بينما تستمر حرب الإبادة الصهيونية ضد غزة وتواصل فصائل المقاومة عملياتها ضد جنود الاحتلال، فيما يستعد حزب الله لاحتمال خوض حرب شاملة ضد العدو الصهيوني، تعقد الجامعة العربية اليوم الخميس دورة غير عادية على مستوى المندوبين الدائمين برئاسة اليمن، لبحث هذا الموضوع: “سياسة مواجهة جرائم الإبادة الجماعية والعدوان الصهيوني والتوسع الاستيطاني”.
ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفأ) عن مندوب السلطة الفلسطينية بالجامعة العربية، مهند العكلوك، أمس الأربعاء، قوله إنّ الاجتماع سيبحث الإجراءات العربية، خاصة وأنه ينعقد في ظل استمرار جريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني على مدار نحو 9 أشهر متواصلة، وفي ظل قرارات الاحتلال التي تهدف إلى منع تجسيد استقلال دولة فلسطين على الأرض والإمعان في خطط ضم أراضي الضفة الغربية المحتلة، وأضاف أنّ الاجتماع سيبحث التوسّع الاستعماري الاستيطاني وتقويض صلاحيات الحكومة الفلسطينية وقرصنة أموالها.
في غضون ذلك، كشف منسق الحملة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان في فلسطين، جمال جمعة، أنّ مصادقة الكيان الصهيوني على قرار يقضي بتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية وشرعنة مستوطنات جديدة تقع في مناطق تابعة للسلطة الفلسطينية يهدف إلى السيطرة عليها كاملة كما يعد جزءا من عملية تصفية القضية الفلسطينية.
وأكد جمعة، في حديث للصحافة الجزائرية، أنّ قرار الكيان الصهيوني الذي يسعى لتنفيذه عن طريق “ذراعه الإرهابي” وهم المستوطنون، يهدف أيضا إلى “الاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الأراضي الفلسطينية وتسريع تنفيذ خطة ضم الضفة الغربية”.
ولفت ذات المسؤول إلى أن “خطة ضم الضفة الغربية كان قد أطلقها الكيان الصهيوني سنة 2020، ولما قام بنشرها أثارت ردود فعل دولية وعربية، و هو ما أدى به إلى الإعلان عن تجميدها، لكن كان ذلك شكليا فقط، لأن في الحقيقة لم يجمد المحتل هذه الخطة وإنما مضى فيها قدما منذ ذلك التاريخ”.
وأوضح نفس المتحدث أنّ الكيان الصهيوني “قام في البداية بتشكيل لجنة إدارية في وزارة المالية لنقل صلاحيات الإدارة المدنية إليها وعين على رأسها أحد رؤساء مجالس الاستيطان في الضفة الغربية”.
واعتبر أنّ “عملية إنهاء الإدارة المدنية وتحويل صلاحياتها إلى وزارة المالية في الكيان الصهيوني تعني ضم فعلي للضفة الغربية، لأن الإدارة المدنية هي الجهاز العسكري الذي يدير الضفة مدنيا لهذا تسمى إدارة مدنية ولكنها فعليا تخضع لحكم عسكري” صهيوني.
وأضاف جمعة أن إنهاء الكيان الصهيوني “للصلاحيات الأمنية من السلطة الفلسطينية في المنطقة [ج] (تشكل 60% من أراضي الضفة حسب اتفاقيات أوسلو وهي تابعة للسلطة الفلسطينية) وسحب منها الصلاحيات المدنية في المنطقة [ب] (تشكل 21% من الضفة وتابعة مدنيا للسلطة الفلسطينية) هو عمليا ضم فعلي للضفة الغربية، وهذا ما تقوم به قوات الاحتلال بشكل تدريجي على الصعيدين السياسي والقانوني، وعلى الصعيد الآخر الذي يقوم على التهجير والإخلاء وتهيئة الظروف المحلية على الأرض من أجل عملية الضم”.
