لم يتأسّس بمرسوم بل انبعث من عمق الثورة التحريرية العظيمة.. ما سرّ تفرّد الجيش الجزائري عن باقي جيوش العالم؟

سيظلّ مبدأ السيادة الوطنية بالنسبة إلى الجزائر، “أحد المقومات الأساسية للدولة” و”خطا أحمر لا يسمح بتجاوزه بأي حال من الأحوال”، كما سيظلّ الجيش الوطني الشعبي في حالة استعداد تام لإحباط أيّ محاولة يراد بها المساس بأمن الجزائر وحرمة أراضيها.

هذا ما أكّدته مجلة الجيش في افتتاحية عددها لشهر فيفري 2024، تحت عنوان “سيادتنا أمانة لا تقدّر بثمن”، حين كتبت أنّ “مبدأ السيادة الوطنية” كان بالنسبة إلى “بلادنا وسيبقى دوما أحد المقومات الأساسية للدولة وخطا أحمر لا يُسمح بتجاوزه بأي حال من الأحوال، وتحت أي ظرف أو مسمى”، وذكّرت، في هذا الصدد، بأنّ الجزائر، التي دفعت الملايين من الشهداء ثمنا لاستعادة سيادتها،”تصرّ اليوم على صونها والدفاع عنها بكل ما أوتيت من قوة”.

وتوقفت الافتتاحية، عند المحطات الفارقة لمسيرة الجزائر خلال شهر فيفري، والتي “تترجم تمسّك رجالاتها المخلصين بسيادتنا الوطنية، على غرار اليوم الوطني للشهيد المصادف لـ 18 من هذا الشهر، وهو اليوم الذي “يخلّد تضحيات شهدائنا الأبرار المحفوظة إلى الأبد في ذاكرة الأمة ومناسبة تحثّنا على ضرورة صون ما تحقّق من مكاسب ثمينة على خطى بناء الدولة الجزائرية على أسس قوية”.

كما تعدّ هذه الذكرى أيضا – تضيف مجلة الجيش في افتتاحيتها – سانحة للتذكير بحرص الجزائر الشديد على “تعزيز سيادتها واستقلالها والحفاظ على المصلحة العليا للوطن في كل الظروف”، وهو ما أكده رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في رسالته السنة الفارطة، حين شدّد على أنّ الاحتفاء بها يأتي “من أجل أن يبقى الانتماء الوطني متجذّرا ويظلّ الوفاء للشهداء رابطة وطنية مقدّسة تحصّن تماسك نسيجنا الاجتماعي أمام من يركبون موجة الإساءة لبلادنا ويتورطون في تكرار تجاوزاتهم وانزلاقاتهم الرامية إلى التشويش على المسار الذي باشرناه لبعث تنمية وطنية مستدامة في جزائر جديدة واعدة”.

وانطلاقا من قرار الشعب الجزائري، تغيير مسار التاريخ، حين “أخذ مصيره بيده وانطلق في تنمية البلاد على كل الأصعدة بغرض بناء جزائر قوية”، اعتبرت الافتتاحية أنّه “كان منطقيا أن تسترجع بلادنا سيادتها على مقدراتها الوطنية وأراضيها ومياهها وأجوائها كاملة غير منقوصة”، في إشارة منها إلى القرار السيادي للجزائر باسترجاع القاعدة البحرية “المرسى الكبير” في 2 فيفري 1968، وهو ما يعتبر “خطوة تاريخية ومكسبا وطنيا كبيرا”، بالنظر إلى أهميتها الإستراتيجية.

رؤية استباقية

ومنذ ذلك الحين – تتابع الافتتاحية – “حقّقت قواتنا البحرية على غرار كل مكوّنات الجيش الوطني الشعبي، إنجازات معتبرة على نهج التطوّر والعصرنة، لا سيما في السنوات الأخيرة، في ظلّ العناية البالغة التي أولتها إياها القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي”، وهو ما “ينسجم تماما مع الخطة الطموحة للرقي بأسطولنا البحري، بما يسهم في الرفع من قدراتنا الدفاعية وتعزيز قوام المعركة للجيش الوطني الشعبي”.

وعلى النهج ذاته، وفي رؤية “استباقية ومتبصرة”- تضيف الافتتاحية – جاء إعلان الجزائر يوم 24 فيفري 1971 بتأميم المحروقات واسترداد مكتسباتها النفطية الوطنية، ليواصل قطاع الطاقة والمناجم اليوم، وضع إستراتيجية لتطوير مختلف مجالاته، لا سيما من خلال “تكثيف جهود البحث والاستكشاف” و”استحداث نموذج طاقوي وطني يمكّن من إرساء رؤية استشرافية شاملة بما في ذلك ما تعلّق بالانتقال الطاقوي”.

وفي هذا الصدد، أشارت المجلة إلى أنّه و”مسايرة لحرص السلطات العليا لبلادنا على تطوير قطاع الطاقة، يواصل الجيش الوطني الشعبي بكل اقتدار من خلال وحداته الاضطلاع بدور حيوي في مجال التأمين الشامل للمنشآت الطاقوية المختلفة”، مبرزة استعداده التام لـ”إحباط أيّ محاولة يراد بها المساس بأمن بلادنا وسيادتنا الوطنية وحرمة أراضينا”.

وخلصت مجلة الجيش، إلى التشديد على أنّ الجيش الوطني الشعبي “يستمد قوته، وهو يؤدي مهامه النبيلة على جبهات عدة، من العلاقة الوجدانية الوطيدة والعميقة التي تربطه بالشعب الجزائري”، مذكّرة بأنه وخلافا لبقية جيوش العالم، “لم يتأسس بمرسوم، وإنما ولد في معاقل ثورة تحرير عظيمة تعدّ مثالا للشعوب التواقة للحرية والاستقلال”.

وختمت المجلة، افتتاحيتها بالتأكيد على أنه “ما من شكّ أنّ الإنجازات المعتبرة التي ما فتئت تحقّقها قواتنا المسلحة على جميع المستويات، إنما جاءت بفضل التلاحم الوثيق بين الشعب وجيشه، الذي تعزّز بترسيم رئيس الجمهورية يوم 22 فيفري يوما وطنيا للأخوة والتلاحم بين الشعب وجيشه من أجل الديمقراطية”.

حميد سعدون

حميد سعدون

اقرأ أيضا