لا خير في رئيس أمريكا القادم.. معركة الشر ضد الشر

خلال مؤتمر صحفي، أعرب البابا فرنسيس عن رأيه بشأن الانتخابات الرئاسية الأمريكية، مشيراً إلى ضرورة “اختيار الأقل ضررًا” بين الرئيس السابق دونالد ترامب ومنافسته الديمقراطية كامالا هاريس. وتساءل البابا قائلاً: “من هو الأقل ضررًا بين الاثنين؟ هل هي تلك السيدة أم ذلك الرجل؟”. ورغم أن البابا اختتم تصريحه بقوله: “لا أعلم”، إلا أن تساؤله بدا أهمّ من أيّة إجابة محتملة، خصوصاً في ظل الانطباع السائد، ليس فقط في أمريكا بل على مستوى العالم، بأن كلاً من ترامب -المعروف بتطرفه اليميني- وهاريس – التي خرجت من عباءة الرئيس جو بايدن، الشريك الأساسي في حرب الإبادة على غزّة- يمثلان أسوأ الخيارات الممكنة. ورغم ذلك، فإن أحدهما –بكل ما فيه من شرور- سيصبح رئيسًا للولايات المتحدة، التي تستمر في تصنيف بعض الدول ضمن “محور الشر” بناءً على تصوّر يقدّم واشنطن على أنها العاصمة التي تملك الحق في تحديد المعايير العالمية لمفهومي الخير والشر، بما يخدم مصالحها السياسية والاقتصادية.

=== إعداد: إسراء إدريس – منير بن دادي ===

منذ نهاية الحرب الباردة، شهدت العلاقات الدولية تحولات جذرية ما أفضى إلى تفرد الولايات المتحدة بالهيمنة العالمية، لكن هذا التفرّد جعلها تواجه مشكلة كبرى، تتمثل في فقدان العدو التقليدي -الاتحاد السوفياتي-الذي كانت تبرر من خلاله جزءًا كبيرًا من استراتيجياتها. إلا أن أحداث 11 سبتمبر 2001 مكّنت الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن من إعادة اختراع عدو جديد، وهو “الإرهاب”، الذي تم الاستثمار فيه باعتباره التهديد الرئيس للولايات المتحدة والعالم.

ومن هنا، اتبعت واشنطن استراتيجية “الحرب الوقائية”، التي منحتها الذريعة للتدخّل في أي منطقة تعتبرها مهدّدة، بغضّ النظر عن مدى واقعية هذا التهديد، كما شرح ذك الكاتب الفلسطيني سمير الزبن في مقال له بعنوان “الولايات المتحدة: أنا من يحدد الخير والشر”. وقد انطلق الزبن –في تحليله- من “حرب تحرير الكويت” عام 1991، التي تُعتبر بمثابة نهاية للنظام الدولي القائم على القطبية الثنائية، حيث بدأت المرحلة الجديدة للهيمنة الأمريكية المطلقة.

في مقاله، انتقد الزبن بشدة التحالفات القسرية التي فرضتها واشنطن خلال اجتياح العراق عام 2003، مشيرًا إلى تشكيل “تحالف الراغبين” الذي فرضت من خلاله الولايات المتحدة إرادتها على المجتمع الدولي، متجاهلة معارضة قوى حليفة لها مثل ألمانيا وفرنسا. وقد ربط الزبن هذا التجاهل بتهديد الدول المتردّدة بالتحرك من دون دعمها.

وفي إطار نقده، أشار -مؤلف كتاب “النظام العربي: ماضيه، حاضره، مستقبله”- إلى التبسيط المفرط الذي تستخدمه الولايات المتحدة لتبرير تزايد العداء الدولي تجاهها، حيث تُعزى هذه الكراهية فقط إلى كونها –بحسب الزعم الأمريكي- “قوية وحرّة”. واعتبر الكاتب أن هذا المنظور يغفل التأثيرات الكارثية للسياسات الأمريكية في العديد من الدول، من العراق وأفغانستان إلى اليمن وسوريا.

كما قدم الزبن تحليلًا معمقًا لطبيعة السياسات الأمريكية التي أصبحت أكثر قسرية وعدوانية بعد انتهاء الحرب الباردة، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر. فقد أفضت هذه الأحداث إلى سلسلة من الحروب (الوقائية)، حيث استغلت الولايات المتحدة المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة حينما كانت تلك المؤسسات تخدم مصالحها، لكنها لم تتردّد في اللجوء إلى القوة المباشرة عندما واجهت عقبات في تلك المؤسسات.

وفي سياق انتقاداته، أشار الكاتب والروائي الفلسطيني سمير الزبن إلى ازدواجية المعايير في التعامل مع النزاعات الدولية. ففي حين تدين الولايات المتحدة حرب روسيا على أوكرانيا وتقدم لنظام كييف مساعدات بمليارات الدولارات، تدعم الاحتلال الإسرائيلي وتغطي على جرائم الإبادة في فلسطين، بل تشارك فيها لا سيما بقطاع غزة. كما تستغل واشنطن نفوذها لحماية (إسرائيل) في المحافل الدولية، ممّا يحول دون أي مساءلة قانونية عن الجرائم التي ترتكب.

وتوصل الزبن في مقاله إلى أن الولايات المتحدة تفرض معايير “الخير والشر” على العالم، حيث تُصنف الضحية والجلاد وفقًا لمصالحها، متجاهلة الحقائق القائمة على الأرض. وهذا النهج يُجبر كثيرا من الدول الأخرى على السير وفق الرؤية الأمريكية، رغم الفجوة الكبيرة بين هذه الرؤية والواقع.

واختتم الزبن مقاله بتحليل فشل التدخل الأمريكي في أفغانستان، حيث عادت “طالبان” إلى السلطة بعد انسحاب القوات الأمريكية، في مشهد اعتبره “مذلاً”. وأشار إلى أن مراجعة السياسة الأمريكية في تلك البلدان لم تترافق مع أي اعتذار أو تحمل للمسؤولية عن الدمار الذي تسببت فيه.

كيف تغيرت معايير الخير والشر في السياسة الأمريكية؟

في خضمّ التحولات العالمية، استمرّت واشنطن في تصنيف العراق وإيران وكوريا الشمالية على أنها جزء من “محور الشر”، ممّا يعكس استراتيجية عريقة تجذرت في إمبراطورية روما القديمة، التي كانت تعتمد على خلق أعداء لتوحيد الرأي العام حول أفعال الدولة العدوانية.

مع مرور الوقت، تم استبعاد العراق وكوريا الشمالية ليحل محلهما الصين وروسيا، فيما ظلت إيران وحدها عاملا مشتركا بين المحورين القديم والجديد، لرفضها الهيمنة الأمريكية، رغم العقوبات الشاملة التي يفرضها الغرب. ومؤخرًا، بدأ قادة الاحتلال الإسرائيلي – الذين يُعتبرون جميعًا مجرمي حرب – في استخدام مصطلح “محور الشر” لتبرير مجازرهم ضد أطفال ونساء غزة.

إن مفاهيم الخير والشر التي تتبناها الولايات المتحدة هي مفاهيم إيديولوجية لتثبيت مصالح أمريكا وهيمنتها وبما أن قائمة محور الشر –المزعومة- قد تغيرت، فلا يوجد ضمان بأن الدول الأخرى لن تسقط في دائرة الشر هذه إذا كانت مصالحهم تتعارض مع مصالح الولايات المتحدة، لكن الغريب هو أن هو الولايات المتحدة نفسها سقطت في هذه الدائرة بطريقة ما.

وهكذا فإن مكر التاريخ حمل مفارقة لافتة، حيث أصبح الكيان الصهيوني محل مساءلة عالمية –قانونيا، أخلاقيا وسياسيا- فقد اعتبره الجميع مصدر الشرور الرئيس والخطر الأكبر على مستقبل البشرية. وبالمقابل، وجدت واشنطن نفسها عالقة في معادلة انتخابية تكشف عجز ساساتها عن تقديم تعريفات مقبولة لمفاهيم الخير والشر.

لقد انهارت الصورة النمطية التي حاولت الولايات المتحدة ترسيخها على مدى سنوات طويلة، تلك التي صنفت بعض الدول في “محور الشر” بناءً على وهم أن واشنطن هي “عاصمة الخير”. لكن اليوم، السؤال الذي يطرح نفسه: كيف يمكن لواشنطن أن تدّعي ذلك، وهي تقف الآن أمام خيار رئاسي بين ترامب أو هاريس، وكلاهما يمثل رمز الشر في العالم؟.

إن الانتخابات الحالية تأتي في ظل سلسلة من التجارب الانتخابية التي زادت من إحباط الناخب الأمريكي إزاء هشاشة العملية الديمقراطية. بدءًا من فضيحة احتساب الأصوات في فلوريدا عام 2000، حيث ظهرت شكوك بشأن تدخل حاكم الولاية –شقيق جورج بوش– لترجيح كفة فوز شقيقه بفارق ضئيل لا يتجاوز 279 صوتًا على آل غور، وصولًا إلى انتخابات 2020 التي شابها جدل ومفارقات واسعة.

