“ماكدونالدز” وأخواتها في القائمة السوداء.. المقاطعة.. حيَّ على الجهاد ضد “إسرائيل”

تعتبر المقاطعة الاقتصادية، التي تستهدف منتجات شركات عالمية داعمة للكيان الصهيوني المحتل والغاصب لأرض فلسطين ـ واحدة من السبل المستخدمة للرد على المجازر الصهيونية المرتكبة في قطاع غزة المحاصر ـ على اعتبار أن اقتصاد الورم العبري المسمى (الكيان الصهيوني) يعتمد بشكل كبير على التجارة والاستثمار الدولي، وبالتالي فإن الإضرار بهذا الاقتصاد سيزيد من قوة المقاومة الفلسطينية ويثبط عزيمة الكيان، هذا إلى جانب أن المقاطعة الاقتصادية من شأنها التأثير على الشركات المستهدفة، حتى تضطر إلى الخروج من قائمة المتورطين في دعم الجرائم الصهيونية، وفق الفلسفة التي تطرحها ـ في هذا الشأن ـ حركة “بي دي أس” التي تأسست عام 2005، وتنشط في العديد من البلدان حول العالم، وتدعو إلى مقاطعة الكيان الصهيوني بشكل كامل ثقافياً واقتصادياً وأكاديمياً بسبب انتهاكاته لحقوق الفلسطينيين.

أعدّ الملف: سهام سعدية سوماتي ومنير بن دادي

تتصدّر القضية الفلسطينية واجهة الأحداث على المستوى الدولي بسبب وحشية العدوان الصهيوني المتواصل – حتى كتابة هذه الأسطر – ضد قطاع غزة المحاصر؛ فالمشاهد الدموية التي تنقلها وسائل الإعلام ومنصّات التواصل الاجتماعي وضعت الدول والهيئات الأممية والمنظمات غير الحكومية وحتى الأفراد أمام امتحان الضمير الإنساني، فإما أن يكون الموقف واضحا يدين المعتدي (المحتل) الذي يستخدم الأسلحة الفتاكة، وينتصر للضحية صاحب الأرض، المستعين بوسائل المقاومة المتاحة لرد العدوان عنه، وإما أن يكون الموقف ملتبسا أو منحازا بشكل غير منطقي للظلم، ذلك أن الغرب ـ حين يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية ـ يتحرج في انتقاد الكيان الصهيوني مهما أمعن في ممارسة جرائمه، والأسوأ من هذا وذاك، أن الغرب يختار غالبا تفادي الإحراج، بالانغماس كليا في تبني وجهة النظر الصهيونية وربما المزايدة على ذلك بالتشجيع وتقديم الدعم ـ السياسي والعسكري والإعلامي ـ للكيان الصهيوني، كما هي الحال بالنسبة إلى واشنطن وباريس. وهنا تبرز ظاهرة التنكر للحقائق بطريقة تثير الاستغراب، وكأن المبادئ التي يتقاسمها سكان الأرض ـ في شكل بنود ولوائح وقوانين تسعى الأمم المتحدة إلى تكريسها وفرضها على المجتمع الدولي ـ مجرد خطاب استهلاكي لا أثر له في الواقع.

غير أن امتحان الضمير يأخذ شكلا آخر لدى الدول العربية، إذ يصبح لزاما على حكومات هذه الدول أن تعلن بصراحة كاملة رفضها العدوان الصهيوني، ثم تنخرط في عمل جاد لإنهائه، مع تقديم كل الدعم والمساندة للمقاومة الفلسطينية، على الأقل سياسيا وإعلاميا، بالنظر إلى أن الدعم العسكري بات بعيد المنال مستحيل التحقيق، خاصة أن دول التطبيع أفسدت كل إمكانية للتحرك ضد الكيان الصهيوني، مهما بالغ في ارتكاب جرائه!

هذا بالنسبة إلى الخطاب الرسمي، فماذا عن موقف الشعوب إزاء ما يتعرض له الفلسطينيون من عدوان غاشم غير مسبوق، أو بالأحرى: ما المطلوب من الشعوب العربية أن تفعله دعما ومساندة للفلسطينيين؟

بالتأكيد يمكن ـ في هذا السياق ـ طرح العديد من الأفكار التي تدخل عمليا في مجال دعم الفلسطينيين بشكل مباشر، وإلحاق الضرر ما أمكن بالعدو الصهيوني، ناهيك عن تلك الأساليب الأكثر تطورا والمتمثلة في التأثير على الشعوب الغربية حتى تخرج من سياسة العمى المسلطة عليها، وتكّون مع الوقت قوى ضغط تفرض مواقفها على توجهات حكوماتها. لكن، أغلب هذه الأفكار تأخذ وقتا طويلا قبل تحقيق أي نتائج ملموسة.

في عدد اليوم من “الأيام نيوز” ستُطرحُ إجابةٌ من زاوية محدّدة حول السؤال سالف الذكر: ما المطلوب من الشعوب العربية أن تفعله دعما ومساندة للفلسطينيين؟ واحد من الحلول المطروحة تمثل في “المقاطعة الاقتصادية”.

ملف اليوم سيسلّط الضوء على: دور “المقاطعة” كأداة فعالة تستخدمها الشعوب العربية في مواجهة الاحتلال الصهيوني وداعميه، وكذلك حجم تأثير هذه الأداة التي يمكن استخدامها بواسطة الأفراد والمنظمات، دون الحصول على موافقة حكومية.

اقتناء المشتريات تصويت على البراندات

عندما يقوم الفرد بشراء منتج معين دون منتج آخر، فإنه يختار دعم هذا المنتج على حساب منتج آخر، أي أنه يساعد – بطريقة ما – في رفع نسبة الطلب عليه وبالتالي يدخل هذا المستهلك ضمن مجال توجهات السوق واقتصاديات الشركة المصنعة.

فإذا كان الأمر متعلقا بالقضايا البيئية أو الاجتماعية، فيمكن للاختيار الاستهلاكي أن يعبر عن موقف يدعم أو يعارض تلك القضايا، وهكذا يتشكل الوعي الاستهلاكي، فشراء المنتج (أ) المعروض إلى جانب المنتج (ب) هو تصويت لهذا المنتج يشبه التصويت الانتخابي.

وبشكل عام، فإن اختيار المستهلك عمل يعبر عن اهتماماته وقيمه، وهذا الاختيار يمكن أن يكون وسيلة فعالة للتأثير على السوق والمجتمع والشركات.

وبما أن الأمر متعلق بعدوان غاشم على شعب يستحق أن يكون حرا مستقلا، هو الشعب الفلسطيني، مقابل كيان متصهين أصبح خطرا على الوجود الفلسطيني، بل على الإنسانية جمعاء، مثله مثل أي وباء منتشر يهدّد السلام والوجود، فقد أصبح من الضروري مقاطعة العلامات التجارية التي تطلقها الشركات التي تساند هذا الكيان الصهيوني، وتقف إلى جانبه.

هربرت ماركوزه حذّر من تأثير “البروباغندا”..

 الدعاية أنتجت إنسانا ذا بُعد واحد منفصما عن واقعه! 

في الولايات المتحدة، شهد العالم في ستينيات القرن الماضي انتشارًا واسعًا لعملية ترويج المنتجات، عملية عُرفت فيما بعد بـ”البروباغندا”، وهي أساليب الدعاية والتسويق (عبر الإعلانات التجارية)، ما سمح بالسيطرة على وعي المجتمع هناك بشكل كبير، وسرعان ما انتقل هذا النهج إلى العديد من دول العالم، وهو الأمر الذي انتبه له الفيلسوف وعالم النفس هربرت ماركوزه.

لقد دعا ماركوزه إلى مواجهة هذه الظاهرة منتقدا استخدام الحكومات لها بطريقة تسمم الوعي الجماعي، كما حدث عندما استغلت الحكومة الأمريكية نظام الدعاية والإعلان في الترويج لحرب فيتنام، وقد أشار الفيلسوف “ماركوزه” إلى أن البروباغندا ليست مجرد وسيلة للتأثير على وعي الجماهير، بل تهدف أيضًا إلى التحكم في تفكير الأفراد وتوجيه اهتماماتهم نحو الاستهلاك.

وصف ماركوزه هذه الظاهرة بـ”الإنسان ذو البُعد الواحد”، إذ يفقد الأفراد هويتهم ومشاعرهم وتعبيرهم عن الذات بسبب التركيز الشديد على الاستهلاك والإنتاج، وبذلك، تحولت المجتمعات الغربية إلى مجتمعات تفقد قيمها وأخلاقياتها الإنسانية بسبب تأثير آلة الدعاية، ولهذا، فلا عجب أن نرى الشعوب الغربية عاجزة عن رؤية الحقيقة خلال العدوان المتواصل في قطاع غزة.

مع تراكم الأبحاث في هذا المجال، استخدم المفكر المصري الراحل عبد الوهاب المسيري مفهوم “الإمبريالية النفسية” لوصف ظاهرة “البروباغندا” وأساليب الدعاية، حين أشار إلى كيفية انفصال الحياة اليومية عن الأخلاق والقيم الدينية بفعل العلمانية الشاملة. وكيف يمكن استخدام هذا الانفصال للتحكم في الأفراد نفسيًا، في عالم يتحرك وفق منهجية دعائية جعلت الإنسان مجرد مستهلك للبضائع، وربما الإنسان – هو في حد ذاته – بضاعة يمكن استخدامها عبر مفهوم الإمبريالية النفسية لفرض السيطرة على العالم.

