في صرخة خالصة موجّهة إلى المجتمع الدولي.. الجزائر: قف.. الشعب الفلسطيني يُباد

أدانت الجزائر ـ على لسان وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، أحمد عطاف ـ سياسة «غضّ الطرف» التي يتبناها المجتمع الدولي، متنكرا لـ»الإبادة كاملة الأركان التي تدور رحاها في غزة»، وعبّر عطاف عن صرخة غضب جزائرية خالصة إزاء «السكوت» المطبق أمام مشاهد الإبادة التي ينفّذها الاحتلال الصهيوني ضدّ الشعب الفلسطيني، وكأن لسان حال المجتمع الدولي يقول: «سكوت، هناك شعب يُقتل! سكوت، هناك شعب يُدمّر! سكوت، هناك شعب يُهجّر! سكوت، هناك شعب تتم إبادته»، وأضاف عطاف: «هذا السكوت في وجه الفاجعة لا يطاق».

وكان عطاف قد استهلّ كلمته ـ أمس الأربعاء ـ خلال افتتاح أشغال الدورة الـ20 للاجتماع الوزاري لدول إفريقيا ودول شمال أوروبا الجارية بالمركز الدولي للمؤتمرات «عبد اللطيف رحال»، بالترحيب بضيوف الجزائر الذين نقل لهم تحيات الرئيس تبون، وتمنياته بالنجاح لأشغال الاجتماع، مثمنا عاليا التئام آلية التعاون والتشاور هذه التي «أثبتت على مر الأعوام نجاعتها وفعاليتها في خدمة علاقات التعاون بين بلداننا».
وأكد عطاف في سياق خطابه على أنّ «غض الطرف عن إبادة الفلسطينيين في غزة لا يخدم أمن المنطقة»، ومن هذا المنطلق، اعتبر وزير الخارجية أنّه مما لا شك فيه أن «عالمنا اليوم، أحوج ما يكون لإعلاء هذه القيم، ونحن نشهد عودة مظاهر الاحتكام لمنطق (توازن القوى) ومنطق (الأقلية الساحقة على حساب الأغلبية المسحوقة) ومنطق (الكيل بمكيالين) في التعامل حتى مع أبشع الجرائم التي ترتكب بحق شعب بأكمله، على شاكلة المجزرة التي لحقت بأهلنا في غزة (الثلاثاء) وسط صمت دولي رهيب».
وتابع قائلاً: «وكأنّ لسان حال المجتمع الدولي يقول: سكوت، هناك شعب يقتل! سكوت، هناك شعب يدمر! سكوت، هناك شعب يهجر! سكوت، هناك شعب تتم إبادته”، مضيفاً بالقول إنّ «هذا السكوت في وجه الفاجعة لا يطاق. هذا الشلل في كل المراجع والمعالم والضوابط القانونية الإنسانية التي تُخرق وتًداس، لا يُقبل»، وشدّد عطاف على أنّ «غضّ الطرف عن الإبادة كاملة الأركان التي يدور رحاها في غزة لا يمكن البتة أن يخدم أمن المنطقة وإنهاء الاحتلال فيها وإحقاق الحقوق لصالح أصحابها الشرعيين».
وعلى صعيد النتائج التي خلصت إليها الأشغال، ذكر وزير الخارجية خمس خلاصات أساسية للنتائج التي تمخضت عن اجتماعات الدورة، تجلت الأولى في التأكيد على أن الأشغال «أكدت تمسك الجميع بها، وهي التي نجحت إلى حد كبير في تأطير حوارنا وفي توطيد علاقاتنا، وفي تنسيق مساعينا المشتركة خلال العقدين الماضيين»، لافتا إلى القناعة التي تكونت بـ»أهمية اعتماد ترتيبات إجرائية تصون الذاكرة المؤسسية للجهود المشتركة، وتساهم في استدامة وفي تعزيز هذا الإطار التشاوري والتنسيقي».
وتمثلت ثاني خلاصة ـ يقول – في تسليط الأشغال الضوء على «التحديات غير المسبوقة التي تشهدها الأوضاع العالمية والإقليمية في ظل منظومة أممية شبه مشلولة، وعلاقات دولية يسودها الاضطراب والاستقطاب، وواقع قاري مثقل بالأزمات المتراكمة والصراعات المتفاقمة، والتهديدات الإرهابية التي تعاني منها الدول والشعوب الإفريقية، لا سيما في منطقة الساحل الصحراوي».
وفي السياق، لفت عطاف إلى أن المشاورات خلصت إلى ضرورة العمل من أجل تحويل التحديات المذكورة إلى فرص للتعاون والشراكة وتوظيف الطاقة الشبابية الهائلة في إفريقيا، بما يخدم الأهداف والتطلعات المشتركة في مجالات السلم والأمن والتنمية المستدامة.
أما ثالث نتيجة، فأبرزت، يضيف الوزير، أن «الجميع متمسك بالعمل الدولي متعدد الأطراف، وبالنظام الدولي القائم على قواعد واضحة ومنصفة تحتكم إليها جميع الأمم على قدم المساواة، كدول ذات صوت مسموع و أمن مضمون وسيادة مصانة ومصالح محترمة».
وأوضح عطاف: أن «الأمر يكون في سياق الجهود المبذولة لإنجاز وتفعيل المشاريع الرائدة للأجندة الطموحة 2063، وبالخصوص منطقة التجارة الحرة القارية التي تعد بذاتها أداة متكاملة الأركان لتنمية إفريقيا، أو في سياق المساعي الرامية لضمان تكفل إفريقي بالمشاكل الإفريقية، عبر بلورة آليات تستجيب أكثر لمتطلبات الراهن القاري في مجالات حفظ السلم والأمن».
أما آخر نتيجة خلصت إليها الأشغال، يقول عطاف، فأكدت أن التعاون والتنسيق بين دول إفريقيا-شمال أوروبا، عليه تجاوز عامل «الظرفية» وعدم الاقتصار على اجتماعات سنوية، مشددا على ضرورة أن «يمتد الأثر البناء والتأثير الإيجابي للعلاقة المتميزة التي تجمع بين دولنا إلى المحافل الدولية، وعلى رأسها المنظمة الأممية، أين يمكن أن نعمل سويا ككتلة متجانسة لإعادة الزخم المطلوب للمبادئ والأهداف المكرسة في ميثاق الأمم المتحدة».

