أكّدت صحيفة “وول ستريت جورنال”، أمس الأحد، أنّ التقديرات الاستخباراتية الأمريكية أكّدت أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لا تزال تملك ذخائر تكفي لضرب “إسرائيل” عدة أشهر أخرى، ونقلت عن مسؤولين إسرائيليين اعترافهم بأنّ هدف تدمير حماس خلال الحرب على غزة “لم يتحقّق” رغم الحملة الجوية والبرية والدمار الهائل، ومن جهتها قالت صحيفة نيويورك تايمز إنّ فشل “إسرائيل” في تحقيق أهدافها الرئيسية بعد أكثر من 100 يوم على اجتياح غزة يثير إحباطا متزايدا بين قادتها العسكريين ويدفع بعضهم إلى الاعتقاد بأنّ استعادة المحتجزين في القطاع ممكنة فقط من خلال الوسائل الدبلوماسية لا العسكرية.
ونقلت وول ستريت جورنال عن مسؤولين أمريكيين تأكيدهم أن حركة حماس تعيد تشكيل قوة الشرطة الخاصة بها في أجزاء من مدينة غزة وشمال القطاع، فضلا عن تقديم خدمات الطوارئ، مؤكدة أنّ بقاء الحركة يثير تساؤلات بشأن إمكانية تحقيق “إسرائيل” أهدافها من الحرب، كما أكّد ضابط عسكري إسرائيلي للصحيفة أن سلطات حركة حماس المرتبطة بوزارة الداخلية عادت إلى مدينة غزة، بما في ذلك المناطق التي قال الجيش الصهيوني إنها كانت تحت سيطرته.
مرونة بالقتال
وأقرّ مسؤولون إسرائيليون للصحيفة بأنّ مقاتلي حركة حماس يتكيّفون مع القتال، وقال محلّلون عسكريون إنّ التكتيكات الجديدة للحركة تتمثّل بالقتال في مجموعات أصغر والاختباء بين الكمائن التي تنصّبها للقوات الصهيونية، مما يظهر قدرتها على الصمود رغم تدمير مساحات واسعة بالقطاع، وأكّد الجنرال المتقاعد في الجيش جوزيف فوتيل – الذي قاد العمليات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط – للصحيفة أنّ حركة حماس تتمتّع بالمرونة، وأظهرت أنها لا تزال قادرة على القتال رغم خسائرها، وفق تعبيره.
وقدّرت الاستخبارات الأمريكية أنّ حركة حماس خسرت حوالي 20 إلى 30% من مقاتليها منذ بداية الحرب، في حين يتولّى المقاتلون مزيدا من المهمات لتعويض النقص، لكن الحركة نفت تكبّد خسائر كبيرة بأعداد مقاتليها، وفق الصحيفة التي نقلّت عن التقرير الأمريكي الاستخباراتي أنّ حركة حماس كان لديها ما بين 25 ألفا إلى 30 ألف مقاتل قبل الحرب، بالإضافة إلى الآلاف من رجال الشرطة والقوات الأخرى.
وأكّدت الصحيفة أنّ “إسرائيل” سحبت آلاف القوات من غزة بعد ضغوط من الولايات المتحدة للانتقال نحو مرحلة أخرى من القتال تستهدف قيادة حركة حماس، وكانت صحيفة “واشنطن بوست” قالت قبل يومين إنّ وجهة نظر واشنطن والكثير من قادة الجيش الصهيوني هي أنّ “إسرائيل” بعيدة عن هزيمة حركة حماس.
فشل صهيوني في غزّة
قالت صحيفة نيويورك تايمز، إنّ فشل “إسرائيل” في تحقيق أهدافها الرئيسية بعد أكثر من 100 يوم على اجتياح غزّة، يثير إحباطا متزايدا بين قادتها العسكريين ويدفع بعضهم إلى الاعتقاد بأنّ استعادة المحتجزين في القطاع ممكنة فقط من خلال الوسائل الدبلوماسية لا العسكرية، ونشرت الصحيفة تقريرا مطوّلا تضمن خلاصة خطط سرّية للعمليات العسكرية وإفادات قادة عسكريين ومسؤولين سياسيين إسرائيليين عن سير الحرب.
