في ظل صهيونية الفيفا.. أخلاق كرة القدم تركلها أقدام اللوبيات

 ازدواجية المعايير الصارخة لدى الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) تهوي بمصداقيته إلى الحضيض، كاشفةً عن اختلال ميزانه الأخلاقي بين دماء الفلسطينيين ودماء غيرهم. ففي الوقت الذي سارع فيه إلى معاقبة المنتخبات والأندية الروسية ومنعها من المشاركة في البطولات الدولية بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، يواصل منح الشرعية للفرق والأندية “الإسرائيلية”، رغم بشاعة حرب الإبادة الجماعية التي أودت بحياة أكثر من 40 ألف مدني فلسطيني، بينهم رياضيون ولاعبو كرة قدم وحكام، بينما تُدمر المنشآت الرياضية الفلسطينية في قطاع غزة بشكل ممنهج ودون أي رادع. ورغم هذه الجرائم الموثّقة، يظل “الفيفا” صامتًا، دون إبداء أبسط المواقف، حتى إزاء العنصرية الممنهجة التي يمارسها الاتحاد “الإسرائيلي” بحق الرياضيين الفلسطينيين، حيث يفرض قيودًا تعسّفية تعرقل عمل الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، في مشهد تواطئي يفضح زيف شعارات “الفيفا” حول الحيادية وعدم تسييس الرياضة، وهي القضية الشائكة التي تتناولها “الأيام نيوز” في ملف عدد اليوم، مسلّطة الضوء على حقيقة هذا الاتحاد الذي حوّل اللعبة الأكثر شعبية في العالم من رسالة إنسانية سامية توحّد الشعوب إلى أداة تخدم أجندات الاحتلال وتكرّس مشاريع الصهيونية على حساب قيم العدالة والإنصاف.

أعادت الهتافات العنصرية المعادية للعرب، والأعمال الهمجية التي قام بها مشجعو نادي مكابي تل أبيب وهو أحد أندية كرة القدم “الإسرائيلية” الأشد عنصرية، في العاصمة الهولندية أمستردام المطالب الرسمية والجماهيرية بضرورة حظر الاتحاد “الإسرائيلي” وطرده من الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، بعد أن أقدم مشجعو مكابي تل أبيب على استفزاز الجالية العربية في أوروبا بإطلاقها هتافات عنصرية ضدهم قبل مواجهة فريق أياكس ضمن بطولة الدوري الأوروبي، وقامت الجماهير بإنزال علم فلسطيني من المبنى، والاعتداء على سيارة أجرة، وإحراق علم فلسطيني في إحدى الساحات، ما أشعل أحداث شغب واشتباكات بين مشجعي هذا الفريق، ومؤيدي القضية الفلسطينية.

وفي هذا الصدد، أدانت الخارجية الفلسطينية الهتافات العنصرية المعادية للعرب، والأعمال الهمجية التي قام بها مشجعو النادي الإسرائيلي في العاصمة الهولندية أمستردام على مدار 3 أيام متواصلة، وعبرت الخارجية الفلسطينية في بيان لها أن تلك الأعمال تضمنت الاعتداء على العلم الفلسطيني، وإنزاله من بعض الأماكن التي ترمز إلى دعم الحق الفلسطيني في وجه جرائم الاحتلال والإبادة في قطاع غزة.

وبالمناسبة، دعت الخارجية الفلسطينية حكومة هولندا إلى التحقيق مع مثيري الشغب، وحماية الفلسطينيين والعرب من هؤلاء المستوطنين والجنود الإسرائيليين الذين توجهوا إلى هولندا لنقل أفكارهم العنصرية وجرائمهم للعواصم الأوروبية، مشددة على رفضها للعنف بكافة أشكاله.

بيتار القدس.. نادي العنصريين والمتطرفين

وخلال أحداث أمستردام جرى تداول اسم فريق مكابي تل أبيب بشكل كبير، وأقدمت جماهيره على ترديد عبارات مسيئة كان أبرزها: “دع جيش الدفاع الإسرائيلي يفوز من أجل.. العرب”، إلا أن هذا لا يعد سوى القليل مما تتفاخر به الجماهير “الإسرائيلية” داخل الأراضي المحتلة.

“لا فاميليا”، هي رابطة مشجعي نادي بيتار القدس، أكثر ناد عنصري على مستوى العالم، تتكون من عناصر متطرّفة دائما ما تردد في مباريات كرة القدم هتافات مثل “الموت للعرب”، و”محمد مات”، و”لتحترق القرية”. كما أن هذا التنظيم هو نفسه الذي ردد في مسيرات داخل مدن الساحل الفلسطينيّ المحتلّة صرخات “الموت للعرب”، وعمل على حرق وتدمير واجهات المحلات العربيّة في “بات يام” المتاخمة لمدينة يافا.

وانضمّ لأعضاء ألتراس “لا فميليا” مجموعات من مؤيدي “كاهانا” الاستيطانية الإرهابيّة من أجل الانتقام والاعتداء على العرب في يافا، وهم يسيرون في جماعات. ومن أبرز داعمي فريق بيتار شخص “إسرائيلي” اسمه موشيه نيسيم، ولقبه “دوبي”، وهو أحد جنود الاحتياط في وحدة الجرافات الذين تم تجنيدهم خلال اجتياح جنين عام 2002، نشرت “يديعوت أحرونوت” مقابلة معه تحت عنوان “انتقام الجرافة”.

وقال “دوبي” في ذلك الوقت: “وضعت راية بيتار القدس على الجرافة العملاقة وقلت لعائلتي عندما تشاهدونها في التلفاز ستعرفونني، ولو كنت صاحب القرار، لرفعت الراية على المسجد بالمخيم.. هل تعلم كيف صمدت لمدة 75 ساعة لم أترجل بها عن الجرافة؟ كنت أشرب الويسكي طوال الوقت حتى لا أشعر بالتعب”.

ازدواجية معايير عنصرية متأصلة

وفي الوقت الذي غيرت فيه جهات عديدة مواقفها تجاه القضية الفلسطينية ورفض عنصرية وكراهية الكيان الإسرائيلي، تصر “الفيفا” على مواقفها المنحازة لـ”إسرائيل” واللوبي الصهيوني، مستمرة في نهجها الانتهازي العنصري، رافضة احترام القوانين الدولية والأخذ بها، مُكرّسة بذلك سياسة الفساد التي تعاقبت عليه إداراتها وأصبحت جزء من تقاليدها وأخلاقياتها.

وفي هذا الإطار، سبق وأن انتقدت زارا سلطانة النائب عن حزب العمال الحاكم في بريطانيا عدم تطبيق الإجراءات المتخذة ضد روسيا في مجال الرياضة بسبب حربها على أوكرانيا، على “إسرائيل” أيضا، ووصفت ذلك بأنه “ازدواجية معايير عنصرية متأصلة في السياسة والرياضة في العالم”.

وأشارت سلطانة في منشور لها على منصة “إكس”، أنه لم تُفرض أي عقوبات على إسرائيل، بينما تم استبعاد روسيا بسرعة من جميع بطولات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) والاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بعد تدخلها في أوكرانيا. وقالت: “بعد 13 شهرا من الإبادة الجماعية التي أودت بحياة أكثر من 118 ألف فلسطيني، لم تواجه “إسرائيل” مثل هذه العقوبات”. وأضافت: “هذا يؤكد المعايير المزدوجة العنصرية المتأصلة في السياسة والرياضة في العالم”.

