لحملها على إلغاء قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني.. واشنطن تهدّد تونس بعقوبات اقتصادية وعسكرية

يثير تأخر مصادقة البرلمان التونسي على مشروع قانون يجرّم التّطبيع مع الكيان الصهيوني ـ على الرغم من تصنيفه كقضية “أساسية” ـ تساؤلات بشأن وجود ضغوط أمريكية تسعى إلى منع تبني تونس هذا القانون.

منشور للنائب ومقرر لجنة الحقوق والحريات، محمد علي، أوضح أن رئيس البرلمان إبراهيم بودربالة تحدث عن الضغوط التي واجهها بهذا الشأن، مشيرًا إلى وجود رسالة رسمية من سفارة واشنطن في تونس عبرت عن تهديد بتوقيع عقوبات اقتصادية وعسكرية أمريكية في حال تم تبني القانون.

رئيس البرلمان استخدم هذه الضغوط لتبرير رفضه عرض مشروع القانون للنقاش في الجلسة العامة. وأشارت نائب رئيس البرلمان، سيرين مرابط، إلى أن هناك ضغوطًا أجنبية ممارسة على رئيس البرلمان لسحب المشروع، مؤكدة أنه رفض الطلبات الأربعة التي قدمها السفير الأمريكي، جوي هود، للقائه بسبب مواقف بلاده تجاه العدوان الهمجي على غزة.

تجدر الإشارة إلى أن رئيس البرلمان، إبراهيم بودربالة، أعلن تأجيل الجلسة العامة المخصصة للمصادقة على هذا المشروع، استنادًا إلى اقتراح من رئيس الجمهورية قيس سعيّد الذي اعتبر أنه قد يؤثر سلبًا على أمن تونس الخارجي ومصالحها. وهذا القرار أثار جدلاً كبيرًا وأدى إلى توجيه الرئيس خطابا إلى التونسيين نفى فيه تدخله في عمل البرلمان ودعا إلى سحب كلمة تجريم التطبيع مقابل إدراج “جريمة خيانة الشعب الفلسطيني” في القانون التونسي وتصنيفها “خيانة عظمى”.

من جهته، أكد محمد علي، مقرر لجنة الحقوق والحريات بالبرلمان، وجود ضغوط جادة ممارسة على رئيس البرلمان وحتى على رئيس الجمهورية لسحب مشروع القانون الخاص بتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني. وأضاف أن وزارة الخارجية الأمريكية وجهت رسالة إلى نظيرتها في تونس تحتوي على تهديد بفرض عقوبات اقتصادية وعسكرية على تونس في حال تم تبني هذا القانون.

وأشار المتحدّث إلى أن رئيس البرلمان أبلغ مكتب المجلس بمحتوى هذه الرسالة، مما يشير إلى محاولة رئيس البرلمان العثور على مبرر لتأجيل الجلسة بناءً على هذا الضغط، وأكد محمد علي أن البرلمان التونسي ونوابه يرفضون الخضوع لأي ضغط أجنبي، لأنهم يعتبرون أن تجريم التطبيع هي مسألة أخلاقية ومبدئية قبل كل شيء، ولا تخضع لأي حسابات سياسية أو انتخابية، وهي أقلّ ما يمكن للبرلمان تقديمه للشعب الفلسطيني الذي يتعرض لإبادة جماعية تحت غطاء أمريكي.

من جانبه، أكد القيادي في حزب البعث، صهيب المزريقي، لوكالة “سبوتنيك”، أن تونس تتعرض لضغوط كبيرة خاصة من الدول التي أوجدت الكيان الصهيوني في الوطن العربي، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية.

وتابع: “من الطبيعي أن تسعى هذه الدول إلى حماية الكيان الصهيوني وأن تضمن له الاستمرارية، خاصة وهي التي تستخدمه كآلة حربية وسياسية لضمان مصالحها في الشرق الأوسط، والدليل على ذلك هو أن جل الدول الغربية اصطفت وراء الكيان الصهيوني وقدمت له الدعم المالي والعسكري وحتى الحضوري”.

وقال المزريقي إن هذه الأسباب تدفع بالولايات المتحدة إلى الضغط على تونس رئيسا وبرلمانا من أجل سحب هذا المشروع، والحدّ من المواقف التونسية الداعمة للشعب الفلسطيني.

تواطؤ جهات أجنبية

ولفت الأمين العام لحزب “مسار 25 جويلية”، محمود بن مبروك، إلى أن “جهات أجنبية سعت إلى وضع رئيس الجمهورية قيس سعيد بين المطرقة والسندان وإظهاره في صورة الرئيس الذي يقول ما لا يفعل”.

وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك” أن هذه المساعي فشلت بعد الخطاب الذي أعلن خلاله رئيس الجمهورية تمسكه بالوقوف إلى جانب الحق الفلسطيني ورفضه “الخضوع لأي ابتزاز أجنبي أو داخلي”.

وأوضح بن مبروك أن هذه الجهات محسوبة على الجانب الغربي، وهي “تسعى إلى خلق أزمة سياسية في تونس، إما من خلال إسقاط هذا القانون برمته أو تمريره بالنسخة التي تتعارض مع رؤية رئيس الجمهورية ووزارة الخارجية”.

وحول مآل مشروع قانون تجريم التّطبيع مع الكيان الصهيوني، أكد رئيس الكتلة الوطنية المستقلة عماد أولاد جبريل، في تصريح للوكالة الروسية، أن الجلسة العامة المخصصة للنظر في هذا المشروع ما زالت مفتوحة منذ تاريخ 02 نوفمبر ولم يتم تعليقها.

وأشار إلى أن الجلسة لم تستأنف إلى اليوم، وهو ما يمنع عقد أي جلسة عامة أخرى بحسب النظام الداخلي للبرلمان، مضيفا أنّه “أمام البرلمان خياران، إما استكمال التصويت على مشروع القانون سواء بالرفض أو بالإيجاب، أو التصويت على إرجاع المشروع إلى لجنة الحقوق والحريات لتعديله”، مؤكدا أن “الجلسة العامة هي الهيكل الوحيد المخول له اتخاذ إحدى القرارين”.

وأوضح أولاد جبريل أن هناك اتفاقا بين النواب على إعادة مشروع القانون إلى لجنة الحقوق والحريات قصد تعديله بما يتماشى مع توضيحات رئيس الجمهورية، وبشكل يتم فيه تجاوز الاشكاليات القانونية.

وأضاف: “لقد طلب الرئيس الاستئناس بالفصل 60 من المجلة الجزائية، الذي يعرّف مفهوم الخيانة ويدقق عقوباتها، وهناك جانب كبير من النواب يتفقون على التخلي عن كلمة التطبيع لأن تونس لا تربطها أساسا علاقات بالكيان الصهيوني ولأن التطبيع يكون بين دولتين، في حين أن تونس لا تعترف بالكيان الصهيوني كـ(دولة) لأنها مجرد كيان فاقد للشرعية”.

ولفت النائب إلى أنه سيتم إعادة مشروع القانون إلى الجلسة العامة قصد التصويت عليه، بعد إجراء التعديلات سالف ذكرها، مشددا على أنه لا توجد أي نية في سحبه من البرلمان والعدول عنه.

حميد سعدون

حميد سعدون

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
بشراكة صينية.. نحو إعادة إطلاق مصنع الإسمنت بالجلفة سقوط القصر الرئاسي بيد الجيش.. معركة الخرطوم تدخل مرحلة الحسم ليلة الشك.. الجزائر تتحرى رؤية هلال شهر شوال يوم السبت هذه حصيلة نشاط الرقابة وقمع الغش والمضاربة خلال 24 يوما من رمضان وزارة التربية تنشر جدول التوقيت الخاص بامتحاني "البيام" و"الباك" خيرات الصحراء الغربية.. موارد منهوبة تموّل آلة الإجرام المغربية! مواد مسرطنة في الحلويات الحديثة.. حماية المستهلك تحذّر محكمة الدار البيضاء تفصل غدًا في قضية بوعلام صنصال بعد محادثات الرياض.. واشنطن تعلن عن اتفاقات جديدة بين موسكو وكييف مشاريع ترامب حول العالم.. أرباح في آسيا وخسائر في أوروبا خطة طريق لتعزيز رقمنة قطاع التجارة الداخلية الجزائر تعيد رسم خارطتها الغذائية.. القمح الفرنسي خارج الحسابات بن جامع: "الهجمات الصهيونية انتهاك صارخ لسيادة سوريا ويجب وقفها فورًا" ارتفاع أسعار النفط عالميا وسط مخاوف من تقلص الإمدادات الجزائر والعراق.. شراكة طاقوية استراتيجية في ظل التحولات العالمية برنامج عمل مشترك بين وزارة الشباب ومكتب برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز بالجزائر مولوجي تُشدد على ضرورة "تحيين" مناهج التكفل بالأطفال المعاقين ذهنيا الجمارك تحجز أكثر من ربع مليون "قرص مهلوس" بالوادي  أوابك.. الغاز الطبيعي المسال سيلعب "دورا رئيسيا" في الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون برنامج الغذاء العالمي.. 70 ألف لاجئ كونغولي ببوروندي مهددون بالمجاعة