قاطنو الأحواش بالعاصمة.. بين سندان القانون ومطرقة المعاناة

في الوقت الذي تتواصل فيه عملية ترحيل العائلات القاطنة بالأحياء القصديرية إلى سكنات جديدة، من أجل القضاء على الأحياء الفوضوية وإعادة الوجه المشرف للعاصمة، يبقى سكان الأحواش ينتظرون دورهم في تجسيد مشروع تسوية الوضعية، رغم أن ولاية الجزائر قطعت أشواطا كبيرة في القضاء على هذه الأحياء القصديرية التي انتشرت بشكل رهيب خلال العشرية السوداء.

إذ لا تزال العديد من الأحواش مغروسة بمزارع العاصمة، ولم تعط المصالح الفلاحية للولاية إجابة صريحة حول مصيرها، ولم يعد هناك حديث عن المشروع الذي وعدت به ولاية الجزائر، لتمكين الشاغلين من الفلاحين وأبنائهم وأحفادهم من بناء سكنات لائقة، تتكيف مع طبيعة النشاط الفلاحي الذي يمارسونه، ولا تستزف العقار.

وفي ظلّ هذا، يبقى سكان الأحواش ينتظرون دورهم في تجسيد مشروع تسوية الوضعية بترحيلهم إلى سكنات لائقة، أو منحهم عقود الملكية والسماح بناء شبه فيلات في الأحواش التي تتوسط أغلبها بيوتا قصديرية، أنجزت بعد أن أصبحت البنايات القديمة وبعض الاصطبلات التي حوّلت إلى مساكن، لا تستوعب عدد أفراد العائلات الذي ارتفع كثيرا.

وتحصي ولاية الجزائر، مئات العائلات القاطنة في بيوت هشة بعديد المزارع الكائن أغلبها بالبلديات شبه الحضرية، حيث لا تزال الكثير من المساكن الهشة أو “الأحواش”، تتوسط مزارع وعقارات فلاحية شاسعة، ويجهل شاغلو هذه المساكن من الفلاحين وأبنائهم، مصير هذه المساكن المجهول، والذي لم تفصل في وضعيتها السلطات العمومية.

المعنيون بالملف طالبوا بالفصل في مصير سكناتهم

وفي حديث مع إحدى الوسائل الإعلامية، ذكر بعض المعنيين بهذا الملف من سكان حوش مهدي بوعلام، ببلدية براقي، أنهم استغلوا العديد من المستودعات والقصور القديمة، التي تعود للمعمرين الفرنسيين، وآخرين نزحوا خلال العشرية السوداء، فشيدوا مساكنهم على مساحات فلاحية، ورغم أن أصحاب المستثمرات الذين، يتحملون مسؤولية تعمير أراضي فلاحية خصبة، حسب إدارة المصالح الفلاحية، فإن أغلبهم سمح لأهله وأقاربه بالبناء، في وقت كانت الدولة مركزة على الجانب الأمني واستعادة الاستقرار.

وطالب هؤلاء، في حديثهم الصحفي، مصالح ولاية الجزائر بضرورة الفصل في مصير سكناتهم، إما بترحيلهم إلى سكنات لائقة، أو السماح لهم بالبناء وفق رخص خاصة، تأخذ في الحسبان طبيعة الأرضية، حيث أكد أحد سكان حوش مهدي بوعلام، أن هذا الحوش كان يضم في بداية الاستقلال عائلات لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، كانوا يخدمون الأرض، لكن مع التغيرات الحاصلة، والظروف غير المستقرة، ارتفع عدد السكان اليوم إلى أكثر من 300 عائلة، مشيرين إلى أنه رغم أن السلطات البلدية قامت بتهيئة الحي وتعبيد مسالكه، إلا أن بناياته غير متناسقة، وأخرى هشة، تنفي عن هذا الحوش أن يكون له مواصفات حي لائق يمكن أن يتنقل سكانه فيه بحرية، وكذلك الحال بالنسبة لأحواش كل بلديات العاصمة، التي لم يجد رؤساء البلديات لها حلا، رغم أنها تعد بالنسبة لهم “نقاطا سوداء” يتطلب إزالتها.

قاطنو أحواش السحاولة يفضلون السماح لهم بالبناء بدل الترحيل

وكذلك الأمر بالنسبة لسكان حوش الحاج الكائن ببلدية السحاولة، إذ لا تزال وضعيتهم معلقة، ويفضل القاطنون بهذا الحوش البقاء في أماكنهم، وعدم ترحيلهم، لأنهم مرتبطون بأراضيهم، كما يشكو سكان آخرون التقيناهم في عدة مواقع، وضعيتهم الصعبة، مؤكدين أنهم يعيشون التهميش من قبل مسؤولي البلديات الذين يستثنونهم من الاستفادة من السكن الاجتماعي وكذا برنامج الترحيل الموجه لقاطني البيوت القصديرية والهشة، مشيرين إلى أن وضعيتهم تتعقد بشكل أكبر، خلال فصل الشتاء، لاسيما أنهم لا يستطيعون ترميم سكناتهم وتجديدها، كونها ليست ملكهم، ولازالت أوعيتها تابعة لأملاك الدولة، وبالتالي لا يمكن أن استغلالها في بناء سكنات جديدة، حتى وإن كانوا يشغلونها منذ عهد الاستعمار.

