حلّ وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، بالعاصمة السورية دمشق، لأول مرة منذ سنوات طويلة، في سياق مساعي الجزائر لإعادة جمهورية سوريا إلى مقعدها المجمد بجامعة الدول العربية.
وأفاد بيان للخارجية الجزائرية، أن الوزير رمطان لعمامرة وصل سوريا صباح الأحد، بصفته مبعوثا خاصا لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، في زيارة عمل من المقرر أن تدوم يومين كاملين.
ويأتي تنقل الوزير لعمامرة إلى دمشق في أعقاب الزيارة التي قام بها وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، إلى الجزائر مؤخرا للمشاركة في الاحتفالات المخلدة للذكرى الستين لاسترجاع الجزائر استقلالها الوطني.
ويرى المحلل السياسي الجزائري عمار براهمية، أن زيارة وزير الخارجية رمطان لعمامرة، تعكس وقفة الجزائر مع الجمهورية العربية السورية، في إطار علاقات تخدم الشعبين الشقيقين، بعيدا عن أي تطرف أو تدخل في الشؤون الداخلية.
وأوضح المحلل السياسي أن السلطات الجزائرية ملتزمة، بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية لسوريا، على عكس بعض القوى الإقليمية التي نصبت نفسها وصية على الدولة السورية والشعب السوري، تحت مبررات وذرائع واهية.
وأفاد الخبير في العلاقات الدولية، أن الجزائر تجتهد لرفع التجميد عن مقعد سوريا في الجامعة العربية، لإعادة الاستقرار إلى المنطقة العربية، بعيدا عن صراع العصب والمحاور التي خرّبت الكثير من الدول العربية وفي مقدمتها سوريا، لتجسيد “ديمقراطية” على المقاس.
ويعتقد براهمية أن ثورات ما يسمى بالربيع العربي، تبخرت بسبب صمود الدولة السورية وشعبها، الذي وقف سدّا منيعا ضد مشروع تخريب الجمهوريات العربية، لأن البعض راهن على تفكيكها إلى مماليك متصارعة، وعليه بات من الضروري عودة سوريا إلى الساحة العربية من قمة الجامعة العربية بالجزائر.
وأشار الباحث في الشؤون السياسية، إلى أن زيارة لعمامرة للعراق ثم سوريا، يعكس مساعي الجزائر لإعادة التوازن إلى المنطقة العربية، نظرا لوزن الدولتين في التصور الدبلوماسي الرسين والهادئ الذي تنتهجه الجزائر خلال العامين الفارطين.
من جهته، قال صالح الشقباوي أستاذ الدراسات العليا بكلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة بودواو شرق العاصمة الجزائرية إن الجزائر تجتهد للم الشمل العربي، وإعادة سوريا إلى الجامعة العربية يندرج في هذا السياق، بعدما تم تحييدها ظلما وعدوانا من قبل بعض العواصم العربي في قمة بيروت، تحقيقا لأجندات غربية مشبوهة.
ودافع المتحدث عن حق الدولة السورية في التواجد بالجامعة العربية، من أجل لعب دورها التاريخي إقليميا، بتأييد من الجزائر التي تؤدي أدوراها بكل إيجابية لتوحيد الصف العربي، رغم ما تواجهه من معارضة لدى بعض العواصم المعروفة بتنفيذ ما يملى عليها من مخابر أجنبية.
وذكر بأن التحولات التي يشهدها العالم، تمهد لنظام عالمي متعدد الأقطاب، وهذا يخدم بعض العواصم العربية وفي مقدمتها الجزائر وسوريا لعلاقاتهما المتميزة مع القوى المرشحة لقيادة العالم قريبا كروسيا والصين، وبالتالي هزيمة المشروع الصهيو أمريكي في المنطقة.
ونبه الشقباوي، إلى تحركات الجزائر لبعث حركة عدم الانحياز وهي تلقى مساندة مطلقة من قبل سوريا والعراق وهما دولتان غير تابعتان، ويمكن للجزائر أن تقود الحركة بما تملكه من رصيد دبلوماسي وعلاقات متوازنة مع مختلف القوى العالمية ناهيك عن قوات جيشها الذي يحسب له ألف حساب من قبل الاعداء.
وأكد المحلل السياسي، أنه واثق من عودة سوريا إلى الجامعة العربية في قمة الجزائر شهر نوفمبر المقبل، وقد تترسم العودة قبلها في لقاء وزراء الخارجية العرب في القاهرة المصرية، بحكم وجود تنسيق ثنائي على كثير من الأصعدة بما فيها الاقتصادية.
وذكّر الشقباوي، بأن الجزائر تتحرك بكل ثقة لتسوية الملفات العربية والاقليمية وهي لا تخشى من العصى الأمريكية عكس بعض الدول العربية، وقد شاهد الجميع كيف تمكنت من الجمع بين محمود عباس واسماعيل هنية مؤخرا.
ويتصور أن الجزائر تصنع الحدث ولا تعيشه، ما يؤهلها إلى تشكيل محور عربي مقاوم للتطبيع وداعم لفلسطين وناصر للمظلومين في العالم.