وأشارت نيويورك تايمز إلى أنّه في ضوء التقدّم المحدود الذي أحرزته “إسرائيل” فيما يتعلّق بتفكيك بنية حركة حماس في غزة، فإنّ الشكوك تتزايد في أوساط القيادة العسكرية العليا بشأن إمكانية تحقيق الهدفين الرئيسيين للحرب، وهما القضاء على حماس واستعادة أكثر من 100 أسير لا يزالون محتجزين في غزة، ويعتقد أن الحركة تحتجز أغلبيتهم.
وأوضحت الصحيفة أنّ الجيش الصهيوني فرض سيطرته في غزة على جزء أصغر مما تصوّره في خطط المعركة منذ بداية الحرب، وقالت إنّ الخطط الصهيونية تضمّنت السيطرة على مدن غزة وخان يونس ورفح بحلول أواخر ديسمبر الماضي، وهو ما لم يتحقّق.
وأضافت أنّ وتيرة تقدّم الحملة العسكرية التي كانت أبطأ من المتوقّع دفعت عددا من القادة العسكريين الإسرائيليين إلى التعبير عن إحباطهم من إستراتيجية القيادة السياسية بشأن غزة، كما دفعهم ذلك إلى الاعتقاد بأنّ استعادة المحتجزين المتبقين في القطاع سيكون ممكنا فقط من خلال الدبلوماسية بدلا من الوسائل العسكرية.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن قادة عسكريين من الكيان الصهيوني أنّ استعادة الأسرى وتدمير حركة حماس أصبحا الآن هدفين غير متوافقين، كما أوردت تصريحات أدلى بها -الخميس – عضو مجلس الحرب الصهيوني غادي آيزنكوت وأقرّ فيها بعدم تحقّق أهداف الحرب، وبعدم إمكانية استعادة المحتجزين عبر الوسائل العسكرية، وأشارت إلى أنّ القادة العسكريين الصهاينة كانوا يعتقدون قبل الحرب أن شبكة الأنفاق التي بنتها حركة حماس تمتدّ 100 ميل (160 كيلومترا) فقط ولكنهم يقدّرون الآن أنها ربما تمتد لمسافة 450 ميلا (725 كيلومترا).
مأزق إستراتيجي
ونقلت نيويورك تايمز عن المسؤولين الإسرائيليين أنّ المأزق الإستراتيجي أدّى لتفاقم إحباط الجيش بشأن تردّد القيادة السياسية، وقال هؤلاء المسؤولون إنّ المعركة الطويلة الهادفة لتدمير حماس ستكلّف على الأرجح حياة المحتجزين في غزة، وعبّر العسكريون الإسرائيليون للصحيفة عن خشيتهم من أن يؤدّي طول الحملة العسكرية دون خطة لما بعد الحرب إلى تآكل دعم الحلفاء.
وأشارت نيويورك تايمز إلى أنّها بحلول منتصف جانفي الجاري، لم تبدأ القوات الصهيونية في التقدّم نحو مدينة رفح، كما أنّها لم تتمكن بعد من إخراج مقاتلي حماس من خان يونس، علما أنّ كلا المدينتين تقع جنوبي قطاع غزة، كما أشارت إلى عودة مقاتلي حماس إلى شمالي قطاع غزة في الأيام الماضية بعدما قال الجيش الصهيوني إنّه فرض سيطرته على المنطقة وسحب منها نصف قواته التي كانت منتشرة، والمقدّرة بنحو 50 ألف جندي، وتعليقا على تقرير نيويورك تايمز، قال المتحدث باسم الجيش الصهيوني إنّ التصريحات التي نقلتها الصحيفة عن مسؤولين عسكريين لا تعبّر عن موقف الجيش.