وأشار إلى أنّ “تهيئة الظروف المحلية تعني إخلاء التجمعات الفلسطينية في المنطقة التي يريدون ضمها وتعزيز منظومة الفصل العنصري وبناء الشوارع الالتفافية التي تفصل ما بين الفلسطينيين وما بين الصهاينة في الضفة الغربية”.
وأفاد جمال جمعة بأنّ الضفة الغربية تضم حاليا “198 مستوطنة كبيرة وهي تعتبر في منظور الكيان الصهيوني شرعية، وما يفوق 200 بؤرة استيطانية (مستوطنات غير شرعية)” تعمل قوات الاحتلال على شرعنتها، مشيرا إلى أنّ هناك نوعا آخرا من المستوطنات “التي ظهرت منذ سنة 2018 وتسمى مستوطنات رعوية تبنى على مقربة من التجمعات السكنية البدوية”. وقال منسق الجبهة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان أنه “بعد 7 أكتوبر، تم إخلاء على الأقل 26 موقعا فلسطينيا من سكانه وتم تهجيرهم بقوة السلاح من أراضيهم”.
ودعا المتحدث ذاته، السلطة الفلسطينية إلى ضرورة اتخاذ “قرار سياسي استراتيجي” لمجابهة هذا التوسع الاستيطاني الذي يهدف لطمس الوجود الفلسطيني، خاصة في ظل ما يمارسه الكيان الصهيوني في قطاع غزة من إبادة جماعية للشعب الفلسطيني وتهجير وتطهير عرقي ممنهج في الضفة الغربية.
كما طالب بتشكيل “جبهة عمل عربية وإسلامية ودولية من أجل ممارسة ضغط كبير على الأمم المتحدة لاتخاذ خطوات جدية ووازنة لوقف الانتهاكات الخطيرة بحق الشعب الفلسطيني وأهمها استهداف وجوده، لأن ما يجري اليوم في قطاع غزة وفي الضفة الغربية هو استكمال لما بدأه الكيان الصهيوني في سنة 1948”.
استخدام التجويع كسلاح حرب في غزة
وقبل ذلك، كان الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة، عمار بن جامع، قد أكد يوم الثلاثاء، بمجلس الأمن، أن الكيان الصهيوني يواصل استخدام التجويع كأسلوب حرب في قطاع غزة، كاشفا أن الهدف من وراء هذه السياسة هو تهجير الغزاويين خارج أراضيهم.
ووصف بن جامع خلال مداخلته في جلسة لمجلس الأمن خصصت لمنطقة الشرق الأوسط وفلسطين، “الوضع الإنساني في غزة بالكارثي بعد تسعة (9) أشهر من تفعيل آلة الحرب الصهيونية ضد أهالي غزة العزل”، مؤكدا أن الكيان الصهيوني يواصل استخدام التجويع كأسلوب حرب في قطاع غزة.
وفي هذا السياق، أشار المتحدث ذاته إلى تقرير المديرة التنفيذية لمنظمة الغذاء العالمي، الذي أكد أنه لا يمكن تجنب المجاعة في غزة إلا بضمان الوصول “الفوري والكامل” للمساعدات الإنسانية إلى شمال القطاع.
وذكر بن جامع أنّ مجلس الأمن كان قد اعتمد، شهر ديسمبر الماضي، القرار رقم 2720 الذي يدعو إلى وضع آلية تهدف إلى تسهيل وتبسيط عمليات وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وهي الآلية لتي تم تقديمها على أساس حل للعوائق التي فرضتها إدارة المحتل الصهيوني”، مؤكدا أنّ هذا القرار أثبت “عدم نجاعته”.
وكشف السفير الجزائري أنّ “حوالي 100 شاحنة كانت تدخل يوميا إلى غزة عندما تم اعتماد هذا القرار، مقابل 500 شاحنة قبل السابع 7 من أكتوبر، واليوم (…) يواصل الفاعلون الإنسانيون مواجهة العديد من الصعوبات للدخول إلى غزة”، لافتا أن وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، أصبح “محدودا للغاية”، إذ تم تسجيل دخول 73 شاحنة في اليوم كحد أقصى خلال شهر يونيو لمنصرم.
