لدى الأمريكيين مخاوف (جدية) بشأن قدرتهم على حماية قواعدهم العسكرية في الشرق الأوسط من الأسلحة الإيرانية المتطورة المنتشرة في مناطق متعددة. وعلى الصعيد الداخلي، تتزايد التحذيرات بين الحين والآخر من تهديدات “حقيقية ومحددة” تستهدف المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأمريكية، لكنّ الغريب في الأمر أن معظم التقارير تشير إلى أن إيران تقف خلف هذه التهديدات المفترضة، بعد ما بات اسمها متداولًا في واشنطن ضمن سياق الدعاية والدعاية المضادة.
حذّر الجنرال الأمريكي المتقاعد كينيث ماكنزي، القائد السابق للقيادة المركزية الأمريكية (SANCOM)، من أن القواعد الأمريكية المنتشرة في الشرق الأوسط باتت عاجزة عن التصدي لأحدث الأسلحة الإيرانية المتطورة، خصوصاً الصواريخ الباليستية. وأوضح ماكنزي في تصريحاته الأخيرة أن تلك القواعد تواجه تهديداً حقيقياً ومميتاً بسبب القدرات الصاروخية الإيرانية المتقدمة، مشدّداً على ضرورة التفكير في إعادة تموضع القوات الأمريكية في المنطقة.
وأشار ماكنزي إلى أن الاستراتيجية العسكرية الحالية للجيش الأمريكي، التي تعتمد على تمركز القواعد في دول الخليج، لم تعد فعالة أو قادرة على مواجهة التهديدات المتزايدة من إيران. وأوصى بضرورة نقل هذه القواعد إلى مواقع أكثر أماناً، مثل مصر والدول الأخرى الواقعة بعيداً عن نطاق الصواريخ الإيرانية.
وأضاف أن نقل القواعد إلى الغرب، وخصوصاً إلى مصر، سيكون له فائدتان: أولاً، سيعزز الأمن الأمريكي، وثانياً، سيقوي القدرات الدفاعية للدول المستضيفة لتلك القواعد. وأكد ماكنزي على ضرورة التعاون الوثيق مع الحلفاء الإقليميين، مثل مصر والمملكة العربية السعودية والأردن وسلطنة عمان، لإعادة ترتيب خريطة القواعد الأمريكية في المنطقة.
وقد أشار ماكنزي في تحذيراته، وفقاً لموقع “nziv” الإسرائيلي، إلى أن القواعد الأمريكية في الشرق الأوسط قد تتعرض لأضرار جسيمة في حال وقوع هجوم صاروخي إيراني، مما يجعل إعادة تموضعها أمراً ملحاً لضمان سلامة القوات الأمريكية وحلفائها في المنطقة، غير أن هذا الطرح يبدو جزءاً من حملة التهويل التي يمارسها الإعلام الإسرائيلي لتشويه صورة إيران أمام الرأي العام الغربي..
وقال ماكنزي: إن إيران طورت صواريخ باليستية وصواريخ كروز بالإضافة إلى طائرات مسيرة قادرة على اختراق أنظمة الدفاع الأمريكية الحالية. وشدد على أن الولايات المتحدة باتت بحاجة إلى إعادة تقييم مواقع قواعدها العسكرية في منطقة الشرق الأوسط، نظراً لتنامي القدرات الهجومية الإيرانية.
ونقل الموقع العبري أن تحذير ماكنزي يأتي في وقت تستمر فيه إيران في تحسين وتوسيع ترسانتها الصاروخية، بما في ذلك الصواريخ الباليستية قصيرة وطويلة المدى، والطائرات بدون طيار. وأوضح الجنرال أن إيران -رغم أن قدراتها البعيدة المدى لا تزال في مرحلة التطوير- تمتلك القدرة على شن هجمات قصيرة المدى واسعة النطاق، وهو ما يفوق قدرة أنظمة الدفاع الأمريكية على التصدي لتلك الهجمات.
وأضاف ماكنزي أن “الإيرانيين قادرون على إدخال كميات هائلة من الأسلحة في ساحة المعركة، وهو ما يفوق قدرة دفاعاتنا، حتى مع استخدام أنظمة متقدمة مثل نظام الدفاع الصاروخي باتريوت”.
أشار تقرير عبري إلى أن القواعد الأمريكية في قطر، الإمارات، والبحرين، التي كانت تمثل في السابق رادعاً استراتيجياً ضد التهديدات الإقليمية، أصبحت الآن نقاط ضعف بسبب قربها الجغرافي من إيران. ومع استمرار تطور القدرات الصاروخية الإيرانية، يمكن أن تصبح هذه القواعد أهدافاً رئيسية في حال اندلاع صراع بين الولايات المتحدة وإيران، ما يثير قلقاً بشأن جاهزية تلك القواعد للتعامل مع هذه التهديدات المتزايدة.
وفي سياق المخاوف الأمريكية من إيران، أعلنت حملة المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأمريكية، دونالد ترامب، يوم الثلاثاء، أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية حذرت الرئيس السابق من وجود تهديدات إيرانية “حقيقية ومحددة” تهدف إلى اغتياله. وجاء في بيان الحملة أن مكتب مدير الاستخبارات الوطنية أطلع ترامب على هذه التهديدات، والتي يُعتقد أنها محاولة لزعزعة الاستقرار في الولايات المتحدة ونشر الفوضى.
ووفقاً للبيان، ادعى مدير الاستخبارات أن هذه “الهجمات المتواصلة والمنسقة” قد زادت في الأشهر الأخيرة. في المقابل، نفت إيران في وقت سابق هذه الاتهامات ووصفتها بـ”الخبيثة”. من جهة أخرى، يتهم المحللون المستقلون المخابرات الأمريكية باختلاق هذه التحذيرات لإبعاد التهمة عن الديمقراطيين، الذين يؤكد ترامب أنهم هم من يحرضون على اغتياله.
وفي أوت الماضي، اتهمت الولايات المتحدة إيران بالوقوف وراء محاولات قرصنة استهدفت الحملتين الانتخابيتين لكل من ترامب ومنافسته الديمقراطية كامالا هاريس. واعتبرت حملة ترامب أن هذه التهديدات دليل على أن “النظام في إيران يفضل ضعف كامالا هاريس ويخشى قوة ترامب وتصميمه”.
يُذكر أن شبكة “سي إن إن” الأمريكية، قالت –في منتصر سبتمبر الجاري- بأن مسؤولين استخباراتيين أمريكيين أبلغوا حملة المرشح الرئاسي دونالد ترامب بمؤشرات جديدة تشير إلى أن إيران تخطط لتصعيد الهجمات ضد ترامب وأفراد حملته. وذكرت الشبكة، استناداً إلى مصادر قيل إنها مطلعة، أن “الاستخبارات الأمريكية أبلغت حملة ترامب بوجود دلائل واضحة على نية إيران تكثيف الهجمات.”
وأكدت المصادر أنه “في هذه المرحلة، لا توجد دلائل على أن المعلومات الاستخباراتية مرتبطة بمحاولة الاغتيال الثانية ضد ترامب، التي وقعت آخر مرة.” وأوضحت أن المعلومات الاستخباراتية الأخيرة تتعلق بهجمات أمنية محتملة، سواء جسدية أو سيبرانية، مما يزيد من مستوى التهديد الأمني العام المحيط بترامب. وتجدر الإشارة إلى أن حادثة إطلاق النار قرب نادي الغولف الخاص بترامب في فلوريدا، يُرجح أن تكون محاولة اغتيال ثانية له.
يُذكر أن ترامب تعرض لمحاولة اغتيال خلال تجمع انتخابي في ولاية بنسلفانيا في 13 جويلية الماضي، حيث أصيب في أذنه. وقد قتلت الخدمة السرية مطلق النار، وهو شاب في العشرين من عمره يُدعى توماس كروس. وتعتبر هذه الحادثة أول إطلاق نار يستهدف رئيساً أمريكياً أو مرشحاً رئاسياً من حزب رئيسي منذ أكثر من أربعة عقود، مما يكشف عن ثغرة أمنية خطيرة. وقد أدت هذه الأحداث إلى استقالة كيمبرلي شيتل من منصبها كمديرة لجهاز الخدمة السرية تحت ضغط من أعضاء الكونغرس من الحزبين.