بينما تُذبح الأمومة بسكين الصمت خارج غزة وتقصف بآلة الإجرام الصهيوني داخلها؛ هل يجرؤ قادة العالم الغربي – في عيد المرأة – أن يرفعوا أعينهم في وجه نساء غزة الصامدات وسط ثلاثية: القتل والتهجير والتجويع؟
=== أعدّ الملف: حميد سعدون – منير بن دادي – سهام سوماتي ===
فبسبب العدوان الصهيوني على غزة المتواصل منذ 7 أكتوبر 2023، تستشهد في كل 30 دقيقة أمّ واحدة على الأقل لينضمّ أطفالها إلى قائمة اليتامى الذين قدّرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، عددهم بحوالي 17 ألف. كما أنّ النساء والأطفال يمثّلون 70 بالمائة من قوافل شهداء العدوان وعددهم يفوق 30 ألف فلسطيني.
مقرّرة الأمم المتحدة الخاصة – المعنية بالعنف ضدّ المرأة – ريم السالم، دقّت ناقوس الخطر بشأن ما تواجهه النساء في غزة وما يتعرضن له من معاملة “غير إنسانية ومهينة”، فقد أشارت إلى أنّ هناك تقارير مروّعة تتحدث عن تجريد نساء فلسطينيات من ملابسهن وتصويرهن في أوضاع مُهينة، وأنّ نحو 200 امرأة وفتاة – من أصل 3 آلاف فلسطيني – محتجزات في غزة.
وعندما اعترف وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن – يوم الخميس 29 فيفري 2024 – باستشهاد أكثر من “25 ألف” امرأة وطفل في حرب الإبادة التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني ضدّ المدنيين الفلسطينيين منذ 7 أكتوبر 2023، ظهرت بعده نائبة المتحدث باسم وزارة الدفاع (البنتاغون) سابرينا سينغ لتوضّح أنّ الرقم الذي أعلنه الوزير مصدره “وزارة الصحة التي تديرها حماس”.
وبالتالي فإنّه، حسب قولها: “لا يمكننا التحقّق بشكل مستقل من أعداد الضحايا في غزة”، وتدّل هذه الملاحظة التي ذكرتها سينغ أنّ حقد واشنطن على حماس وانحيازها الفاضح إلى الاحتلال الصهيوني يعميانها عن رؤية حقيقة الجحيم الذي تكابده نساء غزة وسط عالم من المفترض أن يحتفل غدا الجمعة 8 مارس باليوم العالمي للمرأة، لترتفع تلك الشعارات الجوفاء المندّدة بالعنف ضدّ النساء، كما هنّ في خيالات منظري النسوية، فيما الواقع يشير إلى جحيم مسكوت عنه تدفع ثمنه الأمومة والطفولة في غزة.
وكشفت (أونروا)، في تقرير جديد الثلاثاء (5 مارس)، أنّ أطفال غزة – بسبب سوء التغذية – يموتون ببطء تحت أنظار العالم، وبسبب القنابل، مع العلم أنّ الوزير أوستن ذكّر – خلال جلسة الاستماع في الكونغرس – أنّ الكيان المحتل استفاد منذ بداية العدوان على غزة، بنحو 21 ألف ذخيرة موجّهة بدقة.
وفي حوار خاص مع الأناضول، تحدّثت مقررة الأمم المتحدة عن المآسي التي تواجهها النساء والفتيات في قطاع غزة والعنف الذي يتعرضن له، إلى جانب هجمات مكثّفة ضدّهن وحصار تفرضه سلطة الاحتلال على القطاع. وشدّدت ريم السالم على أنّ العديد من العاملين الميدانيين “لا يجدون الكلمات المناسبة لوصف ما يواجهه الفلسطينيون في غزة، ومستوى الألم والرعب الميداني الذي لا يعقل”، ووصفت غزة بأنها أضحت “جحيما حقيقيا” للنساء.
وأكّدت أنّ الهجمات الصهيونية في غزة أصابت النساء والأطفال، قائلة: “قُتل أكثر من 30 ألف فلسطيني، 70% منهم من النساء والأطفال، ومن غير المقبول السماح باستمرار هذه الإبادة الجماعية ضدّ النساء والأطفال الفلسطينيين”، وأضافت أنّهم “يتعرضون لجرائم حرب، لأنهم فلسطينيون، ولأنهن نساء”.
وذكرت المقرّرة الأممية أنّ آلاف النساء تأثّرن بما يحدث في غزة، موضّحة أنّهن يفقدن أزواجهن، و”كلّ ساعة تُقتل أمّان، ويصبح عدد لا يحصى من الأطفال يتامى”. وتابعت: “بشكل متعمّد، يعاني الناس في غزة الجوع، ولا يمكن للمساعدات الإنسانية الوصول إلى حيث ينبغي أن تكون”.
وأردفت: “تضطر الحوامل إلى إنهاء حملهن تحت القصف ونقص الخدمات الصحية، وهناك نساء يُجبرن على الولادة من دون الحصول على تخدير أو دعم حقيقي، في بيئة تدمّر فيها جزء كبير من القطاع الطبي”.
وانتقدت ريم السالم خطاب الكراهية الذي يستخدمه مواطنون ومسؤولون صهاينة ضدّ النساء، من أجل “شرعنة قتل النساء الفلسطينيات”. وأشارت إلى تقرير مشترك نشر الأسبوع الماضي بتوقيع عدد من مقرري الأمم المتحدة، مبيّنة أنّهم تطرّقوا فيه إلى معاناة المدنيين الفلسطينيين، خاصة النساء والأطفال.
