في عيدها العالمي.. ماذا قالت الأمثال الشعبية الجزائرية عن المرأة؟

ارتقت بعض الكتابات بالمرأة إلى مرتبة الملائكية، ونزلت بها كتابات أخرى إلى مرتبة الشيطانية، وبين المرتبين ظلّت المرأة، منذ دهور سحيقة، هي المُلهمُ والمُحرّض في موضوعات الأعمال الأدبية والفنية وكل مجال فيه مُلامَسة للجمال والذّوق الروحي. وكذلك لا يختلف الأمر في الأدب الشعبي في كل ألوانه، وقد حظيت المرأة بنصيب وافر من الأمثال الشعبية التي اختصّت بها، فجعلت منها تجسيدا ملائكيا حينا، وشيطانيا حينا آخر.

فقدت بعض الأمثال الشعبية في المرأة “مصداقيتها” ولم تعد معانيها تتوافق مع هذا العصر بكل ما أحدثه من تغييرات في منظومة العادات والتقاليد المجتمعية، وأيضا في مفردات القواميس اليومية التي يتداولها الناس، غير أن بعضا آخر، من تلك الأمثال، ما زال “حيًّا” بمعانيه ويتداوله الناس في أحاديثهم للاستشهاد أو الوعظ أو التفسير والشّرح. وستبقى الأمثال الشعبية في عمومها حيّة في المجتمع طالما هناك من يستعملها، وهي بالتأكيد مثل أيّ شيىء لا يُستَعمل، فإنها تأخذ في التلاشي ثم الموت.

صوت الحَيّة ولا صوت البَنيَّة

لا يستطيع الرجل بأي حال إدراك ولا “تقييم” معاناة المرأة خلال شهور حملها، ثم آلام المخاض والولادة، ولكنه قد يُحمّلها “مسؤولية” إنجاب مولود أنثى. وما زالت مظاهر الاحتفال بالمولود الذّكر تفوق الاحتفال بالأنثى، بل أن بعض الرجال يتسلّل إليهم الحزن وتتملّكهم الكآبة، إذا آتهم خبر ازدياد أنثى. وفي هذا الاتجاه، تقول بعض الأمثال:

–        “صوت الحَيّة ولا صوت البَنيَّة”

–        “لمّا قالوا ولد أنشدّ ظهري واسند، ولما قالوا بنيّة، طبّقت الدار عليّ”.

–        “الطفل يزيد بفرحة ويتزوج بفرحة ويموت قرحة، والطفلة تزيد قرحة وتتزوج قرحة وتموت قرحة”.

–        “اللّي يسعدها زمانها تجيب بناتها قبل صبيانها”.

البنات عمَارة الدّار  

المرأة هي نبع العطف والحنان، سريعة التأثّر والبكاء في مواقف الحزن التي تصيب أفراد عائلتها، وهي أيضا عماد البيت في كل شؤونه، تنظّف وتغسل وتطبخ.. ولعل الرجل لا يستوعب معنى أن المرأة تتحمّل مسؤولية الطبخ مرتين في اليوم، على الأقل، بما يعني 730 مرّة في السنة، وغالبا ما “تُحاسب” على مرّات قليلة تحترق فيها الطبخة أو يكون ملحها زائدا مثلا. ومن الأمثلة التي ترسم صورةً إيجابية حول المرأة في هذا الاتجاه:

–        “إللّي ما عندوش لبنات ما عرفوهش باش مات”

–        “بيت بلا مُولاَتو لَخلا ولا مَبَاتو”

–        “البنات عمارة الدّار”

–        “الله يجعل لي في كل ثنيّة، وليّة”

هَمّ البنات حتى الممات

سرعان ما تنقلب الأمثال عكس معانيها الإيجابية حول المرأة، وتجعل منها ذلك “اللُّغم الموقوت” لا سيما إذا بدأ العمر يتقدّم بها، فتصير مشكلة عائلية، ربما خوفا عليها من المستقبل أو خوفا منها بأن تُقدم على أعمال لا تتقبّلها التقاليد المجتمعية، فيُقال:

–        “ضرستك لكان وجعاتك نَحّيها، وبنتك لَكبرت أعطيها”

–        “هَمّ البنات حتى الممات”

–        “زوج أحناش في غار، ولا زوج بنات في دار”

–        “قالت موكة (البومة): أنا خير من ثلاثة، اللّي قال كلمة وما وفّاها، واللّي دار قصعة وما ملاها، واللّي كبرت بنتو وما عطاها”.

