تتمسك إسبانيا بموقفها الداعم للبعثة الأممية إلى الصحراء الغربية لإيجاد حل سياسي، دون أن تتحلى بالجرأة اللازمة للاعتراف بمسوؤليتها التاريخية في خلق النزاع الذي عمّر لعقود.
وزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسباني، خوسيه مانويل الباريس، استقبل، الجمعة الماضية، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية، ستافان دي ميستورا، بابتسامات عريضة مع إلحاح على ضرورة إيجاد حل سياسي ومقبول للنزاع في الصحراء الغربية.
ألباريس شدّد في تصريحات نقلتها وكالة “أوروبا برس”، عقب المباحثات التي جمعته مع دي ميستورا، “على ضرورة إيجاد حل سياسي ومقبول لطرفي النزاع، في إطار الأمم المتحدة”.
وأكد الوزير الإسباني أن التسوية باتت “ضرورة أخلاقية” لهذا النزاع الذي أصبح “أكثر من مجمد، بل منسيا”، وأضاف المصدر ذاته أن رئيس الدبلوماسية الإسبانية “جدد دعم إسبانيا للمساعي الحميدة التي يبذلها دي ميستورا لحث الأطراف على الجلوس للتفاوض على اتفاق”.
اختباء مدريد تحت عباءة الأمم المتحدة يبدو أنه لن يطول، مع تصاعد مطالب بالكشف عن حقائق تاريخية تتعلق بالفترة الاستعمارية لمنطقة شمال إفريقيا ومن بينها الأراضي الصحراوية.
وفي رده عن السياسات المنتهجة من قبل مدريد خلال السنوات الأخيرة، أكد ممثل جبهة البوليساريو بإسبانيا، عبد الله العرابي، أن “إسبانيا جزء من النزاع، وعليها أن تكون جزء من الحل. ولكن مع الأسف فإنها لا تحرك ساكنا من أجل التوصل الى حل. إنها تختفي دائما تحت مظلة الأمم المتحدة وتدعم مبادراتها، ولكن انطلاقا من مسؤولياتها السياسية والقانونية، وبما أنها تخلت عن الشعب الصحراوي، يتوجب عليها أن تتمسك بدور أكثر فاعلية”.
وحل المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية، الجمعة الماضية، بالعاصمة الإسبانية، بعدما اختتم جولته الأولى للمنطقة منذ توليه المهمة في نوفمبر الفارط.
ولدى وصوله إلى مدريد، استقبل دي ميستورا خارج مقر وزارة الخارجية والتعاون الإسبانية من قبل جمع يمثل هيئات المجتمع المدني والحركة التضامنية الإسبانية، رافعين شعار: “الحرية للصحراء الغربية” وأعلام الجمهورية الصحراوية.
وكان ألباريس قد أكد من قبل عن موقف بلاده من النزاع في الصحراء الغربية خلال لقائه الأخير بوزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، بواشنطن، والذي كشف فيه عن اتفاقه مع نظيره الأمريكي على توحيد الجهود من أجل إيجاد حل سياسي لهذا الملف، “الذي طال أمده، ولا يمكن أن يستمر لعقود أخرى”، كما قال.
ونهاية مارس 2021، دعا وزير الخارجية الجزائري، صبري بوقادوم، وقتها، إسبانيا إلى تحمل مسؤوليتها التاريخية في نزاع الصحراء الغربية، مؤكدا أنها لا يمكنها الاختباء وراء الأمم المتحدة لسنوات أخرى.
وقال بوقادوم في حوار مع جريدة “الباييس” الإسبانية على هامش زيارته إلى مدريد: تتحمل إسبانيا مسؤولية تاريخية، ولا يمكنها أن تختبئ وراء الأمم المتحدة.
وأوضح: هناك مسؤولية خاصة، يجب أن تتدخل.. أعلم أن الأمر معقد، لكن لا يمكننا أن نكون على هذا النحو لمدة 40 عامًا أخرى.
وحول المنتظر من إسبانيا كمستعمر سابق لأراضي الصحراء الغربية يقول بوقادوم: لست مضطرًا لإعطاء دروس لكن لا يمكن لإسبانيا التخلص من مسؤوليتها التاريخية ويجب أن يكون دورها أكثر وضوحا في هذا النزاع.
أما موقف المغرب، فجاء على لسان وزير خارجيتها، ناصر بوريطة، الذي رد على الدعوات الموجهة لإسبانيا لتحمل مسؤوليتها كمستعمر سابق لأراضي الصحراء الغربية، في خطوة تكشف انزعاج المخزن من وضع الحقيقة التاريخية للنزاع في الواجهة ومحاولة الاستفراد بالقضية.
وسئل بوريطة في حوار مع وكالة “إيفي” الإسبانية، في مايو/ أيار 2021، حول رأيه في مسؤولية إسبانيا التاريخية في نزاع الصحراء الغربية فقال: “هذه ذريعة لم تعد قائمة، بحجة أن إسبانيا استعمرت أيضًا أراضٍ مثل سيدي إفني أو المحمية الإسبانية في شمال المغرب”.
وشدد على أنه “لا يمكننا أن نظل أسرى للماضي الإسباني”.