وأوضحت أنهم تمكنوا من الوصول إلى تقارير موثوقة عن عمليات إعدام مباشر خارج نطاق القضاء لنساء فلسطينيات مع أطفالهن، فضلا عن الاعتقال التعسفي والإخفاء ونقل فلسطينيات إلى أماكن احتجاز في الضفة الغربية ولدى الاحتلال.
إنها إبادة جماعية يا “جيل”..
هل يحقّ لهذه السيدة أن تتحدّث عن حقوق النساء؟
كثّفت جيل بايدن – السيدة الأولى في الولايات المتحدة – نشاطها ضمن حملة إعادة انتخاب زوجها الرئيس الأمريكي، بالتركيز على حشد أصوات النساء، وتنفيرهن من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي اعتبرت أنّه يشكّل خطراً على النساء والعائلات، وأنه يسخر من أجساد النساء ويتفاخر بالعنف، لكن جيل بايدن وهي تلقي خطابها تناهى إلى سمعها صوت نسائي يرتفع من بين الجموع: “إنها إبادة جماعية يا جيل”.
فالسيدة الأمريكية الأولى كانت قد تحدّثت لمدة 14 دقيقة فقط في المحطة الثانية من جولتها، تحت شعار: “نساء من أجل بايدن – هاريس”، لكن ذلك لم يمنع العديد من المتظاهرين المتضامنين مع فلسطين من مقاطعة تصريحاتها لأربع مرات منفصلة. وصاحت إحدى المتظاهرات في توكسون – بينما كان الأمن يخرجها بالقوة من القاعة – قائلة: “إنها إبادة جماعية يا جيل”.
بعد الاعتراض الأول، عادت جيل بايدن لتكمل خطابها قائلة: “إنّ الجمهوريين المتطرفين بقيادة دونالد ترامب يصدرون قوانين تمنع النساء من الحصول على الرعاية الصحية التي يحتجنها، بما في ذلك التلقيح الاصطناعي”، وهنا صرخت في وجهها كاليانا فينيت، وهي ناشطة ضمن تحالف “أريزونا للتضامن مع فلسطين” قائلة: “تتحدث عن قضايا المرأة.. بينما النساء في غزة يخضعن لعمليات قيصرية دون تخدير، ويشاهدن أطفالهن يخرجون من تحت الأنقاض، ويتضورون جوعًا حتى الموت إنه أمر مخجل للغاية”.
هذه الناشطة العاطلة عن العمل، كانت قد صوّتت لصالح بايدن في انتخابات 2020، وهو القرار الذي تقول الآن إنّها “تخجل منه بشدة”، وكغيرها من المتظاهرين المتضامنين مع الحق الفلسطيني، طاردت “فينيت” الرئيس جو بايدن في مناسباته العامة لعدة أشهر، وقد اتخذ فريقه خطوات لحمايته من العار الذي يلاحقه بسبب تعامله مع حرب الإبادة الصهيونية، إذ اضطر بايدن إلى إبقاء مواقع نشاطاته مخفية حتى آخر لحظة ممكنة لتفادي المتظاهرين.
وأيّدت منظمة “الاشتراكيون الديمقراطيون الأمريكيون” التي تعتبر أكبر جماعة سياسية يسارية في الولايات المتحدة، الدفع من أجل التصويت بـ”غير ملتزم” في الانتخابات التمهيدية للرئاسيات، والمقصود بذلك التعبير عن الاحتجاج على الرئيس بايدن الذي أصرّ على المشاركة في الحرب الصهيونية ضد نساء وأطفال فلسطين.
وكتبت المنظمة في بيان على موقع “إكس”: “أنه يجب أن تنهي هذه الإدارة دعمها للإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال في غزة وتحقّق وقفًا دائمًا لإطلاق النار، سيتحمّل جو بايدن مسؤولية رئاسة أخرى لترامب”. وأضافت المنظمة، “إنّ بايدن في طريقه لخسارة الانتخابات أمام ترامب ما لم يختر الاستماع إلى الطبقة العاملة في هذا البلد وتغيير المسار”. وأضافت تقول: “الهزيمة مؤكدة إذا فشل في القيام بذلك”.
وفي اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف يوم غد الجمعة الثامن مارس، تقدّر منظمة الصحة العالمية عدد الحوامل في قطاع غزة بنحو 52 ألف امرأة، إذ قالت إنّهن معرّضات للخطر بسبب انهيار النظام الصحي وسط حرب الإبادة المستعرة. ولا تقتصر المخاوف على الولادة ذاتها، بل تتعداها إلى تحديات عدة مثل إبقاء الأطفال على قيد الحياة في ظلّ الحرمان من المواد الأساسية كالماء والغذاء.
وتثير الظروف الكارثية والموت المنتشر في كل مكان الخوف في نفوس النسوة الحوامل، وأشارت الأمم المتحدة الشهر الماضي إلى أنّ 12 مستشفى فقط ما زالت في الخدمة من أصل 36. وتسبّبت القيود التي تؤكّد الأمم المتحدة أنّ سلطة الكيان هي السبب فيها بتوقّف معظم قوافل المساعدات. ويقول صندوق الأمم المتحدة للسكان إنّ 62 حزمة مساعدات من المواد الخاصة بحالات الولادة تنتظر السماح لها بالدخول عبر معبر رفح.
وفي مستشفى الولادة الإماراتي في رفح التي لجأ إليها نحو 1.5 مليون شخص، لم يتبق سوى 5 غرف للولادة. ولا يقتصر الخطر على النساء اللواتي اقترب موعد وضعهن، بل جميع النساء الحوامل معرّضات للخطر بسبب نقص الغذاء في زمن العدوان. ووفقا لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، فإنّ 95% من النساء الحوامل أو المرضعات يواجهن نقصا غذائيا حادا.