الضمير الجمعي كان محلّ استهداف وفق سياسة ممنهجة

بعيدا عن المسيري، يمكن القول إن انتقادات هربرت ماركوزه لنظام السيطرة الاجتماعية في البلاد من خلال استخدام البروباغندا والإعلانات، أفرز في نهاية ستينيات وبداية سبعينيات القرن الماضي غضبا لدى بعض الأمريكيين، فاندلعت احتجاجات في الولايات المتحدة، قادها طلاب ينتمون إلى اليسار، حين اعتبروا أن نظام السيطرة الاجتماعية خلق لديهم تناقضًا داخليًا، فقد أجبرهم على التركيز على الاستهلاك بدلًا من التعبير عن تضامنهم مع المظلومين والفقراء، وعن آرائهم واحتجاجاتهم ضد قرارات الحكومة، وذلك بعد مشاركة الجيش الأمريكي في حرب فيتنام.

بدأ هؤلاء الطلاب بالاعتداء على ممتلكات الأغنياء ودعوا إلى مقاطعة الشركات الكبرى التي تروّج لزيادة أرباحها من خلال حملات الدعاية والإعلانات، دعوا أيضًا إلى إسقاط النظام الذي استند إلى الأنانية والجشع وتراكم الثروات عبر إشباع شهوات الشعوب من خلال الاستهلاك والاستغراق في اللحظة المؤقتة والمزيفة.

مع ذلك، لم تتقاعس الحكومة الأمريكية عن الرد، فقامت الشرطة هناك بقمع الاحتجاجات بعنف شديد، وأظهرت قوة القمع بشكل لم يتوقعه هؤلاء الطلاب. وهذا ما أدى إلى تلاشي الموجة الاحتجاجية وتحقيق تغييرات كبيرة في نظام البروباغندا.

فيما بعد، بدأ علم النفس في الولايات المتحدة في تطبيق نهج جديد في محاولة لدمج هؤلاء الشباب الغاضبين في النظام الرأسمالي والمجتمع الاستهلاكي. وقد تطور هذا النهج من النظريات المستمدة من فرويد وابن أخته غدوارد برنايز إلى أفكار ابنته آنا فرويد، ومنها إلى أفكار ماسلو، حين أصبح واضحًا أن القفص الحديدي للاستهلاك لا يمكن الهروب منه.

هذه الإضاءة نوردها لتوضيح مسألة هامة، تتعلق بصعوبة توضيح وجهة النظر الفلسطينية للشعوب الغربية التي سممها نظام البروباغندا، والذي يبدو في طريقه لتسميم شعوب عربية أصبحت أقل تفاعلا مع مآسي الشعب الفلسطيني، خاصة بمنطقة الخليج الغارقة في دوامة الاستهلاك، في حين، نجد أن شعوبا أخرى ـ وفي مقدمتهم الشعب الجزائري ـ يأخذ لديه التضامن مع القضية الفلسطينية مسارا منتظما وليس مناسباتيا، ذلك أن الجزائريين تحصنوا بتاريخهم الثوري التليد، من تأثير لعبة الاستهلاك وما يتبعها من دفع جارف نحو التمييع والتسطيح والتنكر، .

عمر راسم أوّل من نبّه إلى أن “حياة اليهود الصهاينة في التجارة”..

الجزائريون أوّل من رفع لواء المقاطعة سياسيا واقتصاديا

من منظور تاريخي، فإن الجزائريين أول شعب قاطع الكيان الصهيوني بشكل كامل، ويوصف عميد الصحافة الجزائرية ـ مؤسس جريدة الجزائر سنة 1908م ـ الفنان عمر راسم بأنه أول من دعا إلى المقاطعة الاقتصادية مع كل ما هو صهيوني، فقد قام بنشر بحث دقيق حول هذه القضية في جريدته ـ الثانية ـ “ذي الفقار” في عام 1914، تحت عنوان “المسألة الصهيونية”، حين شرحها وتطرق إلى مسألة المقاطعة الاقتصادية في مجتمع يعاني من الاحتلال الفرنسي ويساق شبابه قسرا إلى التجنيد الإجباري من أجل التحضير لدخول الحرب العالمية الأولى. لقد نظر عمر راسم إلى القضية بشكل نقدي وقال عبارةً لها أهمية كبيرة: “إن عمر اليهود الصهاينة في التجارة”.

وثمة شخصيات بارزة في المجتمع الجزائري لعبت دورًا هامًا في مقاطعة موجة المفاهيم والأدب وكل ما يتعلق بالتطبيع مع “الكيان”. فعلى سبيل المثال، كان ثمة إمام مسجد التقوى بالعاصمة ـ من المؤسف أن اسمه غير معروف ـ تحفظ على استخدام مصطلح (إسرائيل)، واستخدم بدلا منه مصطلح “الكيان الصهيوني” في محاولة لتجنب استخدام الاسم الرسمي الذي من المؤسف أن الإعلام العربي ـ التطبيعي ـ نجح في تمريره، لكن الجزائريين إلى اليوم يلتزمون بهذا النهج من المقاطعة، وذلك منذ أيام الاستعمار الفرنسي الذي حاول إدراج المصطلح في الكتب المدرسية، لكنه واجهة معارضة قوية من الشعب الجزائري ومنع تنفيذ هذا الخطة.

عميد المقاطعة الأدبية في الجزائر هو الشاعر المصلح إبراهيم أبو اليقضان، الذي قاوم محاولات “البروباغندا” وأساليب الدعاية والتسويق الصهيونية، من خلال أعماله الأدبية والشعرية. لقد كتب أبو اليقضان العديد من الأشعار والقصائد التي تعبّر عن دعمه للقضية الفلسطينية، ومنها قصائد طويلة، فهو أحد الرواد في مجال الأدب والشعر الجزائري وأول من كتب قصيدة تتضمن 300 بيت عن فلسطين.

يجب الإشارة إلى أن المقاطعة الاقتصادية تمثل إحدى مظاهر رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني، رغم مقاطعة الدولة الجزائرية جميعَ المنتجات “الإسرائيلية”، في إطار رفضها لأي شكل من أشكال التطبيع مع الكيان، إلا أن نشطاء جزائريين صعّدوا اللهجة وقادوا حملة من أجل مقاطعة أية ماركة عالمية يدعم ملاكها ولو من بعيد قتلة الفلسطينيين في العدوان المتواصل حاليا.

وكشف عضو الجبهة الشعبية الجزائرية لمقاومة التطبيع مع الكيان، محمد غدير، أن هيئته وفواعلها السياسية والاجتماعية أطلقوا حملات لمقاطعة جميع السلع المستوردة التي يدعم منتجوها أو الدول القادمة منها الكيان الصهيوني. وأبرز محمد غدير ـ في حديث إعلامي ـ أن هذه الخطوة بمثابة شكل من أشكال مقاومة التطبيع ومعاقبة الكيان على إجرامه المتواصل.

وأوضح غدير، في السياق ذاته، أن أصحاب حملات المقاطعة وضعوا قوائم للعلامات التي يجب مقاطعتها في الجزائر، وأشار إلى أن أغلبها منتجات غذائية وملابس ومواد تجميل. وجدير بالذكر أن الجزائر تمارس عملية تدقيق صارمة لتتبع مصادر السلع المستوردة للتأكد من عدم وجود أية علاقة بينها وبين الكيان الصهيوني، كما أن الجزائر لم تفوّت أيّة فرصة لإبداء الدعم للقضية الفلسطينية، لاسيما على أعقاب عملية “طوفان الأقصى”.

حملة دعائية كويتية تنبّه إلى أن المقاطعة حقن لدماء الأبرياء..

أنت.. هل قتلت طفلا فلسطينيا اليوم؟

قام عدد كبير من المصريين بمقاطعة الشركات الغربية الداعمة للكيان الصهيوني، وشركات صهيونية أخرى تنتشر تحت مسميات مختلفة في الكثير من البلدان، كما انطلقت في الكويت حملة إعلانية لمقاطعة منتجات شركات عالمية داعمة للاحتلال الصهيوني، وذلك في خطوة تضامنية مع فلسطين وأهالي قطاع غزة الذين يتعرضون لأبشع عدوان منذ أسابيع، وقد تم عرض مقاطع فيديو وصور للوحات الحملة الإعلانية التي ملأت شوارع الكويت. وقد كتب على اللوحات التي تضمنت صورًا لأطفال تحت شعار: “هل قتلت طفلًا فلسطينيًا اليوم؟”، إضافة إلى وسم “مقاطعون”.

مجرد تساؤل أحدث تفاعلًا كبيرًا على منصات التواصل الاجتماعي. وقد أشاد النشطاء بالحملة واعتبروا أنها مثال في التضامن مع غزة. وبحسب نشطاء، فإن الساحة الكويتية تشهد حاليا الكثير من دعوات المقاطعة العفوية والمنظمة أيضا، والتي تستهدف دعم صمود أهل غزة والشعب الفلسطيني، وذلك من خلال مقاطعة المحال والسلاسل التجارية التي يعرف عنها دعمها للاحتلال الصهيوني.