وأضاف “هذا العدد المحدود هو نتيجة سياسة المحتل (الصهيوني) المتعمدة التي تستخدم التجويع كسلاح حرب (…) إذ يتم استخدام الجوع والخوف لإخضاع الفلسطينيين ولتحويل حياتهم إلى جحيم حقيقي”، متسائلا “كيف يمكننا أن نبرر تدمير (…) معبر رفح الذي أصبح الآن خارج الخدمة؟ كيف يمكن تبرير كل هذه العقبات البيروقراطية التي تفرضها سلطات الاحتلال على دخول المساعدات الإنسانية؟”.
كما ذكر أنّ الزيادة الاستثنائية التي بلغت 169 شاحنة تدخل يوميا إلى قطاع غزة في أفريل الماضي “تثبت أن سيولة مرور المساعدات الإنسانية مرتبطة حصريا بالضغط الدولي ومع الأسف كذلك، بإرادة المحتل”.
من جهة أخرى، أعرب بن جامع عن أسفه لاستحالة استمرار عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في قطاع غزة، قائلا “إنه غير مقبول أن تبقى الأونروا محلا للاستهداف، فالأونروا لا يمكن تعويضها”.
كما أشار إلى أنّ قوات الاحتلال الصهيوني تواصل هجماتها على الشرطة المحلية الفلسطينية خلال عمليات تسليم المساعدات الإنسانية، مصرحا “اليوم، لا أحد يريد تحمل مخاطر مرافقة قوافل المساعدات الإنسانية لأنها ستكون هدفا لقوات الاحتلال وهو ما يعتبر جزءا من السياسة الرامية إلى تدمير النظام المدني ودفع الغزاويين خارج أرضهم”.
“في الوقت الذي نناقش فيه عدد الشاحنات التي تدخل إلى غزة وكيفية إجبار المحتل على احترام التزاماته المرتبطة بالقانون الإنساني، يموت الناس في غزة من الجوع. إنه أسوء وضع لم يوثق على الإطلاق”، كما قال، مشددا على ضرورة “أن نتحرك اليوم (…) فحياة الفلسطينيين مهددة بالجوع والأمراض، بدون تدخل عاجل سيشهد العالم مأساة إنسانية ستكتب في أحلك صفحات التاريخ”.
ميقاتي يرفع صوته ضد العدوان الصهيوني
دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، المجتمع الدولي إلى وضع حد للعدوان الصهيوني المستمر على لبنان، معتبرا أن قتل المدنيين وتدمير البلدات وإحراق المزروعات “عدوان تدميري وإرهابي موصوف”.
وقال ميقاتي، في كلمة أمس الأربعاء، أن ما يشهده جنوب لبنان حاليا من أحداث هو نتيجة لتفاقم اعتداءات الاحتلال على السيادة الوطنية اللبنانية وخرقها المستمر والمتمادي للقرار الدولي رقم 1701، وأضاف أن خيار لبنان كان ولا يزال السلام المبني على الحق والعدالة وعلى القانون الدولي لا سيما القرار 1701، وأنه لن يرضى بالاعتداء على أبنائه وسيادته وكرامته الوطنية.
وذكّر ميقاتي المجتمع الدولي بمسؤوليته الإنسانية والأخلاقية تجاه لاجئي فلسطين في لبنان، مشددا على أنه لا يوجد اتفاق سلام يستطيع أن يحيا إلا بضمان حق العودة للفلسطينيين وأن جوهر السلام أن يعيش الشعب الفلسطيني على أرضه في ظل دولة حرة مستقلة.
وسبق للبنان أن طالبت الأمم المتحدة مرارا بإلزام الاحتلال الصهيوني بتطبيق القرار الدولي 1701 ووقف خروقاته للحدود اللبنانية جوا وبحرا وبرا. وللإشارة فإنّ لبنان تشهد منذ أكتوبر الماضي اعتداءات متواصلة بشكل يومي من قوات الاحتلال على المناطق الجنوبية، بالتزامن مع عدوانه المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023.