الإجرام الأمريكي بقفازات مخملية..
ما هي مهمّة النساء السمراوات في البيت الأبيض؟
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالا للكاتبة “كارين آتيا” قالت فيه إنّ السيدة سمراء البشرة “كامالا هاريس”، نائبة الرئيس الأمريكي جو بايدن، يجب ألا تكون الوجه الجميل للسياسة الأمريكية القبيحة في قطاع غزة، فقد استخدمت إدارة بايدن نساء سمراوات كقفازات مخملية وقبضات حديدية، كلّما تعلّق الأمر بالعدوان الصهيوني على قطاع غزة والذي استشهد فيه أكثر من 30 ألف فلسطيني حسب وزارة الصحة في غزة.
وألقت نائبة الرئيس، كامالا هاريس في سيلما، بولاية ألاباما رسالة باسم الإدارة بمناسبة الذكرى الـ58 لما يعرف بـ”الأحد الدامي”، والذي شهد أحداث عنف عنصري ضدّ السود من قبل الشرطة، وذلك أثناء تنظيم مسيرة لرواد حركة الحقوق المدنية في مدينة سيلما، وقد صارت النساء السمراوت يقمن في البيت الأبيض بفرض التواطؤ الأمريكي في حرب الإبادة ومحاولة تلطيف صورتها.
وتقول الكاتبة، إنّ هاريس – في خطابها، اعترفت بمأساة غزة – وهي مصيبة في هذا حين قالت: “لقد رأينا تقارير عن عائلات تأكل الأعشاب أو علف الحيوانات ونساء يلدن أطفالا يعانون من نقص التغذية ودون أيّ عناية طبية وأطفال يموتون بسبب سوء التغذية”، وطالبت بوقف فوري لإطلاق النار وعلى الأقل في شهر رمضان، وطالبت بالإفراج عن الأسرى وأن تسمح سلطة الكيان بدخول المواد الإنسانية إلى غزة.
لكن ما لم تقله كان مهما بذات القدر، إذ لم تنتقد هاريس الحصار الصهيوني المقصود والهجوم، ولم تطالب بمساءلة حول عملية نقل الأسلحة إلى الاحتلال، وبدلا من ذلك أشارت لما حلّ بالفلسطينيين في غزة بأنّه “كارثة”، تبدو لها مجهولة، وكأنّ إعصارا مشبعا بالقنابل والرصاص انفجر من البحر المتوسط.
وقالت آتيا إنّ ما تسبّب في الموت والتجويع في غزة هي أفعال بعينها لأشخاص عبر أنظمة السلطة، ذلك أنّ ضرب وسحل وذبح السمر كان سلاحا منهجيا ومتعمّدا استخدمه دعاة التفوّق الأبيض، ولم يكن مجرّد هبّات لا يمكن تفسيرها من “الفوضى” العشوائية. وكان خطاب هاريس مترهلا تنكّر بزي القوة، فما دعت إليه من “إسقاط المساعدات الإنسانية جوا” هو حل غير فعال وغير كاف بطريقة مثيرة للشفقة.
وأكثر من هذا، فالدعوة هي إشارات أخرى عن الضعف الأمريكي وتؤكّد أنّ فريق بايدن لن يستخدم ما لديه من أوراق نفوذ تتعلّق بنقل السلاح من أجل إجبار الاحتلال على التعاون، وإن لم تكن هاريس وجه الضعف لإدارة بايدن فهي الوجه المستمر لوحشية الولايات المتحدة تجاه الفلسطينيين، وفق ما جاء في هاشتاغ بلاك ماجيك غيرل (البنت السوداء الساحرة) لتسهيل بلع السم.
ولن ينفع مع رئيس سلطة الاحتلال – مجرم الحرب – بنيامين نتنياهو، لباس هاريس المدني المخملي كمحاولة لتهدئة القاعدة الديمقراطية المؤيّدة لغزة والمعادية للتطهير العرقي، وبعد كل هذا، فقد اعتمدت الإدارة على امرأة سمراء أخرى لإرسال رسالة مختلفة إلى نتنياهو، وهي القبضة الحديدية لمنع الدعوات المطالبة بوقف القتل.
فلم تستخدم السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، الفيتو مرة فقط بل مرتين لمنع الدعوات المطالبة بوقف إطلاق النار، وبالنسبة إلى الكثير من الناخبين السود فإنّ المنظور هذا يعيد ذكريات أول وزير خارجية أسود، كولين باول والذي استخدم مكانته في الأمم المتحدة لتقديم جدله الداعي لاحتلال العراق.
وفي عيون العالم، فـ”غرينفيلد” هي مثل باول وجه أسمر يقدّم غطاء للوحشية الأمريكية المباشرة وغير المباشرة في العالم العربي. وقارن التقرير هاتين المرأتين بامرأة سوداء أخرى التي تجسّد روح سيلما الأصلية، بما في ذلك الاستعداد لقول ما هو صواب. ففي تشرين الأول 2023، كانت كوري بوش، النائبة الديمقراطية عن مونتانا من بين أوائل القادة الأمريكيين الذين دعوا إلى وقف إطلاق النار والإغاثة الإنسانية، فقد كتبت: “دعوني أكون واضحة.. العقاب الجماعي للفلسطينيين في غزة هو جريمة حرب.. والتزامي بوقف العنف والوحشية والاضطهاد ليس مشروطا ولكنه عالمي”.
