في ظل التحولات الإقليمية والدولية المتسارعة، تواصل الجزائر ترسيخ مكانتها كقوة إقليمية ذات سيادة واستقلالية في القرار السياسي، مستندةً إلى تاريخها النضالي وإرثها الوطني العريق. وأكدت مجلة الجيش، في افتتاحيتها لشهر مارس، أن الفخر الذي يشعر به الجزائريون اليوم ليس وليد اللحظة، بل هو امتداد لمسيرة طويلة من التضحيات والبطولات التي صنعها الشعب الجزائري على مر العقود، بدءًا من نضاله ضد الاستعمار، وصولًا إلى مسيرة بناء الدولة الحديثة.
مواجهة التحديات بثقة وإصرار
وأشارت الافتتاحية إلى أن الجزائر، رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، تبقى متمسكة بمبادئها الثابتة المستمدة من بيان أول نوفمبر 1954، والتي تضع الحفاظ على وحدة الوطن واستقلالية قراره السياسي في صدارة الأولويات. وأوضحت أن الدولة الجزائرية تعي جيدًا حجم الرهانات المطروحة أمامها، لكنها تواصل مواجهة هذه التحديات بإرادة صلبة، قائمة على رؤية واضحة لتحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز الاستقرار السياسي، وترسيخ السيادة الوطنية في مختلف المجالات.
مشاريع استراتيجية لضمان الأمن المائي
وفي سياق تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز الأمن المائي، أكدت الافتتاحية أن الجزائر تسير بخطى ثابتة نحو تنفيذ مشاريع استراتيجية تهدف إلى تأمين الموارد المائية للأجيال القادمة، من خلال إنشاء محطات متطورة لتحلية مياه البحر. وتأتي هذه المشاريع ضمن رؤية رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، الرامية إلى تقليل الاعتماد على المصادر التقليدية للمياه، لا سيما في ظل تحديات التغيرات المناخية وندرة الموارد المائية في المنطقة.
كما سلطت الضوء على الجهود المبذولة لتدشين محطات تحلية المياه على طول الشريط الساحلي، وهو ما يعكس استراتيجية الدولة لتوفير حلول مستدامة تضمن الأمن المائي وتعزز التنمية الاقتصادية، خصوصًا في القطاعات الزراعية والصناعية التي تعتمد بشكل كبير على توفر المياه.
سياسة خارجية متوازنة ومواقف سيادية ثابتة
وأكدت الافتتاحية أن الجزائر تنتهج سياسة خارجية متوازنة، ترتكز على مبادئ السيادة الوطنية وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، مما أكسبها احترامًا دوليًا ورسّخ دورها كفاعل أساسي في الساحة الإقليمية والدولية. وشددت على أن الجزائر تواصل جهودها لتعزيز الحضور الدبلوماسي، والدفاع عن القضايا العادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، انطلاقًا من مواقفها التاريخية الثابتة في دعم الشعوب المظلومة ورفض الاستعمار بجميع أشكاله.
كما أشادت بالدور الفعّال الذي تلعبه الجزائر في حل الأزمات الإقليمية، سواء من خلال الوساطات السياسية أو دعم جهود المصالحة بين الدول، مما جعلها طرفًا موثوقًا به في القضايا الدولية، وساهم في تعزيز موقعها ضمن التوازنات الجيوسياسية العالمية.
الجيش الوطني الشعبي.. درع الجزائر الحصين
وفي سياق الأمن والدفاع، أكدت مجلة الجيش أن المؤسسة العسكرية تواصل أداء دورها المحوري في حماية الوطن والدفاع عن سيادته، مشيرةً إلى أن الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، يثبت يومًا بعد يوم قدرته على التكيّف مع التحديات الأمنية المختلفة، عبر تطوير قدراته الدفاعية والرفع من جاهزيته القتالية.
وأوضحت أن الجيش الوطني الشعبي لا يدخر جهدًا في تعزيز أمن البلاد واستقرارها، من خلال تبني استراتيجيات دفاعية متطورة، وتنفيذ مناورات عسكرية تعكس مدى الجهوزية العالية للقوات المسلحة، بما يضمن حماية الحدود الوطنية والتصدي لأي تهديدات قد تمس بأمن واستقرار الجزائر.
التنمية الاقتصادية ورؤية الجزائر 2025
وألقت الافتتاحية الضوء على الجهود الاقتصادية المبذولة لتعزيز التنمية، مؤكدةً أن الجزائر تسعى لتحقيق نهضة اقتصادية متكاملة عبر إطلاق مشاريع كبرى تهدف إلى تنويع مصادر الدخل وتعزيز الإنتاج الوطني. كما أوضحت أن رؤية 2025 تمثل خارطة طريق واضحة لمستقبل التنمية في البلاد، حيث تركز على القطاعات الاستراتيجية مثل الطاقة، الصناعة، الفلاحة، والتكنولوجيا.
كما شددت على أن الجزائر تضع الاستثمار في مقدمة اهتماماتها، سواء عبر دعم المستثمرين المحليين أو استقطاب الاستثمارات الأجنبية، مع توفير بيئة أعمال جاذبة تضمن خلق الثروة وتوفير فرص عمل للشباب. وأكدت أن الدولة ماضية في سياستها الرامية إلى تعزيز الصناعات التحويلية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في العديد من المجالات الحيوية، مما يساهم في تقليل التبعية الاقتصادية للخارج.
تعزيز الاستقرار ومكافحة التضليل الإعلامي
وأكدت الافتتاحية أن الجزائر، بفضل تماسك مؤسساتها وقوة شعبها، تواصل مسيرتها نحو بناء دولة قوية ومتطورة، مشيرةً إلى أن النجاح الذي حققته البلاد في السنوات الأخيرة يعكس الإرادة السياسية القوية في تحقيق التحول الاقتصادي والاجتماعي المنشود.
كما شددت على أهمية تعزيز الأمن الإعلامي في ظل التحديات الرقمية الراهنة، مؤكدةً أن الإعلام الوطني يلعب دورًا محوريًا في مواجهة التضليل والأخبار الزائفة، من خلال تقديم المعلومة الدقيقة، وترسيخ الوعي الوطني، والتصدي لمحاولات التشويه التي تستهدف الجزائر.
الجزائر.. ماضية نحو مستقبل واعد
واختتمت الافتتاحية بالتأكيد على أن الجزائر، بإرادتها السيادية ومواقفها الثابتة، ستواصل مسيرتها نحو المستقبل بكل ثقة وعزيمة، مستندةً إلى تاريخها النضالي وإمكاناتها الوطنية، ساعيةً لتحقيق المزيد من النجاح والتطور في مختلف المجالات، بما يرسّخ مكانتها كقوة إقليمية مؤثرة قادرة على مواجهة التحديات وتحقيق تطلعات شعبها نحو التنمية والازدهار.