من جانبه، أكد المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان، أنه من الضرورة مساءلة ومحاسبة “إسرائيل” على ما ارتكبته من جرائم ولا تزال بحق الرياضيين الفلسطينيين في غزة.

ودعا الأورو متوسطي، شهر ماي الماضي، اللجنة الأولمبية الدولية والاتحاد الدولي لكرة القدم “FIFA” إلى اتخاذ إجراءات جدية ضد “إسرائيل” التي قتلت 270 رياضي فلسطيني على الأقل، ودمرت البنية التحتية والمنشآت والملاعب الرياضية.

وأوضحت الهيئة أن الجيش “الإسرائيلي” تعمد تحويل ملعب “اليرموك” في مدينة غزة إلى مركز اعتقال لاحتجاز وإذلال مئات الفلسطينيين والذين ظهروا عراة ومجردين من ثيابهم، وبينهم أطفال.

ووثّق فريق الأورو متوسطي تدمير 31 منشأة رياضية وملعبًا لكرة القدم وصالات رياضية ومقار وقاعات تدريب رياضية و28 مركزًا رياضيًا للياقة البدنية، بما قد يصل إلى تدمير أكثر من 80 بالمائة من المنشآت الرياضية في قطاع غزة. وأشار إلى أن الاحتلال منع مئات اللاعبين من قطاع غزة من حقهم في التنقل والسفر لغاية تمثيل فلسطين في البطولات الدولية المختلفة، إلى جانب ما سببه الهجوم العسكري “الإسرائيلي” في وقف كافة الأنشطة والفعاليات والبطولات الرياضية.

وقال الأورو متوسطي، إنه “ينبغي على الهيئات الرياضية الدولية خاصة اتحاد الفيفا اتخاذ موقف حاسم بشأن انتهاكات “إسرائيل” ضد الرياضيين والمنشآت الرياضية المدنية في قطاع غزة “. كما حذّر الأورو متوسطي من شبهات ازدواجية معايير في سياسيات وتعامل اتحاد الفيفا الذي سارع إلى فرض حظرًا شاملًا على مشاركة روسيا في البطولات الدولية حتى إشعار آخر، ردًا على الغزو الروسي لأوكرانيا فبراير 2022.

 ” اتحاد الفيفا” مطالب بالعدل واحترام التزاماته الدولية

وفي هذا الإطار، سبق وأن تقدم الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، بمقترح إلى “الفيفا” يطالب فيه بفرض عقوبات على اتحاد الكرة “الإسرائيلي”، بسبب انتهاكات قوات الاحتلال بحق الرياضة الفلسطينية، وأوضح أن المقترح الذي أيّدته ست اتحادات أعضاء، يطالب “الفيفا” باحترام التزاماته الدولية تجاه حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وذلك باتخاذ موقف تجاه الانتهاكات الخطيرة التي ترتكبها “إسرائيل” في حرب الإبادة التي تشنها على الشعب الفلسطيني، والتواطؤ الذي يمارسه الاتحاد “الإسرائيلي” لكرة القدم من خلال استمراره في إدراج فرق كرة القدم الموجودة في مستوطنات غير شرعية على أراضي فلسطين المحتلة ضمن الدوري الوطني الإسرائيلي”.

وطالب مقترح اتحاد الكرة الفلسطيني، “باتخاذ عقوبات فورية ومناسبة ضد الفرق “الإسرائيلية”، بما في ذلك المنتخبات الوطنية والأندية، رداً على الانتهاكات غير المسبوقة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، وخاصة في غزة”.

ودعا الاتحاد الفلسطيني “للتصدي دون تأخير للانتهاكات المستمرة لأنظمة “الفيفا” من قبل الاتحاد “الإسرائيلي” لكرة القدم، والتي تتجلى في إدراج فرق كرة القدم الموجودة في مستوطنات مقامة على أراضي اتحاد آخر، وهو الاتحاد الفلسطيني، ضمن الدوري “الإسرائيلي”. كما طلب الفلسطينيون في البيان، من الفيفا “معالجة الفشل المتكرر للاتحاد “الإسرائيلي” لكرة القدم في اتخاذ إجراءات حاسمة ضد التمييز والعنصرية ضمن مناطق ولايته”.

وفي إطار حرب الإبادة التي تشنها “إسرائيل” على غزة، قال اتحاد الكرة الفلسطيني إنها “تسببت في استشهاد ما لا يقل عن 99 لاعب كرة قدم، وتدمير العديد من المنشآت الرياضية في انتهاك فاضح لحقوق الإنسان، والقوانين الدولية، والأعراف الإنسانية”.

لهذا، اعتبر الاتحاد الفلسطيني أن الاتحاد “الإسرائيلي” “متواطئ في انتهاكات الحكومة “الإسرائيلية” ضد كرة القدم الفلسطينية، من خلاله تقديمه الدعم المعنوي لإجراءات حكومة الاحتلال، واتخاذه لموقف التبرير تجاه انتهاكات هذا الاحتلال وتمثيله لمصالح الحكومة “الإسرائيلية” من خلال مطالبته الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم بالعمل من خلال القنوات الرسمية لدولة “إسرائيل”، مما يشكل خرقاً صريحاً لأنظمة وقوانين الفيفا، التي تلزم الاتحادات الأعضاء بإدارة شؤونها بشكل مستقل ودون تأثير من طرف ثالث”.

واعتبر أن “فشل الاتحاد “الإسرائيلي” لكرة القدم في اتخاذ أي إجراء حاسم ضد التمييز والعنصرية ضمن مناطق ولايته، كما يتضح من تصرفات نادي بيتار القدس، يعد انتهاكاً مباشرًا للمادة 3 من النظام الأساسي للفيفا”. مشيرا إلى أن الاتحاد “الإسرائيلي” واصل دمج أندية المستوطنات غير الشرعية، والمقامة على الأراضي التابعة لولاية الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، ضمن الدوري “الإسرائيلي”، وهو ما يعد انتهاكاً للعديد من قوانين الفيفا؛ ذلك أن هذا الدمج يعترف صراحة باحتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية المقامة عليها تلك المستوطنات، وهو ما يتعارض مع القانون الدولي والتزامات الفيفا.

وأكد الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم على مطالبته كونغرس الفيفا باتخاذ خطوات فعالة من خلال تطبيق القوانين والأنظمة لمعالجة هذه الانتهاكات المذكورة دون مزيد من التأخير، مشيراً إلى أن الفشل في القيام بذلك من شأنه أن يشكّل سابقة غير مرحب بها، ويجعل من انتهاك قوانين الفيفا والتزاماتها تجاه حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني مسائل اعتيادية.

 الغسيل الرياضي

من جانبها، أكدت حركة مقاطعة “إسرائيل” وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها “BDS” أن “إسرائيل” تسمح لفرق كرة القدم وكرة السلة المتمركزة في المستوطنات غير القانونية المبنية على أراض فلسطينية مسلوبة باللعب في دوراتها الرسمية.

وأضافت في بيان سابق لها أن الاتحاد الدولي لكرة القدم والاتحاد الدولي لكرة السلة واللجنة الأولمبية الدولية فشلوا في اتخاذ أي إجراء ضد “إسرائيل” بسبب إدراجها لهذه الفرق غير القانونية في دوراتها الرسمية وهجماتها على الرياضة الفلسطينية. وأكدت أنه “من خلال الفشل في التصرف، تسمح هذه الهيئات الرياضية لـ”إسرائيل” بتبييض صورتها وممارسة الغسيل الرياضي تجاه التهجير القسري للفلسطينيين ونظام الفصل العنصري وهجماتها العسكرية والإبادة الجماعية للفلسطينيين”.