وكانت إلهام عمر، النائبة الديمقراطية عن مينسوتا صريحة بشأن الوحشية ضدّ الفلسطينيين وتقدّمت بمشروع قرار لمنع مبيعات السلاح إلى الكيان. وتعهّدت جماعة الضغط المؤيّدة للاحتلال، (الأمريكية – الصهيونية للشؤون العامة) بإنفاق ملايين الدولارات لهزيمة النساء السود في مناطقهن الانتخابية.
ويبدو استحضار نائبة الرئيس لذكرى يوم دموي في تاريخ السود الأمريكيين وكفاحهم ضدّ الفصل العنصري، وفي ذات الوقت تمثيل إدارة بايدن في فرض القمع بالخارج، بخاصة عندما نعرف أنّه في نهاية الأمر، الرجال البيض في الإدارة هم من يصدرون الأوامر. وهل نستطيع الاحتفاء بنساء سمراوات في سلطة لا يستطعن استخدامها لمنع الموت والتجويع لسكان جرّدوا من دولتهم؟ أرغب في الحصول على جواب من الناخبين، تختتم الكاتبة.
المرأة الفلسطينية أيقونة النضال..
الجزائر تستذكر مأساة النساء في غزة
أجمع المشاركون في تظاهرة تضامنية مع المرأة الفلسطينية، نظّمت يوم الثلاثاء 5 مارس بالجزائر العاصمة، على الظروف القاهرة والكارثة الإنسانية التي تعيشها النساء الفلسطينيات والتي زادت حدّتها منذ بدء عدوان الاحتلال الصهيوني على غزة، في 7 أكتوبر 2023، لافتين إلى الدور الهام الذي تلعبه إلى جانب الرجل الفلسطيني في المقاومة والنضال.
وشدّد المشاركون، خلال التظاهرة التي نظّمها الاتحاد الوطني للمواطنة والديمقراطية بالتنسيق مع سفارة دولة فلسطين بالجزائر والاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، على ضرورة وقف ازدواجية المعايير وسياسة الكيل بمكيالين التي تنتهجها المنظومة الدولية المتحكمة في مصير العالم، ومنح المرأة الفلسطينية حقّها في الاحتفال بيومها العالمي للمرأة على غرار نساء العالم.
وفي كلمة له بمناسبة التظاهرة التي حملت شعار “المرأة الفلسطينية أيقونة النضال”، قال نائب سفير دولة فلسطين بالجزائر، بشير أبو الحطب، إنّ المرأة الفلسطينية شريكة أساسية في العمل النضالي ومقاومة الكيان الصهيوني إلى جانب الرجل الفلسطيني، مؤكّدا دورها الرئيسي والمهم في الإبقاء على روح المقاومة، رغم البطش والتنكيل الذي تتعرّض له على أيدي قوات الاحتلال الصهيوني.
وأبرز أبو الحطب أنّ معاناة المرأة الفلسطينية ازدادت حدّتها، خاصة في قطاع غزة، منذ بدء عدوان الاحتلال الصهيوني عليه، والمتواصل منذ 5 أشهر، حيث أنّها “تعاني ما لم تعانيه أيّ امرأة في العالم منذ 151 يوما”، مردّفا بالقول: “المرأة الفلسطينية تعيش ظروف بالغة الصعوبة، تلد على قارعة الطريق ويمنع عنها الماء والدواء، في جريمة من أبشع الجرائم التي ارتكبت في التاريخ”.
ولفت بشير أبو الحطب إلى أنّ “الشعب الفلسطيني يتعرّض إلى حرب إبادة جماعية تطال 2.13 مليون فلسطيني، والمرأة الفلسطينية في القطاع تنال النصيب الأكبر من هذا العدوان الخطير وتدفع ثمنه غاليا، فهي تتعرّض إلى مختلف الانتهاكات وبطرق وحشية”، وفي المقابل، يضيف المسؤول نفسه، “يعجز العالم عن إجبار الكيان الصهيوني على التوقّف عن مجازره، رغم قرارات محكمة العدل الدولية ومئات القرارات الأممية”.
بدورها، أكّدت رئيسة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية في الجزائر، نسرين مقداد، أنّ “المرأة الفلسطينية لا تحتفل بعيدها المصادف لـ 8 مارس من كل عام، وهي التي تعيش في ظروف قاهرة وكارثة إنسانية”، مستنكرة عدم تمكّن العالم من وقف عدوان الاحتلال الصهيوني على القطاع، والذي خلّف، في حصيلة غير نهائية، ما يزيد عن 30 ألف شهيد وأكثر من 71 ألف جريح.
وفي السياق، ناشدت نسرين مقداد دول العالم التدخل من أجل وقف عدوان الاحتلال الصهيوني الذي يتعرّض له الشعب الفلسطيني والمرأة الفلسطينية بشكل خاص، مطالبة بتوفير الحماية للنساء الفلسطينيات وفتح المعابر لإدخال المساعدات الغذائية والطبية.
من جهته، ثمّن رئيس الاتحاد الوطني للمواطنة والديمقراطية الجزائري، عبد الباقي سايح، وقوف المرأة الفلسطينية جنبا إلى جانب مع شقيقها الرجل في مجابهة الاحتلال الصهيوني الغاشم والنضال في سبيل القضية الفلسطينية على اعتبارها قضية عادلة، مقارنا بين نضال المرأة الفلسطينية ونظيرتها الجزائرية التي عانت الأمرين من بطش الاستعمار الفرنسي إبان الثورة التحريرية المجيدة.
