لم يكن يدور بخلد المقاومة أن يصل خذلان الدّول العربية إلى هذا الحد من السّوء والانحطاط حتى عند أشدّ المتشائمين. خذلان لم يقتصر على عجزهم في إغاثة الملهوف كما كان يفعل أهل الجاهلية قبل الإسلام. خذلان وصل إلى درجة محاسبة ومعاقبة من يدعو لنصرة المقاومة. خذلان وصل إلى حدّ الوقوف بجانب صفّ الأعداء ودعمه بكافّة أنواع الدّعم وبلا حدود.
خذلان وصل إلى درجة التآمر على المقاومة، ومطالبة الكيان النّازي بالقضاء عليها. خذلان بلغ من البجاحة والوقاحة وسوء الأدب بتسمية الشّهداء قتلى، وتحميل المقاومة مسؤولية اقتراف المجازر بحق اليهود. خذلان وصل إلى توظيف أبواق متصهينة بهدف تشويه سمعة المقاومة والنّيل منها وتبرير وحشية ونازية الأعداء.
ما أسوأ خذلان وظلم ذوي القربى على النفس، وكما قال الشاعر طرفة بن العبد:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهنّد.
لا أدري كيف ستكون نفسية ابن غزّة تجاه دول وقفت مؤازرة ومساندة للكيان الصّهيوني؟ لا أدري كيف ستكون نفسية ابن غزّة تجاه دول تتبنّى الخلاعة والعهر في وقت لا يجد الغزي طعامًا ولا ماء ولا دواء ولا مأوى؟، كيف ستكون نفسية الغزي تجاه أمّة تتلوا في كتابها المقدس: «إنّما المؤمنون إخوة»؟، ولا يلمس أيّ أثر عملي لمدلول هذه الآية يتناسب مع حجم الكارثة التي حلت بهم.
كيف ستكون نفسية الغزي تجاه أمّة تؤمن بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه”؟، وقد تم خذلانهم وعدم نصرتهم والدفاع عنهم.
أيها القوم أخشى ما أخشاه أن يسألنا ربّنا يوم القيامة عن خذلاننا عن عجزنا عن تقصيرنا عن تمييع مفهوم النّصرة ليتوافق مع ضعفنا، مع الوهن الذي أصابنا ولا نجد إجابة تعذرنا أمام الله.
في الختام، أسأل الله العلي القدير أن ينصر أهلنا في غزّة وأن يغنيهم عمن سواه ويثبّتهم ويجعل دماءهم الطّاهرة الزّكية بمثابة البلسم الشّافي لعلاج مرض أمّة ما زالت تعيش في وهن ودعة، فعسى أن توقظ هذه الدّماء الزّكية الأمّة من سباتها وتعيدها لرشدها لتعود أمّة واحدة كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّى.