تزامنا وما ينهار من “دويلة” الكيان الصهيوني كمنظومة اجتماعية وسياسية وعسكرية، وذلك بإجماع عالمي على أن خرافة “إسرائيل” كقضية وجودية، لم تعد إلا مسألة وقت، اختزلها الكاتب اليهودي والرياضي السابق “آلون مزراحي”، في نصيحة استباقية وجّهها إلى ساسة البيت الأبيض بقوله: “على أمريكا أن تدرك فشل رهانها بخلق دولة يهودية، ويجب أن تعرض على الإسرائيليين مُوَاطنة كاملة بالولايات المتحدة، بدلا من إرسال الأسلحة إلى تل أبيب”.
وتزامنًا مع إعلان الرئيس الكولومبي “غوستافو بيترو”، عن قطع علاقات بلاده الدبلوماسية والاقتصادية مع “دويلة” الكيان الصهيوني، والتي أدّت، إلى وقف تصدير الفحم الكولومبي إلى “تل أبيب”، وطرد السفير الإسرائيلي، وتزامنًا، مع ظهور بوادر الانشقاق داخل إدارة “البيت الأبيض” بين المسؤولين الأمريكيين وتوالي الاستقالات على مستوى وزارة الخارجية الأمريكية احتجاجا على ارتماء إدارة “بايدن” بين أحضان “نتنياهو:، والتي انتقلت عدواها، أي الاستقالات، إلى داخل عناصر الجيش الأمريكي، وذلك بعد الكشف عن تمرّد طيّارين عسكريين من قوات النخبة الأمريكية ورفضهم التحليق تجاه “إسرائيل”، وذلك في عصيان مباشر للأوامر، لإيصال شحنات الأسلحة، ورفض علني لسياسة “واشنطن” المنحازة كمًّا وكيفا للكيان الصهيوني..
قُلنا، تزامنًا مع كل ما سبق من تهاوٍ للمنظومة الصهيونية، طفت إلى سطح الأحداث والعمالة، فضيحة إنسانية قبل أن تكون سياسية وتاريخية، بطلها، عرش ونظام “محمد السادس”، حيث “مَرُوك” المخزن، وفي قفز على كل معنى للشرف وللنخوة وللحد الأدنى من قيم صلة ” الرحم”، فتح أبوابه وشرع موانئه أمام “السفن” الإسرائيلية، التي رست بـ “طنجة”، متوسِّدة “عار” أمير المؤمنين، كما يُسمّى، ورئيس لجنة القدس كما ينعته “رعاعه” ورعاياه، والفضيحة هنا، ليست في “تطبيع” علني، يعرفه الخاص والعام، بين عرش ملكي كاسد وكيان صهيوني متآكل، ولكنها في عزّة، “إثم” بالخيانة التي ارتبطت بمملكة أصبحت تفتخر بالعار وتتبناه، والأكثر من ذلك تمارسه علنا و”فاحشة” مع سبق الافتخار والترصد..
مملكة العار الملكية وفي “شطحة” قصر تُضاف إلى مهازل خيانتها وعمالتها التاريخية، تتحدّى الإنسانية، قبل منظومة القيم، وتُشرِع موانئها قبل قصورها لسفن الكيان الصهيوني، ولسان حال “مليكها” ومخزنه، أنهما اختارا ضفّتهما، وأنه ما على العالم بعربه وعجمه، إلا أن يسجِّل، بأنّ “مَروك” أمير المؤمنين والأصح “المُؤمَّمين” من شعبه المُستعبَد، قد أضحى “ميناءً” إسرائيليا، يستقبل بالإضافة إلى سفن الكيان، عار أمة في “مغرب” ملسوب الرجولة والانتماء والإرادة..
بين كولومبيا “الكافرة”، بالمنطق العقائدي، التي نزل رئيسها “الكافر”، إلى شوارع عاصمة بلاده “بوغاتا” ليخطب أمام شعبه، أنه رجل “يؤمن” بأن “إسرائيل” كُفر إنساني بواح يجب اجتثاثه، مُعلنًا توقيف كل صادرات بلاده، على رأسها مادة “الفحم” إلى “إسرائيل”، وبين مملكة العار التي لا زالت تتنفّس “حشيش” ذلّها وخنوعها، والتي ترفع شعار الدين في خطب ومنابر مليكها، لتبسطن في نفس الوقت، أذرعها لسفن الكيان الصهيوني، مُزوِّدة إياه بالمؤن والإمدادات وذلك في عز حصار الجوع الذي تعانيه “غزة” وعز الموت الذي تتنفّسه “رفح”..
بين هذا وذاك، نفهم من هو “الكافر” ابن العرش الهجين، الذي باع أهله وشرفه وعرضه ودينه، ومن هو المؤمن ابن كولومبيا الذي لا “دين” له، لكنه منع “الفحم” عن الكيان الصهيوني ليقول لـ “نتنياهو”: يكفيك من الفحم ما احترق من “خونة” الأمة العربية وما تفحم منهم في “طنجة” محمد السادس وفي إمارات بن زايد وسعودية بن سلمان وعرش مصر، حيث زمن “السيسي” كما “حجته” جَبَّا كل ما قبلهما من سقوط..