وللتذكير، فقد حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) – يوم الثلاثاء 5 مارس – من انفجار وشيك في عدد وفيات الأطفال المرتبطة بسوء التغذية بقطاع غزة، موضحة أنّ معدلات الوفيات بشمال القطاع أعلى بـ3 أضعاف من المسجّلة في الجنوب، وقال متحدث اليونيسف جيمس إلدر، في مؤتمر صحفي بمقر الأمم المتحدة في جنيف، إنّ أعداد الوفيات من الأطفال نتيجة سوء التغذية ستستمر بالارتفاع إذا لم يتم حل أزمة التغذية المتفاقمة في قطاع غزة. وأوضح أنّ معدلات سوء التغذية لدى الأطفال دون سن الخامسة في الشمال أعلى بـ3 مرات من تلك الموجودة في رفح جنوبا.
وبالإضافة إلى الجوع، قال إلدر إنّ هناك خطرا متزايدا من الأمراض المعدية، حيث أصيب 9 من كل 10 أطفال دون سن الخامسة (نحو 220 ألف طفل) بالمرض خلال الأسابيع الماضية. ومن جهته، قال ريتشارد بيبركورن، ممثل منظمة الصحة العالمية في غزة والضفة الغربية، إنّ طفلا واحدا من بين كل 6 أطفال دون الثانية في شمال القطاع يعاني من سوء التغذية الحاد. وأضاف أنّ هذه البيانات كانت في جانفي، ومن المرجح أن يكون الوضع أسوأ اليوم.
وقالت وزارة الصحة في غزة إنّ 16 طفلا على الأقل توفوا بشمال القطاع خلال الأيام القليلة الماضية بسبب سوء التغذية والجفاف، كان آخرهم الطفل “يزن الكفارنة” البالغ من العمر 10 سنوات. وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنّ ربع عدد سكان القطاع، أي 576 ألف شخص، على بعد خطوة واحدة من المجاعة، وذلك بعد نحو 5 أشهر من بدء العدوان الصهيوني.
عندما يتعلّق الأمر بمأساة النساء في غزة..
العالم يؤدي دور “شاهد ما شافش حاجة”
أبرز الأستاذ والباحث في الشؤون الدولية، عبد الرحمان بوثلجة، أنّ المرأة الفلسطينية وتحديدًا الأمهات الفلسطينيات في قطاع غزة هُنّ الأكثر تضررًا خلال هذا العدوان الصهيوني الهستيري المتواصل على القطاع، والذي يقترب من الشهر السادس على التوالي، حيث أنّ ثُلثي الشهداء والذي يتجاوز عددهم الثلاثين ألفاً هم من النساء والأطفال، فإمّا أن تجد أما فقدت ابنها وتكون بذلك ثكلى، أو أما استشهدت وتركت خلفها أبناءها الذين يواجهون مصيراً مجهولا في ظل الأوضاع الإنسانية القاهرة التي يشهدها القطاع.
وفي هذا الصدد، أوضح الأستاذ بوثلجة، أنّ الاستهداف الممنهج للمرأة الغزيّة، أماط اللثام أخيرا عن الوجه الحقيقي لهذا الاحتلال السافر، وكشف زيف روايته التي حاول الترويج لها مع بداية عدوانه الهمجي على القطاع، ومُحاولته البائسة واليائسة للعب دور الضحية وأنّه يقف مُدافعا عن نفسه ضد حركة إرهابية لا أكثر ولا أقل، إلا أنّ الصور والمشاهد التي تناقلتها مختلف وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي عبر العالم، فضحت حقيقة ادعاءاته الكاذبة وأثبتت بالملموس أنّ هذا الكيان هو كيان مجرم هدفه هو الانتقام والإبادة الجماعية والقضاء على الفلسطينيين وعلى حلمهم في إقامة دولتهم الفلسطينية كما تنص على ذلك قوانين الأمم المتحدة.
في السياق ذاته، أشار المتحدث إلى أنّه ومع إحياء مختلف دول العالم لليوم العالمي للمرأة، والذي يتزامن هذه السنة مع استمرار آلة الحرب الصهيونية في ارتكاب المزيد من المجازر في قطاع غزّة، يظهر جليّاً للعالم أجمع مدى النفاق الغربي وتظهر معه ازدواجية المعايير في التعامل مع القضايا الدولية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني الأعزل، فبالرغم من سياسة التقتيل والتجويع والتهجير التي ينتهجها الكيان الصهيوني ضدّ سكان القطاع، إلا أنّ الغرب لم يُحرّك ساكنا ولم يفعل شيئا لإيقاف الاستهداف الممنهج ضدّ النساء والأطفال في قطاع غزّة، ليكون بذلك “شاهدًا لم يرى شيئا”.
على صعيدٍ متصل، أفاد الأستاذ بوثلجة، أنّ الأكثر من هذا كله، هو أنّ هناك نساء وأمهات في العالم الغربي في مناصب حساسة ويتولينَ مسؤوليات عُليا، يدعمن الكيان الصهيوني في سياسته العدوانية اتجاه الشعب الفلسطيني الأعزل والنساء الغزيات في القطاع، فهذه الحرب الشعواء التي يقودها الاحتلال الصهيوني ضدّ كل ما ينبض بالحياة في غزّة، فضحت الغرب وفضحت كل المفاهيم التي يدّعي هؤلاء الدفاع عنها وفي مقدّمتها حقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الطفل، كما أثبتت الأحداث الجارية في القطاع قُسور الهيئات والمنظمات التابعة للأمم المتحدة والتي كانت قد وُضعت بعد الحرب العالمية الثانية على أساس أنها تهتم بالإنسان وبالمجتمع المدني وبالأسرة وبالمرأة وبكل ما يمت للإنسانية بصلة.