والغسيل الرياضي هو مصطلح يطلق على ممارسة يستخدمها فرد أو جماعة أو شركة أو دولة قومية للرياضة لتحسين سمعتهم السيئة، من خلال استضافة حدث رياضي أو شراء أو رعاية فرق رياضية أو من خلال المشاركة في الرياضة نفسها.

نفاق العالم الغربي

وخلال الحرب التي خلفت أكثر من 146 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، أجل “الفيفا” التصويت على قرار حظر الاتحاد الإسرائيلي من المشاركة في كرة القدم الدولية ثلاث مرات، قائلا: “إن لجنته التأديبية “ستراجع هذه الادعاءات”.

وفشلت هيئة “الفيفا” منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، في اتخاذ قرار بشأن الدعوة الفلسطينية لحظر الاتحاد “الإسرائيلي” من المشاركة في كرة القدم الدولية، غير أنه عندما تعلق الموضوع بجهة غير “إسرائيل” ومعادية للولايات المتحدة جرى اتخاذ عقوبات من قبل “الفيفا” والاتحاد الأوروبي لكرة القدم “يويفا” ضد روسيا بعد أربعة أيام فقط من غزوها لأوكرانيا في 24 فيفري 2022.

وتضمنت العقوبات استبعاد “الفيفا” لروسيا من كأس العالم، مع إعلان إيقاف كل المنتخبات الروسية الوطنية وأنديتها “حتى إشعار آخر”، وذلك في بيان مشترك مع “اليويفا”، ودعم “الفيفا” واتحاداته مظاهر التضامن العالمي مع أوكرانيا في ملاعب كرة القدم، التي شهدت رفع الأعلام الأوكرانية، ونشر مناشدات وقف الحرب على الشاشات ودخول اللاعبين للملاعب بالعلم الأوكراني، وإهداء الأهداف واحتفالات الفوز لـ “أوكرانيا”.

وعلى النقيض من ذلك تعرض التضامن مع القضية الفلسطينية بكل أشكاله إلى كل أنواع التضييق والمنع، وإن كان مجرد رفع أعلام أو عبارات تضامنية، باعتبار أنها سياسية وخارج نطاق الرياضة. وخالف إنفانتينو ذريعة: “خلط كرة القدم بالسياسة ” حينما بادر لترويج التطبيع العربي مع “إسرائيل”، ودعوته لتنظيم نسخة مشتركة من كأس العالم بين الإمارات و”إسرائيل”.

حراك دولي مستمر

في أوت 2018، تم الإعلان أنّ شركة “أديداس – Adidas” لم تعد الراعي التجاري لاتحاد كرة القدم “الإسرائيلي”، وذلك بعد أن دعا أكثر من 130 نادي كرة قدم فلسطيني الشركة لإنهاء رعايتها للاتحاد الضالع في اضطهاد الشعب الفلسطيني.

وجاءت خطوة “أديداس” بعد حملة عالمية صاخبة، دعا من خلالها نشطاء المقاطعة ومدافعون عن حقوق الإنسان الشركة لإنهاء رعايتها للمباريات المقامة على أراضٍ فلسطينية مسلوبة، وخلالها تسلمت عريضة دولية تحمل 16 ألف توقيع.

وحينها أكدت الشركة بشكل صريح أنها أثارت موضوع أندية المستوطنات الإسرائيلية مع “الفيفا”، مشيرة إلى الحاجة لأن يقوم الجسم الحاكم في عالم الكرة “بالفصل في مسألة فرق المستوطنات “الإسرائيلية” من خلال اتباع مبادئ القانون الدولي وسياسة حقوق الإنسان لديهم”.

ويذكر أن الاتحاد “الإسرائيلي” يضمّ ستة أندية كرة قدم موجودة في مستوطنات “إسرائيلية” غير شرعية تسطو على أراضي الفلسطينيين ومواردهم في الضفة الغربية المحتلة.

وفي الوقت نفسه بدأت حملة أخرى تمثّلت في البداية بالضغط على “بوما” لإنهاء التعاقد مع “إسرائيل”، ثم تطورت لتشمل المقاطعة الاقتصادية للشركة والعمل ضدها، باعتبار أن رعاية “بوما” للاتحاد الإسرائيلي تعود إلى تسعينيات القرن الماضي. وامتدت الحملة على مدار سنوات وحصلت على دعم عربي عالمي، وذلك حتى إعلان الشركة الألمانية في ديسمبر 2023 عدم تجديد عقدها مع اتحاد كرة القدم “الإسرائيلي” حين ينتهي.

إن الأحداث الأخيرة في أمستردام والتعاطف الدولي مع “القضية الأوكرانية” يؤكد نفاق وازدواجية المعايير التي يتعامل بها المجتمع الدولي و”الفيفا” و”الويفا”، وهذا ما يدفع كل شرفاء العالم إلى توجيه النضال إلى المحافل الدولية بالإضافة إلى الجهاد ضد الاحتلال، وفضح هذه المواقف المخزية للاتحاد الدولي لكرة القدم ورئيسه والتصدي لها.

ختاما، فإن المطلوب من الرياضيين العرب والاتحادات العربية المختلفة، اتخاذ مواقف جادة وحازمة ضد مشاركة “إسرائيل” في النشاطات الرياضية كافة، وبدلاً من منع رفع العلم الفلسطيني في الملاعب، بذل الجهود لإبعاد العلم “الإسرائيلي” عن الدورات والبطولات والمسابقات القارية والدولية، واشتراط اشتراك الرياضيين “الإسرائيليين” بها بصفة محايدين، يرفضون سياسة “إسرائيل” في الأراضي المحتلة، فقد أثمرت الجهود العربية المشتركة عن إبعاد “إسرائيل” من الاتحادات الرياضية الأسيوية.

مهدي طلاي 3
مهدي طلاي

عندما تخون كرة القدم رسالتها..

اللعبة الجميلة في قبضة اللوبيات

بقلم: مهدي طلاي (باحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية – الجزائر)

في الماضي البعيد، كانت الرياضة مادة إعلامية ترتكز بوضع خاص على مواضيع تهم النخب والمجتمعات مثلما تروج للقضايا الإنسانية والسياسية على مستوى العالم بشقّيها السلبي والإيجابي، إلا أن شعبية الرياضة وشهرتها وأبعادها، قد شهد ارتفاعا أكبر خلال العصر المعاصر، فلم تعد الرياضة مجرد لغة للتواصل بين الشعوب وحسب، بل أضحت وسيلة سياسية، اقتصادية، ثقافية، ديبلوماسية تستخدمها النخب ذات التخصص من أجل تحقيق مصالحها الخاصة مثل تمرير فكرة أو إيصال رسالة أو التأكيد على موقف من المواقف ذات الشأن العالمي أو المحلي.

ولنا في تجربة كأس العالم بقطر في سنة 2022م مثالا نموذجيا للدبلوماسية الرياضية والسياحية والثقافية التي كانت واضحة وثابتة في مواقفها الدينية والإنسانية رُغم ما أشار إليه البعض من سلبيات طغت على هذه التظاهرة العالمية.