وبداية الحراك كانت بسلسلة المطاعم الأمريكية الشهيرة “ماكدونالدز”، وذلك في أعقاب دعمها جيش الاحتلال، وهو ما دفع مطاعمها في الكويت إلى الإعلان في 14 أكتوبر الجاري عن تقديم تبرع لغزة بقيمة 250 ألف دولار.

كان من المؤلم رؤية جنود الاحتلال الصهيوني وهم يستلمون وجبات مجانية من سلسلة مطاعم “ماكدونالدز” و”بابا جونز” بعد عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر الجاري. وفي الجمعة الموالية، قامت شركة “ماكدونالدز” بتوزيع آلاف الوجبات المجانية على قوات الدفاع الصهيونية والمستوطنين اعتبارًا من تاريخ الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس في 7 أكتوبر، وفقًا لما ذكره موقع “بيزنس إنسايدر”.

وقبل أيام قليلة، أعلنت شركة “ماكدونالدز” على حسابها الرسمي على منصة “أكس” أن هناك “5 فروع فقط تعاملت مع المساعدات والتبرعات لقوات الأمن والإنقاذ الصهيونية”، وأكدت أنها ستقدم تبرعًا يوميًا بما يقرب من 4000 وجبة. وفي تطور آخر، قامت سلسلة ماكدونالدز في الولايات المتحدة بتغيير ألوان أغلفة وجباتها لتشبه علم “الكيان”، ما يشير إلى دعم واضح للكيان المحتل.

“ماكدونالدز” هي واحدة من الشركات المطلوب مقاطعتها في العالم العربي، إلى جانب شركات أخرى مثل “ستاربكس” و”كوكاكولا” و”بيبسي” و”نستلة” و”بوما” و”كارفور”. هذه الشركات، سواء كانت تقنية أو صناعية أو تجارية أو زراعية، تندرج بين العديد من الشركات التي لم تعلن بشكل صريح دعمها للاحتلال الصهيوني، ولكنها تعتبر جزءًا من الدول التي أعلنت دعمها للحرب على غزة.

مصر.. رحلة البحث عن البديل انطلقت

من جانب آخر، بدأ العديد من المصريين في البحث عن أهم الشركات المصرية خاصة تلك الناشطة في مجال المنتجات الغذائية المصنعة، قصد اللجوء إلى اقتنائها تحقيقا لسياسة المقاطعة المنتهجة ضد الشركات الأجنبية الداعمة للاحتلال الصهيوني.

وتعمل في مصر آلاف الشركات والمصانع المحلية في الصناعات والمنتجات الغذائية كافة، لكن شهرة المنتجات الأجنبية تحجب نشاط العديد من الصناعات المصرية وتمنعها من النمو واكتساب سمعة في السوق، ودعا البعض إلى شراء منتجات مصرية خالصة والتي جاءت كالتالي:

  • منتجات شاي العروسة، وهي مصرية تماما، على عكس العلامات الأخرى التي تتبع توكيلات أجنبية.
  • منتجات القهوة والنسكافيه من علامة مصر كافيه وهي علامة مصرية.
  • منتجات سبيرو سباتس وهي المشروبات الغازية المصرية.
  • منتجات العصائر والألبان من شركة جهينة.
  • منتجات البسكوت الشهيرة من بسكاتو المصرية التي تعمل منذ 1976.
  • منتجات شركة إيديتا منها هوهوز ومولتو وتو دو.
  • منتجات سافو سافو للغسالات العادية والأوتوماتيك، من إنتاج شركة النيل للزيوت والمنظفات المملوكة للدولة المصرية.

أما في مجال المنسوجات، فهناك العديد من المصانع المصرية ببورسعيد التي تصدر منتجاتها الفاخرة من الألبسة والمفروشات إلى إسبانيا وتركيا والجزائر والمغرب ودول العالم.

المقاطعة الاقتصادية قد تكبّد الشركات الأجنبية خسائر بتريليوني دولار

وأكد المفكر الاقتصادي المصري، أبو بكر الديب، أن “سلاح المقاطعة” الشعبية في الدول العربية والإسلامية الذي يستهدف منتجات الدول الداعمة للكيان سيكبد الشركات المالكة خسائر فادحة، موضحا أن الخسائر التي قد تتعرض لها دول كأمريكا وكندا والاتحاد الأوروبي وغيرها من الدول، بسبب احتجاج الشعوب على تزكيتها الهجوم الوحشي الذي تشنه قوات الكيان على سكان غزة ومحاولة إبادة وتهجير سكانها قد تصل إلى تريليوني دولار. وأضاف أنه يوجد ما يقرب من ملياري إنسان مسلم يمكنهم مقاطعة منتجات وشركات الدول الداعمة للكيان وأن تلك الدول ستضطر لمراجعة مواقفها وتصحيحها حيث إنها لن تستطيع تحمل تلك الخسائر.

وذكر محدّثنا أن حجم صادرات أمريكا للدول العربية والإسلامية بلغ نحو 150 مليار دولار، وأن حجم التبادل التجاري بين الولايات المتحدة والدولة العربية والإسلامية زاد عن 300 مليار دولار خلال العام 2022، كما أن الصادرات الأوروبية إلى الدول العربية تعادل 3.7% من الصادرات الأوروبية الكلية وربع صادرات الكيان العسكرية اقتنتها الدول العربية بحوالي ثلاثة مليارات دولار.

وأكد أن أهم الصادرات الأمريكية للعالم العربي هي المنتجات الاستهلاكية والسيارات والمعلوماتية والمنتجات الزراعية والأغذية، وخاصة القمح والصويا والذرة والمعدات الثقيلة من السيارات والطائرات والمعدات الثقيلة من أسلحة ومعدات حربية والمنتجات الطبية، من أدوية وأمصال لعلاج الأمراض والأوبئة، إلى جانب الحواسيب والأجهزة الإلكترونية الحديثة والتكنولوجيا والمنتجات الطبية والصيدلة والأسلحة الثقيلة والمعدات مثل الطائرات والسفن الحربية والتسليح وأجهزة الذكاء الاصطناعي.

وقال الديب إن سلاح المقاطعة الاقتصادية من أهم أدوات الشعوب لكبح جماع وأطماع الدول الكبرى، سلاح يجعلها تخضع للقانون الدولي وتحترم حق الشعوب في تقرير مصيرها، موضحا أنه يمكن استبدال الواردات من تلك الدول بدول أخرى كالصين وروسيا وغيرها.

أعلنت جهارا رفضها مبدأ المقاومة وحق الدفاع عن الأرض..

القائمة السوداء لشركات تدعم الإجرام الصهيوني

يستفحل السرطان الصهيوني في مختلف جوانب المجتمع الدولي، إذ تنتشر مؤسساته وشركاته في وسائل الإعلام والجامعات وكل الأسواق الاستهلاكية الدولية، ما سمح لهذا السرطان بأن يجبر الغرب على تجاهل أهل غزة، الذين يعانون – وحدهم – من جرائم الحرب والإبادة التي تخالف القوانين الدولية والإنسانية دون أن يجدوا أي حماية أو معين.

البروفيسور جيفري سونينفيلد ـ من جامعة ييل ـ قام بتحديث لائحة تتبُّع الشركات التي أعلنت تواطؤها مع الكيان الغاشم خلال الحروب السابقة، وحتى خلال هذا العدوان الأخير، وتُعد هذه اللائحة أداة ضغط على هذه الشركات التي تأيّد الكيان تحت مسمى “رفض معاداة السامية”. كما تُظهر اللائحة أهمية أن يتخذ المجتمع الدولي والشركات موقفاً واضحاً من مجازر الاحتلال في القطاع المحاصر.

ذكر معد اللائحة، جيفري سونينفيلد، في مقال نُشره مع ستيفن تيان على موقع “فورتشون”، أنه في عالم يشهد أحداثًا مروّعة، يتجاهل معظم رؤساء الشركات كل ما يحدث من مجازر، لأن معظم هؤلاء الرؤساء يعتبرون أن هذه المسائل هي قضايا سياسية تفوق قدرتهم على التدخل. وما يثير القلق هو أنه عندما تكون القضايا واضحة تمامًا، يظل رد فعلهم غامضًا وغير واضح.

ويُشير سونينفيلد إلى الانتشار الكبير للتضليل الإعلامي، حيث يتم نقل أخبار كاذبة عن جرائم مزعومة ضد الإسرائيليين، وهذا التضليل – أحيانًا – يصعب التصدي له، أو يتطلب وقتًا طويلاً للكشف عن زيفه. وتمثل هذه الأحداث مشكلة أخرى تواجه محاولات التواصل مع الشركات والتأثير على مواقفها بشأن القضايا السياسية والإنسانية.