قوة الشر

الناخبون اليوم يشعرون بالإحباط أكثر من أي وقت مضى، خاصة مع تكرار سيناريو التصويت لمرشح لا يمثل طموحاتهم أو آمالهم، بل لكونه الخيار “الأقل سوءًا”، كما حدث في الانتخابات السابقة بين هيلاري كلينتون ودونالد ترامب. لكن في انتخابات 2024، يتفاقم الوضع؛ إذ يجد الناخب الأمريكي نفسه مرة أخرى أمام خيار صعب. فقد أقرّ بابا الفاتيكان، فرانسيس، مؤخرًا، خلال حديثه مع الناخبين الكاثوليك في الولايات المتحدة، بأن كلا المرشحين يمثلان “قوة الشر”، ودعا الناخبين إلى التأمل بعمق في اختياراتهم، مؤكدًا أهمية اختيار المرشح الذي يمثل الشر الأقل في مواجهة التحديات الأخلاقية المعقدة.

في حديثه بعد عودته من جولة في آسيا، أشار البابا فرانسيس إلى مبدأ “اختيار الشر الأقل” في مواجهة القرارات الأخلاقية المتضاربة، وقال: “عليك أن تختار الشر الأقل.. تلك السيدة أم ذلك الرجل؟ لا أعرف، يجب على كل فرد أن يفكر وفق ضميره”. ورغم أنه لم يسم ترامب أو هاريس بشكل مباشر، إلا أنه ألمح بوضوح إلى سياساتهما المثيرة للجدل.

وفي سياق حديثه، شرح البابا موقفه بالإشارة إلى سياسات ترامب المناهضة للهجرة، إضافة إلى دعم هاريس لحق المرأة في الإجهاض. فالبابا وصف رفض استقبال المهاجرين بأنه “خطيئة كبيرة”، في حين شبّه الإجهاض بـ”الاغتيال”، قائلاً: “الشخص الذي يرفض المهاجرين والشخص الذي يقتل الأطفال… كلاهما ضد الحياة”.

وفي انتخابات تتسم بتنافس شديد، تُعد القضايا المحلية والدولية التي تحيط بالنقاشات الانتخابية، سلاحًا حاسمًا لكل من المرشحين، حيث قد يؤدي استخدامه بحكمة إلى تفوق مرشح على الآخر. وقد أظهرت المناظرة الأولى بين الرئيس السابق دونالد ترامب ونائبة الرئيس كامالا هاريس كيف يعتزم كل منهما التعامل مع القضايا الملحة التي تشغل الرأي العام الأمريكي.

إلى جانب القضايا الداخلية المتعلقة بالاقتصاد وأمن الحدود والحقوق الإنجابية، برزت السياسة الخارجية موضوعا رئيسا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. ومن بين الملفات الخارجية مثل العلاقة مع الصين وحرب أوكرانيا، برزت قضية الحرب على غزة بقوة. فما هي مواقف المرشحين من العدوان الإسرائيلي على غزة؟ وكيف يستغلان هذا الملف في حملتيهما الانتخابية؟

تشدد هاريس على ما  بـ”حق (إسرائيل) في الدفاع عن نفسها”، وتكرر انتقادها لحركة المقاومة “حماس”، معربة عن دعمها لوقف إطلاق النار، لكن، ليس رحمة بأطفال غزة، بل بهدف إعادة الأسرى والقتلى الإسرائيليين. وفي لقاء إعلامي أجرته في فيلادلفيا في 18 سبتمبر، أكدت هاريس مرارًا على “التزام الولايات المتحدة الثابت تجاه (إسرائيل)”، وهو موقف يتماشى مع إدارة بايدن الحالية.

من جانبه، يدعم ترامب بشكل كامل العدوان الإسرائيلي على غزة. ففي أول مناظرة إعلامية له مع بايدن، أكد ترامب أن “(إسرائيل) ترغب في استمرار الحرب، ويجب السماح لهم بإكمال عملهم”، معارضًا أي وقف لإطلاق النار. كما دعا إلى قمع الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية وأشاد بجهود الشرطة لإخلاء المخيمات الطلابية. ترامب يقترح أيضًا إلغاء تأشيرات الطلاب الذين يعبرون عن مواقف معادية لـ”إسرائيل” أو لأمريكا.

أين يكمن الشر والخير؟

الانتخابات الرئاسية الأمريكية بين المصلحة والدين

بقلم: الدكتور مخلوف وديع – أستاذ العلاقات الدّولية بجامعة قالمة – الجزائر

في تصريح مُلفت لرأس الكنيسة المسيحية الكاثوليكية في العالم “البابا فرانسيس” حول الانتخابات الأمريكية والتي دعا ضمنها لانتخاب من هو أقل ضررا للبشرية من بين المرشحين الأمريكيين، كون الولايات المتحدة الأمريكية هي قاطرة العالم.

تصريح ذو دلالات كبيرة من رجل دين له وزنه على صعيد المعتقد المسيحي في المعمورة، رجل بعيد عن الممارسة السياسية فضلًا عن كونه غير معني بالتصويت في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وهو ما يعكس أهمية الانتخابات الرئاسية خارج الولايات المتحدة الأمريكية مقابل ما سينتج عنها من تبعات دينية تمتدّ للبعد الإنساني فضلًا عن تكريس ابتعادها على جوهر الديانات والمُنادي لإحقاق الحق في وجه مناهضة الباطل.

بالنسبة للكنيسة الكاثوليكية في العالم وحتى باقي المنتسبين للديانات الأخرى فلهم عديد المآخذ عن كلا المرشحين الأمريكيين من جهة “كاميلا هاريس” امرأة قانون سابقة، منتخبة ديمقراطية ونائبة الرئيس المنتهية ولايته “جو بايدن” والتي تنادي بحق الإجهاض للنساء الأمريكيات، حيث استمع العالم بأسره لرأيها في المناظرة مع “دونالد ترامب” ومن خلال حملتها الانتخابية.

في هذا السياق، ترى كل ديانات العالم أن الإجهاض قتل للروح وليس عمل لإحقاق حق مسلوب، حيث يسجل ذلك ضمن أعمال الشر وليس دعوات للخير.

في المقابل، “دونالد ترامب” وهوسه بالمهاجرين والدعوة لطردهم بل حتى الاستعانة بالأكاذيب للمساس بصورتهم في مناظرته مع المترشحة “كاميلا هاريس”، حيث قال إنه وصلته معلومات من منطقة من مناطق الولايات المتحدة أن المهاجرين يأكلون القطط والكلاب الأليفة بخطفها من منازل المواطنين، وقد تزامنت تصريحاته ودعواته مع شر الكذب والافتراء إضافة إلى شر دعوات طرد وتفريق العائلات المهاجرة بتعهد إقرار قوانين صارمة لطرد المهاجرين غير الشرعيين.

مقابل البعد الديني الذي منطلقه التفريق بين الخير والشر، يبرز البعد السياسي، فمقابل كلام البابا فرانسيس يبرز كلام المفكر الإيطالي “نيكولا ميكافيلي” الذي يعبر في كتابه المشهور “الأمير” أن هدف السياسة هو المحافظة على قوة الدولة والعمل على توسيع نفوذها، وهذا لا يتمّ بوجود وازع ديني أو أخلاقي، بالاعتماد على مرتكز “ميكيافيلي” ومن تلاه في البعد والمنظور الواقعي في السياسة التي تبرز المصلحة منطلقا، مسارا وهدفا لأي عمل سياسي بعيدًا عن أي اعتبارات دينية أو أخلاقية.

“إذكاء الحروب وخرق القوانين”.. علامة أمريكية مسجلة

وفي هذا السياق، تظهر مصالح كل من مرشحي الانتخابات الأمريكية بالاعتماد على الاستراتيجيات الانتخابية التي همّها النجاح في الانتخابات بعيدًا عن مدى أحقية تصريحاتهم أو تعهدات برامجهم، فريادة الولايات المتحدة الأمريكية مرت وتمر عبر إذكاء الحروب، خرق القوانين، الهيمنة والسيطرة للحفاظ على المصالح، وهذا سيبقى ثابت في سياسة الولايات المتحدة الأمريكية مهما كانت نتيجة انتخاباتها الرئاسية في نوفمبر القادم.

بالرجوع لتصريحات البابا فرانسيس والذي يعتمد في تصنيفه على الخير والشر وفق منطلق ديني عقدي بينما التصنيف المرجعي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية يعتمد على عنصرين رئيسين، العنصر الأول هو البعد الرقمي المتمثل في مراكز صبر الآراء، التي تحدّد جزءا مهما من استراتيجيات الحملة الانتخابية الأمريكية، فهي مقياس مدى الرضا عن التجمعات الانتخابية، تحديد للفئات العمرية أو السكانية أو المهنية من ناحية تأثرها سلبًا أو إيجابًا بتصريحات وبرامج المرشحين، ضبط خطة وأماكن التجمعات الانتخابية فضلًا عن الملفات التي تدخل ضمن الأولويات مقابل التي تصبح خارج الاهتمامات.

فقياس الناخبين من خلال صبر آرائهم هو “البارومتر” الموجه للحملة الانتخابية الأمريكية قصد بلوغ أهداف المرشحين وهي الفوز في الانتخابات الرئاسية، فالمسار حسابات براغماتية بعيدة عن كلّ مُثل أو أخلاق والتي تبقى ضمن الشعارات لا أكثر ولا أقل.

العنصر الثاني متمثل في البعد المالي التمويني، فالحملة الانتخابية الرئاسية تكلف الكثير من الأموال، حيث الاعتماد الأكبر في تأمينها هي تبرعات المواطنين الأمريكيين والشركات، حيث يحكم هذه التبرعات مدى الرضا على برامج وتصريحات المرشحين للانتخابات الرئاسية الأمريكية، زيادة عن تتبع صبر الآراء لمن له أوفر الحظوظ والنقاط للفوز.

البراغماتية ليست حكرًا على المرشحين “هاريس” و”ترامب” بل تمتدّ أيضًا للناخبين، فلا أحد يريد الاصطفاف مع الخاسر.