غير أن ما نشهده في السنوات الأخيرة – بعد أزمة أوكرانيا وحاليا في الحرب “الإسرائيلية” على غزة – يناقض المبادئ التي تقوم عليها الرياضة العالمية، خاصة في مجال كرة القدم التي طالما دعت إلى تكريس الروح الرياضية بين المنتخبات والنوادي، وعوض أن تكون الرياضة مدعاة للتقارب بين الشعوب مثلما حدث في العديد من التظاهرات الرياضية على مر التاريخ أضحت وبشكل آخر أداة كاسرة في يد اللوبيات التي توظف شهرة بعض الرياضات من أجل تحقيق مآربها السياسية الضيّقة.

ورغم المجازر التي شهدها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وما استتبعه من استشهاد أكثر من 450 رياضي فلسطيني وتدمير أزيد من 80 بالمائة من المنشآت الرياضية في المنطقة نفسها، إلا أن اللجان الدولية للرياضة وعلى رأسها الإتحاد الدولي لكرة القدم لم يحرك ساكنا ولم يكلف  نفسه عناء الرد على الطلب الذي تقدم به الإتحاد الفلسطيني لكرة القدم لأجل حظر الإتحاد “الإسرائيلي” من المشاركة في المنافسات الدولية بعد المجازر التي ارتكبها في حق المواطنين العزل في فلسطين، على عكس موقفه الحازم من الحرب الروسية على أوكرانيا بعد فرضه لعقوبات خاصة على الفرق الروسية، في ازدواجية لم يشهد لها التاريخ مثيلا يذكر.

ذلك أن الموضوع لا يرتبط بقضايا العنصرية أو مسائل التحرر مثلما حدث في العديد من المحطات على مر التاريخ، بل بحرب إبادة ومجازر متواصلة ارتكبها الكيان الصهيوني ضد المدنيين في القطاع، فلم لا يكون لهذا الاتحاد الدولي دورا محوريا في تغيير هذا الواقع المشؤوم بناء على ما تنص عليه المواثيق والمبادئ الأخلاقية التي تأسست على إثرها؟.

إن ما يحدث تحديدا هو سقوط فاضح لآخر أوراق التوت التي كانت تغطي النظام الدولي ومازال يظن أنه يتستر بها رغم حجم الدمار والكوارث الإنسانية التي يشهدها العالم، فضلا عن ازدواجية المعايير والضوابط التي تسعى إلى سياسة شد العصا من الوسط في المواقف التي يُفترض أن يردع فيها الظالم دفاعا عن المظلوم.

ورغم الأحداث المأساوية التي شهدتها العاصمة أمستردام بهولندا بسبب الهتافات العنصرية للمشجعين “الإسرائيليين” ضد العرب، إلا أن الاتحاد الدولي لكرة القدم لم يتخذ موقفا حازما تجاه هذا الموضوع، مما أثار موجة استنفار وغضب عارمين اتضّحت صورتهما بشكل جلي في الأحداث التي أعقبت مباراة المنتخب الفرنسي ضد نظيريه الصهيوني.

إن ما يحدث ليس مجرد حدث عابر لمجتمعات أو شعوب أبت الظلم والطغيان، بل هو حراك الضمير الذي أيقظ النفوس من سباتها، حيث شهد العديد من المشاهير في عالم الرياضة وكرة القدم – على غرار العديد من المدربين واللاعبين – اهتمامهم بالقضية الفلسطينية ورفضهم للظلم الذي يتعرض له المدنيون العزل بقطاع غزة، فهل ستنصت المؤسسات الدولية للقضايا التي تمس اهتمام هذه الشعوب؟ أم تترك مصير التغيير للقدر ليفعل فعلته في تغيير هذا العالم البائس إلى بيئة عالمية تقدر قيمة العدالة والقانون والتعايش السلمي.

إن إهمال ملف القضية الفلسطينية في المجال الرياضي من طرف الأجندات السياسية للاتحاد الدولي لكرة القدم هو فصل آخر من فصول التهميش والإقصاء التي تمارسها هذه اللوبيات ضد الرياضة الفلسطينية بمختلف مجالاتها وهذا ما يمثل تشويها لتاريخ الرياضات العالمية التي طالما كانت السفير للسلام والأخوة والمحبة بين الشعوب.

ولا شك في أن هذا الفعل يحمل العديد من الدلالات أيضا، حيث أن المسألة لا تتعلق بممارسة كرة القدم نوعا من الرياضات الشعبية وحسب، بل بتوظيف هذه اللعبة من جهة أخرى لأجل تخدير ذهنيات الشعوب والتلاعب بنظرتهم لواقع الصراع الدائر بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني، وحتى تكون هذه القضية مجردة من المعنى ومن الحرية والاستقلال الذي هو حق كل الشعوب والمجتمعات.

وعليه، يجدر بالمجتمع الدولي بجميع أطرافه ومؤسساته الرسمية وغير الرسمية أن يعمل على إعادة الاعتبار للرياضة الفلسطينية، وأن يوليها الاهتمام الأكبر بجعلها ملفا محوريا في تحرر الشعب الفلسطيني من الاستعمار الذي واكبه لسنوات وما يزال يسعى إلى تحجيمه من خلال توظيف جل الأدوات الاستعمارية على غرار القوة التكنولوجية والعسكرية.

محمـد آدم المقراني محام وناشط حقوقي جزائري
محمد آدم المقراني

فضيحة الفيفا..

حقوق الإنسان على مذبح المصالح السياسية!

 

اعتبر الدكتور محمد آدم المقراني المحامي والناشط الحقوقي الجزائري، أن عدم اتخاذ الفيفا لقرار حاسم بشأن حظر مشاركة الاتحاد “الإسرائيلي” في المنافسات الدولية تواطؤ وتقاعس في حماية حقوق الرياضيين الفلسطينيين والحفاظ على نزاهة الرياضة، وحسبه فإن هذا الموقف هو دعم ضمني للانتهاكات المستمرة ضد الرياضيين والمنشآت الرياضية في فلسطين.

وفي هذا الصدد، دعا الدكتور محمد آدم المقراني، في تصريح لـ “الأيام نيوز” الفيفا إلى أن تُظهر التزامًا حقيقيًا بمبادئها الأساسية، وأن تتخذ مواقف واضحة وحازمة تجاه أي انتهاكات لحقوق الإنسان في المجال الرياضي، بغض النظر عن الضغوط السياسية أو التوازنات الدولية، وحسبه فمن خلال هذا النهج فقط يمكن للفيفا أن تحافظ على مصداقيتها بصفتها هيئة رياضية عالمية تُعنى بتعزيز قيم الرياضة والعدالة.

وأرجع المحامي والناشط الحقوقي الجزائري، تباين مواقف الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا” إلى عوامل عدة، منها الضغوط السياسية والتوازنات الدولية التي قد تؤثر على قرارات الفيفا، وتابع المتحدث: أن حالة روسيا، كان هناك توافق دولي واسع على فرض العقوبات، بينما في حالة “إسرائيل”، تتداخل الاعتبارات السياسية والعلاقات الدولية، مما يجعل اتخاذ قرار حاسم أكثر تعقيدًا.

بالإضافة إلى ذلك، يتساءل المتحدث عن مدى التزام الفيفا بمبدأ فصل الرياضة عن السياسة، ففي حين يُشدد رئيس الفيفا، جياني إنفانتينو، على ضرورة عدم خلط الرياضة بالسياسة، إلا أن بعض القرارات السابقة، مثل الترويج للتطبيع الرياضي بين الدول العربية و”إسرائيل”، تثير تساؤلات حول مدى التزام الفيفا بهذا المبدأ.