أمازون

تعاطف آندي جاسي، الرئيس التنفيذي لشركة أمازون، عبر موقع “أكس” مع سلطات الكيان الصهيوني، حين أتاح منشورا قال فيه: “إن الهجمات ضد المدنيين في (إسرائيل) مروعة ومؤلمة عند مشاهدتها”، بالإضافة إلى جملة من الأكاذيب جعلت أمازون على رأس القائمة السوداء.

ميتا

قال مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة ميتا: “إن الهجمات (الإرهابية) التي تشنها حماس هي شر خالص. لا يوجد أي مبرر على الإطلاق لتنفيذ مثل هذه الأعمال ضد الأبرياء”.

غوغل

وفي رسالة أرسلها إلى موظفي غوغل، أعرب الرئيس التنفيذي للشركة ساندر بيتشاي عن “قلق عميق بشأن الهجمات على (المدنيين الإسرائيليين) والصراع الناتج عنها”. 

أبل

وأعرب تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة أبل، أيضًا عن مشاعره، فقال: “أشعر بحزن عميق بسبب الهجمات المدمرة في (إسرائيل) والتقارير المأساوية الصادرة من المنطقة. قلبي يدمي بسبب الضحايا والعائلات التي فقدت أحبائها. وجميع الذين يعانون نتيجة لهذا العنف”.

ديلويت

ونشرت شركة “ديلويت” للاستشارات علم (إسرائيل) على لينكد إن، وكتبت: “خلال هذه الأوقات الصعبة، ندعم بكل إخلاص مواطنينا في الجبهة الداخلية وأولئك الموجودين على الخطوط الأمامية.

والت ديزني

أعلنت شركة “والت ديزني” على موقعها الإلكتروني أنها “في أعقاب الهجمات الإرهابية التي شنتها حركة حماس في (إسرائيل)، تبرعت شركة “والت ديزني” بمبلغ مليوني دولار للمنظمات التي تقدم الإغاثة الإنسانية في المنطقة”.

أمريكان إيغل

وقامت شركة “أمريكان إيغل” باستبدال لوحتها الإعلانية الرئيسة في تايمز سكوير بصورة العلم الإسرائيلي. تمت مشاركة صورة للوحة الإعلانية من قبل كبير مسؤولي التسويق بالشركة كريج برومرز في منشور على LinkedIn.

جي بي مورغان

قال جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك جيه بي مورغان تشيس، في بيان لجميع الموظفين: “إن الهجوم الذي وقع نهاية الأسبوع الماضي على الكيان الصهيوني وشعبه وما نتج عنه من حرب وسفك دماء هو مأساة رهيبة”. 

لينكد إن

قال ريان روسلانسكي الرئيس التنفيذي لـ LinkedIn: “لقد كان من المؤلم رؤية الهجمات الإرهابية المروعة ضد الكيان”.

مايكروسوفت

قال ساتيا ناديلا، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت: “أشعر بحزن شديد بسبب الهجمات الإرهابية المروعة على الكيان والصراع المتصاعد. أتقدم بأحر التعازي لجميع القتلى والمتضررين”.

بوينغ

وأعلنت شركة بوينغ دفع مبلغ مليوني دولار “لتمويل المساعدات الطارئة في أعقاب الهجمات الإرهابية في الكيان، لدعم جهود الاستجابة الإنسانية”.

أمريكان إكسبريس

وقالت شركة بطاقات الائتمان “أمريكان إكسبريس” إنها خصصت تبرعات بقيمة 1.5 مليون دولار لمساعدة جهود الإغاثة في الكيان، مضيفة أنها “على اتصال وثيق” مع الموظفين منذ بدء الهجمات لضمان سلامتهم وتقديم الدعم لهم.

تسلا

نشر رئيس شركة Tesla إيلون ماسك على موقع “أكس” أن “جميع شواحن Tesla الفائقة في الكيان ستكون مجانية للاستخدام حتى إشعار آخر، بعد هجمات حماس “الإرهابية” خلال عطلة نهاية الأسبوع”.

وول مارت

قال دوج ماكميلون، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة Walmart، على ليندكد إن: “بعد أنباء الهجوم على الكيان من قبل حماس في نهاية الأسبوع الماضي، ورؤية زيادة في الخطاب المعادي للسامية وجرائم الكراهية، ستتبرع مؤسسة وول مارت بمليون دولار إلى المتحف التذكاري للهولوكوست في الولايات المتحدة لدعم برامج التوعية للتثقيف حول تاريخ ودروس المحرقة”.

باراماونت

وكانت شركة باراماونت غلوبال أول أستوديو كبير في هوليوود يصدر بيانًا رسميًا حول الحرب: “تدين شركة باراماونت الهجمات الإرهابية التي تشنها حماس. إننا نقف إلى جانب شعب (الكيان) والمجتمع اليهودي العالمي.

وورنر بروس

أرسل ديفيد زاسلاف، الرئيس التنفيذي لشركة Warner Bros. Discovery، مذكرة للموظفين حول “الأحداث المروعة في الكيان”، واصفًا إياها بأنها “واحدة من أكثر الأحداث دموية في التاريخ اليهودي منذ المحرقة”. 

زووم

وقال أريك س. يوان، رئيس مجلس إدارة زووم على لينكد إن: “لقد دمرتني أعمال الإرهاب والمعاناة الإنسانية (في الكيان).

الأكاديمي والخبير الاقتصادي الدكتور عبد الرحمان مساهل لـ”الأيام نيوز”:

“العُدوان على غزة فضح نفاق وتحيّز الشّركات الغربية الكبرى”

الأيام نيوز: تصاعدت في الدول العربية حملات شعبية تدعو إلى مقاطعة المنتجات والشركات الغربية الكبرى التي أعلنت دعمها للكيان الغاصب في حربه على قطاع غزّة، كيف تنظرون إلى هذه الحملة التي استطاعت توحيد العرب حول موقف موحّد؟

الدكتور عبد الرحمان مساهل: طالما تعلّمنا في كليّات الاقتصاد وخلال اطلاعنا على الحملات التّسويقية التي هيمنت الشّركات العالمية بها علينا وعلى أبنائنا، أنّ الشّركات الاقتصادية تعمل على تحقيق رفاهية الإنسان وعلى رقي الشّعوب وعلى توحيد الأذواق وتوصيل السّلع والخدمات لآخر إنسان في كوكب الأرض، كما أنّها أقنعت شعوب المعمورة أنّ لا علاقة لها بالسّياسة ولا بالانقلابات ولا الصّراعات ولا الحروب والنّزاعات وغيرها، كما أنّ لها مسؤولية مجتمعية تجاه المجتمعات والشّعوب وهي حامية للثّقافة والفكر والإنسانية والبيئة وغيرها، لكن للأسف تبيّن أنّ كلّ ذلك مجرد خداع ونفاق ورياء، وتبيّن أنّ هذه الشّركات، وخاصة العظمى منها، إنما المصالح والمصالح وحدها ما يحرّك عملها ونشاطها وانتشارها، وأنّ الميكيافيلية هي شريعتها وأنّ فكرتها الأولى وسياستها المتّبعة وشعارها الأكبر هو “البقاء للأشرس”.

وطالما ظهر جليّا زيف ادعاءات هذه الشّركات وممارساتها العنصرية والمضادة لكلّ ما هو إنساني، بيئي، وثقافي خلال حقب وزمن نشاطها، فيحدّثنا التّاريخ عن انتهاكاتها لحقوق العمّال في كلّ مكان في العالم في مصانع الولايات المتّحدة ومناجم بريطانيا وألمانيا في نهاية القرن التاسع عشر مرورا بمساهمتها في تصنيع التّرسانة العسكرية خلال الحربين التي تسبّبت في قتل ملايين البشر، وانتهاكات حقوق الأطفال والنّساء في مناجم الذّهب والألماس في أفريقيا.. مرورا أيضا بنهبها موارد الشّعوب في أفريقيا وآسيا وتدميرها المحميات الطّبيعية والغابات وتلويث الأنهار والمحيطات والبحار وآبار الشرب. ولم ينتهِ الأمر هنا، بل وشاركت في حروب ونزاعات ودعّمت ديكتاتوريات ومستعمرين وقتلة وسلّحت ميليشيات ومجموعات إرهابية في مناطق كثيرة من العالم، بل ودمّرت دولا وأسقطت حكومات شرعية وقفت في وجهها، كما حدث في انقلاب التشيلي سنة 1973، وجنوب إفريقيا وروديسيا وساحل العاج وسيراليون وغيرها من الدول.

واليوم وللأسف تقف هذه الشّركات وتصطف مع الظّلمة وقتلة الأطفال، وتكيل بمكيالين خلال تعاملاتها التي تدّعي أنها اقتصادية بحتة، فرغم شعاراتها الرنّانة وحملاتها التّسويقية التي تبدو بريئة فهي تقف بكلّ ثقلها لدعم التوجّه والسّيطرة الغربية والعنجهية الصّهيونية العنصرية المضادة لكلّ من لا ينتمي أو لا يقرّ أو لا ينحني للحضارة الغربية، فهذه الشركات لا تعادي فقط المسلمين بل تعادي كلّ ما هو غير غربي، والدّليل أنّها سحبت كلّ نشاطاتها من روسيا بعد الحرب الأوكرانية، وهي اليوم تضيق الخناق على الشّركات الصّينية لأنّها لا تسير في الفلك الغربي، في حين تضخ استثمارات ضخمة في أبراج دبي لأن حكّام الإمارات بالطّبع يرضخون ويركعون ويرحبون بها وبمدللتها الصهيونية.