وأردف قائلا: “إنّ الاحتلال الإسرائيلي اليوم لا يعترف بالمطلق بمختلف المنظمات التابعة للأمم المتحدة، بدليل مُطالبته بإنهاء مهام منظمة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، تحت مزاعم ضلوع 12 موظفا تابعا لوكالة “الأونروا”، في عملية طوفان الأقصى بتاريخ السابع من أكتوبر الماضي، وهي في حقيقة الأمر مجرد أكاذيب واهية تهدف “إسرائيل” من خلالها إلى شطب قضية اللاجئين الفلسطينيين التي تؤرّق قادة الكيان”.
في سياق متصل، أبرز الباحث في الشؤون الدولية، أنّ الاحتلال الصهيوني على أرض الواقع لا يلقي بالا لا لقوانين الأمم المتحدة ولا لشرائعها ولا لعبارات التنديد والشجب الصادرة عن مختلف دول العالم، ولا يُعير أيّ اهتمام لكلّ المؤسسات والمواثيق الدولية وحقوق الإنسان وكلّ القرارات الأممية التي تتعلّق بهذا الشأن، حيث يتمادى في استهداف وقصف البيوت على ساكنيها دون أن يرف له جفن.
وفي ختام حديثه لـ “الأيام نيوز”، أكّد الأستاذ والباحث في الشؤون الدولية، عبد الرحمان بوثلجة، أنّ العالم بعد انتهاء هذه الحرب الدامية على قطاع غزّة، لن يكون هو العالم نفسه قبلها، بعد أن كشف الجميع حقيقة هذه المؤسسات الدولية والأممية وأيضا الوجه الآخر لتلك الدول التي كانت دائما ما تتغنّى بحقوق الإنسان والدفاع عنها وتُرافع في كل مرة لحفظ حقوق نساء العالم، وسيكون هنالك عالم جديد وهيئات جديدة، تكون أكثر مصداقية وتمارس مسؤولياتها على أرض الواقع بعيدا عن لغة الشعارات الرنانة الموجّهة أصلا للاستهلاك الإعلامي، وتُطبّق فقط حينما يتعلّق الأمر بحقوق الإنسان وحقوق المرأة في الغرب، فيما تضرب عرض الحائط عندما يتعلّق الأمر بالشعوب المستضعفة ويُنظر إليها بعين ضيقة، فالانتهاكات الصارخة التي تتعرض لها النساء الفلسطينيات في قطاع غزة تعتبر لا حدث بالنسبة لهؤلاء للأسف.
“جهاد طه” يستنهض الضمير الإنساني..
يا نساء العالم اتّحدن من أجل المرأة الفلسطينية
أكّد الناطق الإعلامي باسم حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، جهاد طه، أنّه ممّا لا شك فيه أنّ سياسة الإجرام الصهيونية اليوم تستهدف النساء في فلسطين وتحديدًا في قطاع غزّة، بجرائم تتنافى مع كل القيّم والأعراف والمواثيق الدولية، ما يُمثّل وصمة عار أخرى تُضاف على جبين هذا الاحتلال المستبد الذي لا يمت للإنسانية بصلة لا من قريب ولا من بعيد، حيث أنّ النساء الفلسطينيات في قطاع غزّة، يتعرضن إلى انتهاك واضح وصارخ لحقوق الإنسان.
وفي هذا الصدد، أوضح الأستاذ طه في تصريح لـ “الأيام نيوز” أنّ إحياء اليوم العالمي للمرأة له طعمٌ آخر في فلسطين وتحديدًا في قطاع غزة، الذي يتعرّض لحرب إبادة جماعية وجرائم حرب مكتملة الأركان، استخدم فيها الاحتلال الصهيوني السافر كل أنواع الأسلحة الفتّاكة والمحرّمة دوليا، وبالدرجة الأولى استهدف القصف الجنوني لـ”جيش” الاحتلال الإسرائيلي الأطفال والشيوخ والنساء، والمنشآت الصحية وبيوت العبادة وأيضا المدارس التي كانت تأوي النازحين، فيما تجاوز عدد الشهداء الثلاثين ألف شهيد معظمهم من النساء والأطفال، وهذا دليل آخر على أنّ الاحتلال الصهيوني النازي يُمعن في تقتيل نساء فلسطين وأطفالها مع سبق الإصرار والترصد.
في السياق ذاته، أبرز المتحدث أنّ المرأة الفلسطينية والأم الغزّية على وجه الخصوص، وبالرغم من قتامة المشهد في قطاع غزة وتواصل آلة الحرب الصهيونية في وأد الآمنين في بيوتهم، إلا أنها لا تزال ثابتة صامدة وكلها حرص على بناء الجيل الوطني، هذا الجيل المقاوم الذي يتمسّك بأرضه وبالحق الفلسطيني الذي لا يقبل القسمة على اثنين، وبقضيته العادلة، وبكل هذه الحقوق التي لا يمكن ولا بأيّ شكل من الأشكال أن تسقط بالتقادم.
وأردف قائلا: “كل أمٍ فلسطينية هي في حقيقة الأمر مدرسةٌ وطنية كان لها الدور الأبرز في تنشئة هذه الأجيال التي تعاقبت على مدار عمر القضية الفلسطينية أيّ على مدار ما يزيد عن 75 عاما، وغرست فيهم قيم الثبات والصمود، والإيمان الراسخ بعدالة القضية الفلسطينية وبمشروعية الحق الفلسطيني التاريخي، فهي التي حملت على عاتقها تنشئة “جيل التحرير”، بما يتلاءم مع متطلبات كل مرحلة”.
