في ظل تصاعد موجة العصيان ورفض أوامر التجنيد الإجباري وانتقالها إلى قيادات الجيش الملكي النظامي موازاة مع تعاظم قوة الجيش الصحراوي على الأرض، تحتضن الدار البيضاء خلال هذا الأسبوع مناورة ما يسمى «الأسد الأفريقي 2023» المغربيّة، في محاولة بائسة يائسة من المخزن لإنقاذ نفسه من الغرق متمسّكا بقشّة التطبيع المرفوض داخليا وخارجيا، وذلك عبر الاستنجاد بفريق من مرتزقة جيش الكيان الصهيوني في هذا الحدث العسكري إلى جانب مقاتلين من جنسيات أخرى، سعيا نحو تعويض وتغطية فضيحة انشقاق وتمرّد عناصر جيشه الذين فقدوا الثقة في نظام المخزن بعد أن زجّ بهم في حرب ظالمة وعبثية مع الشعب الصحراوي وورّطهم في تطبيع مُخزٍ وغير مبرّر مع الصهاينة، إضافة إلى عدم اكتراثه بأوضاعهم ومطالبهم الاجتماعية.
وقد سبقت زيارة أوحانا اتصالات مغربية مع الجانب الصهيوني تضمّنت توسّلات نظام محمد السادس، طلبا للاعتراف بوهم شرعية الاحتلال المغربي على إقليم الصحراء الغربية، على أن يتم ذلك بتقديم المزيد من التنازلات السرية قد تصل إلى حد استخدام كتائب من الجيش المغربي في الهجومات الدموية ضد الفلسطينيين.
كما يأتي تنظيم الحدث العسكري «الأسد الأفريقي 2023» خلال فترة عصيبة يمرّ بها نظام المخزن داخليا وخارجيا، بسبب الانتفاضة الشعبية التي تتزايد وتضيّق الخناق أكثر على نظام محمد السادس الذي لم يجد سوى شنّ هجمة غير مسبوقة على المناضلين والناشطين الحقوقيين، ناهيك عن استغلال القضاء لتصفية الحسابات السياسية مع المعارضين، في وقت ضاقت به كل السّبل إلى درجة محاولة الاستعراض الفضفاض بالتطبيع مع الكيان الصهيوني بعدما انقلب عليه أهم حفاءه الأوروبيين نتيجة سياسته العرجاء القائمة على الفضائح والرشاوى.
فبعد تفجير فضيحة موجة العصيان والتّمرد ورفض أوامر التجنيد الإجباري التي أعاد المخزن فرضها على الشباب المغربي، في ظل تصاعد الهجمات التي تقودها جبهة البوليساريو وانهيار معنويات الجيش بعد التطبيع مع جيش الصهاينة، وانتقال ذلك إلى صفوف قيادات وضباط سامين في هرم هذا الجيش، يُحاول نظام المخزن ذر الرماد في العيون وتشتيت أنظار المتتبّعين للشأن المغربي نحو هذا الحدث المنظم من قبل الدار البيضاء وواشنطن سنوياً وبمشاركة ثمانية آلاف جندي من 18 دولة، بدل الحديث عن حالة التململ والعصيان المُتصاعدة في أوساط الجيش المغربي قيادة وقاعدة.
وبما أن الكيان الصهيوني أصبح حليفا للمغرب، وهو ما ترفضه الأوساط الشعبية وحتى العسكرية داخل الجيش المغربي، تقرّر مشاركة 12 جنديّاً وضابطاً لجيش الاحتلال في تدريبات عسكرية على الأراضي المغربية كتتويج لاتفاق التطبيع الذي وقعه المخزن والكيان، ضمن “اتفاقيات أبراهام”، بعدما شاركوا قبل ذلك في المناورة المذكورة على مستوى مراقبين عسكريين دوليّين فقط.
الأكيد أن احتضان أعظم التدريبات الأمريكية في جميع أنحاء العالم حسبما وصفها المسؤول بالقيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا، لن يُنقذ محمد السادس ونظامه من المأزق الذي وقع فيه، بل لن يُنظّف أوساخ تلك الفضائح التي كانت مؤسسات ومحاكم أوروبية مسرحا لها، ناهيك عن تورّط المخابرات المغربية في فضيحة التجسس “بيغاسوس”، وغيرها من سلسلة المهازل التي ترتبط بالسياسة الخارجية للمخزن.
وكما هو معلوم فقد تحدّثت الكثير من التقارير الإعلامية وتحديدا الإسبانية عن عمليات هروب جماعي من التجنيد الإجباري لحوالي 20 ألف شاب مغربي، عقب شروع المخزن في 13 أكتوبر 2021 في عملية “تجنيد إجباري” واسعة للشباب المغربي، وما يقابلها من عودة قوية للجيش الصحراوي الذي كان سببا في انهيار معنويات الجيش المغربي إثر الضربات المدمّرة التي تعرضت لها الثكنات المخزنية وسقوط أعداد كبيرة من قتلى الجيش المتهالك رغم محاولات التعتيم الكبيرة التي يمارسها المخزن والتي كان مآلها الفشل، دون الحديث عن ما كشفته مواقع التواصل الاجتماعي التي نشرت تسجيلات صوتية وأخرى مكتوبة، من داخل الجيش المغربي، تكشف عن حالة من الهلع الكبير خلف الجدار العازل دفع بالكثيرين، جنودا وضباطا، ومحاولات الهرب من ساحة القتال.