شرعت الجزائر رفقة أصدقائها من الدول القوية والنافذة في القارة السمراء، في إعادة ترتيب البيت الداخلي للاتحاد الإفريقي، بعد محاولات الاختراق الأخيرة من قبل نظام المخزن المغربي وحلفائه من خارج القارة، وعلى رأسهم الكيان الصهيوني الغاصب.
المساعي الجزائرية تكللت بإنشاء “مجموعة الـ 4 أو G4” وهو تحالف جديد فضاء للتشاور والتنسيق حول قضايا القارة الإفريقية، في خطوة جديدة من شأنها أن تعزز من النفوذ الجزائري في هذه الهيئة، والذي سيساعد في الحفاظ على تقاليد الاتحاد وخطه الداعم لقضايا التحرر في العالم.
وجاء الإعلان عن ميلاد هذه المجموعة بعد قمة بروكسل بين الاتحادين الأوروبي والإفريقي، وقد أعلن عنها الرئيس النيجري محمد بوخاري، وتضم إلى جانبه رؤساء كل من الجزائر عبد المجيد تبون، وجنوب إفريقيا، ماتاميلا سيريل رامافوزا، وكذا رئيس وزراء إثيوبيا، أبي أحمد.
بنود هذه الاتفاقية تتحدث على التشاور والتنسيق من أجل حلول عملية وفعالة لمختلف القضايا التي تواجه القارة الأفريقية، وهو الأمر الذي أملته الحاجة إلى تعزيز دور هذا التحالف داخل الاتحاد الإفريقي كمنصة للجمع بين البلدان الإفريقية، وتنسيق الإجراءات وردود الفعل حول قضايا القارة بطريقة أكثر استباقية، إلى جانب النظر في كيفية تنفيذ القرارات الصادرة عن الاتحاد الإفريقي بشكل أفضل.
وتحيل هذه البنود المتابع لشؤون الاتحاد الافريقي مباشرة إلى حدوث اختلالات سابقة على مستوى صناعة القرار في هذه الهيئة القارية، وتجلت من خلال منح عضوية المراقب للكيان الصهيوني، خارج التقاليد والأعراف المتبعة في الاتحاد من قبل رئيس مفوضية السلم، التشادي موسى فكي محمد، وهو الأمر الذي كاد أن يتسبب في تفجير هذه الهيئة القارية من الداخل، كما حصل في القمة الأخيرة بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا.
الدول الأربع المشكلة للهيئة الوليدة تتكون من عمالقة القارة الأفريقية من حيث المقومات، فنيجيريا تعتبر الدولة الأكبر في إفريقيا من حيث عدد السكان الذي يتجاوز الـ 200 مليون نسمة، كما تحوز أيضا على أكبر اقتصاد في إفريقيا، يليها اقتصاد دولة جنوب إفريقيا، فيما تعتبر أثيوبيا ثاني دولة إفريقية من حيث عدد السكان بأكثر من 100 مليون نسمة. أما الجزائر فهي أكبر دولة في القارة السمراء من حيث المساحة وغنية من حيث الثروات، ما يجعل هذه الدول مجتمعة تشكل ثقلا يصعب تجاوزه في أي قرار قد يصدر عن الاتحاد الإفريقي في المستقبل.
هذه المبادرة تأتي بعد المحاولات التي قامت بها بعض الدول وعلى رأسها نظام المخزن المغربي، والتي استهدفت خلط الأوراق داخل الإتحاد الأفريقي، وهي المحاولات التي بدأت بعودة المخزن المغربي إلى الهيئة القارية في سنة 2017 بعد ما يقارب أربعة عقود من الانسحاب من منظمة الوحدة الأفريقية، إثر انضمام الجمهورية العربية الصحراوية إليها.
الهيئة المستحدثة من قبل كبار القارة السمراء، هي أول رد فعلي على المشككين في قدرة الدول المفتاحية في الاتحاد الإفريقي على الحفاظ على زمام المبادرة، كما تشكل صفعة قوية لمن اعتقد بتراجع الوعي الثوري في إفريقيا، وهي المقاربة المفلسة التي كان قد عبر عنها وزير خارجية نظام المخزن المغربي، ناصر بوريطة، عندما تحدث في حوار له مع قناة فرانس 24، عن تغير إفريقيا بزوال إيديولوجية السبعينيات، على حد زعمه.