ولعلّ أحسن مثال على ذلك، عند تراجع المرشح السابق “جو بايدن” في صبر الآراء انخفضت بشكل كبير تمويلات وتبرعات المواطنين الأمريكيين لحملته الانتخابية، ومع انسحابه وتولي “كاميلا هاريس” مقعد المرشحة الديمقراطية شهدت حملة الديمقراطيين انتعاشة كبيرة في التمويلات المالية والتي انعكست بدورها على حظوظها في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. فالمقياس صبر للآراء يليه تمويل مالي بعيدًا عن كل بعد أخلاقي، ديني والذي سيمتد أكيد للممارسات السياسية بعد تنصيب الرئيس القادم للولايات المتحدة الأمريكية مطلع جانفي 2025.

إضافة للتفاعلات بين المرشحين للانتخابات الرئاسية الأمريكية والناخبين الأمريكيين يظهر عنصر متعلق بالنظام الانتخابي الأمريكي الذي يعتمد على نظام الناخبين الكبار، بمعنى أن الرئيس الأمريكي لا يُنتخب مباشرة من الشعب الأمريكي بل عن طريق وسطاء يمثلون الناخبين والذين لهم وظيفة انتخاب الرئيس الأمريكي يوم الانتخابات، فبدون الدخول في الأمور القانونية التقنية يبرز أن البابا فرانسيس بصفته رجل دين بعيد عن السياسة له دراية بعنصر الناخبين الكبار في الولايات المتحدة كونهم يمكن التأثير فيهم بالبعد العقدي الديني، حيث عنصر الدين – بعكس الناخبين الباحثين عن مصالحهم قبل كل شيء – له حضور كبير في عديد التجمعات والهياكل الانتخابية، لكن تأثيره في مجمل السياسة الأمريكية يبقى غير فعال مقابل المصالح الشخصية، الاقتصادية وأيضًا الحيوية للولايات المتحدة الأمريكية.

“الشرق الأوسط” مسرح للجرائم المنافية للقوانين والدين

تُشكل اليوم منطقة الشرق الأوسط مسرح للمواجهات العسكرية والجرائم المنافية للقوانين الدينية والدنيوية، فلا أحد يمكن قبول تشريد وقتل الأطفال، النساء والشيوخ، ولا دين يمكنه القبول والموافقة على هدم وتشريد المدنيين باستثناء الدين اليهودي فـ “سفر يشوع” ينادي بحد السيف ضدّ كل من يتم مواجهته مهما كان، فدعوة البابا فرانسيس انتخاب الأقل ضررًا على البشرية من المرشحين للانتخابات الرئاسية الأمريكية تشمل أيضًا طريقة التعامل مع الإجرام الصهيوني في قطاع غزة ولبنان، فهذا أيضًا ضرر على البشرية، إلا في حال تصنيف الضرر على البشرية في مجرد الدعوة للإجهاض أو طرد المهاجرين، فالدين والسياسة لهم عنصر مشترك رئيس، فكلاهما يخاطب قواعده من ناحية الانتساب أو الانتخاب، وهذا معطى مؤكد خاضع للتجريب كلما سنحت الفرصة.

دائمًا ما كانت العلاقة بين الدين والسياسة معقدة بين من ينادي بأولوية الدين على السياسة وبين من يعتمد على مقولة “ميكيافيلي” الغاية تبرّر الوسيلة، وبين هذا وذاك يبرز ميزان القوة، فالفيلسوف الألماني “أرتور شوبناور” يرى أن الأخلاق حجّة الضعيف في مواجهة القوي، بينما الواقع يبرز سعي القوي على المحافظة على قوته بكل الوسائل بعيدًا عن كل مُعطى ديني أو خلقي، فوسط هذه المعادلة ما مكاننا نحن العرب والمسلمون؟ فحتى ضعفنا لم يعد يسمح لنا بالمناداة بتطبيق الأخلاق مقابل بلوغ الولايات المتحدة مكانة لم تبلغها أي إمبراطورية قبلها عبر التاريخ والتي تحتم عليها عمل كل شيء للحفاظ على مكانتها، حيث لا ينفع معها دعوة أو شعار، مهما تكن نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية لن يشهد العالم تغيّر من السيّئ للأحسن بل سيبقى الحفاظ على المصالح والهيمنة بكل الوسائل المتاحة منطلق التعامل مهما ناد وصرح رجال دين كل ديانات العالم بالخير والابتعاد عن الشر.

مبادئ “مزعومة” تدحضها الممارسات..

“هاريس” و”ترامب” وجهان لعملة واحدة

بقلم: هيشام داود الغنجة – أستاذ بالمدرسة الوطنية العليا للعلوم السياسية – الجزائر

يعتبر كثير من المتابعين، خاصة من مواطني الدول العربية والإسلامية أن الانتخابات الأمريكية المقبلة لن تفرز رئيسا ذا رؤية مغايرة بالنسبة إلى السياسة الخارجية الأمريكية، خاصة ما تعلق بالصراع الصهيوني الفلسطيني. والأمر نفسه ينطبق على السياسة الداخلية التي لن تخرج كذلك حسب توقعات عدة عن منطق سياسات الإدارات الديمقراطية أو الجمهورية التي حكمت الولايات المتحدة الأمريكية في السابق.

ورغم الطابع الشعبوي والمعارض لما يسمى بالدولة العميقة، للخطاب الذي يتبناه الرئيس الأمريكي السابق، والمرشح عن الحزب الجمهوري الأمريكي، دونالد ترامب، إلاّ أن التوقعات حول السياسة الداخلية والخارجية له لا يتوقع الخبراء أن تشهد تغيرات جوهرية وعميقة عما كانت عليه سابقا.

لقد شدّد ترامب في خطابات ولقاءات عدة له؛ على دعمه المطلق وغير المشروط لما يسميه بـ”إسرائيل” وأمنها القومي المرتبط بأمن الولايات المتحدة الأمريكية، آخرها خطابه أمام المجلس الصهيوني الأمريكي يوم 20 سبتمبر الماضي، حيث أكد بشدة في هذا الخطاب أنه كان أكثر رئيس أمريكي دعما لـ”إسرائيل” عبر التاريخ، مذكرا باتفاقيات أبراهام، التي مهدت الطريق لتطبيع العديد من الدول العربية علاقاتها مع الكيان الصهيوني، والتي يعتزم مواصلتها حال فوزه بالانتخابات الرئاسية المقبلة، وإقناع دول عربية أخرى على تطبيع علاقاتها مع الكيان.

من جهة أخرى، تعتبر كامالا هاريس، المرشحة عن الحزب الديمقراطي الأمريكي في نظر الرأي العام العربي، وجزء معتبر من الرأي العام الأمريكي، شريكة رئيسة في المجازر الصهيونية المتواصلة في غزة والضفة الغربية، وفي لبنان مؤخرا، باعتبارها تتبوأ منصب نائب الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، وسبق لها كذلك إبداء الدعم المطلق لأمن “إسرائيل” كما تسميه، مهما كانت الظروف والتحولات التي قد تطرأ مستقبلا في اللعبة السياسية الدولية.

التطرف في أمريكا ينمو يميناً ويساراً

الأمر نفسه تقريبا ينطبق على السياسة الداخلية للمرشحين السابق ذكرهما، إذ يعتبر دونالد ترامب وخطابه المفعم بالشعبوية، رمزا لتنامي اتجاه يميني متطرف في الولايات المتحدة الأمريكية، يؤمن بأفضلية العرق الأبيض، ويرفض الآخر الممثل في المهاجرين غير الشرعيين تحديدا، الذين يعتبرون بمثابة الوقود لحملته الانتخابية.

ويتعهد ترامب في كل مرة يلقي فيها خطابا بتجسيد مشروعه الشهير المتمثل في بناء جدار عازل على طول الحدود الأمريكية المكسيكية، وهو المشروع الذي أجهضه مجلس النواب الأمريكي عام 2019، حينما رفضت رئيسة مجلس النواب الديمقراطية سابقا “نانسي بيلوسي” مشروعه، بمعية أغلبية الممثلين في مجلس النواب الأمريكي، ولم تصادق هذه الأخيرة على مشروع تمويل بناء الجدار بغلاف مالي فاق قدره 5 مليار دولار.

وربما بلغت (Xenophobia) أعلى درجاتها في المناظرة الأخيرة للمرشحين، حينما اتهم دونالد ترامب بجدية وليس على سبيل الدعابة، مهاجرين غير شرعيين بأنهم يأكلون القطط والكلاب الحية، ويهدّدون السكان المحليين باستمرار، وذلك في مدينة (Springfield) التابعة لولاية (Illinois) الأمريكية، مما أثار موجة من السخرية والدهشة مما وصل إليه الخطاب المعادي للمهاجرين، ذوي الصفة غير الشرعية كما يصفهم دونالد ترامب.

على الجهة المقابلة، ربما يبدو للبعض أن خطاب كامالا هاريس أكثر اعتدالا وأكثر منطقية من خطاب ترامب فيما يخص السياسة الداخلية، إلا أن هاريس في الواقع متهمة من قبل العديد من المواطنين الأمريكيين بتبني رؤية يسارية متطرفة، تضمرها ولا تظهرها بشكل جلي في مختلف خطاباتها ولقاءاتها الإعلامية، فقد أبدت في لقاءات متعددة مؤخرا مناصرتها لإقرار قوانين تحمي حق المرأة في الإجهاض، حتى ولو بلغ جنينها نموا كبيرا في بطنها، مما دفع مناهضيها من الجمهوريين المحافظين إلى اتهامها بإزهاق أرواح الأجنة بدعوى الحفاظ على ما يسمى بحقوق المرأة، ورفع من الاحتجاجات والحركات المناهضة لهذا التوجه، خاصة بين الأمريكيين المتدينين، الذين يعتبرون أن مثل هذه الممارسات تعتبر غير جائزة من الناحية الدينية.