خُوذ لبنات على لمُّات

في الزواج، كأنما الرجل له حقّ الاختيار، وأما المرأة فلها حقّ القبول أو الرفض. وقد اهتمت الأمثال الشعبية بهذا الجانب، ووضعت نصائح للرجل في اختياره. ولعل باب النصائح في الزواج هو أكثر الأبواب ثراء بالأمثال الشعبية، ففيه ما يتعلّق بالصفات الجسدية للمرأة من حيث اللون والقامة والتناسق بين الأعضاء.. إضافةً إلى الهمّة والنشاط والكسل وشؤون التدبير المنزلي. وممّا جاء في بعض تلك الأمثال:

–        “ما يعجبك نوار دفلة — في الواد داير ظلايل. ما يعجبك زين طفلة — حتى تشوف الفعايل”.

–        “اللّي يتزوّجها على مالها يموت فقير، واللّي يتزوّجها على رجالها يموت حقير، واللّي يتزوّجها على دينها يحبّو ربي والبّني البشير”

–        “خُوذ لبنات على لمّات (الأمهات) وخوذ العلم على السادات”.

–        “شُوف المرأة (الأم) واخطب بنتها، وكُبّ القصفة على فمّها تطلع البنت لأمها”.

–        “البنات على لُمّات (الأمّهات)، والخيل على الصّفات”.

–        “خوذ بنت الناس (ذات النّسب والحسب)، إذا ما ربحت الهناء، تربح الخلاص”.

–        “خوذ الأصيلة، ونام على الحصيرة”.

–        “نورّيك يا عاشق لبدان- إيّاك من شهوة النفوس – الخال يجيب الضنّية – لو كان الأب من اللصوص”.

لا تنسى وتأمن النساء

ارتبط الكيد بالمرأة، وتناولت أمثالٌ شعبيةٌ كثيرةٌ التحذيرَ من كيد النساء ومكرهنّ. بل ذهبت بعض الأمثال إلى التحذير من “خطورة” المرأة التي تجاوزت الستّين من عمرها، فهي تُدعى “السّتّوت”، وقرَنتها بأعمال السحر والشعوذة، بل هناك تصنيف في أعمال السحر يُسمّى “شباشب النساء”. وهذه بعض الأمثلة:

–        “إذا حلفوا فيك رجال غير بات راقد، وإذا حلفوا فيك النساء بات قاعد”.

–        “النساء كـ يحبوا يدبّروا، وكـ يكرهوا يخبّروا”.

–        “النساء إذا خدموا الصلاح داخوا، وإذا خدموا الفساد بدعوا (أبدعوا)”.

–        “بهت النسا بهتين – من بهتهم جيت هارب – يتحزموا باللّفاع (الأفاعي) – ويتخلّلو (من خُلاّلة أو خلخال) بالعقارب”.

–        “مَزيَن النساء بضحكات – لو كان يدوموا – الحوت في ماء يعوم – وهوما بلا ماء يعوموا”.

–        “بُطّ النساء بالنساء، وبط الكلب بالعصا”.

–        “ما تأخذ رأي المرأة، ما تبّع الحمار من وراء”.

–        “العجوز إذا لحقت للستين تخدم خدمة الشياطين”

–        “العجوز في الستّين تحكم الصّيد (الأسد) من الوذنين (الأذنين)”

–        “الستّوت كـ تنصح، تخطف سنّين (أسنان) الكلب وهو ينبح”.