وفي السياق ذاته، أبرز المحامي والناشط الحقوقي الجزائري، أن الفيفا تواجه انتقادات متزايدة بشأن تعاملها مع الأحداث الجارية في غزة والضفة الغربية ولبنان، حيث يتهمها البعض بالتواطؤ أو التقاعس في اتخاذ مواقف حازمة إزاء الانتهاكات المرتكبة ضد الرياضيين والمنشآت الرياضية في هذه المناطق.

وفي هذا الصدد، أفاد المتحدث بأنه منذ بدء العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، استشهد أكثر من 450 رياضي فلسطيني، بينهم لاعبون ومدربون وإداريون، وتعرضت البنية التحتية الرياضية لدمار واسع، حيث دُمرت أكثر من 80 بالمائة من المنشآت الرياضية، بما في ذلك الأندية والملاعب والمؤسسات الرياضية.

وفي هذا السياق، عرج الدكتور محمد آدم المقراني، على الطلب الرسمي الذي تقدم به الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم إلى الفيفا لحظر مشاركة الاتحاد “الإسرائيلي” في المنافسات الدولية، مستندًا إلى الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها الرياضيون الفلسطينيون والبنية التحتية الرياضية. إلا أن الفيفا لم تتخذ قرارًا حاسمًا حتى الآن، حيث أجلت التصويت على هذا الطلب مرات عدة، مشيرة إلى ضرورة مراجعة الادعاءات المقدمة.

وأشار المحامي الجزائري إلى أن هذا التأجيل المتكرر أثار استياء العديد من المراقبين، خاصة عند مقارنته بسرعة استجابة الفيفا في حالات أخرى، حيث فرضت الفيفا والاتحاد الأوروبي لكرة القدم عقوبات صارمة على الأندية والمنتخبات الروسية، بعد أربعة أيام فقط من بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022، مما يعكس تباينًا في التعامل مع الأزمات المختلفة.

 

علي سعادة صحفي أردني
علي سعادة

تحت راية “الرياضة في خدمة الإبادة“..

الفيفا تقتل بالصمت

 

الكاتب والصحفي الأردني، علي سعادة يرى أن صمت الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا” بقيادة جياني إنفانتينو وعدم اتخاذه أي قرار لحظر كرة القدم “الإسرائيلية” يضع نفسه في دائرة الاتهام بالتواطؤ في تدمير الحركة الرياضة، ليس في قطاع غزة فقط وإنما في فلسطين التاريخية بأكملها، واستهداف الرياضيين الفلسطينيين بشكل ممنهج ومتعمد”.

وأشار علي سعادة، في تصريح لـ “الأيام نيوز” إلى أن أحداث العنف العنصرية التي شهدتها العاصمة الهولندية أمستردام وقام بإشعالها فريق مكابي تل أبيب قد فتحت حراكا شعبيا كبيرا على المنصات لمقاطعة هذا الكيان المارق والمنبوذ.

وفي السياق ذاته، أفاد الكاتب والصحفي الأردني، أن منصات التواصل الاجتماعي تشهد حملة واسعة من أجل فرض عقوبات على الفرق “الإسرائيلية”، وبشكل خاص كرة القدم، بسبب حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال على قطاع غزة، وأيضا على الضفة الغربية ولبنان”.

وفي هذا الشأن، أبرز المتحدث أنه منذ حرب الإبادة الفاشية والنازية على قطاع غزة والمتواصلة منذ أكثر من 400 يوم استشهد أكثر من 450 رياضي فلسطيني بينهم لاعبون وإداريون ومدربون، فيما تجاوز عدد الشهداء جراء التطهير العرقي المتواصل في محافظة الشمال أكثر من 10 رياضيين، كما دمر الاحتلال أكثر من 80 بالمئة من المنشآت الرياضية في القطاع، بما يشمل الأندية والملاعب والمؤسسات الرياضية.

وبحسب علي سعادة، فإنه رغم الطلب الرسمي الذي تقدم به الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم لحظر الاتحاد “الإسرائيلي” من المشاركة في كرة القدم الدولية، منذ بدء حرب الإبادة “الإسرائيلية” على قطاع غزة، إلا أن الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) يماطل ولم يتخذ حتى اليوم أي قرار بشأن الدعوة الفلسطينية، زاعما أن لجنته التأديبية ستراجع هذه الادعاءات، وأجل (الفيفا) التصويت على قرار حظر الاتحاد “الإسرائيلي” من المشاركة في كرة القدم الدولية ثلاث مرات.

لكن الاتحاد نفسه ومعه الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) حين أوعزت لهما الولايات المتحدة بمعاقبة الأندية والرياضة الروسية اتخذت القرار بعد أربعة أيام فقط من الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022، يشير علي سعادة.

وإلى جانب ذلك، أضاف الكاتب والصحفي الأردني، أن “الفيفا” قد دعم مع اتحاداته مظاهر التضامن العالمي مع أوكرانيا في ملاعب كرة القدم، التي شهدت رفع الأعلام الأوكرانية، ونشر مناشدات وقف الحرب على الشاشات ودخول اللاعبين للملاعب بالعلم الأوكراني، وإهداء الأهداف واحتفالات الفوز لـ “أوكرانيا”، إلا أنه في الجهة المقابلة، كان هناك تضييق على التضامن مع القضية الفلسطينية، أو رفع أعلام أو عبارات تضامنية، باعتبار أنها سياسية وخارج نطاق الرياضة.

وأفاد المتحدث أن هذا التوجه يقوده رئيس “الفيفا” جياني إنفانتينو الذي كان يزعم أنه لا يجوز “خلط السياسة بكرة القدم”، لكنه خلطها وعصرها حين تعلق الأمر بروسيا! وأيضا عندما بادر لترويج التطبيع العربي مع دولة الاحتلال، ودعوته لتنظيم نسخة مشتركة من كأس العالم بين الإمارات والكيان الصهيوني.

وفي شأن ذي صلة، عرج الكاتب والصحفي الأردني، إلى حركة المقاطعة وفرض العقوبات (BDS) التي أكدت في بيان سابق لها على أن سلطة الاحتلال تسمح لفرق كرة القدم وكرة السلة المتمركزة في المستوطنات غير القانونية المبنية على أراض فلسطينية مسروقة باللعب في دوراتها الرسمية، وأضافت أن الاتحاد الدولي لكرة القدم والاتحاد الدولي لكرة السلة واللجنة الأولمبية الدولية فشلوا في اتخاذ أي إجراء ضد الرياضة “الإسرائيلية”.

وأكدت أنه “من خلال الفشل في التصرف، تسمح هذه الهيئات الرياضية لإسرائيل بتبييض صورتها وممارسة الغسيل الرياضي تجاه التهجير القسري للفلسطينيين ونظام الفصل العنصري وهجماتها العسكرية والإبادة الجماعية على الفلسطينيين”.

محمد هدير 3
محمد هدير

أخلاق الرياضة تتآكل تحت الأنقاض..

هذه صورة الفيفا بعدسة غزة

 

بقلم: الدكتور محمد هدير (أكاديمي ومحلل سياسي – الجزائر)

 

على مدار عقود، كانت الرياضة الفلسطينية انعكاسًا للهوية الوطنية وأداة مقاومة سلمية للتعبير عن معاناة شعب تحت الاحتلال. لكنها في السنوات الأخيرة أصبحت هدفًا مباشرًا للعدوان الإسرائيلي، حيث تعرضت المنشآت الرياضية للتدمير الممنهج، واستُشهد العديد من الرياضيين الفلسطينيين في سياق حرب إبادة تتجاهلها المؤسسات الدولية الكبرى، وعلى رأسها الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا).