وجهين لعملة واحدة

إضافة إلى ذلك، ورغم إيمانها بما تسميه بالتعددية الثقافية والعرقية للشعب الأمريكي، وتأكيدها مرارا على أنها نفسها تملك أصولا هندية إضافة إلى بشرتها السمراء، التي تستخدمها للدعاية الانتخابية، إلا أن هذه المبادئ تتناقض تماما مع ممارسات غير ديمقراطية مارستها إدارتها، مثل قمع قوات الأمن الأمريكية بشكل غير مسبوق للاحتجاجات التي قادها عرب مسلمون وأمريكيون داخل جامعة كولومبيا، وغيرها من الجامعات التي طالتها العديد من الاحتجاجات التي ندّدت بشدة بجرائم الكيان الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني.

إذ أن إيمان هاريس بالتعددية والتنوع -كما تقول-تدحضه تماماً هذه الممارسات القامعة لحق الشعب الأمريكي بأطيافه من ذوي الأصول العربية في التعبير عن مواقفه باحتجاجات سلمية، داخل الحرم الجامعي خاصة.

لذلك فإن وقوف بابا الفاتيكان مؤخرا موقف المحايد من المرشحين للانتخابات الأمريكية المقبلة له ما يبرره، باعتبار أننا أمام وجهين لعملة واحدة، يمثل كلاهما سياسات لا تختلف في جوهرها عن الإدارات السابقة، ولا تخرج عن المعالم العامة التي ترسمها الدولة العميقة لأي مرشح أراد خوض غمار الانتخابات الأمريكية.

مبادئ “مزعومة” تدحضها الممارسات

ويطرح هذا تساؤلاً كذلك حول القيم والمبادئ التي لطالما دافعت عنها الولايات المتحدة الأمريكية، وسعت إلى الترويج لها في العالم، مثل مبادئ الديمقراطية، واحترام حقوق الإنسان، والإيمان بالتعددية، خاصة مع الممارسات القمعية والاستقطاب الحاد داخل الولايات المتحدة الأمريكية، فهل تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية دولة ديمقراطية حقيقة؟ خاصة إذا علمنا أن آخر تصنيف قدمته مجلة (The Economist) البريطانية المعروف بمؤشر الديمقراطية لعام 2023، وضع هذه الدولة في صنف “الديمقراطيات المعيبة” وليس “الديمقراطيات الكاملة”.

كما يدفعنا إلى التساؤل حول مبدأ آخر دعمته الولايات المتحدة الأمريكية عبر التاريخ، ألا وهو مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها، وهو المبدأ الخامس من مبادئ “ويلسن وودرو”؛ الرئيس الأمريكي السابق، الذي أكد عليه بشدة في خطابه الشهير أمام الكونغرس الأمريكي يوم 2 أفريل 1917. أم أن هذا المبدأ لا يطبق إذا ما تعلق بما يسمى بأمن “إسرائيل”، وحق الشعب الفلسطيني في إنشاء دولة فلسطينية على حدود 1967 على الأقل، ممّا يجعل الاتهامات المكيلة ضدّ الولايات المتحدة الأمريكية، بأنها دولة تمارس خطابا مزدوجا، يروج لمبادئ مثالية، ويخفي مصالح معينة، ذات مصداقية إلى حد بعيد، وبشكل يجعل مواطني الدول العربية والإسلامية خاصة لا ينتظرون تغيرا حقيقيا وعميقا يمكن أن يطرأ على مستوى سياسة الولايات المتحدة الأمريكية داخليا وخارجيا.

حرب غزة تهدّد عرش كامالا هاريس..

إلى من ستميل كفة الجالية العربية والمسلمة في أمريكا؟

بقلم: علي سعادة – كاتب وصحفي – الأردن

الناخبون من أصول عربية وشرق أوسطية في ولاية ميشيغان سيكونون عاملًا حاسمًا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ويضع ثقلهم الانتخابي في هذه الولاية المتأرجحة المرشحة الرئاسية عن الحزب الديمقراطي “كامالا هاريس” أمام معضلة كبرى، وهي أن هؤلاء الناخبين لهم قضية واحدة رئيسة وهي الحرب الصهيونية على قطاع غزة.

وأثار أداء الرئيس جو بايدن الضعيف والمتردد والمنحاز إلى جانب مجرم الحرب بنيامين نتنياهو في غزة وفي الضفة الغربية والمتماهي معه تمامًا، غضب ونقمة هؤلاء الناخبين الذين لم يحسموا موقفهم بعد في انتظار خطوة حقيقية وليس تلاعبًا إعلاميًا تقوم بها كامالا هاريس لوقف الحرب.

يمكن لبلدة ديربورن التي تعدّ 110 آلاف نسمة وتعتبر بمثابة مركز ثقافي بالنسبة للأمريكيين من أصول عربية بأن تلعب دورًا محوريًا في تحديد هوية من ترشح لصالحه وهي تصوّت أحيانًا للجمهوريين وأحيانًا أخرى للديمقراطيين.

ولدى قبولها بتسميتها مرشحة الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسية؛ تعهدت هاريس “بإنجاز” وقف إطلاق النار وضمان حصول الفلسطينيين على حقهم في “الكرامة والأمن والحرية وحق تقرير المصير”.

هاريس تحاول استمالة حركة “غير ملتزمين” الوطنية التي أطلقت التهم بحق بايدن خلال الانتخابات الديمقراطية التمهيدية بإعلانها “عدم السكوت” عن معاناة الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية.

طالما كانت ميشيغان التي تضم مصنعي السيارات الثلاثة الكبار، فورد وجنرال موتورز وكرايسلر، محطة مهمة للطامحين بالوصول إلى البيت الأبيض. ودفعت فترات الركود الاقتصادي في سبعينيات القرن الماضي كثيرين لمغادرة الولاية في وقت دفعت الاضطرابات في الشرق الأوسط لبنانيين وعراقيين ويمنيين وفلسطينيين للهجرة إليها. رئيس بلدية ديربورن عبد الله حمود يقرّ بذلك بقوله: “نحن مدينة عالمية حيث حوالي 55 في المائة من سكاننا من أصول عربية، وبالنسبة لكثير منّا عندما تتطرق لما يحدث في غزة، هؤلاء أفراد عائلاتنا وأصدقاؤنا”.

كما تضمّ ميشيغان أيضًا مقر المركز الإسلامي في أمريكا، أكبر مسجد في البلاد وعدد كبير من المتاجر والمطاعم والمقاهي الشرق أوسطية.

وتركزت حملة رئيس البلدية في منتصف الثمانينات عندما أسّس صحيفته على “مشكلة العرب”. لكن مع ارتفاع أعداد أفراد الجالية وتولي أبناء عمال المصانع وظائف مختلفة: محامين وأطباء ورجال أعمال، ازداد نفوذهم السياسي أيضًا. وعلى اعتبار أنهم ينتمون إلى شريحة محافظة اجتماعيًا، وتاريخيًا فضل العرب والمسلمون بفارق كبير جورج بوش الابن في انتخابات عام 2000، لكن سنوات “الحرب على الإرهاب” التي قادتها الولايات المتحدة وتخللتها حروب في الشرق الأوسط وأفغانستان وتمّ في إطارها تشديد الرقابة على المسلمين في الولايات المتحدة حولتهم إلى المعسكر الديمقراطي.

انتخب سكان جنوب شرق ميشيغان، عام 2018، رشيدة طليب، أول فلسطينية أمريكية تشغل مقعدًا في الكونغرس، في عتبة مهمة بالنسبة للجالية. كما انتخبت ثلاثة رؤساء بلديات أمريكيين من أصول عربية في الضواحي المعروفة بعنصريتها تاريخيًا حيال غير البيض، كما تضمّ ميشيغان أكبر تجمع للأمريكيين العرب في البلاد وأكثر من 310.000 نسمة من أصول شرق أوسطية أو شمال إفريقية.

وبعد فوز الجمهوري دونالد ترامب بولاية ميشيغان بفارق أقل من 11 ألف صوت في عام 2016 ساعدت المجتمعات المسلمة الكبيرة في الولاية بايدن على استعادة الولاية لصالح الديمقراطيين في عام 2020 – بفارق 154 ألف صوت تقريبًا – ليس حبًا ببايدن لكن رفضًا لسياسات ترامب بمنع السفر من بلدان مسلمة ودعمه المستوطنات “الإسرائيلية” في الضفة الغربية المحتلة وغير ذلك. لكن السكان يريدون انتخاب مرشح يحقق مطالبهم مثل وقف دائم لإطلاق النار في غزة والتوقف عن إمداد سلطة الاحتلال بالأسلحة.

وقد تكون الولاية سببًا في خسارة كامالا هاريس خصوصًا أن مرشحة حزب الخضر جيل ستاين اليهودية المعادية للصهيونية تحظى باحترام كبير في الولاية من قبل الجالية العربية وإذا لم تتخذ إدارة “بايدن” و”كامالا” موقفًا حاسمًا من غزة فقد تكون ستاين رصاصة الرحمة على حملة هاريس.

على مفترق طرق..