الأيام نيوز: في نظركم، كيف ستؤثر حملة مقاطعة منتجات هذه الشركات في المواقف الغربية تجاه القضية الفلسطينية، وهل ستساهم في وضع حدّ للاعتداءات المتكررة التي يرتكبها الكيان الصّهيوني في حقّ أطفال فلسطين، وعلى المستشفيات والمنازل في غزّة؟

الدكتور عبد الرحمان مساهل: تظهر الشّعوب الإسلامية اليوم وعيا لا بأس به بخصوص مقاطعة المنتجات الخاصة بشركات كبرى ثبت تورطّها في معاداة الإسلام والمسلمين، وثبت دعمها للكيان الصّهيوني الغاشم وهي صحوة مباركة على الجميع دعمها ومباركتها إعلاميّا وسياسيا وعلى أعلى المستويات.

وهذه الحملة هي في بدايتها، ونتمنى لها التوسع والانتشار قدر الإمكان، فهي تساهم في رفع الوعي الاستهلاكي والسّياسي للمسلمين، كما تساهم في توحيد واصطفاف الرّأي العام في الدّول الإسلامية ولا أقول العربية فقط، وراء شعار واحد، “ما دمتم تدعمون إخوانكم، نحن أيضا ندعم إخواننا “، والمقاطعة بطبيعة الحال ستؤثّر بشكل أو بآخر ولو بالنّزر اليسير، ولكن تأثيرها سوف يكون واضحا في الأجل المتوسط والطّويل، خاصة إذا تمّ دعمها إعلاميّا في ظلّ انتشار الوسائط الاجتماعية ووسائل الاتصال الحديثة، ومع وجود البدائل؛ فعلى سبيل المثال شركة فيسبوك وبعض الوسائط الغربية تضيق وتقيد النّشر والمحتوى على شبكاتها في حق كلّ من يدعم القضية الفلسطينية وكلّ من يدعّم توجّهات المسلمين، وبالتّالي وجب على المنتسبين والمشتركين المسلمين الذين يعدون بالملايين تهديدها بتحويل اشتراكاتهم نحو شبكات بديلة أخرى روسية وصينية وحتى عربية وهي متاحة حاليا.

الأيام نيوز: هناك من أبدى تحفّظه عن “دعوات المقاطعة” وحذّر من هذه الحملة التي تضرّ – حسبه – بالسّوق المحلية العربية، ما رأيك؟

الدكتور عبد الرحمان مساهل: قد يظنّ الكثيرون أنّ حملات المقاطعة لن تجدي لأنّ هذه الشّركات منتشرة في كلّ بقاع العالم، وهي شركات عظمى عالميةلا نستطيع مجابهتها، ولكن ينبغي ألا ننسى أنّ تعداد المتعاطفين مع قضيّة المسلمين بشكل عام والقضيّة الفلسطينية بشكل خاص في تزايد يوما بعد يوم، وأنّ الشّعوب الحرّة والمحبّة للحريّة ليست في العالم الإسلامي فقط. فدول أمريكا الجنوبية وجنوب آسيا والكثير من الدّول الأفريقية وروسيا والصّين وشعوب وسط آسيا وحتّى شرق أوروبا بدأت تتعاطف مع قضايا المسلمين، وهي بالتّالي قد تكون مساندة لنا في هذه الحالة، إذا أحسنا التّسويق لقضيتنا، لأنّهم سبق وأن عانوا هم أيضا من تغوّل الشّركات متعدّدة الجنسيات الغربية وما جلبته لهم من مآسٍ خلال حقب ماضية من تاريخهم، فعدالة قضيتنا لو أحسنّا تسويقها بالشكل الجيد سوف نربح حلفاء جدد يمكن الاستعانة بهم لمجابهة التغول الغربي.

أعتقد أنّ أغلب ما تسوقه هذه الشّركات هي منتوجات وخدمات مالية لا طائل ولا فائدة منها، إنّها تركّز على الجانب الاستهلاكي التّرفيهي الذي يدمّر شبابنا وصحّتنا ويضرب تقاليدنا ويجعلنا مدمنين على منتوجاتها التّافهة، ماذا سوف تقدّم لنا ماكدونالدز؟ لو تركنا كوكاكولا هل سنموت؟ وإذا توقفنا على أكل السنيكرز والشيبس.. ماذا سيحدث؟ وإذا توقّف أبناؤنا عن لعب البلايستايشن والفري فاير هل سيموتون؟ ثمّ إنّ لدينا فنادق ولا نحتاج للهيلتون والشّيراطون، وماذا لو تعاملنا مع بنوكنا، ونترك الكريدي ليونيز والكريدي سويس وبنوك الغربية هل سيتوقف كل شيء؟ بالطّبع المقاطعة صعبة ويجب أن نوفّر البديل الذي نحتاجه، ولكن إذا أردنا النّجاح فعلينا التّحمل، فمن غير المنطقي أن تتحدّى الغرب وأنت نائم، وقد تساهم هذه الحرب الاقتصادية في إيقاظنا من نومنا وكسلنا الذي طال أمده.

الباحث في الشّؤون الأمنية والإستراتيجية البروفيسور عكنوش نور الصباح لـ “الأيام نيوز”:

“الدول العربيةُ سوقٌ استهلاكيةٌ كبيرة لا يُمكن لأوروبا أو أمريكا الاستغناء عنها”

دعا الباحث في الشّؤون الأمنية والإستراتيجية، البروفيسور عكنوش نور الصباح، إلى “ضرورة تفعيل المقاطعة حتّى لا تبقى مجرّد حملة بالمعنى الإعلامي، بل تبني عمل مؤسساتي فيه تنسيق وشراكة بين الهيئات الرّسمية والمجتمع المدني في إطار شبكي باستعمال الفضاء الإلكتروني لضمان نتائج إيجابية ومستدامة كذلك”.

وأبرز البروفيسور عكنوش نور الصباح، في تصريح لـ “الأيام نيوز”، أنّ “المقاطعة ليست مجرد شعار بل ميكانيزمات تقوم على دعم بدائل من الصين وروسيا مثلا، للمنتوجات الغربية أو حتّى من السّوق المحلية”، مؤكدا على ضرورة “تقوية الاقتصاديات العربية في إطار إستراتيجي يحقّق السّيادة الاقتصادية العربية بعيدا عن الغرب الذي يعيش أزمات هيكلية تعتبر فرصة للضّغط عليه متى توفرت إرادة سياسية قوية وصادقة من طرف الدّول العربية”.

وحسب المتحدث ذاته، فإنّ “مسألة المقاطعة يجب أن تتمّ في ظل ثلاث مستويات؛ الرؤية والخطة والموارد حتى يكون التأثير كبيرا، خاصة وأنّ الدّول العربية تمثّل سوقا استهلاكية كبيرة لا يمكن لأوروبا أو أمريكا الاستغناء عنها، وإلا واجهت هذه الدول أزمة كساد وركود وتضخم وبطالة بشكل سلبي بالنسبة للغرب الذي يعاني أصلا من تبعات الحرب الأوكرانية واستعمال سلاح المقاطعة منهجيا وإستراتيجيا سيزيد الوضع سوءا”.

وفي هذا الإطار، توقّع الباحث في الشّؤون الأمنية والإستراتيجية أنّ “توسُّعَ دائرة المقاطعة وطولَ أمدها سيلحق أضرارا على المدى المتوسط والبعيد بالمنظومة الاقتصادية الرأسمالية العالمية، ويجعل صناع القرار هناك بصورة براغماتية يستمعون لصوت العقل في موضوع العدوان على غزة ويعملون على تسريع وتيرة إنهاء الحرب هناك حفاظا على مصالحهم وهو ما سيكون في صالح الشّعب الفلسطيني في غزة”.

وفي السّياق ذاته، أشار المتحدّث إلى أنّ “الواقع يقول إنّ ديبلوماسية المقاطعة إذا ما استمرّت بقوّة وبنفس طويل ستنجح في قلب موازين القوّة، ويمكن أن تكسب نقاطا إيجابية للطّرف الفلسطيني المحاصر والمعزول في غزة”.

وبخصوص وجود تحذيرات من هذه الحملة التي قد تضرّ بالسّوق المحلية العربية، يعتقد البروفيسور عكنوش نور الصباح أنّ “السوق المحلية العربية هي سوق مرنة ومفتوحة وتتكيّف مع كلّ المتغيرات والأزمات، لاسيما خلال الحروب”. وحسبه، فإن السوق العربية “سوف لن تتأثر سلبا بالمقاطعة بل يمكنها التكيّف وإنتاج حلول للوضع دون إلحاق ضرر حقيقي بالمستهلك العربي، الذي أثبت أنّه مستهلك ذكي وسريع التكيّف مع الأحداث خاصة عندما يتعلق الأمر بالمواقف الإنسانية والقضايا العادلة”.

