يردّد العالم ـ في المنابر الأممية وعلى المواقع الإلكترونية ـ شعارات لا نهاية لها بمناسبة الذكرى الـ 75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لكن الواقع في الأرض، يشير ـ بطريقة مستفزّة ـ إلى ما تشهده المدن المحتلة بالصحراء الغربية من “تدهور متسارع” للحقوق الأساسية التي تضمّنها الإعلان المذكور، والذي كان ينبغي استخدامه فعليا للتشديد على المطالبة بضرورة توقف المجتمع الدولي عن سياسة ازدواجية المعايير وإنهاء “الحصانة” التي يتمتع بها الاحتلال المغربي.
أكدت الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي (إيساكوم) أن الذكرى الـ75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، يتم إحياؤها منذ أمس الأحد، تأتي بينما تشهد المدن المحتلة من الصحراء الغربية “تدهورا متسارعا” للحقوق الأساسية التي تضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، “سواء المدنية والسياسية، أو الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بسبب استمرار وتصاعد الانتهاكات المغربية الجسيمة والمنظمة”، وشددت الهيئة على ضرورة توقف المجتمع الدولي عن سياسة ازدواجية المعايير وإنهاء “الحصانة” التي يتمتع بها الاحتلال المغربي.
وحسب البيان، “تواصل قوات الاحتلال المغربية انتهاكاتها لقواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان، لاسيما الحق في الحياة والسلامة الجسدية وتمارس التعذيب بشكل ممنهج”، كما تواصل إصدار “الأحكام القاسية في حق الصحراويين والمفتقدة لأبسط شروط المحاكمة العادلة، وتمعن في أساليب الانتقام منهم، عبر تدبير عمليات الترحيل التعسفي بعيدا عن ذويهم (…)”.
ويواجه الأسرى الصحراويون بالسجون المغربية “أشكالا مختلفة من الممارسات الحاطة من الكرامة لإذلالهم والانتقام منهم، كما يتم باستمرار عزلهم في زنازين انفرادية وتعريضهم للضرب والسب والحرمان من الحق في الزيارة”.
وأبرزت الهيئة الصحراوية أن سياسة “العقاب الجماعي” التي تنهجها دولة الاحتلال المغربي ضد الصحراويين “تتخذ أساليب وأشكال متعددة تطال الأراضي والأبنية والممتلكات والمواشي، فتشمل الهدم والتجريف والمصادرة والتخريب”.
ولازالت دولة الاحتلال المغربي -يضيف البيان- “مستمرة في سياستها الانتقامية من المناضلات والمناضلين الصحراويين من خلال التضييق عليهم ومنعهم من ممارسة حقهم في التجمع والتظاهر السلمي وحرية التعبير والرأي، بالإضافة إلى الطرد من العمل وتهميش الشباب الصحراوي وإغراق المنطقة بعشرات الآلاف من المستوطنين، وتعزيز السيطرة والتحكم في موارد الشعب الصحراوي الحيوية والضرورية وحرمانهم من الاستفادة منها وتحسين ظروف حياتهم المعيشية”.
كما أن قوات الاحتلال المغربية ماضية في حصارها المشدد على المناطق المحتلة ومنع دخول المنظمات الحقوقية والمراقبين ووسائل الإعلام الدولية، ويشمل المنع حتى المقررين الخاصين التابعين للأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان بالرغم من قرارات مجلس الأمن الدولي الداعية إلى السماح لهم بدخول المنطقة للاطلاع على وضعية حقوق الإنسان بالصحراء الغربية المحتلة.
متى تتوقف مهزلة ازدواجية المعايير؟
وعليه – تقول إيساكوم – “نجدد مطالبتنا المجتمع الدولي بالتدخل العاجل والقيام بواجبه في وقف الانتهاكات المغربية المتصاعدة لحقوق الإنسان وضمان تمكين الشعب الصحراوي من المبادئ الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتي تحمي حقوق الإنسان وتعزز الكرامة الإنسانية وتحمي حقه في تقرير مصيره والتحرر من الاستعمار والاضطهاد”.
ودعت الهيئة الصحراوية إلى ضرورة “الضغط على دولة الاحتلال المغربي من أجل احترام حقوق الإنسان بالصحراء الغربية وتفعيل قرار فريق العمل المعني بالاحتجاز التعسفي التابع للأمم المتحدة الصادر يوم 11 أكتوبر 2023، ومطالبتها بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين الصحراويين بالسجون المغربية، خاصة مجموعة أكديمإزيك”.
كما اغتنمت “إيساكوم” المناسبة للتأكيد من جديد على “ضرورة توقف المجتمع الدولي عن انتهاج سياسة ازدواجية المعايير وإنهاء الحصانة التي تتمتع بها سلطات الاحتلال المغربية، كونها تشجع على مواصلة الجرائم، التي تقوض المبادئ والقيم التي يحميها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وإعمال مبدأ المحاسبة بما في ذلك الشروع في الملاحقة القضائية ضد من أمروا أو شاركوا في ارتكاب جريمة التعذيب الممنهج”.
وفي سياق متصل حث المجتمع المدني في الصحراء الغربية، مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على رفض ترشح المغرب لرئاسة المجلس للدورة المقبلة “2024”، مرجعا ذلك إلى سجل حقوق الإنسان المروع في المغرب بالإضافة إلى كونه دولة تحتل عسكريا الصحراء الغربية وتمارس فيها أبشع انتهاكات حقوق الإنسان.
وذكرت أكثر من 20 جمعية حقوقية صحراوية، في بيان جماعي لها أنه في الوقت الذي يتطلع المغرب إلى الفوز بمنصب الرئاسة الدورية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لسنة 2024، وهو المنصب الذي يخول له الإشراف والمتابعة لآلاف الشكاوى المتعلقة بحقوق الإنسان من جميع أنحاء العالم، فإن المجتمع المدني في الصحراء الغربية يحث المجلس على رفض ترشح الرباط لرئاسة المجلس.
وأشار البيان إلى أنه بالنظر إلى سجل حقوق الإنسان المروع في المغرب بالإضافة إلى كونه دولة تحتل عسكريا أراضي الصحراء الغربية، حيث يمارس أبشع انتهاكات حقوق الإنسان، ويرفض التعاون مع آليات الأمم المتحدة، ويستهدف المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين وغيرهم، بسبب تعاونهم مع هيئات الأمم المتحدة، فإن المغرب لا يستطيع رئاسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة”، وهذا يجب أن يكون -حسب البيان- “سببا كافيا لمنعه من رئاسة المجلس” منبها إلى أن “السماح للرباط بتولي رئاسة المجلس هو بمثابة +(تكليف الذئب برعـي الغنم)”.
وأضاف ممثلو المجتمع المدني الصحراوي، أن المغرب “أخفق بشكل مريع في تلبية المعايير الأساسية المطلوبة لحصول الدول على عضوية مجلس حقوق الإنسان، فمنذ أن أصبح المغرب عضوا في المجلس عام 2022، كثف مضايقاته للصحفيين ومنتقدين للسياسة الاستعمارية وأستمر في احتجاز وإخضاع الصحفيين والمدونين والمدافعين عن حقوق الإنسان وتعريضهم لمحاكمات جائرة”.