريح خاص لجريدة “الأيام نيوز”، أن للقصف وأصوات الانفجارات أثر كبير على الأطفال، فبعضهم تعرضّ لصدمات نفسيه جرّاء تدمير منازلهم أو فقدان أحبائهم.

وأضافت “إيمان سلامة” أن مئات من الأطفال يحتاجون إلى دعم نفسي، جرّاء ما شاهدوه في جولة التصعيد الصهيونية، من مشاهد عنيفة ومؤثرة، أدّت إلى إصابة الأطفال بالاكتئاب والقلق والاضطرابات السلوكية وعصبية المزاج، وغيرها من المشاكل النفسية.

وأشارت الإخصائية النفسية  إلى أن  أكثر المشاكل التي تواجه أطفال قطاع غزة، في مرحلة ما بعد العدوان، تتعلّق بالنوم، فالطفل صار يخاف أن ينام، حتى لا يستيقظ على أصوات القصف، بالإضافة إلى الخوف من الظلام، ومن النوم وحدهم في غرفهم.

وطالبت “إيمان سلامة” الأمّهات بضرورة الوقوف بجانب أبنائهم ودعمهم نفسيا، وتوفير كل ما يحتاجونه حتى يُخففوا من صعوبة الحالة النفسية التي يمرون بها، كما دعت كل المؤسسات الدولية العاملة في غزة بالوقوف إلى جانب الأطفال ودعمهم نفسيا وتوسيع دائرة الترفيه لديهم.

خسائر تُعوّض وأخرى غير قابلة للتعويض

ومن جانب آخر، تنوّعت تأثيرات التصعيد الأخير على غزة بكثرة تداعياته على جميع الأصعدة، وبدأت احصاءات ما بعد العدوان تتوالى من أجل الوقوف على حجم الخسائر التي خلفها الاحتلال الصهيوني خلال عدوانه على الشعب  وتأثيراته على بعض القطاعات.

وقد كشف وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان بغزة “ناجي سرحان” الحصيلة الأولية للأضرار التي لحقت ببيوت المواطنين، جرّاء العدوان الصهيوني، على القطاع، حيث قال: “الحصيلة الأولية للأضرار هي 1400 منزل دُمر بشكل جزئي، و70 وحدة سكنية أصابها تدمير بليغ (لا تصلح للسكن)، و17 بيتا تم تدميره بشكل كامل”.

من جهته، طالب “سلامة معروف” رئيس المكتب الإعلامي في غزة ، بإعادة إعمار القطاع، والعمل على رفع الحصار الصهيوني المُتواصل منذ أكثر من 16 عاما، ودعا المجتمع الدولي والمؤسسات المعنية إلى “التدخل لعدم استمرار العدوان والحصار على غزة.

وما بين العدوان وتداعياته، والحصار وأعبائه، يبقى الفلسطينيون يقفون بثبات وصمود في الوقت نفسه الذي يعانون فيه الويلات جرّاء الأزمات المتجددة عليهم.

وسام أبو زيد - فلسطين

وسام أبو زيد - فلسطين

وسام أبو زيد مراسل الأيام نيوز وهو صحفي فلسطيني مقيم حاليا في غزة

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
من مزبلة التاريخ إلى مكبّ لنفايات أوروبا.. المخزن.. مملكة برتبة "سلّة قمامة" عام على زلزال الحوز بالمغرب.. المتغطي بدثار "المخزن" عريان غدا الثلاثاء.. صوت الصحراء الغربية وفلسطين يعلو في جنيف «تبّون» رئيسا لعهدة ثانية.. خيار الاستمرارية يفوز الإعلان عن نتائج الرئاسيات.. مديريات الحملة الانتخابية للمترشحين الثلاثة تصدر بيانا مشتركا عملية "معبر الكرامة": من قال إن القضية الفلسطينية شأن الفلسطينيين وحدهم! بعد انتخابه لعهدة ثانية.. زعماء دول العالم يهنّؤون الرئيس تبون بمناسبة انتخابه لعهدة ثانية.. قوجيل يهنئ الرئيس تبون بنسبة بلغت 94.65 بالمائة.. عبد المجيد تبون رئيسا لعهدة ثانية إعلان النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية الفاف.. بن ناصر يغادر تربص “الخُضر” لهذا السبب! ظاهرة فلكية نادرة في سماء الجزائر هذا الإثنين جراء سيول الأمطار المتساقطة في الولايات.. الحماية المدنية تحذر عمليات حفظ السلام.. اجتماع جديد لمجلس الأمن هذا الإثنين المحكمة الدستورية تتسلم محاضر فرز التصويت لـ 6 ولايات اليمن.. فأر يتسبب بانفجار منزل وقتل طفلين طرق مقطوعة بسبب ارتفاع منسوب المياه شمال قطاع غزة.. استشهاد 5 فلسطينيين جراء قصف الاحتلال لمخيم جباليا أمطار رعدية غزيرة مرفوقة ببرد على أغلب ولايات الوطن اليوم نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية بلغت 48.03 بالمائة