دعا الاتحاد الأوروبي إلى الرد بقسوة على العنف الذي استخدمته قوات الأمن المغربية على حدود دولية بعد الهجوم الدموي على المهاجرين الذين حاولوا العبور إلى مدينة مليلية الإسبانية يوم الجمعة الماضي، والذي أسفر عن مقتل 23 شخصا على الأقل.
وأعربت مفوضة الشؤون الداخلية للاتحاد الأوروبي، إيلفا جوهانسون، عن قلقها إزاء الهجوم الدموي من قبل قوات الأمن المغربية على المهاجرين، داعية إلى ضرورة الرد بقسوة على هذا النوع من العنف الذي استخدم على حدود دولية.
واعتبرت إيلفا جوهانسون في تغريدة على “تويتر”، الأحداث المأساوية التي شهدتها حدود مليلية “مقلقة للغاية بسبب الخسائر في الأرواح البشرية”.
وبالنسبة لمفوضة الشؤون الداخلية، “هذه المأساة تسلط الضوء على الأسباب التي تجعلنا بحاجة إلى إيجاد طرق آمنة وواقعية وطويلة الأمد للتقليل من الهجرة غير النظامية الموجهة للفشل”.
وكانت مفوضة الداخلية للاتحاد الاوروبي قد حذرت من قبل، من تساهل المغرب في تمرير المهاجرين غير النظاميين من حدوده مع مدينتي سبتة ومليلية، قائلة في هذا الشأن إن “الحدود مع سبتة هي أيضا حدود مع الاتحاد الأوروبي”، وحثت الرباط على الامتثال لالتزاماتها بضبط مرور المهاجرين غير الشرعيين وكبح “الوصول غير المسبوق للمهاجرين المغاربة” إلى المدينتين المتمتعتين بالحكم الذاتي.
وتضاربت الأنباء عن العدد الحقيقي للقتلى في هذه المجزرة المروعة، فبينما تحدثت صحيفة “إلموندو” الإسبانية عن 27 قتيلا وحوالي 200 جريح، أكدت صحيفة “لارازون” الإسبانية أن العدد الحقيقي للضحايا هو 45 بين المهاجرين الأفارقة.
وذكرت المصادر الإسبانية أن الجريمة وقعت بعد اندلاع اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن المغربية والمهاجرين العزل، استمرت أكثر من نصف ساعة، استخدم فيها الأمن قدرا هائلا من القسوة والوحشية لم يسبق لها مثيل.
وكانت قوات الأمن المغربية قد استعدت بشكل لافت لتنفيذ جريمتها هذه في حق المهاجرين الأفارقة، بعد استقدام قوات إضافية كبيرة من منطقة الناظور، إلى جانب حضور قادة أمنيين كبار.
وبعد الاشتباكات، قامت قوات الأمن المغربية بتقييد وتكديس المهاجرين على الأرض في شوارع “الحي الصيني” في مدينة الناظور، في صور انتشرت في جميع أنحاء العالم و أثارت اشمئزازا دوليا.
وكان الإتحاد الإفريقي قد طالب بفتح تحقيق فوري في مقتل مهاجرين أفارقة من قبل قوات الأمن المغربية خلال محاولتهم العبور نحو جيب مليلة الإسباني.
وقال رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقي، وفق ما جاء في بيان نشر على الموقع الالكتروني للاتحاد الإفريقي: “أعبر عن صدمتي العميقة وقلقي إزاء المعاملة العنيفة والمهينة التي تعرض لها المهاجرون الأفارقة الذين حاولوا عبور الحدود الدولية من المغرب إلى إسبانيا، والعنف الذي أعقب ذلك والذي أدى إلى مقتل 23 شخصا وإصابة عدد آخر”.
وأضاف فقي قائلا: “أدعو لفتح تحقيق فوري وأذكر جميع الدول بالتزاماتها بموجب القانون الدولي الذي يضمن معاملة جميع المهاجرين بكرامة، وإعطاء الأولوية لسلامتهم وحقوقهم الإنسانية، مع الابتعاد عن استخدام القوة المفرطة”.
وكانت السلطات المغربية، قد أعلنت أول أمس السبت، عن مقتل 23 مهاجرا إفريقيا وإصابة العشرات بجروح، خلال محاولة هجرة غير شرعية لاجتياز جيب مليلية الاسباني.
وأظهرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (فرع الناظور) على صفحتها على “فايسبوك” فيديوهات صادمة تنقل تدخل الشرطة المغربية بقسوة واستخدامها القوة المفرطة وبصورة غير متكافئة ضد المهاجرين، كما وثقت الفيديوهات جثث المهاجرين المكدسة فوق بعضها البعض، وقالت إن عشرات المهاجرين المصابين بجروح خطيرة تركوا دون أي مساعدة لمدة 9 ساعات تقريبا، محاطين بالقوات العمومية في وقت كانوا في حاجة ماسة إلى رجال إنقاذ وسيارات إسعاف أو مسعفين في الموقع.
وطالبت العديد من المنظمات والأطراف السياسية في المغرب وإسبانيا، بفتح تحقيق مستقل، في “كارثة” مقتل المهاجرين الأفارقة، والتي لم يشهد التاريخ مثيلا لها بالمغرب.
وفي هذا الإطار، دعا فرع الجمعية المغربية في الناظور إلى فتح “تحقيق جاد لتحديد ملابسات هذه الخسائر الفادحة” التي تدل على أن “سياسات الهجرة المتبعة مميتة، بحدود وحواجز تقتل”.
وحذّرت الجمعية من أي محاولة لدفن المهاجرين غير النظاميين من دول جنوب الصحراء، الذين لقوا حتفهم، بسرعة دون فتح تحقيق قضائي سريع وشامل وجاد. كما دعت الى تحديد المسؤوليات وأوجه القصور التي كانت وراء “الخسائر الفادحة”، بما في ذلك تحديد هوية هؤلاء المهاجرين الضحايا، وإبلاغ عائلاتهم بمصيرهم.
واعتبرت أن إهمال السلطات المغربية والاسبانية للمهاجرين “أدى بلا شك إلى زيادة عدد الوفيات”، مستنكرة ما سمته “العنف المجاني” ضد الجرحى من المهاجرين الموجودين على الأرض، مكدسين أمام الجثث، قائلة إن هذه “الانتهاكات الجسيمة” تتطلب فتح تحقيق لتحديد المسؤولية.
من جهتها، طالبت منظمة “كاميناندو فرونتيراس” غير الحكومية المتخصصة في الهجرة بين إفريقيا وإسبانيا، في بيان لها، ب “فتح تحقيق قضائي مستقل على الفور من الجانبين المغربي والإسباني، وكذلك على المستوى الدولي لإلقاء الضوء على هذه المأساة الإنسانية”.
من جانبه، شجب ادواردو دي كاسترو، رئيس مليلية، تعامل المغرب “غير المناسب” مع المهاجرين الأفارقة”، مضيفا أن “المغرب يسمح لنفسه القيام بأشياء معينة لن تكون مقبولة” في إسبانيا.
وفي سياق متصل، كتبت عضو في البرلمان الأوروبي من حزب اليسار الراديكالي “بوديموس”، عبر حسابها الشخصي “تويتر”: “التحقيق ضروري لتوضيح الحقائق وتحديد المسؤوليات”.