وأبرز المتحدّث أنّ “البلدان العربية ذات الكثافة السّكانية العالية كمصر والجزائر والعراق هي بلدان تتمتع شعوبها بخبرات وتجارب نضالية مشرّفة وشجاعة في دعم الكفاح ونصرته بكلّ الوسائل، ومنها المقاطعة مثلما حدث في حرب الخليج أو حروب الخليج وحروب غزة السّابقة حين كانت المقاطعة سلاحا فعّالا ومؤثرا”.

النائب البرلماني والخبير الاقتصادي عبد القادر بريش لـ”الأيام نيوز”:

“المقاطعة ضربة مُوجعةٌ لكبريات الشركات الدّاعمة للكيان الغاصب”

يعتقد النّائب البرلماني والخبير الاقتصادي، عبد القادر بريش، من جانبه، أنّ “حملة مقاطعة بعض المنتجات والشّركات الدّاعمة للكيان الصّهيوني في حربه على غزّة، ستكون ضربة موجعة للكيان الاسرائيلي وللشّركات الكبرى التي تدعمه”.

واعتبر عبد القادر بريش، في تصريح لـ “الأيام نيوز”، حملة المقاطعة هذه شكل من أشكال المقاومة ضد الاحتلال ودعما وسندا ماديا ومعنويا لإخواننا في غزّة وخاصّة المقاومة الفلسطينية التي تدافع عن شرف فلسطين والقدس وتدافع عن شرف الأمّة الإسلامية”.

ويعتقد النّائب البرلماني والخبير الاقتصادي أنّ “المقاطعة هي شكل من أشكال المقاومة التي – دون شك – ستلحق أضرارا تجارية ومالية بكبريات الشّركات الدّاعمة للكيان الإسرائيلي الغاصب، وستكون أداة ضاغطة على صانع القرار في محور الغرب الدّاعم والمتحالف مع الصهاينة، كما أنّها تدلّ على وحدة الشّعور لدى الفرد العربي الذي يحس بمعاناة إخوانه الفلسطينيين “.

وفي السّياق ذاته، أكّد محدّث “الأيام نيوز”، على أنّ “المقاطعة ستضرّ بسوق هذه السّلع والمنتوجات وستدعم المنتوج المحلي بوقف استيراد مثل هذه السّلع. وإذا كانت الأسواق العربية تحتاج لمثل هذه السّلع، دعا إلى “التّوجه نحو التّعاقد مع شركات عالمية ومن دول ليست داعمة للكيان الإسرائيلي”.

وبخصوص وجود تحذيرات من هذه الحملة، بكونها قد تضرّ بالسّوق المحلية العربية، أبرز النائب البرلماني والخبير الاقتصادي أنّ من يحذّر من هكذا حملات هم أولئك الذين يملكون الرّخص التّجارية لأهم “الماركات” العالمية خاصّة في مجال الغذاء والملابس وغيرها، وهم موجودون في الأسواق العربية وخاصّة دول محور التّطبيع مع الكيان، ومن الطّبيعي أنّ دعوات المقاطعة – كهذه – ستضر بمصالحهم التّجارية والمالية.

وفي ختام حديثه، أكّد بريش على أنّه “مهما كانت نتيجة مقاطعة هذه المنتوجات، تتمثل رمزيتها في الوعي المتشكل لدى الشّارع العربي، وتبقى شكلا من أشكال التّعبير عن رفض ممارسات الاحتلال الصهيوني، ومحاولة لوقف هذا العدوان الهمجي الوحشي على قطاع غزة”.

الخبير الاقتصادي والدولي فارس هباش لـ”الأيام نيوز”:

“خلفية مساندة الغرب الكيان الصهيوني اقتصادية محضة”

يرى الخبير الاقتصادي والدولي البروفيسور فارس هباش، أن التقلبات الجيوسياسية التي يشهدها العالم على الأصعدة والمستويات كافة ، بما فيها المستويين الإقليمي والدولي وآخرها العدوان الصهيوني السافر على قطاع غزة، الذي يحاول من خلاله جيش الاحتلال الإسرائيلي الغاشم إبادة شعبٍ كامل مستخدمًا في ذلك مختلف الوسائل والأسلحة، بما فيها الأسلحة البيولوجية المحرمة، في محاولة بائسة يائسة لإبادة هذا الشعب عن بكرة أبيه وتهجير ما تبقى منه إلى مناطق خارج فلسطين، شجعت الكيان على المضي قدما في عدوانه.

وأوضح البروفيسور هباش، في تصريح لـ”الأيام نيوز”، أن مجرد تأمل بسيط في هذه الأزمة وتمعن في الخلفيات والتركيبة الحقيقية للمسؤولين، سواء على المستوى السياسي أو العسكري يضعنا أمام حقيقة أن خلفية ما يحدث يبدو في ظاهره أنه سياسي عسكري، إلا أن الأساس دائما هو أساس اقتصادي محض، فكل المسؤولين سواء المسؤولين الإسرائيليين على المستوى السياسي أو العسكري ومن يدعمهم من أمريكا أومن عدة دول أخرى،  معظم  إما مُلاك أو مساهمين في مؤسسات اقتصادية كبرى، فدفة العالم اليوم تسيرها المؤسسات الاقتصادية الكبرى، وبالتالي فإن الهيمنة اليوم هي هيمنة اقتصادية أكثر منها سياسية.

وفي هذا الإطار، أبرز الخبير في الاقتصاد أن حملات المقاطعة التي انطلقت في العديد من الدول سواء العربية أو الغربية، والتي مست عددًا من الماركات العالمية المعروفة على غرار سلسلة مطاعم “ماكدونالدز” العالمية وسلسلة مطاعم “بابا جونز” للبيتزا، بالإضافة إلى مقاهي “ستاربكس” وما شابه ذلك، قد تبدو للكثير – من الوهلة الأولى – أنها هينة ولن تغير في موازين القوى شيئا، ولكن الواقع عكس ذلك تماما، وإن كان هذا التأثير غير جلي في المرحلة الأولى أو على المدى القصير، إلا أن حملات المقاطعة لو استمرت إلى مستويات أكثر ومدة زمنية أطول سوف يكون له تأثير كبير وكبير جدا، خاصة وأن الكثير من هذه العلامات أغلقت فروعها في بعض الدول العربية، بما فيها قطر والكويت في حين تتعرض لحملات مقاطعة كبيرة جدا على مستوى دول أخرى على غرار لبنان، مصر والإمارات.

وفي هذا السياق، أشار المتحدث إلى أن البعض يزعم بأن حملات المقاطعة لن تجدي نفعا، على اعتبار أن هذه العلامات والماركات العالمية التي تنشط في الوطن العربي تنشط فقط من خلال ما يعرف بحقوق الامتياز وبالتالي المقاطعة في هذه الحالة ستكون بدون جدوى، وفي الواقع هذا الأمر يشكل مغالطة كبيرة جدا يجب تداركها، فحتى وإن كان مُلاك هذه العلامات في الدول العربية هم مستثمرون عرب أو مشاركين مع مستثمرين أجانب والعمالة هي عربية والدخل والتوظيف هو عربي، إلا أن هذه الشركات حتى تحصل على حق استعمال العلامة أو ما يعرف بالترخيص أو الحق في استخدام العلامة يجب عليها أن تدفع أموالا للشركة الأم مقابل ذلك، وبالتالي فإن تراجع مبيعاتها سوف يحرمها من التوسع في مناطق أخرى وسوف يؤدي ذلك إلى توقيف عقود حقوق الامتياز التي منحت في الدول العربية، وهذا ما يعرضها إلى تكبد خسائر كبيرة، وبالتالي فإن الأثر سيكون قويا جدا على المدى المتوسط وعلى المدى البعيد.

في سياق ذي صلة، أكدّ البروفيسور هباش أن الاستمرار في حملات مقاطعة منتجات الشركات الداعمة للاحتلال الصهيوني سيؤثر على مواقف الدول الكبرى الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا وألمانيا، فتعرض مصالحها الاقتصادية إلى الخطر سيدفعها إلى مراجعة مواقفها السياسية، وبالتالي فمن المهم جدا الاستمرار في تكثيف حملات المقاطعة على نطاق أوسع يشمل، بالإضافة إلى الدول العربية، الدول الغربية. ونتحدث هنا عن الجالية العربية والمسلمة في دول الاتحاد الأوربي وفي أمريكا وفي كندا، والتي سيكون لها أثر بالغ في دعم هذا الاتجاه، بالنظر إلى دورها الكبير جدا في حملات المقاطعة وفي تغيير النمط الاستهلاكي نحو منتجات المؤسسات التي لا تدعم “إسرائيل” ولا تدعم السياسة الأمريكية والسياسة الإسرائيلية. 

مقاطعة التطبيقات والبرامج الإلكترونية ورقة ضغط يمكن التعويل عليها

هذا، وأبرز المتحدث أن هناك عدة طرق أخرى يمكن أن تتبناها الدول العربية، وحتى بعض الدول الغربية من خلال الجالية العربية والمسلمة هناك، من أجل الضغط على الكيان الصهيوني والدول الداعمة له، على غرار مقاطعة التطبيقات أو بعض البرامج الإلكترونية المعروف أصحابها باتجاهاتهم المعادية للإسلام والمسلمين والداعمة للكيان الصهيوني وعدوانه المتكرر على الآمنين في بيوتهم في قطاع غزة، إضافةً إلى محاولة مقاطعة زيارة الأماكن السياحية على مستوى الدول الغربية الداعمة للكيان الصهيوني.

