منذ مايو/ أيار الماضي، بدأ الحديث في الساحة السياسية الجزائرية عن مبادرة جديدة للرئيس تبون اسمها “لم الشمل”، عبر مقال نشرته وكالة الأنباء الرسمية، قالت فيه إنه “يمد يده للجميع بصفته رئيسا جامعا“.
الأناضول
وساد ترقب لمضمون المبادرة بالتزامن مع شروع تبون في استقبال قادة أحزاب وشخصيات سياسية ومجتمعية دون الكشف عن مضمون المبادرة.
اتفق سياسيان جزائريان قابلتهما وكالة الأناضول، أن مبادرة “لم الشمل” التي أطلقها الرئيس عبد المجيد تبون رغم عدم الكشف عن مضمونها الكامل، هدفها معالجة تبعات أزمات شهدتها البلاد سابقا وتعزيز الصف الداخلي لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
الوحدة الوطنية
في 21 يوليو/ جويلية الماضي، أعلنت الحكومة الجزائرية في بيان، أن وزير العدل عبد الرشيد طبي، وبتوجيهات من الرئيس تبون، “قدم مشروعا تمهيديا لقانون يتضمن تدابير خاصة للمّ الشمل من أجل تعزيز الوحدة الوطنية، آخذا بعين الاعتبار التجربة خلال مختلف مراحل المصالحة الوطنية التي عرفتها بلادنا”.
ولم تكشف الحكومة عن تفاصيل المشروع الذي سيعرض لاحقا أمام البرلمان للتصويت عليه قبل دخوله حيز التنفيذ، وهي خطوة متوقعة في سبتمبر/أيلول المقبل، مع افتتاح الدورة البرلمانية السنوية الجديدة.
وتعليقا على هذه التطورات، قال الرئيس تبون في 31 يوليو/ جويلية، في مقابلة نقلها التلفزيون الرسمي، أن المبادرة “بدأت منذ سنة تقريبا (..) وستعني الجزائريين الذين تم تغليطهم والذين فهموا أخيرا بأن مستقبلهم مع بلادهم وليس مع السفارات الأجنبية”.
وأوضح أنها ستشمل أيضا أولئك الذين “ابتعدوا عن الركب نتيجة تعرضهم لسوء المعاملة”.
كما كشف أنها “ستكون امتدادا لقوانين الرحمة (1995) والوئام المدني (1999) والمصالحة الوطنية (2005) التي تم إقرارها سابقا لمعالجة المأساة الوطنية (أزمة التسعينيات)، غير أنها كانت محدودة في الوقت وآجال الاستفادة منها كانت ضيقة”.
ومطلع تسعينيات القرن الماضي اندلعت أزمة أمنية في الجزائر، أطلقت السلطات الجزائرية على إثرها، ثلاث مبادرات لإنهاء تلك الأزمة، هي قوانين الرحمة (1995) والوئام المدني (1999) والمصالحة الوطنية (2005)، مما ساهم في القضاء على الأزمة وعودة الأمن في البلاد.
المصالحة
وفي حديث للأناضول، قال البرلماني السابق عز الدين جرافة، إن “موضوع لم الشمل هو شعار مطروح على الساحة السياسية وهناك تفاعلات عديدة معه ولحد الآن لا توجد وثيقة تتحدث عن المضمون”.
وأضاف السياسي ذو التوجه الإسلامي: “لم الشمل أصبح حتمية سياسية واجتماعية في الجزائر بالنظر إلى التحديات التي أصبحت تحيط بالبلاد، سواء منها الداخلية أو الخارجية”.
واستطرد: “فالهدف الأسمى من لم الشمل أو المصالحة الوطنية وهي المعنى الأدق للمشروع هو ترميم الجبهة الداخلية”.
واعتبر أن هدف المبادرة هو “تمتين الجبهة الداخلية من أجل فسح المجال لتفجير كافة الطاقات لهدف واحد هو تحقيق نهضة حقيقية على كافة المستويات”.
السر في التنازلات
من جهته، أفاد جيلالي سفيان، رئيس حزب “جيل جديد”، بأن “فرص نجاح أي مبادرة سياسية تكمن في تهيئة الظروف والأجواء والإرادة من كل الأطراف”.
وقال للأناضول: “أظن وصلنا الآن إلى مرحلة أن كل الأطراف وهي السلطة من جهة والمعارضة بصفة عامة والمجتمع المدني من جهة أخرى لديهم رغبة بأن نخرج بالجزائر إلى بر الأمان”.
وتابع: “يبقى على كل طرف أن يقوم بتنازلات وجهد لتجاوز بعض العراقيل ونحن في حزب جيل جديد المعارض نسعى إلى تفاهم شامل لكي نكرس دولة القانون والديمقراطية في الممارسات السياسية”.
وختم بالقول: “حان الوقت لمعالجة هذه المخلفات بالحوار من أجل أن تخرج الجزائر من حالة التشنج والصدام إلى الحوار والذهاب نحو بناء دولة ومنظومة اقتصادية وتطوير البلاد وطي صفحات الماضي”..