البلديات تقترح الترحيل وتبحث عن الأوعية العقارية

وفي ظل هذه الوضعية الشائكة، لا تجد مصالح البلديات من حل إلا الإلحاح على السلطات الولائية لاستكمال ترحيل الشاغلين للأحواش إلى سكنات لائقة، في إطار برنامج القضاء على البيوت القصديرية، لعلها تسترجع بعض الأوعية العقارية لاستغلالها في تجسيد المشاريع المحلية، لاسيما وأن معظم بلديات العاصمة تفتقر إلى أراضي موجهة للتعمير.

ومثال ذلك، حي حوش سيدي أمبارك، الذي كان يضم أكثر من 400 عائلة، ويقع وسط مدينة بئر خادم اكتفت مصالح البلدية بإحصاء شاغليه، وقامت مصالح الولاية، بترحيلهم في ديسمبر الماضي، حيث سيستقبل الوعاء المسترجع مشروع بناء سكنات “عدل”، وكذلك الحال بالنسبة لمزرعة “لابلونشات” بجنان السفاري، التي ستستقبل مشروع إنجاز مسبح شبه أولمبي وأحواش أخرى، تقوم مصالح ولاية الجزائر بإحصائها وجمع معلومات بشأنها، بالتنسيق مع المصالح البلدية.

ويسعى “أميار” العاصمة الذين يوجد بأقاليم بلدياتهم أحواش قريبة من المحيط العمراني وداخله إلى التخلص من هذه المساكن، التي تشكل نشازا عمرانيا، وتشغل أوعية عقارية هامة، تحتاجها البلديات لتجسيد عديد مشاريع الهياكل العمومية في مختلف القطاعات.

الأمور تتعقد من سنة إلى أخرى

واكتفت مصالح البلديات للتخفيف عن سكان الأحواش بإجراء بعض العمليات، التي تخص توفير قنوات الصرف الصحي، التزويد بمياه الشرب، والكهرباء، وتعبيد المسالك، كحل مؤقت، في انتظار التكفل بها، لكن هذا لا ينفي أن الأمور تتعقد من سنة إلى أخرى، جراء الانفجار الديمغرافي، وما يصحبه من مشاكل اجتماعية.

وفي ظل هذه الوضعية، تحرص مديرية المصالح الفلاحية لولاية الجزائر، حماية ما بقي من الأراضي الفلاحية، بمنع البناء عليها، وفقما تشدد بشأنه القوانين وتلح على الفلاحين المستفيدين من حق الانتفاع أو الامتياز، بضرورة الدفاع عن أراضيهم، وخدمتها، وعدم السماح لأي كان بالتعدي على العقار الفلاحي.

ابتسام مباركي - الجزائر

ابتسام مباركي - الجزائر

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
إعادة تركيب الصورة المحطمة.. ديبلوماسية ماكرون في مرآة فرنسا الاستعمارية "إسرائيل" العالقة في مستنقع الموت تسأل: هل حرب غزة بلا نهاية؟ سموتريتش على اليمين وديرمر على اليسار.. نتنياهو يحاصر العالم بالشياطين قطع غيار إلى تونس ومعدات كهربائية إلى العراق.. سونلغاز تطلق حملة تصدير طموحة أحد أقطاب الأمن لدى الكيان يجيب.. هل الصهاينة من صنف البشر؟ انتهاكات المخزن بحق الصحراويين على طاولة مجلس حقوق الإنسان بجنيف سانشيز يهنئ الرئيس تبون ويؤكد: الجزائر ستجد دوماً في إسبانيا شريكاً وصديقاً موثوقاً قوجيل: الجزائر الجديدة نجحت في تعزيز الديمقراطية والشعب اختار رئيسه بحرية وسيادة عشية المولد النبوي.. حجز أزيد من 190 ألف وحدة من المفرقعات والألعاب النارية بالعاصمة رئيس تشاد يهنئ تبون بمناسبة انتخابه لولاية رئاسية جديدة رسميا.. شريف الوزاني يغادر نادي شبيبة الساورة التمدد الصهيوني الاستطاني يهدّد مواقع التراث الفلسطينية رسميا.. عبد المجيد تبون رئيسا للجزائر لعهدة ثانية بنسبة 84.30 بالمائة للمرة الأولى.. حزب الله يقصف الجليل برشقة صاروخية كبيرة ويدمر ميركافا صهيونية مجمع “سونلغاز” يصدر توربينات لتوليد الطاقة الكهربائية نحو العراق رحلت في عيد ميلادها.. بطلة مسلسل "لن أعيش في جلباب أبي" ناهد رشدي في ذمة الله عمرة 2024.. الجوية الجزائرية تطلق خدمة جديدة تونس.. انطلاق الحملة الانتخابية للرئاسيات رئاسيات 2024.. الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات اليوم أسعار النفط تتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية.. وبرنت يسجل 71,61 دولار للبرميل