ومن النقاط الاقتصادية الأخرى التي يمكن أن تكون ورقة رابحة في التأثير على موقف أمريكا، التي تعتبر الداعم رقم واحد للكيان الصهيوني في هذه الهجمات البربرية التي يرتكبها الصهاينة في حق الأبرياء العزل في غزة، هو “النفط” الذي يعتبر ورقة مهمة جدا في يد الكثير من الدول العربية على غرار السعودية، العراق، قطر، الكويت والجزائر، هذه الدول التي لها مساهمة كبيرة جدا في تزويد السوق العالمية بالنفط، وبالتالي أظن أن هذه الورقة من المهم جدا استعمالها في الوقت الراهن وبدون أي تأخير؛ لأننا نرى أن هناك تصعيدا واضحا يوما بعد يوم في محاولة لإبادة الشعب الفلسطيني في قطاع فغزة، في أقصر فترة زمنية ممكنة وتهجير ما تبقى منه خارج فلسطين لتوسيع مناطق الاحتلال، ففي حال تم تفعيل هذه الورقة سوف يكون لها رد فعل قوي على مستوى المواقف وخاصة أمريكا التي تعتبر رقم واحد في إدارة دفة الاقتصاد العالمي، وفي الوقت نفسه السند الأول لـ “إسرائيل، وهي كذلك الدولة رقم واحد التي تمتلك كبريات الشركات العالمية التي يمكن أن تتأثر بقرارات وحملات المقاطعة.

وفي ختام حديثه لـ “الأيام نيوز”، أبرز البروفيسور هباش أن من يشكك في فحوى وجدوى حملات المقاطعة الاقتصادية، على الأغلب لا يدري النواميس التي تحكم هذا العالم، فالعالم اليوم يسيره الاقتصاد ويسيره الاقتصاديون، وبالتالي إذا تضررت المصالح الاقتصادية لهذه الدول الغربية فمن الأكيد أنها سوف تراجع قراراتها على الكثير من المستويات، لأنهم يؤمنون بالمادة ويؤمنون أكثر بالفكر الاقتصادي البراغماتي الليبيرالي، وهو وبعيدون كل البعد عن كل ما هو متعلق بالقيم الإنسانية وكل ما هو متعلق بالعدالة الإنسانية؛ وإلا كيف نجد دولا تدعي الإنسانية مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا تساند جيشًا وكيانًا محتلا يحاول إبادة شعب عن آخره، وبالتالي فإن هذه المقاطعة الاقتصادية سوف يكون لها أثر على المدى المتوسط والبعيد، ويجب أن تستمر حتى بعد إيقاف العدوان الصهيوني الغاشم على قطاع غزة. 

الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي مراد كواشي لـ”الأيام نيوز”:

“المقاطعة سلاح ناجع ومتاح لدى جميع الشعوب المتعاطفة مع فلسطين”

يرى الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي البروفيسور مراد كواشي، أن حملات مقاطعة البرندات التي أعلنت تأييدها للكيان الصهيوني في عدوانه على قطاع غزة، يحظى بأهميةٍ بالغة في ظل الظروف الراهنة وعدم القدرة على دعم القضية الفلسطينية بأساليب ووسائل أخرى، بالإضافة إلى الوضع الصعب الذي يعرفه الاقتصاد العالمي وتسجيل انخفاض في معدلات النمو، وبالتالي فإن اقتصادات الدول الداعمة لـ “إسرائيل” لن تكون قادرة على تحمل تداعيات حملات مقاطعة منتجاتها، الأمر الذي سيشكل لها ضربة اقتصادية موجعة في ظل الأزمات التي تمر بها اقتصاديات هذه الدول.

وفي هذا الشأن، أوضح البروفيسور كواشي، في تصريح لـ”الأيام نيوز”، أن الحرب الاقتصادية اليوم أصبحت لا تقل ضراوةً عن الحرب العسكرية، إذ إن سلاح المقاطعة له تأثير كبير – في الوقت الراهن – وهذا إذا ما قارناه بفتراتٍ سابقة، بالنظر إلى انتشار واسع لمواقع التواصل الاجتماعي التي يُمكن استغلالها بشكل إيجابي في توعية المواطنين بأهمية حملات المقاطعة، سواء كانوا عربًا أو مسلمين أو حتى أوروبيين داعمين للقضية الفلسطينية، وبالتالي سيزيد ذلك من حجم الخسائر التي تلحق سواء بالاقتصاد الإسرائيلي أو باقتصاد الدول الداعمة له.

وفي حديثه عن ادعاءات بعض الشركات، على غرار “ماكدونالدز”، بأنها لا تدعم الاحتلال الإسرائيلي، قال الخبير في الاقتصاد إن هذا الأمر لا أساس له من الصحة، فأمريكا وبعض الدول الأوربية تدعم وبشكل مباشر الكيان الصهيوني من خلال المواقف السياسية أو الأسلحة أو المال، الذي تحصل عليه حكومات هذه الدول بشكل مباشر أو غير مباشر من هذه الشركات سواء على شكل ضرائب أو بأشكال أخرى؛ وعليه فإن هذه الشركات متورطة في دعم الكيان الصهيوني بدون أي مراوغة.

أما من يعتقد بأن المقاطعة ليس لها تأثير وجدوى فعلية، وأن كوب قهوة أو وجبة غذاء ليس له تأثير، فنقول له: “إن الأمور لا تحسب بهذه الطريقة، فعندما نتحدث أن هناك بالتقريب نحو 2 مليار مسلم حول العالم، لو فعلا قاموا بمقاطعة البرندات التي أعلنت تأييدها للكيان الصهيوني سيكون ذلك ضربة موجعة لاقتصاد الاحتلال الإسرائيلي ولاقتصاديات الدول الداعمة له، وبالتالي لا يجب الاستخفاف بسلاح المقاطعة لما له من أثر اقتصادي بالغ خاصةً على المدى المتوسط والبعيد”.

هذا، وأكدّ الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي أن الحل الأنسب والمتاح في الوقت الراهن للضغط على الكيان الصهيوني والدول الداعمة له هو مقاطعة المنتجات والمؤسسات التي تتعاطف مع هذا المحتل الغاشم وتدعمه في عدوانه على الأبرياء والمدنيين العزل في قطاع غزة، مشيرًا – في السياق ذاته – إلى وجود بدائل أخرى أكثر تأثيرًا ووقعا على الكيان الصهيوني في حال تم استخدامها على أرض الواقع، وفي مقدمتها سلاح “النفط”، من خلال

قيام الدول النفطية بتقليص أو وقف إمداداتها النفطية والغازية إلى العالم، النقطة الأخرى هي”قناة السويس” المصرية من خلال شن إضراب ليوم أو يومين، الأمر الذي سيجعل العالم كله يراجع حساباته ومواقفه الداعمة للكيان الصهيوني، ورغم صعوبة ذلك إلا أنها تبقى بدائل مطروحة في ظل همجية الاحتلال الإسرائيليوتماديه المفرط في ارتكاب جرائم حرب في حق الأبرياء والعزل في قطاع غزة. 

الخبير الاقتصادي والإستراتيجي عبد القادر سليماني يؤكد:

“استعمال ورقة النفط ضربة قاصمة للدول التي تدعم الكيان الصهيوني”

يرى الخبير الاقتصادي والإستراتيجي، الأستاذ عبد القادر سليماني، أن المقاطعة الاقتصادية والتجارية حقيقةً لها أثر، ويمكن أن تكون لديها انعكاسات على اقتصاد الكيان الصهيوني وحتى على اقتصادات الدول الحليفة والداعمة للاحتلال الإسرائيلي. وأضاف موضحا أنه عندما نتحدث عن مقاطعة البرندات والعلامات التجارية التي أعلنت دعمها للكيان الصهيوني، فإننا نتحدث بذلك عن مئات الملايين من المستهلكين العرب والمسلمين ومئات الملايين من الأسواق العربية والإسلامية.

وفي هذا الصدد، أشار الأستاذ سليماني، في تصريح لـ”الأيام نيوز”، إلى أن هناك العديد من الماركات والعلامات التي أغلقت في الخليج العربي، وهذا الأمر سيكون له انعكاسات سلبية من حيث التسويق أولاً، أي من حيث الماهية والصورة، فحملات المقاطعة ستزعزع تلك الصورة المثالية التي رسمتها هذه البرندات والعلامات في وقتٍ سابق، حيث ستخسر سمعتها وصورتها الاقتصادية والتجارية، الأمر الذي سينعكس بشكلٍ أو بآخر على حجم المبيعات والاستثمارات، فعندما لا يكون هناك استهلاك وإقبال على هذه المنتجات في الدول العربية والإسلامية، بطبيعة الحال سينعكس ذلك على حجم المبيعات وفي نهاية المطاف سيتم غلق هذه المحلات وبالتالي تكبد خسائر كبيرة من ناحية المردودية والنجاعة الاقتصادية.

