هل يمكن أن تشارك دول عربية وغير عربية في تشكيل قوة متعددة الجنسيات لحفظ الأمن والسلام والاستقرار في قطاع غزة قبل توقّف العدوان وانسحاب القوات الإسرائيلية؟
هذا السؤال صار مطروحا بقوة في وسائل الإعلام العالمية عقب تقرير نشرته صحيفة بوليتيكو الأمريكية مؤخراً، وجوهره أنّ وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» تدرس تمويل قوة متعددة الجنسيات أو فريق حفظ سلام في قطاع غزة.
التقرير يقول إنّ الدراسة تشمل وزارة الدفاع والبيت الأبيض ووزارة الخارجية وأطرافا دولية، بشأن الشكل الذي ستبدو عليه طبيعة هذه القوة بعد نهاية الحرب. التقرير به معلومات وأفكار متضاربة ومتناقضة، من قبيل أنّ القوة ستكون برئاسة أمريكية، لكن من دون وجود جندي أمريكي واحد على أرض غزة، وأنّ مهمة هذه القوة هي تأمين مرحلة اليوم التالي بعد نهاية الحرب، لكن بعض المصادر الإسرائيلية تقول إنّها مرحلة انتقالية للمساعدة في حماية وتوزيع المساعدات الإنسانية في غزة بعيدا عن حركة حماس وبقية فصائل المقاومة الفلسطينية.
الملفت في تقرير “بوليتيكو” وبعض تقارير وسائل إعلام أخرى ومنها «أكسيوس» الأمريكي أنّ “إسرائيل” هي صاحبة الفكرة الأصلية لهذا الاقتراح، وتزامن نشر التقرير مع قول يوآف غالانت وزير الدفاع الإسرائيلي يوم الجمعة الماضى إنّ بعض الدول العربية قد وافقت على هذا المقترح.
تقرير أكسيوس يقول إنّ غالانت طلب دعما سياسيا وماديا من المسؤولين الأمريكيين الذين التقاهم خلال زيارته الأخيرة لواشنطن وهم وزير الدفاع لويد أوستن والخارجية أنتونى بلينكن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان.
الوزير الإسرائيلي اقترح نشر قوة عربية في غزة لفترة انتقالية محدودة تتولى تأمين الرصيف البحري الذي تقيمه الولايات المتحدة أمام سواحل غزة لتلقى المساعدات القادمة عبر الممر البحري من قبرص.
تمويل البنتاغون المقترح للفكرة لن يتضمّن بأي حال نشر قوات أمريكية بل توفير احتياجات القوة الأمنية، إضافة لما ستقدّمه بلدان أخرى، وأحد الاقتراحات هو أن يتوجّه تمويل هذه القوة إلى بند إعادة الإعمار والبنية التحتية بعد إنهاء الحرب.
وفي تقرير بوليتيكو، هناك غموض واضح بشأن توقيت نشر هذه القوة، وهل يكون أثناء استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة أم بعد توقفه؟ هذا سؤال مهم لأنه لا يعقل أن يكون هناك نشر لأي قوات من أي جهة سواء كانت عربية أو أجنبية طالما أنّ المقاومة الفلسطينية لم تنكسر.
والمثير للدهشة أنّ التقارير أو التسريبات الإعلامية لا تتطرق إطلاقا لإمكانية وجود قوات تابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية خصوصا أنّ حماس لم تمانع إطلاقا من عودة السلطة إلى غزة، بعد ترتيبات محدّدة، وهو الأمر الذي تدفع إليه كل من مصر والأردن وبعض الدولة العربية خصوصا الخليجية، وبالتالي فإنّ تسريبات كل من «بولتييكو» و«أكسيوس» هي إسرائيلية بامتياز حتى لو كانت ترتدي القبعة الأمريكية.
ونعلم أنه كان هناك اقتراح بتدريب 20 ألفا من أفراد الأمن والشرطة المدعومة من السلطة الفلسطينية، لكي تتولى حفظ الأمن في القطاع، لكن حكومة اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو ترفض أي وجود فلسطيني في غزة، ونتذكّر قول مجرم الحرب بنيامين نتنياهو: “لن نسمح بدولة لحماستان أو فتحستان في غزة”.
وبالتالي فالسؤال: هل هذه التقارير والتسريبات الأخيرة هدفها ممارسة الضغط على البلدان العربية للمشاركة في هذه الخطط، أم أنها تكشف حالة التخبّط الإسرائيلية بشأن اليوم التالي، أم أنّ هناك تغيّرات حدثت في المواقف، أم هناك أمور أخرى سيتم الكشف عنها مستقبلا؟!