يبرز هذا التجاهل بشكل أكثر وضوحًا عند مقارنة تعامل “الفيفا” مع الانتهاكات الإسرائيلية بمواقفها الحازمة تجاه أزمات أخرى، ما يعكس ازدواجية صارخة في المعايير.

الرياضة الفلسطينية.. هدف “العدوان الإسرائيلي”

لا يخفى على أحد أن قطاع غزة يعاني تحت وطأة عدوان إسرائيلي متواصل أدى إلى خسائر فادحة في الأرواح والبنية التحتية. لكن ما لا يسلط الضوء عليه بما يكفي هو استهداف الرياضة والرياضيين. وفقًا لتقارير رسمية، استشهد أكثر من 450 رياضي فلسطيني، بينهم لاعبون ومدربون وإداريون، منذ بدء العدوان الأخير على قطاع غزة. كما دُمرت أكثر من 80 بالمائة من المنشآت الرياضية، بما في ذلك ملاعب كرة القدم، الأندية، والمؤسسات الرياضية.

هذا التدمير لم يكن عشوائيًا؛ بل هو جزء من سياسة منهجية تهدف إلى القضاء على أحد أبرز أدوات التعبير الفلسطيني. الرياضة الفلسطينية، التي كانت دائمًا وسيلة لإظهار الصمود ومشاركة العالم معاناة الشعب الفلسطيني، أصبحت مستهدفة باعتبارها رمزًا للتحدي والوحدة.

الفيفا” والمواقف المتخاذلة من الانتهاكات الإسرائيلية

تقدّم الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم بطلب رسمي لحظر الاتحاد “الإسرائيلي” من المشاركة في المنافسات الدولية، مستندًا إلى انتهاكات الاحتلال المستمرة، سواء باستهداف الرياضيين أو عبر عرقلة الفرق الفلسطينية من التنقل داخل وخارج الأراضي المحتلة. إلا أن “الفيفا”، بدلاً من اتخاذ موقف حازم، اختارت المماطلة بحجة أن لجنتها التأديبية ستراجع الادعاءات.

لم يكن هذا التأجيل مجرد مسألة إجرائية، بل حدث ثلاث مرات متتالية، ما يعكس عدم جدية الاتحاد الدولي في التعاطي مع القضية.

ازدواجية المعايير: روسيا نموذجًا

عندما غزت روسيا أوكرانيا في فيفري 2022، تحركت “الفيفا” والاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) بسرعة قياسية، حيث فرضا عقوبات شاملة على الأندية والمنتخبات الروسية بعد أربعة أيام فقط من بدء الغزو. تم استبعاد روسيا من المنافسات الدولية، ومنعت أنديتها من المشاركة في البطولات الأوروبية، وذلك بحجة الدفاع عن القيم الإنسانية والرياضية.

هذا التحرك السريع يعكس ازدواجية واضحة مقارنة بالموقف تجاه الجرائم الإسرائيلية. إذ يبرر جياني إنفانتينو، رئيس “الفيفا”، عدم اتخاذ إجراءات بحق إسرائيل بالقول إن “الرياضة يجب ألا تختلط بالسياسة”، لكن هذا التبرير ينهار عند استحضار العقوبات على روسيا، وكذلك مبادرات إنفانتينو نفسه للترويج للتطبيع بين الدول العربية ودولة الاحتلال، من خلال دعمه تنظيم بطولة مشتركة لكأس العالم بين الإمارات والكيان الصهيوني.

الرياضة وسيلة مقاومة وطنية

لطالما كانت الرياضة الفلسطينية أكثر من مجرد نشاط ترفيهي، فهي تعكس كفاح الشعب الفلسطيني وصموده في وجه الاحتلال. الأندية الرياضية في غزة والضفة الغربية ليست مجرد أماكن للتدريب والمباريات، بل هي مراكز مجتمعية تجمع الناس حول قيم الوحدة والتضامن.

استهداف هذه المنشآت ومحاولة القضاء على هذا القطاع لا ينفصل عن المخطط “الإسرائيلي” الأوسع لإسكات كل أشكال التعبير الفلسطيني. عندما يُمنع اللاعبون الفلسطينيون من السفر للمشاركة في البطولات، أو تُقصف الملاعب، فإن الرسالة واضحة: الاحتلال يريد محو الحلم الفلسطيني في كل المجالات، بما في ذلك الرياضة.

الفيفا” ومسؤولياتها الأخلاقية

الاتحاد الدولي لكرة القدم يُفترض أن يكون أكثر من مجرد منظمة لإدارة البطولات، فهو يحمل على عاتقه قيمًا مثل النزاهة، المساواة، ومحاربة التمييز. لكن استمرار صمته إزاء الجرائم الإسرائيلية يضعه في موقف متناقض مع هذه المبادئ.

حتى اللحظة، لم يتخذ “الفيفا” أي خطوة حقيقية للضغط على الاحتلال الإسرائيلي، رغم الأدلة الواضحة على الانتهاكات الممنهجة بحق الرياضة الفلسطينية، وهذا الصمت يجعل الاتحاد الدولي شريكًا ضمنيًا في هذه الجرائم.

دور الرياضة في مواجهة الظلم

تجربة جنوب إفريقيا خلال فترة نظام الفصل العنصري تُعد مثالاً بارزًا على دور الرياضة في مقاومة الظلم، حينها تم حظر المنتخبات والأندية الجنوب إفريقية من المشاركة في المنافسات الدولية، ليكون هذا الحظر جزءا من الجهود العالمية لمناهضة نظام الأبارتييد.

هذا القرار لعب دورًا محوريًا في عزل نظام الفصل العنصري دوليًا وساهم في تسريع سقوطه. لذا، فإن دعوات حظر الرياضة “الإسرائيلية” ليست جديدة، بل تأتي في سياق تاريخي يدعو إلى استخدام الرياضة لتكون وسيلة لتحقيق العدالة.

ما الذي يمكن فعله؟

أمام هذا التخاذل من “الفيفا”، يقع على عاتق المجتمع الدولي التحرك بفعالية لدعم الرياضة الفلسطينية ومحاسبة الاحتلال الإسرائيلي، وهناك خطوات عدة يمكن اتخاذها:

  1. إطلاق حملات شعبية ودولية:

يجب على الجماهير الرياضية ومنظمات المجتمع المدني حول العالم تصعيد الضغط على “الفيفا”، من خلال حملات إعلامية وحشد الدعم الشعبي لمقاطعة الرياضة الإسرائيلية.

  1. دعم القضية الفلسطينية في المحافل الرياضية:

يمكن للاعبين الدوليين والأندية الكبرى استخدام منصاتهم للتعبير عن تضامنهم مع الرياضيين الفلسطينيين، كما فعل بعض اللاعبين سابقًا في قضايا إنسانية.

  1. تحرك قانوني:

يجب تقديم شكاوى قانونية مدعومة بأدلة موثقة ضد الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم في المحاكم الدولية والرياضية، لإثبات مسؤولياته عن تلك الانتهاكات.