في سياق ذي صلة، نوّه الخبير الاقتصادي إلى أن أثر حملات المقاطعة يرتبط بشكل أساسي بأسواق هذه الدول العربية والإسلامية، فاليوم مثلا نجد السعودية، الإمارات، مصر، قطر، إندونيسيا، أو ماليزيا، من الدول التي لديها تواجد واستثمارات مباشرة أجنبية، وبالتالي تأتي على رأس الدول التي تتأثر فيها وبشكل مباشر البرندات الاقتصادية التجارية، لأن فيها بورصات وأسواق نشطة، بالإضافة إلى نسب نمو كبيرة. ثم تأتي بعدها – وبنسب أقل – دول أخرى على غرار الجزائر، تونس، المغرب، البحرين، الكويت، إيران، وباكستان.

وفي ختام حديثه لـ”الأيام نيوز”، أشار الخبير الاقتصادي والإستراتيجي، الأستاذ عبد القادر سليماني، إلى أن أكبر سلاح تمتلكه الدول العربية والإسلامية للضغط على الكيان الصهيوني والدول الداعمة له – في الوقت الراهن – هو سلاح “النفط والغاز” في حال أردنا أن يكون هناك تجاوب فعلي ووقف للعدوان على قطاع غزة، في ظرف أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، فإذا ما تمت مقاطعة بيع النفط والغاز إلى الدول المساندة للكيان الصهيوني مثلما حدث في سنوات السبعينيات حينما عادت أوروبا لاستخدام الأحصنة كوسيلة نقل، سنشهد انقلابا صريحا في موازين القوى، فقطع النفط والغاز يأتي في المرتبة الأولى ثم تأتي بعد ذلك حملات المقاطعة التجارية والاقتصادية للبرندات والعلامات وكذا الماركات العالمية، كأسلوب ضغط على الكيان الصهيوني والدول الداعمة له.

بينها شركات اتصالات عالمية وبراندات تجارية ذائعة الصيت..

هذه هي العلامات التجارية التي يجب مقاطعتها..

رصد موقع منظمة “كريستيان ساينس مونيتور” CSM عشر علامات تجارية عالمية، قد لا يعرف البعض جذورها، وذلك في إطار دعوات توجهها حركة المقاطعة (BDS) التي انطلقت عام 2008 من “فيلادلفيا” إلى المجتمع العالمي، تطالب خلالها بفرض حظر اقتصادي على الكيان الصهيوني، كنوع من الضغط المدني على الاحتلال الصهيوني. وتتضمن تلك العلامات “ماكدونالدز” و”بامبرز”، و”موتورولا”، و”فولفو”.

جدير بالذكر أن “آيفون” و”آيباد” و”ماك بوك” وبرنامج الاتصالات “سكايب”، وبرنامج حماية الكمبيوتر “فايروول”، ونظام تشغيل الحواسيب “مايكروسوفت إكس بي”، هي جميعها منتجات إما تعتمد أو تحتوي على تطويرات بتوقيع الكيان .

حفاضات “بامبرز” من إنتاج شركة “بروكتر آند جامبل”، وهي واحدة من أهم موزعي شركة تصنيع الحفاضات الالكيانية “Avgol Nonwoven”.

منتجات “فيكتوريا سيكريت” الأمريكية لملابس النوم النسائية، والتي تتعرض لهجوم شديد من الداعين لمقاطعة الكيان لإقامة أحد فروعها على قطعة أرض صادرتها القوات الصهيونية في منطقة “الجليل”، فضلاً عن مصنع للشركة في المنطقة الصناعية بالضفة الغربية، ومتجر في مستوطنة “معاليه أدوميم” بمنطقة الخان الأحمر.

كما تدعو حركة BDS لمقاطعة شركة “فولفو” السويدية لصناعة السيارات والسيارات الثقيلة، لتزويدها الكيان الغاصب بجرارات لإزالة منازل الفلسطينيين، بالإضافة إلى كونها تملك 27% من الأسهم في شركة “مركافيم” Merkavim التي تنقل أوتوبيساتها المعتقلين الفلسطينيين من وإلى السجون الصهيونية.

من جانبه، يدعو تحالف “العودة إلى فلسطين” لمقاطعة مصانع “إنتل” في “كريات جات”، وهي الموقع السابق لقريتي “عراق المنشية والفالوجة” الفلسطينيتين، وتهيمن معالجات “إنتل” على 80% من حواسيب العالم، هذا فيما كانت قد وردت تقارير عن استثمارات بقيمة 2.7 مليار رصدتها الشركة لتطوير مصانع المنطقة.

وتشمل دعوات المقاطعة أيضًا منتجي “حمص صبرا” و”حمص ترايب”، إذ تدعم الشركة الأم “ستراوس” الجيش الصهيوني، فيما يدعم مالك شركة “ترايب” “الصندوق القومي اليهودي”، الذي قام بتهجير البدو من صحراء النقب لإرساء مشاريع تنموية.

وتستهدف حركة BDS أيضًا شركة “موتورولا” الأمريكية لصناعة الهواتف، لتزويدها المستوطنات الصهيونية بأجهزة مراقبة، كما وقعت الشركة صفقة بقيمة 100 مليون دولار، في يناير الماضي، مع الكيان، تزود بموجبها الجنود الصهاينة بهواتف ذكية من إنتاج الشركة.

وتتعرض شركة “هوليت باكارد” الأمريكية لصناعة الحواسيب لهجوم شديد، لتطويرها تقنيات قياسات حيوية في نقاط التفتيش الصهيونية.

وعلى صعيد متصل، تتضمن حملة المقاطعة، شركة مستحضرات التجميل “أهافا”، ويعني اسمها “حب”، وتعتمد الشركة في منتجاتها على معادن من البحر الميت، على حدود الأراضي المحتلة. هذا، بالإضافة إلى مطاعم “ماكدونالدز” التي تتضمنها حملة المقاطعة، لشراكتها مع “صندوق النقد اليهودي”، الذي ينظم زيارات متكررة إلى “كيرات جات” المشيدة على أنقاض قرية الفلسطينية.

وأخيرًا تدعو حملة المقاطعة لتضمين شركة المشروبات الغازية “صودا ستريم”، والمقام مصنعها بالمجمع الصناعي في مستوطنة “معاليه أدوميم” إلى القائمة السوداء التي وجب مقاطعتها.

حملة إسرائيلية مضادة ضد شركة صينية..!

أمام اتساع دائرة المقاطعة لعدد من العلامات التجارية العالمية الداعمة للاحتلال الصهيوني، انطلقت حملة مقاطعة في الكيان لشركة ملابس صينية عملاقة بعد اتهام الصين بتأييد الفلسطينيين، وهذا الأمر حظي باحتفاء عربي عبر منصات التواصل الاجتماعي.

وقالت وسائل إعلام عبرية إن شركة الملابس الصينية المعروفة “شي إن” عرضت العلم الفلسطيني للبيع على تطبيقها وموقعها الإلكتروني، لكن عمليات البحث عن علم الكيان على موقعها لا تقودُ إلى أي نتيجة.

كما نشر نشطاء صهاينة صورا عبر مواقع التواصل قالوا إنها تظهر ألوان العلم الفلسطيني (الأخضر والأحمر) على البضائع التي اشتروها من المتجر الإلكتروني للشركة.

وفي السياق، قالت صحيفة عبرية إن الشركة ألغت التوصيلَ المجاني للصهاينة، ووجهت رسالة إلى المؤثرين الإسرائيليين المتعاقدة معهم تقول فيها “بسبب بعض التعديلات أجلنا تاريخ نشر الحملة الإعلانية. يرجى الامتناع عن النشر حول شي إن”.

وأغضبت إجراءات الشركة الصينية الإسرائيليين، مما دفعهم إلى تدشين حملة مقاطعة واسعة للشركة، كما سجل بعضهم مقاطع فيديو للحظة حذف تطبيق “شي إن” من هواتفهم.

سلاح المقاطعة ناجع ونافذ..

  1. المقاطعة تعتبر نوعاً من أنواع الضغط الذي تملكه القاعدة الاستهلاكية.
  2. سلاح المقاطعة الاقتصادية ليس إجراء مستحدثاً، بل رافق الصراع العربي الصهيوني منذ الأربعينيات.
  3. حجم الواردات العربية من البضائع الصهيونية يتجاوز 5 مليارات دولار.
  4. حجم صادرات الاحتلال الصهيوني من الأسلحة إلى المنطقة العربية وصل إلى 12.5 مليار دولار عام 2022.
  5. الدول العربية ـ وبالذات المغرب والإمارات ـ تشكلان جزءًا كبيرًا من هذا الحجم.
  6. وجود دعوات في الأردن لمقاطعة الكهرباء التي تتم توليدها باستخدام الغاز المستورد من الكيان.
  7. المقاطعة تحمل مسؤولية أخلاقية كبيرة.
  8. نجاح حملات المقاطعة يعتمد على استمراريتها.
  9. تمثل حملات المقاطعة تهديدًا للشركات الصهيونية.

 

الأيام نيوز - الجزائر

الأيام نيوز - الجزائر

اقرأ أيضا