في زمن تلاشي الهوية.. يهودي من مجتمع الميم يقود حكومة فرنسا

قرّر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أمس الثلاثاء، تعيين غابرييل عتال البالغ من العمر 34 عاما، رئيسا للوزراء ليقود الحكومة الفرنسية في زمن تبدو فيه باريس متلاشية الهوية؛ فهي خلال القضايا المطروحة – مثل العدوان الصهيوني على غزة أو العملية الروسية في أوكرانيا – تقول “لا” لتعني بها “نعم”، ما يجعل عتال – وهو أصغر رئيس وزراء منذ تأسيس الجمهورية الفرنسية الخامسة في عام 1958 – صورة الشخصية متعددة الألوان، فهو رجل مثلي من مجتمع الميم يشغل ثاني أقوى منصب سياسي في البلاد.

ويشغل عتال، النجم الصاعد في حزب “الجمهورية إلى الأمام” الذي يتزعمه ماكرون، منصب وزير التربية والشباب الوطني منذ جويلية 2023. وخلال فترة ولايته، أصدر حظرا مثيرًا للجدل على ارتداء العباءات والقمصان الطويلة في المدارس، ما أثار جدلًا وعرضه لانتقادات جمعيات حقوقية وتيارات سياسية معارضة.

وقال ماكرون في تغريدة على منصة “أكس”، المعروفة سابقًا باسم تويتر، بعد الإعلان: “أعلم أنه يمكنني الاعتماد على طاقتكم والتزامكم”.

وقبل توليه وزارة التعليم، شغل عتال منصب المتحدث باسم الحكومة ثم وزير الأشغال العامة والحسابات العامة، كما أنه يحل محل إليزابيث بورن التي استقالت من منصبها، يوم الإثنين، بعد فترة مضطربة استمرت 20 شهرًا تميزت بقرار لا يحظى بشعبية برفع سن التقاعد، وأعمال شغب في المناطق الحضرية خلال الصيف بعد أن أطلقت الشرطة النار وقتلت صبيًا جزائريا، ولم يكن رحيلها مفاجئا، لأنه جاء قبل تعديل وزاري طال انتظاره.

ولد غابرييل نيسيم عتال سنة 1989 في مدينة كلامار لعائلة ثرية، وكان والده إيف عتال محاميا ومنتجا سينمائيا، وهو من أصول يهودية تونسية. أما والدته ماري دو كوريس، فقد كانت موظفة في شركة إنتاج وهي مسيحية أرثوذكسية ذات أصول يونانية من سكان مدينة أوديسا في أوكرانيا.

وعندما كان شابا، كان على علاقة مع المغنية جويس جوناثان. ومنذ 2017، دخل في عقد مدني مع النائب الأوروبي ستيفان سيجورني قبل أن يعلن في ديسمبر 2018 عن مثليته الجنسية.

حصل عام 2010 على شهادة البكالوريوس في القانون من جامعة “بانتيون الثانية”، وفي عام 2013 حصل على شهادة الماجستير في الشؤون العامة بمعهد الدراسات السياسية في باريس.

أصبح عتال عضوًا في الحزب الاشتراكي عام 2006، وكان من أوائل الاشتراكيين الذين اقتنعوا بفكرة إيمانويل ماكرون أثناء إنشاء حركته “إلى الأمام” في 2016، والتي تطورت فيما بعد إلى إعلان تأسيس حزب “الجمهورية إلى الأمام” عام 2017، وأصبح يسمى”حزب النهضة” عام 2022.

كان عتال من أوائل من دعموا ماكرون علنا عندما قرر الترشح للرئاسة عام 2017، وأصبح المتحدث الرسمي لحزبه من 4 جانفي إلى 16 أكتوبر 2018، كما شغل عتال منصب متحدث الحكومة بين عامي 2020 و2022، وعينه ماكرون وزيرًا مفوضًا للحسابات العامة في ربيع 2022.

وسارع زعماء المعارضة إلى القول بأنهم لا يتوقعون الكثير من وراء التغيير في منصب رئيس الوزراء، حيث يتولى ماكرون نفسه الكثير من عملية صنع القرار، وقال أوليفييه فور زعيم الحزب الاشتراكي لراديو فرانس إنتر: “إليزابيث بورن أو غابرييل عتال أو أي شخص آخر، لا يهمني، ستكون السياسات ذاتها”.

وقبيل بدء العام الدراسي الجاري في سبتمبر 2023، وعقب شهر من ترقيته وزيرا للتعليم أواخر جويلية 2023، أصدر عتال قرارًا في 27 أوت يقضي بمنع ارتداء العباءات والقمصان الطويلة في المدارس، ما أثار جدلًا وعرضه لانتقادات جمعيات حقوقية وتيارات سياسية معارضة.

ولدى سؤال عتال عن المسألة التي تثير جدلاً على خلفية حوادث على صلة بارتداء اللباس، كشف عتال في تصريح لقناة «تي أف 1» أنه يسعى إلى لقاء مسؤولي المدارس لمساعدتهم في تطبيق هذا الحظر، وأضاف أنه “عندما تدخل فصلاً دراسياً، ينبغي ألا يكون بوسعك التعرف إلى ديانة الطلاب بمجرد النظر إليهم”، وهي الفكرة التي تختصر معنى تلاشي الهوية.

حميد سعدون

حميد سعدون

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
جامعة الدول العربية: تجويع الفلسطينيين جريمة حرب وإبادة جماعية وثائق سرية تفضح تورط جنرالات فرنسا في تعذيب الجزائريين خلال الثورة التحريرية مشروع استراتيجي لتعزيز تصدير الكهرباء الجزائرية نحو تونس وليبيا عرقاب في بشار لإطلاق مشاريع طاقوية استراتيجية هيئة اللجان الأولمبية الإفريقية تُكرّم الرئيس تبون بالوسام الذهبي استحداث "بكالوريا مهنية" لتعزيز التكوين المتخصص وتلبية احتياجات سوق العمل الجزائر تُطلق أوّل مصحف رقمي موجّه للمكفوفين احتكار الذكاء الاصطناعي.. كيف تعيد القوى الكبرى رسم خرائط السيطرة؟ وكالة الأنباء الجزائرية: "كفى نفاقًا.. فرنسا هي المستفيد الأكبر من علاقاتها مع الجزائر" إنجاز مركز بيانات مرفق بمركز حوسبة للذكاء الاصطناعي بوهران "برج إيفل" يرتدي الحجاب.. ما القصة؟ في سابقة وطنية.. "صيدال" توفر أقلام أنسولين جزائرية للسوق المحلي التحويلات المالية بين الأفراد عبر الهاتف النقال ترتفع بأكثر من الضعف في 2024 الشيخ موسى عزوني يكسر الصمت: "هذا ما قصدته بحديثي عن السكن والزواج" بلعريبي يأمر بتسريع إنجاز مستشفى 500 سرير بتيزي وزو بلاغ هام لفائدة الحجاج قيود صهيونية جديدة على نشاط منظمات الإغاثة.. الاحتلال يقطع شريان الحياة الأخير عن غزّة حجز 34 حاوية من مادة الموز بميناء عنابة باحثتان جزائريتان تقودان ثورة علمية في مجالي الطب والبيئة.. ما القصة؟ وزارة الصحة تشدد على ضرورة إجراء التحاليل الطبية قبل الختان