أمريكا بين الفوضى الناعمة والخشنة

بقلم: حازم عيّاد – كاتب وباحث سياسي – الأردن

أمريكا على مفترق طرق بين خيارين، الأول يسمح لها بإدارة ناعمة ومنفتحة للفوضى تمثلها هاريس، والثاني إدارة خشنة وانعزالية للفوضى العالمية يمثلها ترامب، وفي الحالتين فإن ما يواجهه العالم مع أمريكا يتمثل بغياب القيادة وسيادة اللانظام والفوضى لتحلّ مكان الاستقرار والنظام الذي فقد وضاع في تفاصيل فوضى المشهد الداخلي الأمريكي.

تقارب نتائج الاستطلاعات بين ترامب وهاريس لا ينبئ بخير للطرفين، ولا للولايات المتحدة الأمريكية التي بلغت مستوى غير مسبوق من الاستقطاب السياسي والفوضى الداخلية التي تعد رهانًا استراتيجيًا لخصومها، فتحقيق ترامب نتائج إيجابية في المناظرة أعطاه قوة دفع كبيرة تسمح له بممارسة الإرهاب والتخويف بحجّة تزوير الانتخابات والعبث بنتائجها، ليضع المؤسسات السياسية الأمريكية والهيئات الانتخابية تحت ضغوط هائلة، الأمر الذي سعت هاريس لتجنبه من خلال تقديم أداء ناجح في المناظرة، على أمل سحب بساط الخوف من تحت قدمي ترامب، وهو أمر غير متوقع النجاح فيه بشكل كامل ومثالي؛ لتبقى الأمور على الأرجح غير محسومة.

ففوز ترامب كخسارته، سيربك الساحة الداخلية الأمريكية المنقسمة على ذاتها بين يمين ويسار؛ ليضعها على مسار تصادمي أعنف. كما سيربك الدولة العميقة في أمريكا ومؤسسات الدولة؛ إن فاز بتهديد الاستراتيجية الأمريكية المتبعة في أوروبا من خلال الناتو، والباسفيك من خلال حلفائها وشركاؤها في كوريا واليابان، فترامب بمثابة كارثة للولايات المتحدة الأمريكية، ستعقد المشهد في المنطقة العربية أيضًا، وستعطي قوّة دفع أكبر لليمين “الإسرائيلي” الساعي لضم الضفة الغربية كما ضم الجولان والقدس، واضعًا المنطقة على مسار تصادمي أعنف مع شعوب المنطقة ودولها المرتبكة.

في المقابل؛ فإن فوز كاميلا هاريس كخسارتها، ففوزها سيوفر للولايات المتحدة المزيد من المساحة للمناورة السياسية والأمنية التي تسمح لها بإدارة الفوضى العالمية، وتجنيبها في الآن ذاته المواجهة مع حلفائها وشركائها قبل خصومها وأعدائها، في حين يعزّز الانقسام الداخلي في أمريكا، ويعمّق الشرخ الاجتماعي والسياسي بين اليمين واليسار الأمريكي.

هل صعود هاريس يقلق نتنياهو؟

تشير استطلاعات الرأي إلى صعود نجم المرشحة الرئاسية عن الحزب الديموقراطي كاميلا هاريس، إذ تفوقت على خصمها دونالد ترامب في أغلب الاستطلاعات، وتمكنت في الآن ذاته من جمع ما يزيد عن نصف مليار دولار لحملتها الانتخابية، متجاوزة منافسها بما يفوق الضعف.

المؤشرات المقلقة لم تقتصر على ترامب، إذ امتدت إلى مرشحي الكونغرس الأمريكي من أعضاء الحزب الجمهوري، وهو قلق تسرب إلى الحملة الانتخابية لترامب ليبادر بعدها بإجراء عدد من التنازلات في برنامجه الانتخابي؛ مسّت ملفات حساسة تتعلق بالمرأة والإجهاض وخطابه الشعبوي تجاه المهاجرين، كما أجرى تعديلات على حملته، وأطلق مراجعات على أمل تجاوز الفجوة التي فصلته عن هاريس التي تجاوزت 5 بالمائة من الأصوات في بعض الحالات، إذ حازت منافسته الديمقراطية على 49 بالمائة من الأصوات في بعض الاستطلاعات التي كثر عددها.

القلق بالتأكيد تسرب إلى قلب بنيامين نتنياهو الذي راهن في السر والعلن على ترامب والحزب الجمهوري للخروج من مأزقه السياسي في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية، وفي حال تفوّق الحزب الجمهوري في الانتخابات النيابية، الأمر الذي اهتزّ بقوة خلال الأيام القليلة الماضية على نحو يجعل من رهان نتنياهو مخاطرة ومقامرة في الآن ذاته.

فإصرار نتنياهو على تحدّي إرادة الحزب الديمقراطي والرئيس بايدن والمرشحة الرئاسية هاريس، برفض التعاون معه وإعطائه أوراقًا تساعده في الفوز بالانتخابات الرئاسية والنيابية المقبلة؛ مغامرة قد تقوده إلى نهاية كارثية تقضي على مستقبله السياسي والقانوني.

القلق يُرجّح أنه تسرّب إلى نتنياهو، ومن الممكن أن يدفعه لمراجعة حساباته في التعامل مع الإدارة الأمريكية والتوقف عن تحدي إرادتها، خصوصًا فيما يتعلق بمفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، فالمستقبل بات مجهولًا بعد انسحاب بايدن من السباق الرئاسي، والإصرار على تحدي الحزب الديموقراطي موقف له عواقب وخيمة في ظل منافسين يتربصون بنتنياهو؛ من شاكلة لابيد وغانتس وليبرمان، وفي ظل كواليس يمكن أن تتشكل لصفقات تستبعده من المشهد السياسي والتفاوضي الإقليمي.

الأسابيع القليلة المقبلة متأرجحة بالنسبة لنتنياهو، فإمّا أن يزداد تصلبًا وجنونًا، وإمّا أن ينزلق نحو مرونة تفقده صلابته وتحيله إلى سائل قابل للتبخر في حال استمر ترامب في حصد الفشل، وتعاظمت قدرة بايدن على ممارسة الضغط والتلويح بالانتقام، وغاب شريكه بلينكن عن المشهد التفاوضي.

ففي المحصلة النهائية نتنياهو ليس مغامرًا، بل لاعب ماهر يبحث عن سبل النجاة لنفسه ولزوجته “سارة”، ما قد يحيله إلى سائل عكر للتعاطي مع صفقة تخرجه من مأزقه السياسي والأمني، وإن كان على حساب ائتلافه الحاكم، سيناريو يستحق مراقبة مناخات وإمكانية تشكله واكتمال عناصره، ليس على الجانب “الإسرائيلي” لنتنياهو، بل وعلى الجانب الديموقراطي لبايدن الذي يملك خيار التفاعل مع هذا التغيّر، أو تجاهله بمواصلة بايدن لمناوراته العبثية وغير الحاسمة.

التحذير من “ترامب” و”هاريس” وأهون الشرّين..

ما هي خلفيات مفاجأة بابا الفاتيكان؟

بقلم: علي أبو حبله – محامي – فلسطين

الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي يسعى للعودة إلى البيت الأبيض في انتخابات نوفمبر القادم، تعهّد خلال حملته الانتخابية بترحيل المهاجرين غير الشرعيين. لكنّه مهد الطريق أيضًا، عام 2022، لإلغاء حكم المحكمة العليا الأمريكية الصادر عام 1973 في قضية “رو ضدّ وايد” الذي منح الأمريكيات حقّ الإجهاض، وهو ما تعهدت هاريس في حملتها باستعادته.

تطرّق البابا إلى الجدل حول الإجهاض والهجرة الذي تهيمن عليه الحملة الانتخابية واعتبر البابا فرنسيس في تصريحات نسبت إليه أن كِلا المرشحين للرئاسة الأمريكية “يعارضان الحياة”، مشيرًا إلى سياسات ترامب المناهضة للهجرة ودعم كامالا هاريس لحقّ الإجهاض.

وفي تصريحاته للصحفيين على متن طائرته أثناء عودته إلى روما بعد جولة آسيوية دامت 12 يومًا، قال البابا: “كلاهما ضدّ الحياة، من يرفض استقبال المهاجرين ومن يدعم الإجهاض، كلاهما يناهض الحياة”. وأضاف: “أنا لست أمريكيًا ولا أصوّت في الانتخابات هناك، لكن ليكن الأمر واضحًا: عدم استقبال المهاجرين ومنعهم من العمل والاندماج هو خطيئة خطيرة”. كما تطرق البابا إلى الجدل حول الإجهاض والهجرة الذي تهيمن عليه الحملة الانتخابية.

وختم البابا قائلًا: “علينا أن نختار بين الأقلّ ضررًا. من هو الأقلّ شرًا؟ هذه السيدة أم ذلك الرجل؟ لا أعلم. يجب على الجميع التفكير واتخاذ القرار بناءً على ضمائرهم”. وقال البابا فرنسيس: “علينا أن نختار أهون الشرين. من هو الأقل شرًا؟ تلك السيدة أم ذلك الرجل؟ لا أعلم. على الجميع أن يفكّروا ويتخذوا هذا القرار وفقًا لضمائرهم”.

