فتيات تشقّقت أقدامهنّ وأحلامهنّ في زحام الأسواق.. بائعات المناديل يدفعن فاتورة الحرب على اليمن

«فاطمة محمد» شابة يمنية لم تبلغ ربيعها العشرين بعد، تقف تحت هجير الشمس ـ منذ السابعة صباحا حتى المغيب ـ متنقلة بين “جولات” المدينة وزحام السيارات بحثا عن مصدر رزق تجنيه من بيع من مناديل تحملها بين يديها الصغيرتين.

اعتادت فاطمة على هذا النمط المزري من الحياة ـ منذ بداية اندلاع الحرب في البلاد ـ حين نزحت مع أهلها من «نهم» ـ (إحدى مديريات محافظة صنعاء) – حيث كانت المعارك تحتدم هناك بين قوات الحكومة والكتائب المدعومة من التحالف المعادي لليمن ـ وتوجهت إلى وسط صنعاء.

عائلة فاطمة ـ المكوّنة من ثلاث بنات وطفل ووالدين ـ اتخذت من أحد المحال الصغيرة (دكان) مأوى لهم، يقيهم آلام العيش في العراء وبرد المدينة القارس ونظرات العابرين مختلف غاياتهم.

تقول فاطمة لـ«الأيام نيوز» إنني: “منذ السابعة صباحا، أبدأ التجوال بغرض بيع المناديل لأصحاب السيارات في الشوارع العامة لأتمكن من توفير لقمة عيش كريمة لي ولأهلي”.

هذه الشابة ـ ومن خلال عملها ـ فهي تقوم بمساعدة والدها الذي يعمل في مجال البناء لفترات دون أخرى، بسبب ركود حركة العمل، وبالمقابل انتشار ظاهرة البطالة، ما يجعل العديد من العمّال بانتظار رب عمل يستدعيهم مقابل أجر زهيد.

وتؤكد فاطمة ـ في سياق حديثها عن معاناتها اليومية ـ أنها الفتيات العاملات في (الجولات) والأسواق العامة أو المركزية يتعرّضن للمضايقات، من خلال الألفاظ المسيئة، وقد يصل الأمر إلى التحرش وما شابه ذلك.

وأشارت الشابة المكافحة أن هذه الظواهر المشينة أصبحت أمرا شبه معتاد لديها، فهي تتكيّف مع الظروف حفاظا على مصدر الرزق الذي لا تستطيع أن تفرّط فيه، مهما كان المحيط صعبا، بسبب نظرة سائدة مفادها أن الفتيات العاملات في (الجولة)، هن في متناول الجميع، وليس لهن أي حقوق داخل المجتمع.

الحاجة والمخاطر

ومع استمرار موجات النزوح، وهروب الكثير من العائلات من مناطق الصراع إلى العاصمة اليمنية صنعاء، ترتفع أسعار المواد الغذائية وكذا أسعار الإيجارات التي زادت بأضعاف على ما كانت عليه قبل الحرب، حتى بات المحل الصغير (الدكان) يؤجر بما قيمته 30 ألف ريال أي ما يعادل 50$ وذلك في الأحياء الشعبية التي تقع في أطراف العاصمة، وهو ما دفع الكثير من الأسر لمنع فتياتهن من مواصلة التعليم والدفع بهن إلى سوق العمل، حسب رأي «وئام الريمي» وهي ناشطة حقوقية.

وتضيف الريمي لـ«الأيام نيوز» إن “غياب دور المنظمات الدولية العاملة في مجال الإنسان، والمنظمات الحقوقية جعل الأمر أكثر تعقيدا، حيث أصبحت الفتيات عُرضة للانتهاك والتحرش في مجتمعات ذكورية”، لافتة إلى أن التقارير تشير إلى وجود 42% من الفتيات يشتغلن في أعمال شاقة وفي أماكن غير مناسبة.