موقع “Globes” الذي يرصد خطّ تحركات السّفن والرحلات البحرية، كان السبّاق إلى كشف الفضيحة المغربية، والمفارقة في تتبعه لخط السفينة “INS Komemiyut” الإسرائيلية، والتي كانت قادمة من الولايات المتحدة الأمريكية لترسو في ميناء “طنجة”، قبل أن تواصل رحلتها تجاه “حيفا”، قُلنا المفارقة، أنّ كل تلك الدورة الجغرافية البحرية سببها أنّ “يمن” فقير ومُعدم، غيّر جغرافية الرسو كما غيّر معادلة التاريخ، حين أعطى للرجولة معنى آخر، غير معنى ملك ومملكة وأمراء عملاء، أجبرهم رجال اليمن السعيد، على إظهار وجوههم ومراسي “خياناتهم”، ليكون الشرف “يمنا”، فيما العار، سفن راسية بموانئ الأعراب من حكام وملوك عمالة..
وطبعا، الأمة العربية، بشعوبها المقهورة وأوطانها المستعبدة وتاريخها القادم، مدانة لرجال مملكة بلقيس، بالشكر، ليس فقط لأنهم منعوا البحر عن سفن الكيان الصهيوني، ولكن، لأنهم، كشفوا أيّ الموانئ والمراسي والممالك، هي “إسرائيل”، ناهيك عن أي عار و”عُري” هي مملكة الخزي المغربية ومن سار على نهج عرشها ومليكها..
“نتنياهو” وفي خرجة جديدة له، تُضاف إلى فضحه لعمالة وخيانة الممالك الأعرابية، وفي الوقت الذي تُجمع الأحداث على أفوله ووهم حلمه في “هيكل” تلموده الكبرى، “نتنياهو” ذاكـ، عاد مرة أخرى إلى عروش “الخمّ” الأعرابي، ليقدم شكره لما اسماه “الأنظمة” العربية المعتدلة التي ساندته في مسعاه الوحشي وحربه القذرة، ليضيف في سياق كلمته الموجهة لمواطني “كيانه”، أن حربه كانت حرب الجميع، حرب حماية للأنظمة العربية العميلة، وحرب لحماية المصالح الأمريكية، ثم حرب لأجل “إسرائيل”، والنتيجة، أنّ ما أقرّ به “نتنياهو”، ليس إلا تكرار لتحذير وتهديد مُوجّه لجميعهم، بأنّ سقوطه، سقوط للجميع ولا استثناء لأحد في حرب لم يخلّف “نتنياهو” وراءها خطًّا ولا خطة رجوع.
ولعل ذلك، ما جعل اللعبة واضحة المعالم، لتصبح للخيانة والعمالة والخنوع، موانئ ومرافئ وسفن تبحر جهارا نهارا، سفن عمالة، وموانئ خيانة، وبين هذا وذاك غرق يتهدّد الجميع كما يفضح الجميع، مِمّن كانوا ولا زالوا “سنان” مؤامرة كونية، وإن كانت يدها “إسرائيل” فإنّ سيفها، ما كشفته هيئة الإحصاء المركزي الإسرائيلي، حين أعلنت عن وصول حجم الصادرات من الأردن ومصر والإمارات إلى أرقام قياسية، وذلك بالتّزامن مع ما كان يجري على الأرض من مذبحة أمة في غزّتها، وهو الأمر الذي يؤشِّر كما يؤكد أنّ الجريمة من يومها الأول، كانت رواسي ومراسي ممثّلة في أنظمة عار عربي، جعلت من الخيانة سياسة، ومن التآمر مصالح اقتصادية، وفوق هذا وذاك، من الشرف بضاعة في سوق العرض والطلب..
خاتمة القول، وفي شهادة سابقة، للمؤرخ الإسرائيلي المدعو “إلان باباي”، ذكر المعنى أنّ “معظم الصهاينة لا يؤمنون بوجود الله، لكنهم يؤمنون أنه وعدهم بأرض فلسطين..”، يقابلها، هذا الأيام، في بلاط العروش العربية، عبارة ثابتة، على أن لدينا ملوك من طينة أمير مؤمنين “مروكي”، يدّعي، أنه رئيس للجنة القدس الشريف، لكنه في ذات الوقت لا يؤمن بصلاة أقصاها، كما أنّ إيمانه الوحيد، أنّ القِبلة لخلوده في العرش، هي قبلة “تل أبيب”. وطبعا، فإن مهر “الخلود”، أن تتحوّل “المَرّوك” إلى مرفئ صهيوني، حاله من حال قصر هو اليوم.. قصر “الشالوم” بلا منازع.
للأسف، لدينا ملوك يقولون إنهم يؤمنون بالله، لكنهم بالمقابل يُصلّون للهيكل خانعين، عكس من لديهم هناك في كولومبيا رئيس لا يؤمن بالله، لكنه يعي يقينا، أنه عرف الله في غزة وفلسطين.