في سياق ذي صلة، دعا الأستاذ طه، العالم والنساء والأمهات في جميع أنحاء العالم إلى تنظيم أوسع حملة تضامن مع المرأة الفلسطينية والأم الفلسطينية في مواجهة التحديات التي تفرضها الأوضاع القاهرة في قطاع غزّة، في ظل تواصل العدوان الصهيوني السافر، والأوضاع الإنسانية الكارثية هناك، مُبرزا في السياق ذاته أنّه وبالرغم من كل هذا الألم والجور المنقطع النظير، إلا أنّ الأم الفلسطينية ستبقى صورتها مشرقة بالنسبة للعالم أجمع، لأن الأم الفلسطينية هي من أكثر شرائح المجتمع التي صبرت وعانت ويلات سياسة التجويع والتقتيل التي تمارس بحق أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزّة.
هذا، وأضاف المتحدث: “نقول لكل نساء فلسطين، لأمهات الشهداء، لزوجات الشهداء، لأخوات الشهداء والأسرى، ولكل الباسلات اللواتي يقفن أمام مقصلة الاحتلال ويتحدين هذا البطش والعدوان الهمجي الدموي، نقول لهم بأنّ هذا قدرنا وأن نبقى واقفين أمام جبروت هذا الاحتلال، موحّدين كلّ أبناء الشعب الفلسطيني بكل فئاته وأطيافه السياسية والاجتماعية وبكل شرائحه وقطاعاته، فهذه المعركة هي جزء من معركة التحرير والخلاص من هذا الاحتلال الجائر”.
خِتاما، أكّد الناطق الإعلامي باسم حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، جهاد طه، أنّه وفي اليوم العالمي للمرأة، على العالم أجمع أن يُدرك يقينا أنّ إرادة الأم والمرأة الفلسطينية لن يكسرها تعنت الاحتلال الإسرائيلي الفاشي وتماديه في ارتكاب المزيد من المجازر وحرب الإبادة الجماعية بحق الأبرياء والمدنيين العزل، فإرادة المرأة الفلسطينية لن تزيدها هذه الممارسات الهمجية والوحشية إلا إرادةً وصمودا وعزماً على إتمام رسالتها التي بدأتها في تنشئة الأجيال القادمة حتى تعود الأرض إلى أصحابها وتعود فلسطين حرة أبية من النهر إلى البحر.
في ظلّ الصمت العربي والدولي..
متى يطالب العالم بنصرة المرأة الفلسطينية وتحريرها؟
بقلم: سامية غشير – أكاديمية وعضو رابطة حقوق الإنسان
إنّ الممارسات الإجراميّة في غزّة الجريحة تطرح عدّة أسئلة في ظلّ تصاعد الحملات الإجرامية العنيفة في حقّ الأبرياء الفلسطينيين رجالاً ونساءً وأطفالاً، يبقى الصّمت سائدًا من قبل الحكّام والسّاسة العرب، وعدم ردّ الفعل الإيجابي إزّاء ما يحدث من أوضاع مخزية يندى لها الجبين.
يحلّ علينا الثّامن مارس من كلّ سنة ليحتفيَ بعيد المرأة اعترافًا بأدوارها القياديّة ومكانتها المهمّة في المجتمع، وبناء الفرد، وتربية الأجيال، فكلّ عيد يحتفى بالمرأة وتقدّم لها الهدايا والزّهور، ويثنى عليها وعلى قيمتها الجليلة في فلسطين الأبيّة الّتي تعيش وضعًا بائسًا في كلّ المستويات، المرأة تعاني وتئنّ وتتوجّع، وتموت بمختلف الأشكال والألوان، ويُقتَل أهلها أمام عينيها، هذه المرأة فقدت كلّ حقوقها المشروعة لها في العيش الكريم، وحرّيتها، وكيانها وأضحت تعيش الجحيم والفقد والحزن، ذبلت زهرة شبابها في سنّ مُبكّرة، وأعدمت روحها البريئة، وابتعدت عن أداء أدوارها الحيويّة في الحياة في ظلّ انتشار الموت في كلّ جانب وطريق. فالمرأة في فلسطين تعاني أشكال العنف والقمع من قتل وتهجير وتجويع، قتل متعدّد الأنواع، قتل الجسد، قتل الفكر، قتل الأحلام، قتل الأحبّة والأبناء.
في الثّامن من مارس توشح المرأة ملكة وقائدة ومسيرة لها قيمتها ومكانتها البارزة، تقدّر وتحترم لما قدّمته وما تزال تقدّمه في بناء المجتمع وتقدّمه في جميع المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية والثقافية، وتكرّم لإسهاماتها الكبيرة كعنصر فاعل وعضو مهم، وقد احتفت الدول الكبرى بتكريم النساء الرائدات القياديات، وإعطائهن أدوارًا أخرى بارزة تقدّم الإضافة المرجوة، وهذا ناتج عن ثقتهم الكبيرة في العنصر النسوي الذي أضحى يتقدّم بخطى جيدة إيجابية، ويلج تلك المجالات الصعبة والمرفوضة سابقا التي كان يدخلها الرجال فقط، مثل المجالات السياسية والاقتصادية ومجال الابتكار والمقاولاتية.