–        “لا تامن (تأمن) العجوز إذا تابت وصلاّت، ودارت سبحة رقيقة، اللّي يخدمو الشيطان في عام، تخدمو في دقيقة”.

–        “بالك (احذر) تنسى وتامن النسا.

–        ” ثلاثة ما فيهم أمان: المرأة والبحر والسلطان”.

–        “ما تقوم لقيامة إلا على ضفيرة (شعر المرأة)، وإلاّ على مطيرة (هطول مطر)”.

مكتوبٌ على باب الجنة

أما عن الزوجة وأم زوجها فالأمثلة كثيرة، تُبيّن بأن العلاقة بينهما لها تاريخٌ في عدم التفاهم الذي يؤدّي أحيانا إلى أن تَكيد إحداهن إلى الأخرى، وما ينتج عن ذلك من مشاكل قد تؤدّي إلى مآسي. ومن أبلغ الأمثلة في هذا الاتجاه:

–        “إذا تفاهمت العجوز والكنة حتى الشيطان يدخل للجنة”.

–        “مكتوب على باب الجنة عمرها ما تحب العجوز الكنة”.

هل من أمثلة شعبية حول الرّجل؟

تتقارب الأمثلة في صياغتها ومعانيها في مختلف مناطق الجزائر، بل أن بعضها يتقارب مع أمثلة في بلدان عربية. وقد اجتهد كثيرٌ من الباحثين في جمع هذه الأمثال وتصنيفها حسب موضوعها أو حالة المرأة عبر مراحل حياتها (قبل الزواج وبعده وفي حالة الطلاق أو الترمّل..). وسواءٌ اتفقنا مع مضمون المثال الشعبي حول المرأة أو اختلفنا معه، فإنه يبقى جزءًا أصيلا من الثقافة الشعبية التي تُمثّل عنصرا من عناصر الهوية الوطنية. وقد يتساءل القارئ: هل هناك أمثلة شعبية اختصت بالرجل على غرار هذه التي اختصت بالمرأة؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه في مناسبات قادمة.

محمد ياسين رحمة - الجزائر

محمد ياسين رحمة - الجزائر

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
أحوال الطقس.. ثلوج وأمطار غزيرة عبر 25 ولاية سكيكدة.. إصابة 21 جريحًا في حادث مروري تونس.. شايب يجدّد التزام الحكومة بحماية أفراد الجالية قمة كمبالا.. الجزائر تشارك في رسم خارطة طريق زراعية جديدة الاقتصاد العالمي في 2025.. صندوق النقد الدولي يتوقع استقرار النمو وتراجع التضخم عام 2024.. تسجيل 14700 حالة إصابة مؤكدة بجدري القردة في إفريقيا الحرب على غزة.. 5 آلاف شهيد والإبادة الصهيونية مستمرة إرهاب الطرقات.. وفاة 64 شخصا وإصابة 2087 آخرين منذ بداية السنة أحوال الطقس.. ثلوج وأمطار على هذه الولايات بوركينا فاسو.. الجزائر تقدم مساعدات إنسانية مصدرها من المغرب.. توقيف 6 أشخاص وضبط قنطارين من الكيف بمناسبة السنة الأمازيغية الجديدة.. قوجيل يهنئ الجزائريين حملة التضليل والتشويه الفرنسي.. الخارجية الجزائرية ترد بمناسبة السنة الأمازيغية الجديدة.. الرئيس تبون يُهنئ الجزائريين تنصيب اللواء طاهر عياد قائدا للحرس الجمهوري بالنيابة "الفاف".. وليد صادي يعلن نيته الترشّح لعهدة أولمبيـة ثانية "لم يبق منها سوى فروة الرأس”.. انصهار وتبخر جثث الشهداء في غزة وسط الدمار.. الاستعانة بالسجناء لإطفاء الحرائق في لوس أنجلوس ارتفاع أسعار النفط بنحو 3%.. "برنت" يصل إلى 79,76 دولار للبرميل كيف أصبحت الجزائر "مكة الثوار" في إفريقيا والعالم؟