  1. توحيد الموقف العربي والإسلامي رياضيًا:

الدول العربية والإسلامية تمتلك وزنًا كبيرًا في الفيفا، ويمكنها استخدام هذا النفوذ للضغط باتجاه اتخاذ موقف حازم ضد إسرائيل.

إن استمرار “الفيفا” في تجاهل الجرائم الإسرائيلية ضد الرياضة الفلسطينية يعكس تواطؤًا يضرب قيم الرياضة في الصميم. الرياضة ليست مجرد لعبة، بل هي وسيلة لتحقيق العدالة والسلام. إذا كانت “الفيفا” عاجزة عن حماية هذه القيم، فإن الجماهير الرياضية حول العالم مطالبة بملء هذا الفراغ.

على العالم أن يدرك أن استهداف الرياضة الفلسطينية ليس مجرد قصف للملاعب، بل هو محاولة لإخماد صوت شعب بأكمله. إن الصمت على هذه الجرائم ليس حيادًا، بل انحيازا للظلم، وهذا ما يجب أن يتغير.

مجيد بوطمين 3
مجيد بوطمّين

فيفا… تجسيد حقيقي لمعنى الفضيحة

 

يعتقد الإعلامي الرياضي، مجيد بوطمّين أن الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” هو أكبر مؤسسة كروية في العالم يكيل بمكيالين عندما يتعلق الأمر بفرض صرامته على الاحتلال الصهيوني، وهو ما يفسر – حسبه – صمت القبور الذي يطبقه إزاء ما يحدث للفلسطينيين في غزة بوحشية لا نظير لها في العالم أو الشعب اللبناني في آخر الشهور أيضا، حيث لم تبادر “الفيفا” لفعل أي شيء من أجل المطالبة على الأقل بتوقيف الحرب الغاشمة رغم كل المشاهد وآلاف القتلى الذين يسقطون شهريا منهم الرياضيون وأعضاء من مختلف النوادي الرياضية الكروية الفلسطينية”.

وتساءل مجيد بوطمين، عن الأسباب التي تجعل الاتحاد الدولي لكرة القدم لا يحرك ساكنا كما فعل ضد روسيا عندما دخلت الأراضي الأوكرانية، حيث لم ينتظر إلا ساعات قليلة حتى أصدر عقوباته ضد المنتخب الروسي وجميع الأندية الروسية، غير أنه لم يقم بذلك في الحالة الفلسطينية.

وفي هذا السياق، أشار الإعلامي الرياضي، مجيد بوطمّين في تصريح لـ “الأيام نيوز” إلى أن ممارسات “الفيفا” تؤكد تطبيقها لسياسة ازدواجية المعايير، فهي تغض الطرف عما يتعرض له الشعب الفلسطيني من تقتيل يومي من طرف الاحتلال الصهيوني ولكنها تبادر سريعا لإعلان المساندة وفرض العقوبات إذا تعلق الأمر بدول أخرى.

وأبرز المتحدث أن الشواهد كثيرة وعديدة ويكفي فقط النقر على محرك البحث “غوغل” عن جرائم الاحتلال حتى تُفتح آلاف الصفحات عن تلك الأعمال الوحشية اليومية وتدمير كل المنشآت الرياضية الفلسطينية في قطاع غزة، وبالمقابل لا وجود لتدخل من طرف الاتحاد الدولي ورئيسه السويسري جاني انفانتينو حتى مجرد إصدار بيان تنديد.

وفي هذا الإطار، قال مجيد بوطمّين إن الفيفا قد فقد الاحترام وفقد المصداقية وهو يطبق ازدواجية المعايير في أبشع صورها أمام صمت دولي مطبق في المجال الرياضي، فلا وجود لوقفات تضامنية للفرق واللاعبين مع الشعب الفلسطيني كما كان أسبوعيًا في ملاعب العالم أثناء الغزو الروسي لأوكرانيا، والذي كان يحدث تحت رعاية الفيفا واللجنة الأولمبية الدولية ولم يتحدث الإعلام الغربي حينها عن خلط الرياضة بالسياسة كما يدعيه الاتحاد الدولي لكرة القدم في لوائحه.

وفي هذا الشأن، أبرز المتحدث أن مبدأ “عدم خلط السياسة بالرياضة” يطبق فقط عندما يتعرض الكيان لبعض الانتقادات أو الاعتداءات كما حدث لفريق الاحتلال في هولندا مؤخرا، بالرغم من أن جماهير الفريق المحتل هي من بدأت الاعتداءات على الأعلام الفلسطينية التي كانت معلقة على شرفات بعض المنازل من العرب الداعمين للقضية الفلسطينية قبل أن يأتيهم الرد من أفراد الجاليات العربية المقيمة في هولندا، وهذه الأحداث فضحت سياسية الكيل بمكيالين عند الاتحاد الدولي لكرة القدم أمام العالم والبشرية.

ميسيوري رزقي 3
رزقي ميسيوري

في زمن الفيفا..

اللوبيات تلعب والمال هو الحكَم

 

بقلم: البروفيسور رزقي ميسيوري (أكاديمي وخبير في علوم التدريب الرياضي النخبوي – الجزائر)

 

لما تأسست رياضة كرة القدم رسميا بكتابة أول قواعد تنظيم لها سنة 1862 من طرف الإنجليزي إبينيزر كوب مورلي الذي يعتبر رسميا المؤسس الفعلي لرياضة كرة القدم والتي رسمت سنة 1863، اجتمع في العام 1863، 12 مندوبًا من الأندية والجمعيات الإنجليزية في باريس للبحث في كيفية وضع قوانين خاصة باللعبة لإنشاء أول اتحاد رسمي لكرة القدم، فقبل تأسيس الفيفا كانت المئات من المدارس والأندية تمارس كرة القدم بقوانين خاصة بها، فالبعض منها سمح للاعبين باستعمال يديهم وكتفيهم أثناء اللعب فيما منع القسم الآخر استعمال اليدين، ومع وجود هذه الخلافات اتفقت الفيديرالية الجديدة على تحديد أصول اللعبة ووضع قانون موحد لها.

وخلال عقد أُنشئت الفيديرالية الويلزية ثم الأسكتلندية والإيرلندية، حيث في عام 1882 أسست الفيدراليات الأربعة مجتمعة الاتحاد الدولي لكرة القدم، الذي ينظم قواعد كرة القدم في أنحاء العالم، تم إنهاء دور الإتحاد الدولي السابق من قبل فرنسا حين احتضنت مؤتمرها التأسيسي للاتحاد الجديد وبمشاركة ست دول أوروبية، وأصبحت كرة القدم لعبة عالمية، والاسم الفرنسي لا يزال يستخدم حتى يومنا هذا حتى خارج نطاق الدول الناطقة باللغة الفرنسية.

تأسست الفيديرالية الدولية لكرة القدم الجمعية FIFA يوم 21 ماي 1904 بباريس الفرنسية ومقرها الرسمي بزيوريخ السويسرية وكان الفرنسي روبير جيرين (وُلد 1876، وتُوفي 1952) الشخصية الديناميكية التي وقفت وراء تأسيس FIFA عام 1904، عمل صحفيًا بجريدة لوماتان، حيث كان منخرطًا بشكل نشط وفعال في تسيير رياضة كرة القدم، شغل منصب سكرتير إدارة كرة القدم في اتحاد الجمعيات الفرنسية للألعاب الرياضية، وقد جمع في باريس ممثلين عن أول سبع دول أعضاء للتوقيع على قانون ميثاق FIFA التأسيسي والاتفاق على النظام الأساسي الأول في تاريخ الـ FIFA، وفي 22 ماي 1904، أنتُخب جيرين رئيسًا للاتحاد الدولي للعبة في مؤتمر FIFA التأسيسي، في سن 28، حيث ظل في هذا المنصب لمدة عامين، وهي الفترة التي شهدت انضمام ثمانية اتحادات أخرى، من بينها الإتحاد الإنجليزي لكرة القدم.

