مؤامرة دولية وراء احتلال الصحراء والمخزن ينفذ الأجندة

لا يمكن لأحد أن ينكر أن بلدنا يعاني من تهديدات استراتيجية كبيرة، يمكن، إن لم يتم احتواؤها، أن تقوض سلامته الإقليمية واستقراره. وهناك مؤامرة واسعة ومخادعة تدور رحاها ضد الجزائر، بهدف تحييدها وثنيها عن دعم القضايا العادلة في العالم، من بينها القضية الفلسطينية والصحراوية.

المخزن والإمارات العربية المتحدة هما المتعاقدان الرسميان من الباطن لهذه المؤامرة، بدعم في اللحظة الأخيرة من جماعة حفتر الإرهابية، وبعض الدول الإفريقية المجاورة مثل مالي والنيجر.

ويتحمل القادة الجزائريون مسؤولية جسيمة وثقيلة، في إحباط هذه المناورات التخريبية، عبر تبني موقف صارم من قضية الصحراء الغربية، وتحديث موقف الدولة الجزائرية بما يتناسب مع السياق الدولي الجديد.

ومن الواضح أن الدول الغربية الإمبريالية لم تتوقف عن إثارة الصراعات في المنطقة “بخبث”، مستعملة وسائل لوجستية هامة لإفشال هذا المشروع النبيل، الذي يهدف إلى تحرير الشعوب المغاربية من براثن السياسة الضيقة والشوفينية المغلقة.

يتفق الجميع على أن القضية الصحراوية هي قضية تصفية استعمار تتولاها الأمم المتحدة، وأن تسويتها تعتمد على تنظيم استفتاء لتقرير المصير، وهو أمر يعرقله النظام المغربي ومؤيدوه.

وعلى الرغم من أنه من المقبول عمومًا أن الجزائر لن تتخلى أبدًا عن موقفها الراسخ، المتمثل في دعمها غير المشروط لمبدأ تقرير المصير للشعب الصحراوي، إلا أنها تواصل جهودها الدبلوماسية في تشجيع طرفي النزاع، أي المغرب وجبهة البوليساريو، على التفاوض من أجل التوصل إلى حل سياسي سلمي لهذه الأزمة، وفق قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

هل يمكن التوصل إلى حل سياسي للصراع؟

من خلال الحوار الصريح والتسويات المتبادلة، يمكن إحباط المؤامرة التي تحيكها بعض القوى الغربية، بالتواطؤ النشط من الكيان الصهيوني وبعض الدول العربية المتآمرة.

وهذا من أجل المصلحة العليا لشعوب المغرب العربي، التي تتطلع إلى العيش في أمن واستقرار وازدهار مشترك.

هل من الممكن التوصل إلى حل سلمي عن طريق التفاوض لنزاع الصحراء الغربية؟ نعم، ولا شك في ذلك.

بالعودة إلى التاريخ، يتضح زيف الادعاء المخزني بمغربية الصحراء. فوفقًا لوثائق كشفت عنها الصحافة الإسبانية، فإن المسيرة الخضراء، التي قادها الملك الحسن الثاني في 6 نوفمبر 1975، كانت في الواقع من بنات أفكار وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر.

في 14 نوفمبر، أنهت الحكومة الإسبانية استعمار الصحراء عبر تقسيمها بين المغرب وموريتانيا. وبعد ستة أيام فقط، في 20 نوفمبر، تم الإعلان عن وفاة الجنرال فرانسيسكو فرانكو، ليمنح الأمير خوان كارلوس، الذي خلفه كملك لإسبانيا في 22 نوفمبر، موافقته على الصفقة، عبر وكالة المخابرات المركزية (CIA)، فيما وُصف بأنه “خيانة عظمى”، خوفًا من تحول النظام الإسباني بعد وفاة فرانكو نحو الاتحاد السوفياتي.

قبل ذلك بفترة وجيزة، اتصلت وكالة المخابرات المركزية (CIA) بحزب العمال الاشتراكي الإسباني، وتعهدت بدعمه شريطة أن تحتفظ إسبانيا بقواعد الناتو على أراضيها، بما في ذلك الصحراء الإسبانية.

لكن القادة التاريخيين للحزب رفضوا هذه “المساعدة”، مما دفع الاستخبارات الأمريكية إلى الدفع بانتخاب العميل فيليبي غونزاليس أمينًا عامًا للحزب.

كما شاركت فرنسا والمملكة العربية السعودية في هذه المؤامرة، لضمان نجاح المخطط الرامي إلى تسليم الصحراء للمخزن.

محكمة العدل الدولية تكشف زيف الادعاء المغربي

طلب الملك الحسن الثاني من محكمة العدل الدولية الفصل في مسألة السيادة على الصحراء الغربية.

وفي حين اعترفت المحكمة بوجود روابط تاريخية بين القبائل الصحراوية والمغرب، شددت على أن الأمر يعود للسكان أنفسهم لتقرير مصيرهم عبر استفتاء حر، وفقًا لمبدأ تقرير المصير.

لكن الحسن الثاني، مدعومًا بالمخابرات الأمريكية والغِطاء الدبلوماسي الغربي، قرر تحدي رأي محكمة العدل الدولية، وحشد الجماهير في “المسيرة الخضراء”.