هل يدافع البابا فرنسيس عن الأقليات والأجانب؟

تصريحات البابا فرنسيس لم تأت من فراغ فهي انعكاس لآرائه “التقدمية” في مجال الدفاع عن الأقليات والأجانب، وهي بالمناسبة أصيلة في الدين المسيحي، قد تكون راجعة لأصوله وثقافته وتربيته، فهو نفسه أجنبي. فالسيد خورخي ماريو بيرجوليو الأرجنتيني الجنسية هو أوّل زعيم للكاثوليك من خارج القارّة العجوز منذ ما يناهز الثلاثة عشر قرنًا، أي منذ وفاة البابا غريغوري الثالث سنة 741 ميلادية. وبنات أفكاره. وهذا لربما يعود لمخالطته ومعرفته بالعالم الثالث، فهو لم يأت مثل سابقه المستقيل بندكت السادس عشر من ألمانيا ولم يتبنّ نظرياته المتشددة، وهو يختلف عن يوحنا بولس الثاني القادم من بولونيا، وهي الدولة الشيوعية آنذاك، فكان على وليدها القيام بدور “المنقذ من ضلال الشيوعية” وإحياء المسيحية في بلدان الدول الشرقية.

يبرّر العديد من العنصريين كراهيتهم للأجانب بكونهم دخلاء لا ينتمون للحضارة اليهودية المسيحية، وأن وجودهم سيغير لا محالة عاجلًا أم آجلًا من التركيبة الإثنية والدينية لأوروبا، طبقًا لنظرية الاستبدال الكبير (Le grand remplacement)، وهي النظرية الفرنسية المنشأ، ومفادها أن هناك عملية متعمّدة بتواطؤ مع بعض النخب لاستبدال السكان الفرنسيين الكاثوليك البيض ثم الأوروبيين؛ بسكان ينتمون في الأصل إلى إفريقيا السوداء والمغرب العربي والشرق الأوسط وغالبيتهم من المسلمين. وهذا التغيير السكاني سيؤدي بدوره إلى تغيير للحضارة، ممّا سيعجل بخطر تدمير الثقافة والحضارة الفرنسية.

لا أحد ينكر الإرث المسيحي للحضارة الأوروبية ولا “الجذور المسيحية” لأوروبا التي سُحبت الإشارة إليها من مشروع ديباجة الدستور الأوروبي سنة 2004، بطلب وإصرار من الرئيس جاك شيراك، وهو ما لم يغفره له المتطرفون اليمينيون، لكن الإرث المسيحي لا يعني الاستعلاء على الآخرين ولا الاستسلام للخوف والتطرف والكراهية؛ كراهية الآخر وبغضه وسوء معاملته والتضييق عليه وتحقيره وازدرائه بسبب دينه أو عرقه أو لونه، وإلا فهي العنصرية التي يمقتها بابا الفاتيكان ولا يريد أن يُستغل الدين المسيحي بطريقة انتهازية ماكرة لتبريرها وتسويغها، ولهذا كلما تكلّم عنها أو نطق، قال المتعصبون: “ليته سكت!”.

بإنكاره الطابع الديني للإرهاب، يجرّ البابا فرنسيس عليه ويلات أولئك الذين لا يفوتون أبدًا فرصة للتنديد بـ”التطرف” المرتبط بالدين الحنيف، وصلت حدّ مناداة أحد الصحفيين المشهورين في صحيفة لوفيغارو الفرنسية الواسعة الانتشار؛ البابا السابق للرجوع، قائلًا: “بندكت السادس عشر، ارجع!”، بينما صرح رئيس منظمة “مراسلون بلا حدود” سابقًا وعمدة مدينة بيزي الفرنسية: “إنه -أي البابا- يعفي الإسلام من كلّ مسؤولية “عن الإرهاب”، لقد خذلهم في تهمة إلصاق الإرهاب بالإسلام.

تأثير الدولة العميقة على الانتخابات الأمريكية

وحين يتكلم البابا فرنسيس عن أهون الشرّين في الاختيار بالانتخابات الأمريكية القادمة ويقصد ترامب وهاريس هو يدرك وبحقيقة نفسه، أن الدولة العميقة هي من تحكم أمريكا وتتحكم في المسارات السياسية الخارجية والداخلية، وحسب ما يروج له في وسائل الإعلام وما يعتقد أن “الدولة العميقة”، عبارة عن شبكة سرية خاصة تضمّ مسؤولين حكوميين وتشمل أحيانًا كيانات كبرى تنشط في الغالب بالمجالات المالية وفي الصناعات العسكرية، وهي تعمل خارج القانون بهدف التأثير على سياسات الحكومة الرسمية وتوجهها وفق مصالحها.

ويعتقد في هذا السياق أن مثل هذه “الدولة العميقة” تتحرك مستعينة بإمكانيات خفية توفرها مجالات في الدولة تخصص لها ميزانيات سرية كبيرة ويكون نشاطها بعيدًا عن سيطرة أجهزة الدولة الرقابية الرسمية.

الرئيس الأمريكي السابق والمرشح عن الحزب الجمهوري للانتخابات، دونالد ترامب، أشعل مصطلح “الدولة العميقة” في صراعه مع خصومه الديمقراطيين. قدّم ترامب تصورًا مختلفًا عن مفهوم الدولة العميقة في الولايات المتحدة، وهو المفهوم الذي يرى الكثيرون أنه يشير إلى مشروع لحكومة خفية تعمل في الظل، تسعى للسيطرة على شؤون العالم.

ترامب أعاد صياغة مفهوم “الدولة العميقة” وفقًا لاحتياجاته السياسية، وظهر ذلك بوضوح في خطابه أمام حشد من أنصاره في تكساس عام 2023، حيث قال: “إما أن تدمر الدولة العميقة أمريكا، أو أننا سندمر الدولة العميقة”. هناك أكثر من قراءة لمفهوم الدولة العميقة. الأولى تعود إلى زمن تأسيس الولايات المتحدة، وعهد الآباء المؤسسين، بينما ترتبط القراءة الثانية بمجمعات ولوبيات حديثة ظهرت في النصف الثاني من القرن العشرين.

لعلّ ما يجري في الداخل الأمريكي من تحركات غير ظاهرة للعيان، منها ما أشار إليه، إدوارد سنودن، عميل وكالة الأمن القومي الأمريكي NSA، تلك الوكالة المغرقة في السرية، يلقي الضوء على الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يرى سنودن “إنها حقًا وسيلة للإشارة إلى بيروقراطية الحكومة المهنية، هؤلاء المسؤولون الذين يجلسون في مناصب قوية، ولا يغادرون عندما يغادر الرؤساء والذين يشاهدون الرؤساء يأتون ويذهبون، وهم يؤثرون على الرؤساء”.

يكاد ذلك أن يكون كذلك بالفعل، والعهدة على التقرير الصادر في جويلية من عام 2017 عن لجنة الأمن الداخلي والاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي، وفيه: أن “إدارة الرئيس ترامب قد تعرضت لضربات أمنية وطنية بشكل يومي تقريبًا، وبمعدّل أعلى بكثير من سابقتها”.

لعلّ الذين لهم دالة على قراءة كتب التاريخ وفهم أبعاده، يتذكرون الرئيس جون كينيدي، الذي رغب بشكل جدي في وقف التصعيد العسكري، وفتح أبواب السلام والتنمية والتعاون أمام العالم، ولهذا ربما كان لا بدّ له من أن يختفي عن مشهد الحكم.

قبيل رحيله عن البيت الأبيض وفي جانفي من عام 1961، ألقى الرئيس المنتهية ولايته، الجنرال دوايت أيزنهاور، خطابًا وداعيًا متلفزًا من مكتبه الرسمي وبطريقة لا تُنسى. حذّر في الخطاب من أن تتحول “الصناعة العسكرية المعقّدة” في بلده إلى قوّة عنيفة.

رأى أيزنهاور من بعيد أن “المؤسسة العسكرية الضخمة” باتت تعمل مع “صناعة أسلحة هائلة”، سعيًا وراء “نفوذ لا مبرّر له” في “كل مدينة وكل مبنى تشريعي وكل مكتب عائد إلى الحكومة، ما قد يؤدي إلى كارثة تنبع من بروز قوّة في غير محلّها”، واليوم وبعد نحو ستة عقود من خطاب أيزنهاور تصل ميزانية البنتاغون إلى نحو 770 مليار دولار، وهذا هو الرقم الظاهر، وبالقطع هناك برامج سرية عسكرية أمريكية، غالبًا لا يعلم الرئيس عنها شيئاً، ما يجعل من هذا المجمع قوّة عميقة حقيقية، تدفع في طريق عسكرة الحياة الأمريكية، وإزاحة من يتقاطع معها من أنصار رؤساء السلام، الأمر الذي حدث مع الرئيس كارتر في نهاية سبعينيات القرن الماضي.

باتت قناعة لدى الأمريكيين، ووفق استطلاعات الرأي في الأعوام الأخيرة جاءت نتيجتها مؤكّدة بحضور الدولة العميقة بقوّة في الولايات المتحدة الأمريكية.

الجماعات المسيحية الصهيونية المتشددة

إن تصريحات البابا فرنسيس تكشف عن عمق الهوة بين “المسيحية الصهيونية” وهي مجموعة المعتقدات الصهيونية المنتشرة بين المسيحيين، بخاصة بين قيادات وأتباع كنائس بروتستانتية، تهدف إلى تأييد قيام كيان يهودي في فلسطين بوصفها حقًا تاريخيًا ودينيًا لليهود، ودعمها بشكل مباشر وغير مباشر، باعتبار أن عودة اليهود إلى الأرض الموعودة – فلسطين – هي برهان على صدق التوراة، وعلى اكتمال الزمان وعودة المسيح ثانية.

