يعاني سكان قطاع غزة المحاصر صهيونيا ـ منذ أكثر من 15 عاماً ـ من أزمة في الطاقة والكهرباء بشكل مستمر.
أظهر استطلاع أجرته اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أن 66.2 في المائة من الشباب يعتقدون أنهم لن يشهدوا يوما كاملا من الإمداد بالكهرباء، وفي هذا الصدد تقول «سمية حسين»، التي تعيش في مخيّم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة، أنه “ما إن تحلّ ساعات المساء حتى يعمّ الظلام منزلها بسبب الانقطاع المستمر للكهرباء”.
وأضافت «حسين»، وهي أم لـ5 أطفال في تصريح لـ«الأيام نيوز»، “نعاني منذ أكثر من 15 عاما من هذه المشكلة، ولا يبدو أن هناك حل قريب في الأفق”.
وأوضحت «حسين» التي تعيش في منزل سقفه من «الأسبست»، بينما العرق يتصبّب من جبينها بسبب ارتفاع درجات الحرارة خلال هذا الوقت من العام: “في الليل يصبح الوضع سيئا داخل المنزل بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وعدم وجود مصدر للطاقة”.
ولفتت «حسين» أن معظم أبنائها وأكبرهم 13 عاماً، لم يشهدوا يوما كاملا من الكهرباء، مشيرة إلى أن هذه أزمة شهدها “جيل كامل” في القطاع.
ويعتمد قطاع غزة، الذي يعيش فيه أكثر من مليوني شخص في الأساس على إمدادات الطاقة من مصدرين رئيسين هما محطة توليد الكهرباء، وكميات الطاقة التي يتم شراؤها من الكيان المحتل، وتصل ساعات تشغيل الكهرباء في غزة ما بين 6 إلى 8 ساعات يومياً، مقابل ما يقرب من عشر ساعات قطع.
ولا يختلف الحال كثيرا لدى «هاشم الحرازين» (55 عاماً)، الذي يمتلك مصنعا للمواد الغذائية، فقد قال لـ«الأيام نيوز»، “الكهرباء عنصر أساسي في أي صناعة في العالم وليس فقط في قطاع غزة”.
وأضاف «الحرازين»: “بسبب استمرار انقطاع الكهرباء، نعتمد على شراء الكهرباء من مولدات الطاقة الخارجية، الأمر الذي يزيد من تكلفة الإنتاج، وبالتالي زيادة أسعار المنتجات على المستهلك”.
وعادة ما يعتمد قطاع غزة، الذي يعاني سكانه من معدلات بطالة مرتفعة على الشموع والمصابيح عند انقطاع الكهرباء ليلا، الأمر الذي يسبّب خطرا على حياتهم.
وقال المتحدث باسم شركة الكهرباء في غزة، «محمد ثابت»، إن وضع الكهرباء في قطاع غزة يشهد استقرارا نسبيا، نظراً لانحصار موجة الحرارة الشديدة، وبالتالي اتجه الجدول إلى التحسّن تدريجياً.
وأضاف «ثابت»، أن التحسّن النسبي في جدول الكهرباء مرتبط بانخفاض الطلب على الطاقة، لافتاً إلى استمرار نسبة العجز، موضّحا أن الجدول الحالي لتوزيع الكهرباء في قطاع غزة، هو ثمانية ساعات وصل مع نسبة عجز تسجّل في المحافظات لمدة ساعتين تقريباً.
واستدرك «ثابت» يقول: “الأسبوع القادم، سيتم العمل بجدول ثمانية ساعات وصل، دون انقطاع الكهرباء لمدة ساعتين، بالتزامن مع عزوف المواطنين عن استخدام أجهزة التبريد والتكييف نظراً لانخفاض درجات الحرارة”.
وأكّد على وجود عجز دائم في الكهرباء بقطاع غزة، يصل إلى نسبة 50% نظراً لاحتياجات القطاع لـ500 ميغا واط في الأشهر المعتدلة، وتزيد عن 600 ميغا واط في ذروة فصل الشتاء أو الصيف، وأشار «ثابت» إلى أن السبب الرئيسي في العجز بقطاع غزة، عدم توفّر الكهرباء من مصادرها الأساسية بشكل يلبي الحاجة الفعلية للمواطنين على مدار الساعة.
ولفت إلى أن المتوفّر حالياً لدى شركة الكهرباء، 180 ميغا واط، وتعتبر من أحسن الظروف التي يعيشها القطاع نظراً للفترات السابقة، مشيراً إلى أن المطلوب حالياً توفّر 500 ميغا واط لاستقبال فصل الشتاء دون أزمات متكرّرة، وتطرق «ثابت» إلى التحديات المتعدّدة التي تواجه شركة الكهرباء، وعلى رأسها ندرة الكهرباء في قطاع غزة، لعدم توفّرها من مصادرها الأساسية بالشكل الذي يلبي احتياجات الأعداد السكانية.
وأكمل يقول إن: “التحدي المالي لشركة الكهرباء، يجعلها عاجزة تماماً عن توفيرها بالشكل المطلوب لتطوير منظومة عملها، بسبب الحصار الصهيوني المستمر على قطاع غزة”.
وذكر «ثابت» أن الحصار الصهيوني على قطاع غزة، تسبّب في تدنّي قدرة المواطنين على الدفع والالتزام مع شركة توزيع الكهرباء مقابل استهلاكهم للطاقة، في ظل ارتفاع نسبة البطالة والفقر في المنطقة، ما أثّر بشكل مباشر على الموارد في الشركة.
ونوّه إلى اعتداءات الاحتلال الصهيوني المتكرّرة على أبناء الشعب الفلسطيني، وطالت الاعتداءات البنية التحتية ومن بينها شبكات الكهرباء، والمكوّنات الخاصة بها، في ظل عدم قدرة الشركة على تعويض تلك الخسائر.
وطالب «ثابت» بتنفيذ مشاريع استراتيجية من شأنها جلب كميات كهرباء تكفي حاجة القطاع، مثل ربط كهرباء غزة مع منظومة الكهرباء المصرية أو ما يطلق عليه بـ(الربط الثماني العربي)، وتوسعة محطة التوليد وجلب مولدات جديدة لتشغيلها على الغاز الطبيعي بدلاً من الديزل، وتشجيع المشاريع الخاصة مثل حرق النفايات والطاقة الشمسية وغيرها من المشاريع لإنتاج الطاقة في القطاع.