حماس لم تخسر قادتها وأغلبية مقاتليها أحياء
وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت إنّ تقديرات الجيش الصهيوني تشير إلى أنّ حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة لم تخسر قادتها، وإنّ أغلبية مقاتليها لا يزالون على قيد الحياة بعد 100 يوم من الحرب، وذكرت الصحيفة أنّ تقديرات الجيش تشير إلى أنّ عدد مقاتلي كتائب عز الدين القسام الذراع العسكرية لحركة حماس عشية هجوم 7 أكتوبر الماضي بلغ نحو 30 ألفا.
ويزعم جيش الاحتلال أنّه قتل 9 آلاف مقاتل في قطاع غزة، من بينهم نحو 50 من قادة كتائب القسام، الناطق العسكري باسم الكتائب أبو عبيدة قد أكّد أن ما يعلن عنه العدو من إنجازات عسكرية مزعومة خلال عدوانه على غزة “هي أمور مثيرة للسخرية بالنسبة لنا، وسيأتي اليوم الذي نثبت فيه كذب هذه الدعاوى وعيبتها”، في المقابل، أكد أبو عبيدة أن جيش الاحتلال تكبد خسائر باهظة تفوق تكلفتها ما تكبده في 7 أكتوبر الماضي.
حرب عصابات
وسبق أن نقل موقع “ميدل إيست آي” عن مصادر مقرّبة من القيادة السياسية لحركة حماس قولها إنّ الإحصاءات الإسرائيلية بهذا الصدد “محض هراء، وإنّ الخسائر في صفوف كتائب القسام كانت قليلة للغاية”، وقال أحد المصادر للموقع إنّ إجمالي الخسائر في صفوف كتائب القسام أقل من 10%، موضّحا أنّ “القسام حركة عسكرية ذات بنية مركزية وحلقة تنظيمية فضفاضة، لم نسمع عن معاناة القوات المركزية من خسائر خطيرة”.
وقال مصدر آخر إنّ “ما يحدث الآن في غزة هو من نوعية حرب العصابات، وإنّ حشد قوة بالآلاف من أجل هذه الحرب هو أمر غير ضروري ومحفوف بالمخاطر”، وأوضح أنّه “في العمليات الخاطفة تكفي الفرق السريعة ذات الأعداد القليلة، هذه الفرق تكون صغيرة أيضا من ناحية الأهداف وتقليل الخسائر”.
ومن أبرز القادة العسكريين الذين أعلنت الكتائب عن استشهادهم خلال معركة طوفان الأقصى أيمن نوفل عضو المجلس العسكري العام قائد لواء الوسطى في كتائب القسام، وأحمد الغندور عضو المجلس العسكري في كتائب عز الدين القسام قائد لواء الشمال، كما نعت الحركة “الشهداء القادة الشهيد القائد وائل رجب والشهيد القائد رأفت سلمان والشهيد القائد أيمن صيام”.
المقاومة تخوض اشتباكات ضارية وتقصف غلاف غزة
هذا وتستمر الاشتباكات الضارية بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال المتوغّلة شمال غزة وجنوبها منذ فجر أمس الأحد، كما أطلقت المقاومة رشقة صاروخية من شمال قطاع غزة باتجاه مناطق الغلاف، بينما شنّت المقاتلات الإسرائيلية غارات على مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة.
ووسط استمرار القصف الإسرائيلي على مختلف أنحاء القطاع، أعلنت كتائب القسام – الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) – أنّها قصفت حشودا للجيش الإسرائيلي شمال شرق مخيم البريج، وسط قطاع غزة بقذائف الهاون من العيار الثقيل.
من جانبها، قالت سرايا القدس – الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي – إنّها استهدفت بقذائف الهاون مركز قيادة وسيطرة لجيش الاحتلال، في محيط مسجد الشهداء جنوب خان يونس.
وأضافت أنها سيطرت على طائرة استطلاع إسرائيلية من نوع “إيفو ماكس 4 تي” خلال تنفيذها مهام استخباراتية وسط قطاع غزة، وأشارت إلى أنها قصفت بصواريخ 107 وقذائف هاون تجمّعات لجنود وآليات الاحتلال، شمال وشرق مخيم البريج وسط القطاع.