وحجر الزاوية في الدعم الشديد لهؤلاء المسيحيين لـ”إسرائيل” هو الصلة بين “كيان (إسرائيل)” المعاصرة و”(إسرائيل) التوراة”. لذلك أُطلِق على هذه الاتجاهات الصهيونية في الحركة الأصولية اسم “الصهيونية المسيحية” وهي مخالفة وتتعارض مع رؤيا الكاثوليك وسياسة التسامح والعيش بأمن وسلام ومع كافة الأديان.

ويعرف “والتر ريغنـز”، الأمين العام لما يسمى “السفارة المسيحية الدولية”، وهي من أحدث وأخطر المؤسسات الصهيونية المسيحية، ومركزها في القدس، اصطلاح الصهيونية المسيحية بطريقة سياسية، وعلى أنه – أي التعريف – “أيُّ مسيحي يدعم الهدف الصهيوني لـ”إسرائيل” وجيشها وحكومتها وثقافتها”.

أمّا القس “جيري فالويل”، مؤسّس جماعة العمل السياسي الأصولي المسمّاة “الأغلبية الأخلاقية”، وهو الذي اتهم دين الإسلام بأنه دينٌ إرهابي، فيقول: “إن من يؤمن بالكتاب المقدّس حقًّا يرى المسيحية و”إسرائيل” الحديثة مترابطتين على نحو لا ينفصم. إن إعادة إنشاء “إسرائيل” في العام 1948 لهي في نظر كل مسيحي مؤمن بالكتاب المقدّس تحقيق لنبوءات العهدين القديم والجديد”.

وحتى تُترجم حركة المسيحية الصهيونية أفكارها إلى سياسات داعمة لـ”إسرائيل”، فقد تطلب ذلك خلق منظمات ومؤسسات تعمل بجد نحو تحقيق هذا الهدف. لذا قامت حركة المسيحية الصهيونية بإنشاء العديد من المؤسسات، مثل “اللجنة المسيحية –”الإسرائيلية” للعلاقات العامة” ومؤسسة الائتلاف الوحدوي الوطني من أجل “إسرائيل”؛ ومن أهداف هذه المؤسسات دعم “إسرائيل” لدى المؤسسات الأمريكية المختلفة، السياسي منها وغير السياسي.

هناك ما يقرب من 40 مليونًا من أتباع الصهيونية المسيحية داخل الولايات المتحدة وحدها. ويزداد أتباع تلك الحركة، خاصة بعدما أصبح لها حضور بارز في كل قطاعات المجتمع الأمريكي.

ويشهد الإعلام الأمريكي حضورًا متزايدًا لهم، حيث إن هناك ما يقرب من 100 محطة تلفزيونية، إضافة إلى أكثر من 1000 محطة إذاعية؛ ويعمل في مجال التبشير ما يقرب من 80 ألف قسيس. وامتد نفوذ الحركة إلى ساسة الولايات المتحدة بصورة كبيرة، وصلت إلى درجة إيمان بعض من شغل البيت الأبيض بمقولات الحركة والاعتراف بهذا علنيًا.

الرئيسان السابقان، جيمي كارتر “ديمقراطي” ورونالد ريغان “جمهوري”، كانا من أكثر الرؤساء الأمريكيين إيمانًا والتزامًا بمبادئ المسيحية الصهيونية ومنهم الرئيس السابق والمرشح عن الحزب الجمهوري ترامب.

وبالتحليل لمعنى ومفهوم ودلالة تصريح البابا فرنسيس وعن اختيار أهون الشرين يقودنا إلى “الصهيونية المسيحية” بين إدارتي ترامب وبايدن، حيث استمر الرؤساء الأمريكيون، من دوايت أيزنهاور وحتى بيل كلينتون، في دعم الكيان الصهيوني، وإن بشكل متفاوت، إلى أن فاز جورج دبليو بوش، والذي تجمعت لديه وفيه العوامل التالية:

العامل الأول: إيمانه والتزامه بعقيدة حركة الصهيونية المسيحية، الأمر الذي تجسد في تقرب قادة هذه الحركة منه.

العامل الثاني: نجاح المنظمات والمؤسسات والجمعيات التابعة لحركة الصهيونية المسيحية في تعزيز حضورها السياسي والإعلامي والديني، وتحولها إلى قوة انتخابية، وإلى قوة ضغط شديدة الفعالية والتأثير.

العامل الثالث: وقوع أحداث11 سبتمبر 2001 في نيويورك وواشنطن، التي ألهبت مشاعر العداء ضدّ المسلمين والعرب، والتي قسمت العالم إلى معسكرين: إمّا أن تكون مع الولايات المتحدة وإما مع “الإرهابيين” في نظر الأمريكيين، فتحولت قضية الصراع العربي – الصهيوني، التي أصبحت محكومة بما تقبله أو ترفضه الحكومة “الإسرائيلية”، خاضعة للمناورات والأكاذيب السياسية التي تخترعها في الأصل آلة الأكاذيب الصهيونية، ثم لا تلبث أن تعتمدها أمريكا بعد ذلك.

ترامب والإنجيلية الصهيونية

مع الإشارة إلى عدم تبنيه فكر وتوجهات الحركة الإنجيلية الصهيونية علنًا، لكن مواقف دونالد ترامب (وفريقه) السياسية المتطرفة وغير المسبوقة وتأييده المطلق للكيان “الإسرائيلي”، قبل وبعد انتخابه رئيسًا للولايات المتحدة، أظهرت توافقه السياسي و”الذهني والعاطفي” مع الكيان، كما تبين فيما بعد، بخصوص اعترافه بالقدس عاصمة دينية (روحية) لما يسمّى (إسرائيل)، ونقل سفارة بلاده إليها، وضمّ الجولان السوري المحتل،… إلخ.

لقد حصد ترامب، مرشح الحزب الجمهوري، المعروف بتأييده المطلق للكيان “الإسرائيلي”، في انتخابات 2016، أصوات 81 بالمائة من الناخبين الإنجيليين، طبقًا لاستطلاعات مركز “بيو” الأمريكي للأبحاث. ومن هنا يعود انتصار ترامب الانتخابي وفوزه بالبيت الأبيض إلى أصوات الإنجيليين أساسًا.

ورأى البعض أن ترامب اختار نائبه مايك بنس ليفتح الباب واسعًا أمام إقبال شديد من الطائفة الإنجيلية للتصويت له. ويتبنّى بنس خطابًا إنجيليًا متشددًا، فهو من أقصى اليمين المسيحي المؤيّد لـ”إسرائيل”.

كما أن فريق ترامب للتسوية السلمية في الشرق الأوسط ضمّ يهودًا متشددين دينيًا، مثل صهره جاريد كوشنر، وديفيد فريمان السفير الأمريكي لدى “إسرائيل”، وجيسون غرينبلات مبعوث عملية “السلام”. وإضافة إلى بنس، عُدّ وزير الخارجية مايك بومبيو من الإنجيليين المتشددين داخل إدارة ترامب. وخلال مؤتمر، قال نائب الرئيس الأمريكي: “نحن ندعم “إسرائيل” بسبب الوعد التاريخي المقدّس أن من يدعمهم الآن سينال بركة الرب”.

واستطراداً، فقد حقق ترامب، خلال انتخابات عام 2016 الرئاسية، معدل قبول وصل إلى 80 بالمائة بين المسيحيين الإنجيليين البيض، فيما حقق معدل قبول أقل وسط الإنجيليين من أصول لاتينية أو إفريقية. لكن مجلة “كريشتيانيتي توداي”، ذات التأثير الكبير وسط المسيحيين الإنجيليين، أعلنت في افتتاحية، دعمها لإجراءات عزله، ما عكس شرخًا في صفوف أتباع هذه الكنيسة، خاصةً بين الأجيال المختلفة. يمثل الناخبون الإنجيليون 15 في المائة فقط من عموم الناخبين الأمريكيين، مقارنة بالكنائس البروتستانتية الأخرى، التي تمثل الأغلبية المسيحية في البلاد، والكاثوليك، وغير الدينيين، واليهود.

مايك بومبيو.. الإنجيلي الصهيوني بامتياز

مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي السابق، والرئيس السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وأحد أبرز أعضاء إدارة ترامب، هو إنجيلي متدين، ينتمي لتيّار المسيحية الصهيونية الذي يؤمن بضرورة دعم “إسرائيل” من أجل تحقيق النبوءة الدينية (أرمجيدون).

وقد اعتبر، في حوار له، في إحدى زياراته إلى الكيان “الإسرائيلي” (فلسطين المحتلة) عام 2019، “أن ترامب هو مبعوث العناية الإلهية من أجل حماية (إسرائيل) ودعمها”. ولا يتوقف بومبيو عن استحضار عقيدته والتزامه الديني في مناسبات كثيرة، بما فيها نشاطه السياسي والدبلوماسي.

أما سياسيًا، فقد استخدم بومبيو إيمانه المسيحي، ودعمه اللامحدود لـ”إسرائيل”، من أجل إرضاء القاعدة الإنجيلية الأمريكية، وهي قاعدة تصويتية مهمة لأي شخص يطمح إلى الوصول إلى البيت الأبيض. وقد صوتت بكثافة لترامب في انتخابات عامي 2016 و2020. ويقال إن بومبيو كان ينوي الترشح للانتخابات الرئاسية عام 2024 ولذلك كان يعمل على استرضاء الصهاينة المسيحيين واليهود في الولايات المتّحدة.

بايدن والمسيحيون الصهاينة

قد يستغرب المرء، للوهلة الأولى، صدور مواقف سياسية متشددة من الشخص الذي حاول إظهار “اعتداله وتميزه” عن سلفه ترامب، بعيد تسلمه منصب الرئاسة في الشهر الأول من العام 2020 مباشرة، وإظهاره ودًّا زائدًا عن الحد للكيان “الإسرائيلي”، من منطلقات دينية وسياسية في آن واحد.