وتشير الريمي إلى أن انخراط الفتيات ـ لاسيما من هي دون سن الرشد ـ في أعمال وبيئة خارجية مختلطة قد يغير سلوكها الحياتي، ونمط تفكيرها، ما قد يجعلها تنجر في نشاطات غير محمودة العواقب.

وفي ذات السياق، تحدث الأخصائي النفسي «مراد الكبودي» لـ«الأيام نيوز»، قائلا: إن “عمالة الفتيات ومكوثهن الطويل في الشوارع والجولات أمر خطير يهدد النسيج المجتمعي والتكوين الأسري برمته، وهي ظاهرة مدمرة نفسيا للفتاة ما يجعلها غير قادرة على تخيل نفسها أما وربة بيت ناجحة”.

وأوضح الكبودي، إن حرمان الفتاة من التعليم في هذا السن، يجعلها تشعر بالغبن وكثير من الآلام النفسية، لا سيما حين تنظر إلى قريناتها وهن يتجهن صباحا إلى المدارس، إضافة لما تتعرّض له من مضايقات وتحرش يجعلها تشعر بالانتقاص من ذاتها وهذا قد يؤدي إلى عزوفها عن الارتباط والميل إلى تكوين أسرة. 

حلول ومعالجات

ويذكر الكبودي في هذا السياق، أن من أهم الحلول الذي يجب أن تتنبّه لها الدولة ـ بمساعدة المنظمات ذات العلاقة ـ تتمثل في توعية المجتمع عن طريق وسائل الإعلام بأهمية تعليم الفتاة، وخطورة انخراطها في سوق العمل بما لا يتناسب مع قدراتها الجسمانية ونضوج عقلها.

من جهة أخرى، ترتفع الكثير من الدعوات لحقوقيين وصحفيين حول أهمية تكاتف الجميع للحد من عمالة الأطفال والفتيات، وتوفير مُناخ تعليمي لهم بعيدا عن تعقيدات الحرب ومآلاتها السلبية.

منير صالح - صنعاء

منير صالح - صنعاء

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
الجزائر ترفض دراسة قائمة بأسماء مواطنين صدرت في حقهم قرارات إبعاد من فرنسا واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز المسال تسجل مستوى قياسيا وزارة العدل.. إجراءات جديدة لاستخراج شهادة الجنسية الجزائرية قانون تسيير النفايات الجديد.. خطوة نحو تحقيق تنمية مستدامة الجزائر تُوسّع آفاقها الخضراء.. نحو رفع مساحة الأراضي المسقية إلى 3 ملايين هكتار وزير الخارجية يستقبل عددا من السفراء الجدد المعتمدين لدى الجزائر المصادقة على القانون المتعلق باختصاصات محكمة التنازع القمة الروسية-الأمريكية.. هل تتغلب براغماتية بوتين على مزاجية ترامب؟ 70% من الأشغال مكتملة.. مصنع "فيات" بوهران يستعد للمرحلة القادمة الرقابة على الأسواق في رمضان: إغلاق محلات وحجز أطنان من السلع وكالة "عدل" تمدد ساعات العمل بمكاتب التحصيل خلال رمضان روتايو يهدد بالاستقالة.. والمعارضة الفرنسية ترد: "فليذهب!" واشنطن وتل أبيب تتشاركان قتل الأبرياء.. حرب الإبادة تمتد من غزة إلى صعدة بالصور | 4 إرهابيين يسلمون أنفسهم للسلطات العسكرية ببرج باجي مختار عرقاب يُعاين تقدم أشغال خط السكة الحديدية المنجمي بشار-تندوف-غار جبيلات بعد 48 عامًا على اغتياله.. كمال جنبلاط ينتصر من قبره! وزارة التجارة ترقمن البيانات الغذائية للحد من المخاطر الصحية تعويض البطالة.. صندوق "كاكوبات" يُطلق خدمة إلكترونية جديدة نقاط إقلاع الحجاج الجزائريين.. الديوان الوطني للحج يكشف التفاصيل بهذه الأسعار.. "نفطال" تُطلق تسويق زيوت "كاسترول" في الجزائر