من المؤسف أن تعاني المرأة الفلسطينية ويخمد صوتها وفكرها وإبداعها وعطاؤها، وتغتصب بشتّى الأشكال والألوان اغتصاب جسدي، وفكري، ومعنوي، وإنساني في ظلّ الصّمت المفضوح من قبل منظّمات العدل وحقوق الإنسان، والمنظّمات العالمية التي تنتصر للمرأة، وتدافع عنها، وتسعى إلى الدّفاع عن حقوقها الواضحة، مثل الحقّ في الحياة، الحقّ في الطّموح، الحقّ في الحلم، الحقّ في الحرية، الحقّ في الأمن والسّلام، يظلّ العالم ساكتًا مشاهدًا لمسلسل التّقتيل والتّشريد والتّجويع الممارس على نساء فلسطين، فهل من مستغيث، وهل من خطابات إنسانية وقوانين تنتصر للمرأة الفلسطينية، وتعيد الاعتبار لها، وتنادي بنصرتها وتحريرها في يومها العالمي؟
سيكون إثم نساء غزّة وصمة عار في جبين قادة العالم الغربي الذين لن يتمكّنوا من رفع رؤوسهم أمام نساء غزّة البريئات؛ بسبب جبنهم وعدم معارضتهم لما يحدث من انتهاك الفطرة الإنسانية الصّحيحة؛ إذ لاحظنا عديد الحكّام كانوا داعمين للاحتلال الإسرائيلي ومتّفقين مع سياستها الاستبدادية الاستعبادية التّدميرية التّرهيبية التّعنيفية، في حين بعضهم التزم الحياد ورفض التّصريح بأيّ رأي، في حين قادة الدّول العربية فلم يتّخذوا قرارًا موحّدًا يبرز اتّحادهم ووحدتهم، فظلّ ضميرهم نائمًا، وأخرست أصواتهم، فبأي وجه سيقابلون المرأة الفلسطينية التي شرّفها الدّين والعرف والتّقليد وخانها الخنوع السّياسي العربي للآخر، وتغييب الدّفاع عنها في مختلف منظّمات العدل وحقوق الإنسان والدّفاع عن المرأة الدّولية.
وانصر أهلنا في قطاع غزة..
اللهم انتقم من الاحتلال الصهيوني وأعوانه
بقلم: الدكتور عبد الله المَشوخي – أكاديمي فلسطيني
صدر بيان عن مجلس الأمن الدّولي عبّر فيه عن قلقه العميق إزاء التّقارير عن مقتل أكثر من 100 شخص وإصابة المئات في غزّة. صدر هذا البيان إثر مجزرة مروّعة ارتكبها العدو النّازي ضدّ المدنيين الأبرياء حال تجمّعهم حول سيارة مساعدات غذائية لعلّها تسدّ شيئًا من مسغبتهم وأطلق بعضهم عليها مجزرة الطّحين. وليست هذه المجزرة الأولى أو الأخيرة التي اقترفها العدو النّازي فقد قام باقتراف آلاف المجازر المروّعة.
ولأنّ العدو الهمجي يدرك أنّه فوق القانون ولا يستطيع أحد محاسبته أو معاقبته ولإدراكه أنّ أقصى عقوبة تواجه جرائمه الفاشية مجرد استنكار ظاهري من بعض الدّول التي تدعمه عسكريًا وماديًا ومعنويًا، إضافة إلى إدراكه أنّ أي قرار يصدر من مجلس الأمن لإدانته سيقابل بـ (فيتو) أمريكي.
كما يدرك أنّ ما يصدر عن مجلس الأمن من إدانات لا تغني ولا تسمن من جوع لذلك لا يعيرها الكيان الصّهيوني انتباها ولا يأبه بها ولا يكترث. والعجيب أنّ هذه الدّول التي تلوك بألسنتها عبارات الاستنكار والشّجب تقوم بنفس الوقت بتقديم كافة أنواع المساعدات العسكرية والمالية لمساندة الكيان الصّهيوني في عدوانه الإجرامي على أهلنا في غزّة العزّة.
من جانب آخر تقوم بعض الدول بمسرحيات بهلوانية هزلية بهدف ذر الرّماد في العيون وذلك بتقديم مساعدات غذائية عبر طائرات تلقي من خلالها سلاّت غذائية تسقط تارة في أعماق البحر وأخرى تصل إلى مستوطنات اليهود وأخرى تصل بجوار تجمّع سكّاني لتصبح مضرجة بدماء المحتاجين أثناء تجمعهم عليها بسبب قصفهم من عدو نازي، فبئس كيس الدّقيق الذي تسبّب بإزهاق عشرات النفوس.. وبئس المساعدات التي تهدف إلى رفع العتب والادعاء أنّ هذه الدّول أدّت ما عليها من واجب لنجدة أهلنا في غزّة بئس المسرحية الهزلية التي تهدف إلى امتصاص غضب ونقمة شعوبهم عليهم لاسيما وأنّهم يقومون بتزويد العدو بكافة أنواع الغذاء وغيره.
إضافة إلى استغلال الكيان الصّهيوني لترويج هذه المسرحية الهزلية أمام الرأي العام العالمي ومحكمة العدل الدولية بأنّهم لا يمانعون من وصول المساعدات الغذائية لسكّان القطاع.
هكذا يعيش أطفال ونساء أهلنا في غزّة بين استنكارات وشجب دول منافقة متخاذلة مجرمة تكالبت عليهم لتصفيتهم تارة بأسلحة نارية وتارة بسلاح الجوع والحصار المطبق.
في الختام أسأل الله العلي القدير أن ينتقم من كلّ من ساهم بإلحاق ذرّة أذى بأهلنا في غزّة العزّة سواء بالدّعم العسكري أو المادي أو الغذائي أو الإعلامي أو الاستخباري أو أيّ نوع من أنواع المساعدة وأن ينتقم منهم شرّ انتقام اللهم آمين يا رب العالمين.