وزعم أن فرنسا تعترف بسيادة المغرب على الأراضي التي كانت تحت الاحتلال الإسباني.

المسيرة الخضراء.. تكتيك سياسي بغطاء عسكري

شارك في المسيرة حوالي 350 ألف مغربي، في حين تمركز حوالي 20 ألف جندي مغربي على الحدود مع الجزائر، لمنع أي تدخل محتمل من جانبها.

وبذلك، أنهت إسبانيا وجودها الاستعماري في الصحراء الغربية، ليقوم المغرب وموريتانيا فورًا باحتلالها، في انتهاك واضح للقانون الدولي.

قبل الانسحاب الإسباني من الصحراء الغربية، اعترفت الجمعية العامة للأمم المتحدة بفتوى صادرة عن محكمة العدل الدولية في لاهاي، أكدت فيها حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، الذي يجب ممارسته عبر استفتاء حر.

لكن هذا الاستفتاء لم يُجرَ قط، حيث توقف أولًا بسبب النزاع المسلح، ثم منذ عام 1991 نتيجة التوترات المستمرة بين المغرب وجبهة البوليساريو.

في الوقت الذي يدّعي فيه المغرب أنه “يستعيد” أراضيه التي احتلها الاستعمار الإسباني، ترى جبهة البوليساريو أن الوجود المغربي في الصحراء الغربية ليس إلا غزوًا جديدًا، في استمرار لنضالها التحرري ضد الاحتلال.

موقف الأمم المتحدة والقانون الدولي

لا تعترف الأمم المتحدة بمطالب المغرب بالسيادة على الصحراء الغربية، وتعتبرها إقليمًا غير متمتع بالحكم الذاتي، استنادًا إلى حكم محكمة العدل الدولية الصادر عام 1975، الذي أثبت أنه لا المغرب ولا موريتانيا لديهما مطالبات تاريخية مشروعة بالمنطقة.

اعتبارًا من عام 2022، اعترفت 47 دولة عضو في الأمم المتحدة باستقلال الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، بينما لم تعترف بها الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي.

 الاتحاد الإفريقي والصحراء الغربية

يعترف الاتحاد الإفريقي، الذي يضم 55 دولة، بالجمهورية الصحراوية الديمقراطية كعضو رسمي.

وقد أدى هذا الاعتراف في عام 1984 إلى انسحاب المغرب من المنظمة الإفريقية، قبل أن يعود للانضمام إليها في 2017، بعد 33 عامًا من المقاطعة.

في عام 2020، شن الجيش المغربي حملة قمعية ضد احتجاج مدني صحراوي كبير، مما دفع جبهة البوليساريو إلى إعلان عدم التزامها ببنود خطة الأمم المتحدة، متهمة المغرب بانتهاك معاهدات وقف إطلاق النار.

وتبقى قضية الصحراء الغربية نقطة رئيسية في الصراع بين المغرب والجزائر، الذي يمتد لعقود، ويعود جذوره إلى نزاعات حدودية طويلة الأمد.

وقد تصاعدت التوترات بشكل كبير بعد تطبيع المغرب علاقاته مع “إسرائيل” عام 2020، مقابل اعتراف الولايات المتحدة بسيادته المزعومة بالصحراء الغربية، وهو ما دفع الجزائر إلى قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط في عام 2021.

حميد شيالي - كاتب

حميد شيالي - كاتب

اقرأ أيضا

آخر الأخبار
اليونيسف: المشاهد والتقارير القادمة من غزة تفوق حدود الرعب القضاء الفرنسي يرفض تسليم بوشوارب للجزائر.. هل تتصاعد الأزمة؟ وزير الداخلية التونسي يزور مديرية إنتاج السندات والوثائق المؤمنة بالحميز انتشار "الجراد الصحراوي" يُهدّد 14 ولاية.. وهذه المناطق المعنية الجزائر تُروّج لمنتجاتها الغذائية في صالون لندن الدولي من الهاغاناه إلى "الجيش الإسرائيلي".. قرنٌ من التآمر على فلسطين! تقييم جهود البحث والإنقاذ البحري.. نحو استجابة أكثر فاعلية الجزائر تُندّد بجرائم الاحتلال في غزة وتدين صمت مجلس الأمن تراجع طفيف في أسعار النفط وسط احتمالات إنهاء الحرب بأوكرانيا نضال دبلوماسي لكسر العزلة.. الحقيقة الصحراوية تتحدّى التزييف المغربي خطوة نحو الاكتفاء الذاتي.. قطع غيار جزائرية في قلب صناعة السيارات فرنسا تفقد صوابها.. الجزائر تُحطم شراهة النفوذ البائد! نحو إعداد مشروع لتعديل أو استكمال القانون الأساسي لموظفي قطاع التربية الجزائر تدحض الادعاءات الفرنسية بشأن ترحيل رعاياها وتكشف تجاوزات باريس الجزائر تستنكر بشدة خرق الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة الرئيس تبون يستقبل وزير الداخلية التونسي 15 سنة سجنا لمتّهم بالمضاربة غير المشروعة في البطاطا بداري: "الجامعة منخرطة بقوة في الأهداف التنموية للبلاد" التوقيع على اتفاقيات لتطوير الصناعة المحلية لقطع الغيار وزير الداخلية التونسي في الجزائر