لنهب ثروات الصحراء الغربية.. كيف يستخدم الاحتلال المغربي قفّاز “الغسيل الأخضر”؟

يستغلّ نظام المخزن المغربي “الحجّة البيئية” بشكل مضلّل لتحسين صورته على الساحة الدولية، ويلجأ المغرب – الذي يحتل 70% من أراضي الجمهورية العربية الصحراوية – إلى إظهار اهتمامه بمجال الطاقة المتجدّدة للتغطية على جرائمه في نهب ثروات الشعب الصحراوي، وتسليمها بطرق تتعارض مع مبادئ الشرعية الدولية إلى شركات أجنبية.

أكّد مركز الدراسات والتوثيق الصحراوي – الفرنسي، أنّ الاحتلال المغربي يختبئ وراء مفهوم الطاقة المتجدّدة بهدف توريط الشركات الأجنبية في نهب ثروات الشعب الصحراوي وخداع الرأي العام الدولي بخصوص ممارساته غير المشروعة في الإقليم المحتل. وأكّد المركز على أنّ المخزن يسعى إلى استخدام “الحجّة البيئية” بطريقة مضلّلة بهدف تحسين صورته وهو المحتل غير الشرعي الذي يستولي على ما يصل إلى 70% من أراضي الجمهورية العربية الصحراوية.

وسلّط المركز الإستراتيجي، في تقريره لعام 2024، الضوء على الوضع القانوني للشركات الأجنبية المتواجدة في الجزء المحتل من الصحراء الغربية، والتي تواصل أنشطتها الاقتصادية “غير القانونية” و”غير الأخلاقية “، رغم أنّ الأمم المتحدة تصنّف هذا الإقليم ضمن الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي في انتظار إنهاء الاستعمار منه عبر تنظيم استفتاء تقرير المصير.

وأشار التقرير إلى أنّ الوضع القانوني للإقليم المحتل يثير “مخاوف كبيرة” لدى الشركات، لأنّه “يتعارض مع مبادئ المسؤولية الاجتماعية للشركات ويشكّل انتهاكا صارخا للقوانين الدولية”، مذكّرا بأنّ “كل المواثيق والعديد من القرارات القضائية (الأوروبية والإفريقية) تؤكّد على عدم شرعية استغلال ثروات الصحراء الغربية دون موافقة الشعب الصحراوي من خلال ممثله الوحيد: جبهة البوليساريو”.

كما ذكر المركز بأنّ المخزن الذي يشتهر بممارسة دبلوماسية ترتكز على الفساد (ماروك غايت)، يستخدم هذه الورقة القذرة في “جذب شركات أجنبية للاستثمار في الأراضي الصحراوية المحتلة، بما فيه شركات صهيونية عديدة تمارس أنشطة غير قانونية في الصحراء الغربية”.

وأوضح المركز ذاته، أنّ الاحتلال المغربي يستخدم “الغسيل الأخضر” ويستغلّ الصناديق المالية الدولية المتعلّقة بالمناخ لتعزيز احتلاله للصحراء الغربية، مشيرا إلى أنّ الجمهورية الصحراوية الديمقراطية لم تتلق أيّ تمويل خاص بالمناخ.

وفي المقابل – يضيف التقرير – “حصل المغرب في ماي 2022 على موافقة البنك الدولي على منحه قرضا بقيمة 350 مليون دولار تهدف إلى دعم تمويل برنامج (الاقتصاد الأزرق) والمساهمة في نموّه الاقتصادي من خلال الاستفادة من الموارد الساحلية وبناء إرادة على الصمود في وجه تغيّر المناخ”، منبّها إلى أنّ “معظم الأنشطة الاقتصادية المستهدفة في هذا البرنامج موجّهة إلى المزيد من استغلال الموارد البحرية في الأراضي الصحراوية المحتلة”.

وأبرز المركز الحقوقي أنّ استخدام الاحتلال المغربي لأسلوب “الغسيل الأخضر” يفضح المفارقة المتمثلة في أنّ المشاريع التي من المفترض أنّها تركّز على التنمية المستدامة والطاقة المتجدّدة تستخدم لتبرير وتعزيز احتلاله للصحراء الغربية.

إلى جانب ذلك – يضيف المركز – فإنّ “تمويل هذه المشاريع من قبل صناديق المساعدات الدولية يسلّط الضوء على ضرورة زيادة اليقظة فيما يتعلّق بكيفية استخدام هذه الأموال وكيفية تنفيذ المشاريع فعليا على أرض على الواقع”. كما يسلّط الضوء – بحسبه – على “أهمية الشفافية والمساءلة والرقابة الدولية لضمان امتثال الشركات للمعايير الأخلاقية ومبادئ القانون الدولي، رغم أنّ هذه الآلية الدولية يفترض أنّها تستخدم بشكل متّسق مع الأهداف المعلنة للتنمية المستدامة”. وتطرّق التقرير الحقوقي أيضا إلى الأهمية الاقتصادية للإقليم المحتل والتي تحول دون تصفية الاستعمار منه، وعلى رأسها قطاع الصيد البحري.

وأبرز في السياق أنّ “إسبانيا، القوة الاستعمارية السابقة للصحراء الغربية، تنهب بصورة أكبر الموارد الصيدية للشعب الصحراوي أكثر من البلدان الأخرى، وهو ما يفسّر معارضتها لقرارات المحكمة الأوروبية، في ما يتعلّق بالاتفاقيات غير القانونية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب في مجال الصيد البحري، رغم أنّه تمّ اتخاذ قرارات متكرّرة تؤكّد أنّ استغلال الموارد الصيدية للصحراء الغربية دون موافقة الشعب الصحراوي هو ممارسة غير قانونية”.

ونبّه التقرير إلى أنّه وفي “غياب إجراءات عملية من قبل هيئة الأمم المتحدة أو المجتمع الدولي، الذي من المفروض أن يدافع عن القانون الدولي، فإنّ المجتمع المدني يلعب دورا هاما في هذا المجال، إذ يمكن أن يساعد في رفع مستوى الوعي وإدانة مثل هذه الممارسات، باعتماد إستراتيجيات مماثلة لتلك المستخدمة أثناء مقاطعة النظام القديم للفصل العنصري في جنوب إفريقيا أو في حركة المقاطعة ضدّ الاحتلال الصهيوني”.

وشدّد في هذا الإطار، على أنّه “يتوجّب على كلّ شركة أن تتحمّل مسؤولية احترام المعايير الدولية، وخاصة في سياقات مثل الصحراء الغربية، حيث تكون الأسانيد السياسية والقانونية أكثر من كافية”.

وخلص تقرير مركز الدراسات والتوثيق الصحراوي – الفرنسي، إلى أنّه “من الضروري أيضا أن تتّخذ الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، العضو المؤسّس للاتحاد الإفريقي، إجراءات ميدانية لمنع التنقيب ومنع نظام المخزن من تعزيز احتلاله للصحراء الغربية ومواصلة إعاقة عملية تصفية الاستعمار”، مشيرا إلى أنّ المغرب أطلق عمليات استكشاف في الأراضي الصحراوية المحتلة للتنقيب عن الذهب والمعادن النادرة مثل اليورانيوم، بمساعدة شركات كندية أساسا (تمثّل 34% من الشركات في هذا القطاع).

حميد سعدون

حميد سعدون

اقرأ أيضا