راسموسن يجهر بالحق

ولم تنحصر النقاشات على التحديات، بل شملت، حسب عطاف، فرص التعاون والشراكة الاقتصادية في سياق تفعيل المشاريع الرائدة للأجندة القارية 2063، وعلى رأسها منطقة التجارة الحرة، وكان الاجتماع فرصة لثلة من الشباب الأفارقة الطلبة بالمعهد الإفريقي للتكوين المتخصص بتلمسان، رفقة نظرائهم من دول الشمال، «للتباحث حول موضوع التعليم في إفريقيا، الذي سيشكل الأولوية الرئيسية للقمة المقبلة للاتحاد الإفريقي».
وأكد الوزير أن المحادثات أبرزت بصفة جلية مقومات هذه الشراكة التي تجمع بين دول إفريقيا وشمال أوروبا، وهي المقومات التي تجعل من هذه الشراكة «متوازنة في خدمة الثوابت التي يلتزم بها الطرفان والمتمثلة في المبادئ والقيم المكرسة في ميثاق الأمم المتحدة، ومفيدة في دعم العمل الدبلوماسي متعدد الأطراف والصالح العام الدولي، وواعدة في استغلال الفرص والإمكانات التي توفرها اقتصاديات الدول الإفريقية، ونموذجية يمكن أن تلهم مستقبل العلاقات بين الجنوب والشمال بصفة عامة».
وهنأ عطاف نظيره الدنماركي لارس لوك راسموسن، لاختيار بلاده من أجل تنظيم الدورة القادمة للاجتماع الوزاري، حيث ستحتضن العاصمة كوبنهاغن، شهر ماي المقبل الدورة الـ21، من جهته، افتتح الوزير راسموسن كلمته بإدانة قصف الاحتلال الصهيوني لمستشفى الأهلي المعمداني، في غزة، والذي راح ضحيته أكثر من 500 شهيد وتسجيل حوالي 600 جريح، مؤكدا موقف بلاده الرافض للعنف والتقتيل.
وفي السياق، قال وزير الخارجية الدنماركي «إننا نعيش فترة صعبة حاليا. أنا متأثر بالانفجارات والضربات التي استهدفت مستشفى غزة ومعاناة المدنيين هناك، فأوضاعهم صعبة جدا وهم بحاجة إلى المساعدات الإنسانية»، لافتا إلى أن بلاده ستقدم مساعدة مالية للمتضررين في غزة. وفيما يتعلق بأشغال الدورة، أوضح راسموسن أن دول شمال أوروبا قدمت إلى الجزائر وحضرت أشغال الدورة «للاستماع إلى الزملاء الأفارقة، لأننا نحتاج إلى التجارب والخبرة الإفريقية، ولتعزيز شراكتنا متعددة الأطراف بما يخدم شعوبنا والأجيال القادمة».
وأعرب عن استعداد دول شمال أوروبا للعمل مع إفريقيا من أجل «إصلاح منظومة الأمم المتحدة بما فيها مجلس الأمن الدولي»، مردفا «وسنعمل من اجل ضمان الدعم اللازم للتصدي لتحديات الأمن والسلم في القارة الإفريقية، من خلال الاستثمارات والتعاون الدولي. سنقوم بكل ما في وسعنا للالتزام بوعودنا».

حميد سعدون

حميد سعدون

اقرأ أيضا