مع نهاية القرن الـ19 انتشرت لعبة كرة القدم في مختلف أنحاء العالم، حيث نشرها البحارة والتجار البريطانيون من خلال حركة الاستعمار بمخالف آلياته، ومن مختلف المسافرين الأوروبيين، فمن أستراليا إلى البرازيل، ومن المجر إلى روسيا أٌنشئت الاتحادات والأندية والمسابقات، وأدى ذلك النمو الشامل إلى تكوين الفيديرالية الدولية لكرة القدم (FIFA) في باريس في 21 ماي 1904، بعدما كان أول رئيس للاتحاد الفرنسي روبير غيرين (1904-1906) ثم الإنجليزي دانييل بورلي وولفول (1906-1918) ليليه الفرنسي جول ريميه (1921-1954) ثم خلفه البلجيكي رودولف ويليام سيلدرايرز (1954-1955) ليتولى المنصب الإنجليزي آرثر دريوري (1955-1961) ثم جاء دور الإنجليزي السير ستانلي روس (1961-1974) الذي ترك منصبه للبرازيلي جواو هافيلانغ (1974-1998) ثم السويسري جوزيف سيب بلاتر (1998-2015) لتصل حاليا القيادة لهذه الهيئة السويسري – الإيطالي جياني إينفانتينو (2015-2024)، تسعة رؤساء قادوا هذه الجمعية الرياضية الدولية غير الحكومية وتركوا بصماتهم في تطوير لعبة كرة القدم.

للإشارة، فإن مهمة هيئة الـ FIFA الرئيسية هي الاضطلاع بحوكمة كرة القدم وتطوير اللعبة الجماعية الأكثر شهرة ومتابعة واستقطابا وممارسة في جميع أنحاء العالم، حيث تواصل المنظمة العالمية منذ عام 2016 تطورها السريع لتصبح هيئة قادرة على خدمة لعبة كرة القدم باقتدار وبشكل أكثر فعالية لصالح العالم بأسره، رسالتها في ذلك هي نشر السلام والتآخي بين شعوب العالم، لكن الهيئة تتملص وتتواطأ ضد الاتحاد الفلسطيني وكل من يساند القضية الفلسطينية.

وفي هذا الإطار، تأثرت قرارات هيئة الـFIFA بكولسة اللوبي الصهيوني والأوروبي اللذان تحكما فعليا في تدوير دواليب تسيير هذه الهيئة الكروية العالمية لخدمة مصالحها حتى ولو كان ذلك على حساب جثث الفلسطينيين. هذه الهيئة الكروية الدولية التي استطاعت أن تقصي روسيا كرويا وتتماطل في حماية حقوق ممارسة الصهاينة كرويا في أبشع صور النفاق الدولي، وهو ما يعتبر مفاضلة علنية بلا قيود ومحاباة فاضحة لا يمكن تفسيرها إلا بوصول المال الفاسد وكولسة العلاقات بين هؤلاء لصنع القرارات المرتبطة بلعبة كرة القدم في مشهد عرى تفاصيل توجيه هذه الهيئة لخدمة أجندات صهيو-أوروبية وتدخل صارخ ومقيت للسياسة في توجيه أشغال وأعمال هذه الهيئة الدولية الكروية.

إن أحداث العنف العنصرية التي شهدتها العاصمة الهولندية أمستردام وقام بإشعالها فريق مكابي “تل أبيب”، فتحت حراكا شعبيا كبيرا وحملة واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، من أجل فرض عقوبات على الفرق “الكيان الصهيوني”، وبشكل خاص في كرة القدم، ومقاطعة هذا الكيان المارق والمنبوذ، بسبب حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة، وأيضا على الضفة الغربية ولبنان، ومنذ بداية حرب الإبادة الصهيونية على قطاع غزة والمتواصلة منذ أكثر من 404 يوم، والتي استشهد فيها أكثر من 450 رياضي فلسطيني بينهم لاعبون وإداريون ومدربون، ودمر الاحتلال الصهيوني أكثر من 80 بالمئة من المنشآت الرياضية في قطاع غزة، بما يشمل الأندية والملاعب والمؤسسات الرياضية.

وفي هذا الإطار، سبق للاتحاد الفلسطيني لكرة القدم وأن تقدم رسميا منذ بدء حرب الإبادة الصهيونية على قطاع غزة، بطلب لحظر الاتحاد “الكيان الصهيوني” من المشاركة في كرة القدم الدولية، إلا أن الاتحاد الدولي لكرة القدم الـ (FIFA) يماطل ولم يتخذ حتى اليوم أي قرار بشأن دعوة الإتحاد الفلسطيني، زاعما أن لجنته التأديبية “ستراجع هذه الادعاءات”.

وأجلت هيئة الـ “FIFA” التصويت على قرار حظر الاتحاد “الصهيوني” من المشاركة في كرة القدم الدولية ثلاث مرات، والاتحاد نفسه ومعه الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (UEFA) حين أوعزت لهما الولايات المتحدة بمعاقبة الأندية والرياضة الروسية اتخذت القرار بعد أربعة أيام فقط من الغزو الروسي لدولة أوكرانيا عام 2022، ويزعم رئيس هيئة الـ “FIFA” جياني إنفانتينو أنه لا يجوز “خلط السياسة برياضة كرة القدم”، لكنه فعل ذلك حين تعلق الأمر بروسيا!؟ وأيضا عندما بادر لترويج التطبيع العربي مع دولة الاحتلال، ودعوته لتنظيم نسخة مشتركة من كأس العالم بين الإمارات والكيان الصهيوني.

إن عدم اتخاذ هيئة الـ “FIFA” تحت قيادة الرئيس الحالي جياني إنفانتينو أي قرار لحظر ممارسة كرة القدم “للكيان الصهيوني” يضع نفسه في دائرة الاتهام بالتواطؤ في تدمير الحركة الرياضة ليس في قطاع غزة فقط وإنما في فلسطين التاريخية بأكملها، واستهداف الرياضيين الفلسطينيين بشكل ممنهج ومتعمد.

صمت الفيديرالية الدولية لكرة القدم الجمعية (FIFA) على ما يحدث من جرائم إبادة تطال الشعب الفلسطيني في قطاعي غزة بالتحديد والضفة الغربية وجنوب لبنان له دلالة واحدة لا غير، أن الهيئة أصبحت مختطفة من طرف اللوبي الصهيو- أوروبي وأسيرة المال الفاسد الذي يتحكم في ميزانيات أشغالها و أعمالها، هذا الأخير الذي يتحكم في اتخاذ القرارات ورفضها رغم تنافيها مع لوائحها التي تحمي المصالح الكروية والأخلاقية العامة للإنسانية جمعاء ولا يمكن السكوت عنه أو تمريره بلا ضغوطات الأعضاء المنتمين لهذه المنظمة الكروية العالمية، حيث أصبح كشف الفساد الذي يطال هذه الهيئة الكروية العالمية من مهام كل إنسان حر نزيه وداعم السلام بين الشعوب.

منير بن دادي

منير بن دادي

اقرأ أيضا