لكن هذا الاستغراب يزول سريعًا فيما لو استقرأ المراقب حركة بايدن السياسية الرئاسية منذ البداية. فقد قالت صحيفة الغارديان البريطانية، إن “أكثر من 1600 من القادة الدينيين في الولايات المتحدة دعموا بايدن علانية قبيل انتخابات الرئاسية في أكتوبر من العام 2020، في ظل إشارات على أن بعض الناخبين الإنجيليين تحولوا بعيدًا عن ترامب.

وجاء التأييد بشكل أساسي لبايدن من الكاثوليك والإنجيليين والبروتستانت الرئيسين، ومن بينهم غروشا دون فورد، حفيدة بيلي غراهام، المبشر الشهير، وسوزان جونسون كوك، السفيرة الأمريكية السابقة للحرية الدينية، ومايكل كينامون، الأمين العام السابق للمجلس الوطني للكنائس، وجين روبنسون، الأسقف السابق في الكنيسة الأسقفية.

كذلك، تحدث بايدن في مناسبات عدّة بفخر واعتزاز عن والديه اللذين “غَرَسا فيه القِيم الكاثوليكية”. أما في الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الأمريكي إلى الكيان “الإسرائيلي”، في منتصف جويلية 2022، فقد ذكر رئيس وزراء سلطة الكيان السابق يائير لابيد الصحفيين بمقولة شهيرة لجو بايدن حينما كان نائبًا للرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما تقول: “إذا كنتُ يهوديًا فسأكونُ صهيونيًا. والدي أشار إلى أنه لا يُشترط بي أن أكون يهوديًا لأصبح صهيونيًا؛ وهذا أنا.. (إسرائيل) تُعتبر ضرورية لأمن اليهود حول العالم”.

بايدن بهذه المقولة يعلن أمام الملأ أنه صهيوني يفتخر بصهيونيته، وإن لم يكن من اليهود. وهو بذلك يؤكد أن الروح الصهيونية، بعد أن حلّت في الكثير من أتباع الكنيستين البروتستانتية والإنجيلية، انتقلت أيضًا إلى بعض أتباع الكنيسة الكاثوليكية، وحلّت في رئيس الدولة العظمى في العالم، ونعني بها الولايات المتحدة الأمريكية.

في السياق، قال بايدن، خلال استقباله رئيس سلطة الكيان “الإسرائيلي”، يتسحاق هرتسوغ، في أكتوبر من العام الماضي، إنه “لو لم تكن (إسرائيل) موجودة، لكان علينا اختراعها”. وأرجع بايدن موقفه هذا إلى “القِيم والدوافع والمبادئ المشتركة” بين الطرفين؛ لكنه ربط بشكل لافت بين التزامه تجاه “إسرائيل” و”القِيم المسيحية” المزعومة التي حملها عن والده، مشيرًا بذلك إلى العلاقة البنيوية بين المسيحية الإنجيلية الأصولية، أو المسيحية الصهيونية كما تُسمى اصطلاحًا، وقيام “إسرائيل”.

وختامًا، فإن المسألة الجوهرية التي تطرّق لها البابا فرنسيس والتي يجب على الرأي العام الأمريكي والنخب المثقفة والمسيّسة أن يجيبا عليها، تتمحور في الواقع حول أسس وفوائد العلاقة غير الطبيعية التي تربط الجماعات المسيحية الصهيونية المتشددة في الولايات المتحدة بالكيان “الإسرائيلي” العنصري، الكاره للآخرين، والأثمان الباهظة التي يتحملها في النتيجة المواطن الأمريكي.

“حارس القيم التقليدية”..

من هو مرشّح الأمهات الأمريكيات؟

بقلم: الداه يعقوب – خبير في الشؤون الأمريكية – واشنطن

لم يكن للصوت البابوي أي تأثير يُذكر على مدى التاريخ في الانتخابات الرئاسية الأمريكية وتوجيه مسارها، فالعقلية العلمانية وفصل الدين عن الدولة لطالما كانت السمة الدائمة في السياسة الأمريكية.

لكن التصريحات الأخيرة للبابا فرنسيس، التي دعا فيها لاختيار “الأقل ضررًا” بين المرشحين، حرّكت الخطاب الديني الذي يؤثر على شريحة من المواطنين الأمريكيين المرتبطين بالكنيسة، والمعزّزين لصلة قوية مع البابا وتصريحاته.

في إطار العودة لطرح ثنائية الخير والشر من جديد، وبالنظر إلى سجل كل من ترامب وهاريس، نجد أن المؤشرات متقاربة. فترامب، اليميني المتطرف والمعادي للهجرة، يقابله دعم هاريس لحق الإجهاض. ورغم ذلك، فإن الأصوات المحافظة والأقرب إلى الكنيسة تميل إلى ترامب الذي يدافع عن “القيم الأسرية الأمريكية” ويرفض تدريس مناهج التحرر الجنسي وتغيير الجنس، كما يتبنى موقفًا غير مباشر ضد المثلية. وكل هذه المواقف جعلته يحظى بدعم الأمهات الأمريكيات الرافضات للنهج الديمقراطي المؤيد للتحرر الاجتماعي، بما في ذلك تغيير الجنس وتعليم هذه الأفكار للأطفال.

هذا التصوير لترامب بوصفه”حارسا للقيم التقليدية” في مواجهة ما يعتبره أنصاره “أفكارًا هدّامة”، يقابله تعهد هاريس برعاية المهاجرين واحتضانهم، وتوفير ملاذ آمن لهم في مواجهة سياسات ترامب الطاردة لهم.

مع ذلك، يبدو أن المستفيد الأكبر من تصريحات البابا هو ترامب، حيث بدأت العديد من التيارات، بما فيها الإنجيليون، في دعمه. وقد أكد ترامب أنه سيحافظ على الحرية الدينية، ووقف ما سماه “سعي الديمقراطيين لإسكات المسيحيين وإضعاف صوتهم”. ومع هذه التصريحات الداعمة، يصبح ترامب المرشح الأكثر حظًا في الحصول على دعم ديني في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في الخامس من نوفمبر المقبل.

انتخابات 2024، ورغم تأثرها بعوامل مثل الاقتصاد والهجرة والسياسة الخارجية، إلا أن الدين أصبح عاملًا مؤثرًا في المشهد الانتخابي، ليعكس جدلية الخير والشر في خيارات الناخب الأمريكي.

لكن البابا فرنسيس تعرّض لانتقادات واسعة تجاهل فيها الجرائم “الإسرائيلية” في غزة، ولم يضع في الحسبان ضرورة اختيار مرشح يمكن أن يوقف “الصلف الإسرائيلي” تجاه الفلسطينيين. هذه المسألة أعادت طرح الشكوك حول الميول الأوروبية، حتى لدى رأس الكنيسة، والمخاوف الدائمة من معاداة السامية والانحياز للكيان “الإسرائيلي”.

من المنتظر أن تلقي تصريحات البابا فرنسيس تأثيرًا ملموسًا على استطلاعات الرأي، وتزيد من حدّة النقاش الانتخابي في ظل الجدلية بين الخير والشر، والصراع بين ترامب وهاريس الذي يزداد احتدامًا قبل أسابيع قليلة من موعد التصويت المنتظر.

الأيام نيوز - الجزائر

الأيام نيوز - الجزائر

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
انطلاق أشغال اجتماع وزراء الداخلية لمجموعة الـ7 بمشاركة الجزائر دراسات طبية تحذر.. لماذا لا ينصح بتكرار غلي الماء؟ حج 2025.. انطلاق التسجيلات عبر الموقع الالكتروني والبلديات رسميا.. عون يطلق الصيغة الجديدة لـ “فيات دوبلو” بمصنع وهران إنهاء مهام رئيس المجلس الإسلامي الأعلى الجائزة الكبرى شانطال بييا 2024.. الجزائري إسلام منصوري يفوز بالمرحلة الثالثة المبعوث الأممي دي ميستورا يصل إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين غلق مؤقت للطريق السريع شرق اتجاه الجزائر الدار البيضاء منح تراخيص لـ 67 ألف مستثمرة فلاحية منذ 2020 إدراج 3 أسماء لأوّل مرة.. بيتكوفيتش يكشف عن قائمة اللاعبين المعنيين بمواجهتي الطوغو لبنان.. الطيران الصهيوني يشن 17 غارة على الضاحية الجنوبية لبيروت النفط يواصل حصد المكاسب للجلسة الثالثة على التوالي أمطار رعدية غزيرة على 21 ولاية في اليوم الـ363 من العدوان.. شهداء وجرحى في قصف الاحتلال على عدة مناطق في قطاع غزة للتستّر على خسائرها.. "إسرائيل" تمارس خدعة "إخفاء الجثث بالجثث" نائب الرئيس في مواجهة البرلمان.. الأزمة السياسية في كينيا تقترب من الانفجار عمار بن جامع يسأل: لماذا يخشى المغرب الاستفتاء على تقرير مصير الشعب الصحراوي؟ أحد أبرز المرشّحين لقيادة حزب الله.. من هو نعيم قاسم الذي بشّر اللبنانيين بالنصر؟ رسميا.. تنصيب اللجنة الوطنية لمراجعة قانوني البلدية والولاية وسط مخاوف من اتساع رقعة الصراع.. إيران تعلن انتهاء هجماتها الصاروخية ضد الصهاينة