أبرز أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، البروفيسور عبد الحق بن سعدي، أنه من المهم ألاّ ننظر إلى روسيا على أساس أنها بلد يُريد أن يعم الخير والاستقرار بعيداً عن مصالحه الاستراتيجية، فروسيا وهي وريثة الاتحاد السوفياتي، الذي عمل ما عمله في أفغانستان، وتسعى اليوم إلى تحقيق مصالحها بمختلف الطرق، وحتى وإن اقتضى الأمر أن تلجأ إلى
استخدام لغة القوة، وعليه فإنّ النظر إلى روسيا يجب أن يتم على أساس أنها دولة كباقي دول العالم التي تسعى إلى الحفاظ على مصالحها والدفاع عنها وتستخدم في ذلك شتى الطرق بما فيها استخدام القوة.
وفي هذا الصدد، أوضح البروفيسور بن سعدي، في تصريح لـ “الأيام نيوز”، أنّ دولة مالي اليوم تحوّلت إلى ميدان صراع كبير وكل الدول الكبرى تحاول أن تبقى في المنطقة أو تدخل إلى المنطقة بمختلف الأساليب والطرق، لذلك فمنطقة الساحل الآن هي محل الصراع بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وتركيا والصين، وحتى الجزائر، لأن الجزائر الآن هي مهددة في مصالحها، فبالرغم من علاقاتها القوية مع روسيا، إلا أنّ هذا لا يعني أن هناك حسابات متوافقة ومصالح مشتركة بين الجانبين.
في السياق ذاته، أشار محدثنا إلى أنّ روسيا في الوقت الراهن تقف إلى جانب أطراف معادية للجزائر، ففي ليبيا تقف إلى جانب حفتر، الذي هو في خصومة كبيرة مع الجزائر، كما تقف إلى جانب السلطة الانقلابية في مالي، هذه السلطة التي تعادي هي الأخرى الجزائر، إذن الآن حساب المصالح هو الذي يفرض منطقه، ومن هنا نجد أنّ روسيا دخلت في صراع مختلف، على اعتبار أنّ الوضع الدولي العام هو محل حراك كبير، وهناك تفاعلات كبيرة تحدث في محاولة لإيجاد مكان مؤثر في مستقبل هذا العالم، ولذلك ربما نعيش هذه التطورات وهذا اللااستقرار عبر مختلف بقاع العالم، لأن هناك حسابات جديدة وتوجهات جديدة ترسم معالم الخريطة الجيواستراتيجية للعالم.
إلى جانب ذلك، أفاد الخبير في السياسة أنّ روسيا الآن هي مساندة للقوة الانقلابية، ودخلت عن طريقها إلى مالي وهي الآن متواجدة في منطقة الساحل، وبما أنّ روسيا لديها طرف تقف إلى جانبه وتدعمه سواء ديبلوماسيا أو عن طريق السلاح، فالأكيد أن هناك أطرافاً معادية لها تقف خلفها، ولذلك فإنّ حضور أوكرانيا وموقفها الذي تسبب في توتر العلاقات مع مالي أدى إلى توتر علاقات مالي كذلك مع دول غربية أخرى، وهذا ما يشير إلى أن هناك تحالفا استراتيجيا غربيا يدافع عن مصالح دوله أينما كانت هذه المصالح.
وفي ختام حديثه لـ “الأيام نيوز”، أبرز الأستاذ في العلوم السياسية بجامعة الجزائر، أنّ منطقة الساحل ليست بعيدة عن أوروبا وليست بعيدة عن الولايات المتحدة الأمريكية ونتحدث هنا عن البعد الحيوي والمجال الحيوي الذي تريد السيطرة عليه، خاصة وأنّ منطقة الساحل هي منطقة غنية بالثروات النادرة وبإمكانيات باطنية هائلة، وبالتالي هي أنها محل أطماع للكثير من دول العالم، ومن الطبيعي أن نجد أن هناك أطرافاً تؤيدها روسيا وأطرافاً أخرى تعارضها وتحاربها أيضا.